معارضة الدستور

معارضة الدستور
الثلاثاء 4 دجنبر 2012 - 00:02

قد يكون حزب العدالة والتنمية ،من الاحزاب السياسية القليلة التي طالبت إبان مرحلة الحوار العمومي التي تلت 9 مارس ،بدسترة وضعية المعارضة البرلمانية و منحها وضعا قانونيا في إدارة النقاش البرلماني ،مع التنصيص على إسنادها رئاسة لجان تقصي الحقائق.

لكن ذلك كان كافيا كي يتجاوب المشرع الدستوري مع هذا المطلب الديمقراطي المؤكد.حيث خصص “الفصل العاشر “بكامله للمعارضة البرلمانية،التي اصبح الدستور يضمن لها مكانة تخولها حقوقا ،قصد تمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل ،في العمل البرلماني و الحياة السياسية.فيما اعتبر “الفصل الستون ” ان المعارضة مكون اساسي في مجلسي البرلمان .

وفضلا عن ترؤسها للجنة العدل والتشريع و لجنة اخرى ،على الاقل ،قدم الدستور المغربي للمعارضة و للاقليات البرلمانية امكانيات للولوج للآليات الرقابية المتميزة ،حيث بامكان ثلث اعضاء احد المجلسين طلب تشكيل لجان نيابية للتقصي،وخمس اعضاءه تقديم ملتمس الرقابة و طلب إحالة قانون الى المجلس الدستورية للبت في مدى دستوريته.

الاطلاع على التجارب المقارنة ،في العمل البرلماني ،يوضح ان إقرار حقوق خاصة للمعارضة ،يبدو توجها حديثاً في غالبية الأنظمة الداخلية للمجالس التشريعية،حيث يسمح”الوضع القانوني الخاص”للمعارضة ،بعديد من الإمكانيات منها : الاستفادة من نفس الغلاف الزمني المخصص للأغلبية على مستوى الأسئلة الشفوية (الحالة الفرنسية)،رئاسة احدى اللجان النيابية المهمة مثل لجنة المالية،المساهمة في اقتراح مواضيع تقييم السياسات العمومية،ايجاد صيغة لتمكين المعارضة من تحديد جدول الاعمال خلال جزء من الدورة التشريعية(الحالة الانجليزية)،الحق في الاستشارة المسبقة من طرف الحكومة في القوانين المتعلقة بالاختيارات الكبرى على مستوى السياسات الاقتصادية والأمنية و الخارجية(الحالة البرتغالية)….

من الناحية السياسية، فان توجه العديد من الأنظمة البرلمانية لتعزيز وضعية المعارضة و الأقليات،يعود لحرص واضح على تفادي “تحييد”الوظيفة الرقابية للبرلمانات ،تحت ثاتير انبثاق الحكومة من الأغلبية النيابية،خاصة في ظل البلدان التي تعرف ثنائية حزبية.

لذلك فتقوية صلاحيات المعارضة ،يعني تعزيز و تكريس الوظيفة البرلمانية في كل مستوياتها:الرقابية، و التشريعية ،و مايتصل بتقييم السياسات العمومية،وذلك لن يكون بالضرورة على حساب الحكومة ،بقدر ما هو عامل تدعيم للبرلمان و تقوية للتوازن بين السلط.

نعم تبقى الديمقراطية خاضعة للظاهرة الرقمية ،و لقانون الأغلبية ،لكنها تظل كذلك بالتعريف تلك القدرة على تقبل الاختلاف، و احترام الأقليات، و التفاعل مع المعارضة.ان الشرعية الانتخابية لا تلغي ديمقراطية الحوار و التداول العمومي.

ان اعتبار التصويت بالثقة و التنصيب البرلماني،شيكا على بياض و تفويضا مطلقا للحكومة طوال مدة ولايتها،لن يؤدي سوى الى تحويل البرلمان الى غرفة كبيرة لتسجيل قرارات الحكومة و “تثمينها”،وتحويل وظيفة المساءلة الى حالة “تحاور” فيها الحكومة نفسها.

مرة اخرى ،الحكومة مدعوة لتملك روح الوثيقة الدستورية فيما يتعلق بدعم مكانة المعارضة،و هو مايبدو انه لم يكن من أولوياتها لحد الان على الاقل ،من خلال عديد من المؤشرات؛تنطلق من منهجية اعداد القوانين التنظيمية بشكل يقطع مع مقاربة اعداد الدستور نفسه،ثم طريقة اعداد المخطط التشريعي ،و الرفض شبه الآلي لتعديلات المعارضة في مشاريع قوانين المالية،وصولا الى غياب أية ثقافة للتشاور حول تدبير القضية الوطنية ،و الملفات الكبرى للبلاد.

امام البرلمان في ورش اعداد النظامين الداخليين لمجلسيه،الفرصة لتفعيل الوضع الدستوري المتقدم للمعارضة،وهو ما يعني تجاوز عتبة الثمتيل النسبي -خارج ما هو محدد في الدستور-في الولوج الى العديد من الآليات التشريعية و الرقابية،بما يضمن دينامية برلمانية اكبر ،و تفعيلا أرقى لمبدأ المسؤولية.

‫تعليقات الزوار

2
  • اية معارضة
    الثلاثاء 4 دجنبر 2012 - 08:26

    المعارضة في برلماننا متجاوزة وضعيفة ويبدو ذلك حتى الآن في مناقشاتها للقشور والشكليات لاغير مثل تضخيم امور تافهة عند الحديث عن نكنة او دعابة وزير التربية مع احدى التلميذات أو التمسك بطلب اعتذار من وزير العدل …الى غير ذلك من التفاهات الكثيرة التي يضيعون الوقت فيها بل وينسحبون من اجلها، وكان آخر دليل على استهتار ما يسمى المعارضة تغيبها عند التصويت على مشروع الميزانية .
    المعارضة يجب ان تكون في المستوى كمثيلاتها في البلدان التي تحدث عنها كاتب المقال اذا ارادت ان تكون لها نفس المكانة .
    اما معارضتنا الغوغاء فهي ضجيج من غير طحين ، بحث عن مصالح ومراكز لقضاء الاغراض الخاصة لاأقل ولا أكثر.
    اتركوا المخلصين الراغبين في العمل لمصلحة الوطن ليقوموا بعملهم دون تشويشكم وعرقلتكم وصياحكم في ردهات البرلمان فالشعب يعي جيدا من يعمل لمصلحته الخاصة ومن يعمل للصالح العام .

  • marrueccos
    الثلاثاء 4 دجنبر 2012 - 11:43

    العدالة والتنمية كان يرأس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان وقد تزامن ومرور المغرب فوق صفيح ساخن ( من طعاموا لقم ليه ) ؛ ولا أضن أن " حسن طارق " سيطالب بلجنة المالية في عز الأزمة الإقتصادية وإلا ماذا ستعارضون ؟ اللهم إن كان الغرض حقنة مهدئ للشارع !
    يظهر أن السيد " حسن طارق " مسكون بهوس المعارضة ؛ وكأني به يستشرف إنقلابا تشريعيا على طريقة الإنقلابات البيضاء التي عرفتها بعض دول شمال أفريقيا مؤخرا !
    الخصم اللذوذ للوردة هو المصباح ؛ لكن الإئتلاف الحكومي يضم غيره ويمكن التعريج مثلا على الميزان لإستباق ( بوتش ببوتش ) قبله ويظهر أن الطريق سالكة لذلك ! لكن ؛ هل الإتحاد بشكله الحالي قادر على مواجهة المصباح إن أجريت إنتخابات سابقة لأوانها ؟

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات