مشروع "القانون الجنائي" يثير مخاوف من "التحكّم والاستبداد"

مشروع "القانون الجنائي" يثير مخاوف من "التحكّم والاستبداد"
الأحد 24 يناير 2016 - 02:00

بعْدمَا خفتَ النقاشُ حولها، أعادَ مجموعة من النشطاء الحقوقيين مسوّدة مشروع القانون الجنائي التي أعدّتْها وزارة العدل والحريات إلى الواجهة، في ندوة بالرباط ناقشت موضوع: أي إصلاحات للقرن 21: بين مقاربة النوع والحريات الفردية.

خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قالتْ إنَّ هناك إرادة لتمرير مسوَّدة رجعية تتعارض مع تطور المجتمع ومطالب الحركة النسائية والحقوقية، وهي في مصلحة التسلط الذي يستعمل الدين بشكل كبير.

واعتبرت المتحدثة أنّ الهاجس الأمنيَّ لا زال طاغيا على فصول مسوّدة مشروع القانون الجنائي، مشيرة إلى تصريح سابق لوزير العدل والحريات قالَ فيه إنَّ المسوّدة ملائمة للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ما لم تضربْ إسلاميّة الدولة، وعلّقت الرياضي على ذلك بالقول: هذا يدلّ على أنَّ هناك عدم احترام للمرجعية الكونية لحقوق الإنسان، بشهادة الوزير نفسه.

الرياضي اعتبرتْ أنَّ مسوّدة مشروع القانون الجنائي في صيغتها الحالية، كانَ بالإمكان أن تكون أفضلَ لو أن واضعيها انطلقوا من رؤية تقدمية إزاءَ المنظومة الكونيّة لحقوق الإنسان؛ وإذا كان الدستور أساسَ مسودة القانون الجنائي، فإنّ الرياضي ترى أنّه نفسه فيه ثغرات ونقائص، وجوهرُه استبدادي لا يسمح بالعديد من الحقوق والحريات وعلى رأسها حرية العقيدة.

واتهمتْ الناشطة الحقوقية واضعي مسّودة مشروع القانون الجنائي بأنهم يلتقون مع واضعي الدستور في مصالح مشتركة يغلب عليها الهاجس الأمني والضبط والتحكّم والتسّلط والاستبداد، من جهة، ومن جهة أخرى يغلبُ عليها الطابع المحافظ التقليدي ومحاولة استغلال الدين للتحكم والهيمنة، موضحة أنّ هذه المصالح المشتركة، قائمة بين الحكومة وبين ماسكي السلطة الحقيقية.

وبيْنمَا أكّدَ وزير العدل والحرّيات في عدد من اللقاءات التي عقدها لمناقشة مسوّدة مشروع القانون الجنائي، أنَّ الوزارة تفتحُ المجالَ أمامَ الفاعلين المدنيين لتقديم مقترحاتهم بشأنها، وأنَّ بابَ النقاش مفتوح، انتقدت الرياضي عدمَ إشراك المجتمع المدني في وضع أسس المسوّدة، مبدية عدم اقتناعها بكلام الوزير، لأنَّه حينما يُوضع مشروع متكامل لن تؤثّرَ التعديلات مهما كانت في جوهره، بل ستظل مجرّد رتوشات وتعديلات طفيفة.

الرياضي عرّجت على عدد من موادِّ مسوّدة القانون الجنائي، قائلة إنها تتضمن مخالفات صريحة للاتفاقيات الدوليّة التي صدّق عليها المغرب في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنيّة والسياسية، وأشارت، في هذا الصدد، إلى المسّ بالأمن الداخلي للدولة، الوارد في المادة 206 من مسوّدة مشروع القانون الجنائي.

الرياضي قالتْ إنَّ هذه المادة تُعتبر نسخة جديدة لظهير كل ما من شأنه، المستعمل في سنوات الرصاص لقَمع ولمحاكمة السياسيين وحصار الرأي؛ أما المادة المتضمنة لعقوبة ولاء المواطنين لمؤسسات الدولة ومؤسسات الشعب، فاعتبرتها الرياضي أمرا خطيرا جدا، قائلة إنها ستُفسّر ضدّ أيّ مواطن ينتقدُ السلطة أوْ مؤسسة من المؤسسات، وهي انتهاك صارخ لحرية الرأي والتعبير المتضمنة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي صدّق عليها المغرب، بحسب تعبيرها.

من جهتها، اتهمت المحامية والناشطة الحقوقية خديجة الروكاني، وزارة العدل والحريات، بأنّها تُصارعُ المنظومة الكونيّة لحقوق الإنسان وتؤلّبُ المجتمع ضدّها، واصفة التشريع الجنائيّ المغربي بأنه ما زال ذو طبيعة قمعيّة، وذكرتْ في هذا الصدد الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في مسوّدة مشروع القانون الجائي، قائلة: لم يعد مقبولا الاحتفاظ بهذه العقوبة في القرن الواحد والعشرين.

واعتبرت الروكاني أنَّ واضعي مسوّدة القانون الجنائي في صيغته الحالية لم يحسموا مع الهواجس الأمنيّة التي كانتْ متحكّمة في ستّينيات القرن الماضي، حيثُ لم تكن الحقوق والحرّيات أولويّة، على حدّ قولها، مضيفة أنّ خلفيّة التجريم ما زالت تقليدية، وتعادي حقوق الإنسان ولا تضمن المساواة في الحقوق، ومسوّدة مشروع القانون الجنائي الحالية غير دستورية لعدم انسجامها مع الدستور، لأنها لمْ تحْمِ الحقوق والحريات التي جاء بها، بل قمعتْها وجرّمت الكثير منها.

‫تعليقات الزوار

12
  • sa7ibONA sarraq zzit
    الأحد 24 يناير 2016 - 03:05

    سئمنا من وجوه وجمعيات تم تنصيبها لخدمة مصالح مخزنية سميت بعد 1999
    "بالمغرب الحداثي" اقول نصبت وكانها تمثل المجتمع المدني وذلك لاعطاء
    كل قانون طابع "المجتمع هو من طالب بذلك " امام العالم

  • sea hawks
    الأحد 24 يناير 2016 - 04:04

    سؤال للرياضي ,هل امريكا رجعية لانها تطبق عقوبة الاعدام ? لماذا لا نقوم باستفتاء الشعب عوض لاانصات الى هولاء المأجورين الذين هدفهم هو الفتنة فقط لاهم لهم لا الانسان و لا الحيوان ولا الامن

  • Salim
    الأحد 24 يناير 2016 - 04:04

    Wa bayna kadia il y a maintenant des années. Al mekhzan ne veulent pas des marocains qui exercent leurs droits démocratique comme la liberté d'expression et la citoyenneté et le droit de manifester pacifiquement. Al mekhzan veut que des abides et raaya qui mangent du pain et disent al am zine. Al mekhzan veut des gens qui ne réfléchissent pas mais plutôt des gens soumis. Les marocains sont nés libres et al mekhzan veut les faire vivre dans l'esclavage. C'est vraiment honteux den 2016.

  • Citoyen libre
    الأحد 24 يناير 2016 - 05:15

    Je sais d'avance que mon commentaire va hérisser le poil des barbus et secouer le voile des ONIEM (Objet Non Identifié En Mouvement) qui squattent de plus en plus ce site et monopolisent la parole sans le moindre respect pour la diversité des opinions. Maudit le jour où ils étaient lâchés en pâture . Qu'on ne s'y trompe pas ! Ils ont un rôle à jouer : contrer le progrès. Confier la justice et les libertés à un barbu c'est comme faire garder un agneau par un loup affamé ! Il a fallu à peine 10 ans aux japonnais pour rivaliser avec les autres puissances et nous, en 30 ans on a reculé de 1400 ans sauf si on considère la barbe et le voile (avec l'appel à la prière à la télé !) comme des avancées enviables ! Waw! Les japonnais se sont inspirés des occidentaux et les nôtres des talibans! Cherchez l'erreur ! Pauvre Maroc, j'ai mal à toi en voyant le mal qui guette ta moindre faiblesse pour se répandre dans ton corps. Il n'y a pas pire aveugle que celui qui ne veut pas voir …Attention !x/x

  • CASA ATLAS
    الأحد 24 يناير 2016 - 05:46

    أتمنى من وزير العدل أن يطبق مسوّدة مشروع القانون الجنائي كما هي و أتمنى من الله أن يتم محاكمة و سجن هاد خديجة الرياضي في يوم من الأيام بنفس قوانين هذه المسودة . هاد خايتي ما تنحملهاش

  • محمد
    الأحد 24 يناير 2016 - 08:54

    غريب امر هذه الجمعيات تريد تطبيق قوانين جد ليبرالية علة بلاد لا زالت نسلة الامية فيها مرتفعة . لان الشعب الامي لا زال يفهم ان الديموقراطية تساوي القبلية .

  • موح
    الأحد 24 يناير 2016 - 09:09

    Dieu a t il besoin d’être défendu ?

    -Dieu a créé le monde; les êtres humains qu'il a créés disent qu'ils veulent protéger le créateur !

    _ Qui a le moyen et le pouvoir de protéger l'autre: le créateur ou le créé ?

    – Les êtres humains se sont transformés en diables qui veulent plus fort que le créateur et commencent a vouloir émettre des jugements divins; des jugements plutôt sataniques !

    – DIEU EST GRAND
    -DIEU N'A PAS BESOIN D’ÊTRE DÉFENDU
    -DIEU A TOUT DONNE A L'ETRE HUMAIN ET L'ETRE HUMAIN LE GACHE.

    les obscurantistes utilisent la religion pour défendre leurs intérêts. VIGILANCE !

  • hnina
    الأحد 24 يناير 2016 - 10:50

    اش من حقوق الانسان و الحريات مع الامية و الجهل هتد الشعب راه ضسر و اش ما لاحضتوش ان حقوقهم اصبحت اكتر من واجباتهم. ما كانسمعو غير باغيين و اعطيونا و لا نديرو الاضراب راه التحريض غادي يخرج علة هاد البلاد

  • رقم مغربي
    الأحد 24 يناير 2016 - 11:32

    وهل هناك قانون اصلا في هده البلاد حتى تتخوف هده المنظمات؟ فعلا هناك قوانين ولكنها على الورق فقط وتفتقر الى التطبيق الفعلي وان طبقت فهي على رقاب الفقراء والضعفاء اما علية القوم فهم معصومون من الحساب والعقاب لانه بكل بساطة فمن يعاقب من؟ ومن يحاسب من؟ فكلهم مساهمون في نهب هده البلاد وقمع ساكنتها.

  • مأساتنا التاريخية
    الأحد 24 يناير 2016 - 12:10

    بن كيران ورهطه سيسكبلون المجتمع المغربي من كل أطرافه
    أقسم بالله العظيم أننا أصبنا بلعنة من الله عز وجل لما أوصل الغوغاء والأغبياء والمغسولة أدمغتهم ومهندسي السياسة ببلادنا هؤلاء إلى السلطة : مأساة تاريخية نعيشها بكل ما في الكلمة من معنى

  • مغربي من المهجر
    الأحد 24 يناير 2016 - 16:39

    L'esclave qui se croit libre 4
    وإلى الكثيرين من أمثاله الذين تعج بهم التعليقات في هذا الموقع أقول أن الشعب المغربي مسلم سني مالكي متشبت بدينه رغم محاولات التشويش والتضليل التي يروج لها اعداءه والحديث هنا على دين الإسلام الحنيف وليس على أفعال أو سلوكات بعض المحسوبين عليه والتي لا تؤثر في جوهر الدين في شئ
    وإن تقديس المواثيق الدولية وكلما يروج له المطبلون فإن كل ما يتنافى أو يناقض تعاليم الدين السمح فلن يقبل به المغاربة حتى لو انطبقت السماء على الأرض
    أما المهوسين بالكلام عن اللحى والحجاب وما شابه فلا يعدون ان يكونوا ممن يحارب الدين لأغراض سياسية وكل المغاربة المتنورين بنور الدين وليس ما يدعوه الغربيون وازلامهم تنويرا زورا وبهتانا من التحرر من الدين والقيم بالعيش الأنعام أقول كل المغاربة يعرفونهم جيدا
    عودوا الى رشدكم و توبوا إلى الله قبل فوات الاوان

  • مونة
    الأحد 24 يناير 2016 - 16:47

    اجد صعوبة في فهم بعض التعليقات.لانه و بكل بساطة مسودة القانون الجنائي هي ضرب صارخ لحقوق الانسان في المغرب الذي صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. نعلم ان المغاربة يمارسون في الخفاء "حريتهم" لكن و بكل حسرة يتسترون عنها.
    القانون الجنائي الجديد هو ضرب صارخ لحقوق الانسان عامة و لحقوق الأقليات .

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات