" الأحرار " يؤدون ضريبة تحالفهم مع الهمة

" الأحرار " يؤدون ضريبة تحالفهم مع الهمة
الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:33

يعيش حزب “التجمع الوطني للأحرار” (المشارك في الحكومة المغربية) هذه الأيام أزمة عاصفة، تنذر بانعكاسات قوية على مساره، ومن شأنها أن تقزّم حضوره على الساحة السياسية المغربية؛ وهو الذي كان ينعت ـ إلى حد قريب ـ بكونه “حزب القصر“، لأن ولادته قبل ثلاثين سنة ونيف كانت بمشيئة الملك الراحل الحسن الثاني؛ لكن هذه الصفة أُزيحت عنه لفائدة “الحزب الوافد” ـ على حد تعبير بعض الصحف الحكومية ـ حزب “الأصالة والمعاصرة” الذي أسسه فؤاد عالي الهمة، صديق العاهل المغربي ووزيره السابق في الداخلية، والأقوى بعد رحيل إدريس البصري.


أزمة “الأحرار” التي يصفها عدد من المراقبين بـ”النزيف الداخلي”، بلغت ذروتها أخيرا من خلال الفشل الذريع الذي مُنِيَ به الحزب في انتخابات رئاسة “مجلس المستشارين” (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي)، حيث لم يتمكن عضوه القيادي المعطي بنقدور من البقاء على رئاسة هذا المجلس لولاية جديدة. وتعكس هذه النتيجة التراجع الملحوظ الذي أصبح يعيشه “التجمع الوطني للأحرار” حاليا، ومن أبرز علاماته حصوله على المرتبة الخامسة في نتائج انتخابات ثلث “مجلس المستشارين” التي جرت قبل بضعة أسابيع، بينما كان هذا الحزب لا يقنع إلا بمقدمة الترتيب (أو على الأقل بالرتبة الثانية أو الثالثة) في الاستحقاقات التشريعية منذ سنين متعددة.


للأزمة التي يمر بها “الأحرار” وجهان، أحدهما ظاهر والآخر خفي، فالظاهر منها يتمثل في الصراع الدائر بين قيادييه حول إدارة شؤون حزبهم، ويتمركز الصراع خاصة بين جناحين، أحدهما يوصف بالتقليدي والمستبد والمتجاوَز، ويجسده مصطفى المنصوري (رئيس الحزب) الذي يرأس في الوقت نفسه “مجلس النواب” (الغرفة الأولى في برلمان المغرب)، والثاني يصف نفسه بتيار التصحيح والتجديد، ويقوده صلاح الدين مزوار (وزير الاقتصاد والمالية)، فيما يؤاخَذ هذا الأخير ـ من طرف خصومه ـ بكونه لا علاقة له بالحزب لا من قريب ولا من بعيد، بل جِيء به هو وأسماء أخرى ليتسلموا حقائب وزارية باسم حزب “الأحرار” عند تشكيل الحكومة المغربية قبل سنتين.


أما باطن هذه الأزمة، فيتجلى في حقيقة التحالف أو الصفقة التي أبرمها حزب “الأحرار” (أو على الأقل بعض قيادييه) مع حزب “الأصالة والمعاصرة”، وهي صفقة خرج منها الأول بخفي حنين، والثاني بانتصار مدوٍ على ثلاثة مستويات: أولها حصوله على المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية، وثانيها احتلاله المرتبة الأولى ـ أيضا ـ في انتخابات ثلث “مجلس المستشارين“، وثالثها ظفره برئاسة الغرف الثانية في البرلمان المغربي مع احتفاظه بموقع المعارضة للحكومة.


واللافت للانتباه أن حزب فؤاد علي الهمة حقق هذا الاكتساح الساحق للحياة السياسية بالمغرب ولمّا يمضِ على تأسيسه سوى بضعة شهور. بينما خرج حزب “الأحرار” (ذي الـ31 عاما) منهزما وخاسرا من تحالفه مع الحزب المذكور. وقد اتخذ ذلك التحالف مظهرين: تشكيل فريق مشترك في البرلمان باسم “التجمع والمعاصرة”، والتنسيق بين الحزبين قبيل انتخابات ثلث “مجلس المستشارين” خاصة على مستوى رئاسة مجالس الجهات. ونستشهد، هنا، بحالتين لهما دلالتهما العميقة:


ـ حالة الوزير محمد عبو (وزير تحديث القطاعات العامة) الذي شعر كما لو أن حزبه تخلى عنه في السباق نحو رئاسة جهة “تازة ـ الحسيمة ـ تاونات” وذلك لصالح مرشح حزب “الأصالة والمعاصرة“.


ـ وحالة الصفقة التي أبرمت بين الحزبين على مستوى رئاسة جهة “سطات”، حيث قام حزب “الأصالة والمعاصرة” بدفع أحد كوادره إلى سحب ترشيحه في آخر لحظة لفائدة مرشح حزب “الأحرار”، ولم يكن هذا المرشح سوى المعطي بنقدور (الرئيس السابق لـ”مجلس المستشارين”) الذي خُـيِّـر بين أحد المنصبين، أو ربما أُجبر على الاختيار: فقنع برئاسة جهة “سطات”. ولئن كان بنقدور دخل المنافسة على رئاسة الغرفة الثانية من البرلمان مع خصم/ حميم أو صديق/ لذود هو: محمد الشيخ بيد الله؛ فإنه كان يفعل ذلك للحفاظ على ماء الوجه ليس إلا، أو ربما للتظاهر بمصداقية اللعبة الديمقراطية، لأن النتيجة كانت معروفة مسبقا هي فوز بيد الله، الشخصية الصحراوية، والذراع الأيمن لفؤاد علي الهمة، والأمين العام للحزب الذي يجمعهما معا، ووزير الصحة السابق.


شيء مؤكد، إذن، أن مهندسي الخارطة السياسية بالمغرب لم يعد يقبلون بوجود هيئتين سياسيتين مقربتين من القصر، وبالتالي كانت التضحية بحزب “التجمع الوطني للأحرار”، لاسيما وأن نفوذه كان مستمدا من رئيسه السابق ومؤسسه أحمد عصمان صديق الملك الراحل الحسن الثاني في الدراسة وصهره أيضا، وشخصيته المفضلة في أرفع المناصب السياسية وخاصة رئاسة الوزراء.


ومثلما شكل تأسيس حزب “الأحرار” عام 1978 (من طرف أعيان ورجال مال وأعمال) أداة قوية للحسن الثاني في مواجهة أحزاب “الحركة الوطنية”: “الاستقلال” و”الاتحاد الاشتراكي” و”التقدم والاشتراكية”، فإن تأسيس حزب “الأصالة والمعاصرة” جاء بالأسلوب والهدف نفسهما، وذلك لكسر شوكة الأحزاب التي أصبحت تزعج الدوائر العليا أحياناً، خصوصا عندما تلوح بورقة العودة إلى المعارضة وتعبئة الجماهير. ألم يقولوا إن التاريخ يعيد نفسه؟


الخلاصة أن “حزب التجمع الوطني للأحرار” سيجد نفسه ـ حتى قبيل انتخابات 2012 التشريعية ـ أمام خيارين أحلاهما مر: إما الذوبان في حزب صديق الملك الذي سوف يستأسد أكثر خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة أو ربما قبلها، أو الارتكان إلى موقع ظل صغير في مجرة السياسة المغربية الحبلى بالمفارقات والغرائب التي لا تحتكم إلى منطق الديمقراطية الحق.

عن “القدس العربي”

‫تعليقات الزوار

6
  • أبو فردوس
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:43

    المشكل في أغلب المغاربة أنهم يلدغون من نفس الجحر عدة مرات . فمن الأحرار و الاتحاد الدستوري ، هاهو الجرار يعود ب ” قرصاته المميتة” ، الا أن مايميز هده اللدغات أنها تشمل هده الأحزاب كدلك . ف “كي عبو (الأحرار) كي شريكو(الأصالة)”…الضحية ،وكالعادة دائما ،هو جمهور المسرح السياسي (الشعب)..فأحيانا تنقلب الأفعى على أكل بيضها ، وهدا ما يريده أن يفعله الجرار

  • ergo
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:37

    اللهم ارزق لمالكنا طول العمر بجهده يسير المغرب الى الامام اما بالنسبة لحزب المنصوري اوحزب الهمة فقط خطية البلاد ٠

  • أبوذرالغفاري
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:35

    أول شيء يجب أن نتفق عليه هو أن هذا(الطويل)يكتب في صباح الدلمي رئيس فيدرالية ناشري الكلام(الخاوي)في المهلكة الشريفة.ولقد حاول طويل اللسان أن يوحي للمغاربة أن هناك صراعا بين أجنحة يتكون منها حزب(الأشرار)بينما المشكل لايتعدى الصراع من أجل التقرب من الباب العالي.والدليل على ذلك أن وزير المالية (صلاح الدين مزوار)صاحب معامل النسيج بحي ليساسفة والذي يستغل المغربيات أبشع استغلال؛رضخ بسرعة مذهلة لعرابه صديق أمير المؤمنين(الهمة)الذي هدده بالطرد من ملكوت حدائق(الماء والخضرا والوجه الحسن)فاستسلم لواقعه المر وحارب (المنصوري)حتى يفر بجلده.ولقد نسي التافه(مزوار)أن رئيس مجلس النواب ورئيس الأحرار يملك مفتاحا سريا يقال له:ميمون المنصوري جنيرال الحرس الملكي والذي يملك مفاتيح المهلكة الشريفة بين شفتيه ويمكن أن يقول للعسكر:كن فيكون.والذي يثيرني في هذا الحكم الطفولي هو فضيحته التي لاتخفى على العين الثاقبة.بحيث توصلت لقناعة راسخة وهي أنه لايحكمنا الملك أو عائلته؛بل الحاكم الفعلي للمهلكة الشريفة هو:الماسك بزمام الدرك الملكي والحرس الملكي.وأراهن كل متفائل مغربي حول تغيير:ميمون المنصوري وحسني بنسليمان.فهما الماسكان برقاب المغاربة والملك نفسه والدليل على ذلك أن الملك وعائلته يسافرون للخارج بالشهور المعدودات ولكن المغرب المعاق يظل على هامشه دون أدنى قلاقل أو تهديد بانتفاضة أو ثورة شعبية.لأن الحاكم الفعلي للمغاربة يستوطن فرنسا واسرائيل وأمريكا.

  • gergo
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:39

    الى ergo اخي احترم عقلك ومن جاء بحزب الهمة اليس مالكك الهمام …ومن هو الهمة اليس هو مستشار الملك وصديقه ونديمه…اليس الاصالة والمعاصرة هو خطة مشتركة للرجلين …اذن خطة المالك هي خطية البلاد كما وصفت …متى تفيقون من غفوتكم الطويلة

  • مغربي حر
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:45

    المشكل ان عدم الثقة الشعبية في الاحزاب و القوى السياسية عموماكانت هي السبب الاول في طهور الحزب الاصالة و المعاصرة هدا من جهة اما من جهة الاحرار فالدي اثر عليها ليس التحالف بل المشاكل الداخلية و المصلحة الشخصية التي ينهجها كوادر الحزب اما من جهة المغاربة فهم ينتضرون الاحسن و من هنا يمكن ان اقول ان الاصالة هي الان في فترة التجربة لمدة 12 سنة ان لم ترعا مصلح الشعبية فسيكوم مصيرها الحصضيض مع الحزب التقدم و الاشتراكية اي مع الثلاث الاواخر

  • عبدالكريم الرجراجي
    الجمعة 23 أكتوبر 2009 - 18:41

    حزب الاحرار سيؤدي ضريبة مساندته للهمة.سبحان الله يتحدث السيد الطويل وكان هناك حقا صراعا للاحزاب في المغرب .يبدو من خلال المقال انه غير ملم بحقيقة السياسة في المغرب .
    1_ تامل مليا التركيبة البشرية لحزب الاحرار لتخرج بقناعة مفادها .انه نادي لكبار الاعمال في المغرب .مفرود عليهم من قبل مصالحهم الشخصية ان يلتحقوا بالفريق الضامن للمصالح وبالطبع هده الشروط كانت متوفرة في ما يسمى بحزب الاحرار.
    2_حزب الاصالة والمعاصرة لايختلف عن الاحرار في شيء يدكر .والدليل على دلك هو التحاق اغلب رجال المال والاعمال بحضيرته لانه قوي بمؤسسه .والدي يعتبر الضامن الفعلي لكل من يريد ان ينمي ثروته على حساب مصالح الامة .
    3بقية الاحزاب بما فيها التاريخية انبطحت لارادة الداخلية ولان قادتها من احفاد قواد السيبة مثل الراضي والمالكي والفاسي .والدليل على دلك قبولهم المشاركة في عملية الاستفادة من المنصب الوزاري وما يدره من امتيازات الى جانب احزاب كانت تنعتها بالادارية حتى اصبحت اكثر ادارية منهم .
    اننا نعيش سيمفونية التكرار ومع دلك لم نتعلم من التاريخ لدلكنستحق حكومة اسوا من هده التي يقودها الفاسي وعائلته.ويدافع عنها الناصري الشيوعي وزبانيته .ويحرص عدالتها الراضي واشتراكيته ويدعمها العنصر وجدبته .ويراقبها الاصالة والمعاصرة وداخليته .
    هل حقا عندنا احزاب .هل حقا عندنا صراع سياسي وايديولوجي .صراع افكار وبرامج .عدالة وحقوق .لاوجود لما تتحدث عنه الا في مخيلتك يالسي الطويل مع كامل احتراماتي للجميع .

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين