جامعيّون يُشخصّون ثغرات الديمقراطية التشاركية بالمغرب

جامعيّون يُشخصّون ثغرات الديمقراطية التشاركية بالمغرب
الجمعة 29 ماي 2015 - 01:35

تباينتْ آراءُ عدد من الأساتذة والباحثين الجامعيين في ندوة نظمتها الجمعية المغربية للقانون الدستوري بتعاون مع كلّية الحقوق أكدال بالرباط، ومؤسسة هانس زايدل الألمانية، حوْلَ الديمقراطية التشاركية في المغرب، بيْن من رأى أنَّ ما تمخّضَ عنْه الحوار الوطني حوْل المجتمع المدني، لا يرْقى إلى مستوى ما جاءَ به دستور 2011، وبيْن منْ رأى أنَّ الديمقراطيّة التشاركيّة ستتعزّز بعْد إخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بتقديم الملتمسات التشريعية والعرائض.

رئيسُ الجمعية المغربية للقانون الدستوري قالَ إنّ دستور 2011 “كرّس ما لمْ يكنْ مكرّسا من قبل” فيما يتعلّق بالديمقراطية التشاركية، والتي كانتْ في الدساتير السابقة “على شكل رذاذ لا تراه العيْن القانونية المجرّدة”، بحسب تعبيره، مضيفا أنّ تكريس الديمقراطية التشاركية في الدستور الحالي “صار واضحا”، غيْرَ أنّه أشارَ إلى أنّ التحدّي المطروح في الوقت الراهن يتعلّق بالعمل على ترجمة ما كرّسه دستور 2011 وتفعيله على أرْض الواقع.

ووقفَ المتخّلون خلالَ الندوة عنْدَ اشتراط نصابِ 25 ألفَ توقيع وضرورة تمتّع أصحاب التواقيع على كافّة حقوقهم المدنيّة والسياسية لقبُول العرائض، ففي حين اعتبرَ عدد من المتدخّلين خلال الندوة أنَّ اشتراطَ 25 ألف توقيعٍ مُنافٍ لما جاءَ به الدستور، قالَ عبد العالي حامي الدّين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس الرباط إنّ هذا الرّقم “قابل للنقاش”، مشيرا إلى أنّ في التجارب المقارنة، يُشترطُ ما هو أكبر بكثير من النصاب الذي حدّدته الأمانة العامّة للحكومة.

وأشارَ حامي الدّين في هذا الصدد إلى البرتغال، التي يشترط قانونها 500 ألف مُوقّع على ملتمسات التشريع، ونماذج مقارنة أخرى، مضيفا أنّ الأهمّ هو أنْ تُعطى للملتمس التشريعي القوّة من حيث التمثيلية؛ وفي حينِ تباينت الآراء حوْل هذه النقطة، أجْمع المتدخّلون خلال الندوة على أنّ اشتراطَ تمتّع أصحاب التواقيع بالحقوق المدنيّة والسياسية من قبيل أن يكونوا مسجّلين في اللوائح الانتخابية، وأنْ تكون وضعيتهم الجبائية سليمة مُنافٍ للدستور.

ووصفَ عبد العالي حامي الدين شرْطَ التسجيل في اللوائح الانتخابية بـ”الشرط التعسّفي” في حقّ المواطنين غير المسجّلين في اللوائح الانتخابية، قائلا إنّ المشرّع الدستوريَّ لمْ يُلزم المواطنين بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، ولمْ يُحدّد ذلك شرطا لاكتساب صفة المواطنة، “وبالتالي فإنّ هذا الشرط ينطوي على إقصاء تعسفي لشريحة من المواطنين المغاربة غير المسجلين في اللوائح الانتخابية، ولديهم رغبة في التقدم بملتمسات في مجال التشريع، ويمكن أن يكون هذا الشرط مشوبا بعدم الدستورية”. يقول حامي الدين.

من ناحية أخرى، اعتبرَ حسن طارق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بسطات، أنّ التفسيرَ الذي أعطاهُ القانون التنظيمي المتلعق بتقديم العرائض لمفهوم للسلطات العمومية يكتنفه الغموض، باعتبار أنّه اختزلَها في رئيس الحكومة. من ناحية أخرى، اعتبرَ طارق أنّ هناك “إشكالية عميقة تتمثل في أننا نتحدّث عن المجتمع المدني بمنطق السياسة العمومية”، وأضاف “المجتمع مجال للحرية والمبادرة ونحن نحاول أن نقننه ونقحم الدولة والإجراءات والمساطر في شؤونه من أجل تقييد حرّيته”.

واعتبر طارق أنّ فكرة الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني “تسيء إلى مفهوم الحرية، لأنها جاءت لتنظيم مجالٍ للحرية والاستقلالية والمبادرات الحرة”، داعيا الليبراليين والمدافعين عن الحرية أن يكونوا “ضد القوانين الحالية”، بداعي أنّ تقنين مجال المجتمع المدني الذي يجب أن يبقى مفتوحا للحرية يُمْكن أن يؤدّي إلى رفْض العرائض التي يتقدّم بها المجتمع المدني بعلّة أنّها غير مطابقة للقانون المعياري.

في المقابل قال حسين عبوشي، أستاذٌ بكليّة الحقوق مراكش، إنّ المجتمعَ المدني هو الذي طالبَ بالتقنين، باعتبار أنّ ذلك سيُضفي متانة على عمله ويعزّز تأثيره في صناعة القرار، وفي السياق نفسه قال عبد العالي حامي الدّين، ردّا على رأي حسن طارق، إنّ القول بأنّ التقنين يقتل التطور العفوي لعمل المجتمع المدني غير صحيح، لافتا إلى المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني حاليا، في علاقةٍ مع الفرق البرلمانية، والتي تخوّل لأيّ جمعية طلبَ تبنّي مقترح قانون من طرف فريق برلماني دون عراقيل.

على صعيد آخر، اعتبر الأستاذ كومغار، من كلية الحقوق أكادير، أنّ السؤال الذي ينبغي طرحه هو كيفية تفعيل قدرة المجتمع المدني على استثمار الإمكانيات القانونية المتاحة له في ضوء الواقع الجمعوي الذي تشوبه الكثير من الثغرات والإكراهات، موضحا أنّه لا بدّ من مواكبة القوانين التنظيمية المتعلقة بالعرائض والملتمسات التشريعية بإجراءات وتدابير قمينة باستخدام المجتمع المدني للإمكانيات القانونية والدستورية المتاحة له، دونَ أن يؤدّي ذلك إلى المساس باستقلاليته.

وأضاف كومغار أنّ المرحلة الراهنة تقتضي العمل على الرقيّ بالفاعل المدني في ممارسة الصلاحيات الدستورية قصْد ضمان الترجمة الفعليّة لها، داعيا إلى القيام بمحطات دوريّة لتقييم أداء هيئات المجتمع المدني، للوقوف على مدى التزامها بتفعيل دورها، سواء في ما يتعلق بملتمسات التشريع أو العرائض وغيرها من الأدوار الدستورية، كما دعا إلى إخراج المجلس الأعلى للشباب، والذي سيعمل على مأسسة الممارسة الجمعوية.

‫تعليقات الزوار

2
  • Youssef gorram
    الجمعة 29 ماي 2015 - 02:34

    Je remercie l'AMDC El la fac de droit pour le choix de la thématique .tellement d'après ce petit résume, il parait que les interventions des conférenciers plongent dans des généralités qui, a cote des lois organiques régissant le démocratie participative dans ses volets national et territorial,vide les principes constitutionnels participatifs de leur charge démocratique. Ce qui est attendu de nos checheurs c'est de présenter des modèles de dispositifs participatifs adaptes a la structure socio-culturelle et sociologique des citoyens et des institutions publiques susceptibles de mettre en oeuvre authentiquement la référence participative. Je me rappelle d'un article d'un spécialiste de la démocratie participative française qui intitule un de ses percutants articles'' participation du public: beaucoup de bruit pour rien'' !!!!

  • إدريس الجراري
    الجمعة 29 ماي 2015 - 16:39

    في المغرب ليس هناك مجتمع مدني إن أغلب الجمعيات والمنظمات والتي أسست حديثا حسب الطلب وحسب دستور 2011 أغلبها إن لم أقل كلها تابعة للأحزاب ولاتمتل الساكنة اي المواطنين والأحزاب بدورها لا تمثل المواطنين، كم من المواطنين منخرطين بالأحزاب والجمعيات والمنظمات ? ! في المغرب الأحزاب تأسس النقابات والجمعيات والمنظمات لتكون أدرع إنتخابية المواطنون لا يستفيدون من هده التنظيمات هي الأخرى يسودها الإحتكار ولا ينخرط بها الناس لعدم مصداقيتها وغالبا مايستفيد المكتب المسير والمقربون إليه في كل التضاهرات والناس تستعمل كجوقة وكأعداد في التقارير الأدبية والمالية، لكي تكون عندنا دمقراطية تشاركية لابد من تأسيس جمعيات للأحياء لا علاقة لها بالأحزاب بل تناقش مشاكلها وأولوياتها وتأطر الساكنة وهي من تختار مرشحيها حسب النزاهة والإستحقاق والكفائة الأحزاب عليها أن تأطر الناس وتقدم برامج قابلة للتنفيد في الواقع وتقدم إستراتيجيات وتتواصل بإستمرار بالمواطنين بدل المواسم الإنتخابية المواطن لابد أن يكون له صوت ومن حقه التأطير ومن حقه أن يتعلم كيف يختار بدل إلزامه بواقع مخطط له و تغيبه عنوة هده هي التشاركية  

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة