التنظيمات الإسلامية المغربية تنتفض لاستعادة طيورها المهاجرة

التنظيمات الإسلامية المغربية تنتفض لاستعادة طيورها المهاجرة
الإثنين 21 أبريل 2008 - 05:14

علم من مصادر مقربة من جماعة العدل والإحسان -فضلت عدم الكشف عن هويتها- أن فعاليات قيادية من الجماعة بصدد عقد لقاءات تواصلية مع بعض الأطر المثقفة التي ابتعدت عن الجماعة بعد رؤيا 2006.

 فيما تقوم حركة التوحيد والإصلاح في خطوة مماثلة للتواصل مع الأعضاء المتعثرين في التفاعل مع أنشطتها التربوية بين الفينة والأخرى.

 قياديون من الجماعتين، رغم اتصالات متكررة بهم، فضلوا عدم إعطاء تفصيلات عن أسباب هذه التحركات والغايات المرجوة، مكتفين بالتبرير بانشغالهم بأمور تنظيمية أو أن الأمر لا يحتاج إلى نقاش إعلامي.

 وجاءت حادثة انتقاد الأستاذ عبد العالي مجدوب القيادي في الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان لتصريحات السيدة الأولى في الجماعة نادية ياسين، على خلفية تصريحها حول حزب العدالة والتنمية، لتقدم مؤشرا على تفاعل جوهري داخل التنظيم بألحان غير متناغمة، تدعو بعض الأطر إلى مغادرة “عش” التنظيمات الإسلامية، مما يدفع القياديين إلى إبداع مبادرات متنوعة لتدارك أي انفلات تنظيمي.

 أسباب تنظيمية

 أكيد أن التنظيمات الإسلامية وبعد أربعين سنة من اشتغالها التربوي رسخت واقعا جديدا داخل الساحة المغربية أطلقت عليه “التاريخ الذي لم يقع”، فظهورها كامتداد للحركة الوطنية السلفية واستفادتها من إنجازات وكبوات التنظيمات المشرقية جعلها ترسخ وجودها الكمي والكيفي داخل المجتمع المغربي.

 فوجود الحركة الإسلامية بالمغرب ساهم إلى حد كبير في الحد من هيمنة مشاريع التيارات اللادينية في الجامعة المغربية، ورشد تدين الشباب المغربي رغم موجة التفسيق والانحلال الممنهجة، فكانت الحركة الإسلامية هي الفضاء الرحب والواحة الخضراء التي يأوي إليها كل شاب متدين وشابة متشوقة للغذاء الوجداني.

 غير أن هذا الإنجاز الكبير عرف في السنوات الأخيرة نوعا من الانحسار لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، وهو انحسار يحاول بعض قياديي التنظيمات التكتم عليه حفاظا على الصف، أو التأكيد أنها لا تعدو أن تكون حالات منفردة في بعض المدن ولا ترقى لكونها ظاهرة تستحق الرصد والتداول الإعلامي العلني.

 فعلى المستوى الأول جاء موضوع رؤيا سنة 2006 ليقدم حافزا معنويا لبعض الطاقات المثقفة داخل جماعة العدل والإحسان للتوقف عن العمل الحركي وتجميد العضوية إلى حين.

 فيما جاء تغليب البعد السياسي ومنحه جرعة أكبر من البعد العلمي والدعوي وباقي مجالات العمل الأخرى في عمل حركة التوحيد والإصلاح مسوغا لمغادرة عش العمل الحركي واختيار العمل الفردي أو داخل المؤسسات الدينية الرسمية القائمة.

 فكثير من أعضاء جماعة العدل والإحسان أحسوا بنوع من “الخيبة النفسية” من عدم تحقق الحدث العظيم بالمغرب أو مبشرات “الخلافة على منهج النبوة”، وساهمت رسالة النصح التي وجهتها إليها حركة التوحيد والإصلاح حولها في إحداث رجة داخل التنظيم لمراجعة هذا الاختيار في التغيير (الاعتماد على الرؤيا).

 أما على مستوى حركة التوحيد والإصلاح فقد كشفت الانتخابات التشريعية الأخيرة محدودية الرهان على العمل السياسي وظهور بعض الآفات التربوية لدى بعض الأعضاء فيها، تجلى بحدة في التنافس “الشرس” في تزعم وكلاء اللوائح الانتخابية في بعض المدن على حساب نتائج الديمقراطية الشفافة.

 غير أن هذه التنظيمات لم تقف مكتوفة الأيدي أمام توسع الظاهرة، بل حاولت امتصاص ضرباتها بالقيام بمجموعة من المبادرات لتأليف قلوب الغاضبين وتفويت الفرص على المتربصين.

 تحركات لاستيعاب الظاهرة

 فعلى مستوى جماعة العدل والإحسان أطلقت الدائرة السياسية حملة داخلية لاستعادة “الطيور المهاجرة” بعد حدث 2006 بإجراء حوارات مع بعض المثقفين لتبيين موقف الجماعة وإشعار المنسحبين أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تهويل إعلامي لحدث الرؤيا لا حقيقة له بغية النيل من الجماعة، لكن التفاصيل عن المشروع لم يتيسر الحصول عليها.

 وتركز الجماعة من أجل بلوغ هذه الغاية على تنظيم حفلات تخصص للتواصل وإحياء الروابط مع من كانوا في الجماعة في مرحلة من المراحل في بعض المناطق التي شهدت انفلاتات كبيرة سواء قبل الرؤيا أو بعدها.

 وعلى مستوى حركة التوحيد فقد أطلقت حوارا داخليا على مستوى ذراعها السياسي (العدالة والتنمية) لمراجعة عمل الحزب الذي يشكل أعضاء الحركة النصيب الأكبر فيه، كما تقوم الحركة بين الحين والآخر بتنظيم زيارات لمتابعة أسباب تخلف أعضائها عن أنشطتها العلمية والتربوية واستبيان سبب تقاعسها، فيما ينصب الاهتمام أيضا على الانفتاح على الفعاليات الدينية غير الحركية، خاصة الصوفية والتصالح معها فيما يسمى بتقوية الجبهة الدينية، وهو ما تمت الإشارة إليه بحدة في اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بعد ظهور نتائج الانتخابات وتأكيد أعضاء المجلس الوطني على الدخول في حوار داخلي لمعالجة هذه الآفات أو تقديم مسالك لتصريفها بحكمة.

 ليس تآكلا تنظيميا 

الدكتور محمد ضريف المتخصص في شئون الحركات الإسلامية بالمغرب، لا يرى في مبادرة جماعة العدل والإحسان أي جديد، ويقول في تصريح لموقع “إسلام أون لاين.نت”: “المعروف داخل التنظيمات أن تتخذ بين الفينة والأخرى قرارات بتجميد عضوية بعض أعضائها لسبب من الأسباب، والأمر لا يرجع لرؤيا سنة 2006، بل هو يعود إلى سنوات خلت؛ إذ إن هناك مجموعة من الأطر والأعضاء ابتعدوا أو جمدوا وضعيتهم التنظيمية بعد إبعاد محمد البشيري، وعقب كل واقعة تحدث عدة مراجعات لإرجاع الأطر والفعاليات، بل الأعضاء العاديين أيضا إلى عضوية الجماعة، ومن الصعب الحديث عن تآكل تنظيمي”.

 ويوضح ضريف أن الحديث عن التآكل التنظيمي يمكن أن يحدث من حصول تحول جذري في توجهات كل التنظيمات -وليس الدعوية فقط- بوجود أعضاء غير قادرين على استيعاب هذه التحولات، وبالنسبة لجماعة العدل والإحسان فرغم اجتهاداتها للانفتاح مع المحيط العام، فهي ما تزال محافظة على خطها العام، بل إن كل التعديلات التي تدخلها على عملها تتم بتدرج”.

 ولا ينفي ضريف وجود انفلات تنظيمي بتحول أي تنظيم دعوي إلى حزب سياسي ولو بمرجعية إسلامية؛ لوجود أفراد لا يستوعبون مغزى الإشكالات التي تنتج عن التحولات الجذرية، غير أن قيام التنظيمات الإسلامية أو السياسية باسترجاع أطرها المبتعدة يبقى مسألة عادية.

 مصادر مطلعة من داخل حركة التوحيد والإصلاح نفت وجود مبادرة مماثلة لمبادرة العدل والإحسان في فتح حوار مع المنسحبين على المستوى المركزي، دون أن تنفي وجود مبادرات محلية لتتبع تعثر بعض الأعضاء تربويا.

 وقال المصدر: إن صبغة التواصل مع “الطيور المهاجرة” يختلف بين الجماعتين الإسلاميتين؛ ففي الوقت الذي ترى جماعة العدل والإحسان أن نقاش بعض الأفكار الجوهرية في عمل الجماعة يجب أن يبقى داخليا لتلجيم الطاقات الفكرية عن أي تصريح خارج البيت الداخلي، يكون الأمر مختلفا وغير مطروح بالنسبة لحركة التوحيد والإصلاح؛ حيث يستطيع العضو الكلام داخل التنظيمات أو خارجها لوسائل الإعلام، أما المنسحبون منها فهم لم ينفلتوا تنظيميا، ولكن لديهم قناعات أخرى يمارسونها في مؤسسات أخرى (رسمية مثلا أو شعبية غير تنظيمية).

 ويفترض المصدر أن تنتج بعض حالات الانفلات في أحيان كثيرة في عدم قدرة “المنفلت” عن تحمل المسئوليات الموكولة له أو عدم وجود محاسبة تنظيمية لعمله، كما أن حصر النقاش داخليا وأخذ ضمانات من صاحب الأفكار الجديدة والجوهرية لعدم التصريح بها لوسائل الإعلام لن يؤتي نتيجة إيجابية؛ لأن الإشكالات تبقى مصاحبة للعمل الحركي.

 وفي حين تبقى المقاربة مجرد ملاحظات لمتتبع خارجي للظاهرة في غياب وثائق مؤسسة في هذا المجال، يبقى التأكيد أن معالجة الأمر بشجاعة وجرأة واعتراف بالأخطاء الذاتية في مسألة الانفلات واستيعاب الاجتهادات الداخلية وفق المتغيرات الخارجية يعد الممر الأسلم نحو الشاطئ الآم.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز