اشويكة: أعود إلى طفولتي..ولا "أترمضن".. وأفضل الخلوة

اشويكة: أعود إلى طفولتي..ولا "أترمضن".. وأفضل الخلوة
الخميس 2 غشت 2012 - 03:15

شهر رمضان بالنسبة للناقد السينمائي وكاتب القصة والسيناريو والسوسيولوجي محمد اشويكة هو بمثابة رجوع إلى مرحلة الطفولة حيث يقترن الشهر الفضيل بالقرآن الكريم، إذ صار رجوعه إلى النص القرآني عادة متكررة تلزمه في رمضان من كل عام.

وقال اشويكة، في دردشة رمضانية مع هسبريس، إن هذا الشهر المبارك يعتبر عنده وقفة ذاتية مفتوحة لمراجعة الذات ونقدها، كما أنها فرصة سانحة لرصد ما اختل من سلوكيات وتصرفات لدى قطاع عريض من الأفراد، يختص رمضان تحديدا بكشف عيوبها.

وأوضح المتحدث بأنه لا “يترمضن” في رمضان مادام يحاول جاهدا أن لا يخوض في كل ما من شأنه أن يوقع به في أتون الساقط والمبتذل من التصرفات، مفضلا العودة إلى الخلوة والقراءة والمشاهدة والاستماع.

والنهار في رمضان عند اشويكة هو ملازمة للبيت واعتكاف فيه، حيث يقرأ ويكتب وينقح ويلاعب أبناءه، ولا يغادره إلا لماما، فيما الليل الرمضاني يوزعه على مشاغل الروح والجسد، ويقضيه رفقة الأصدقاء والأهل.

لنتابع دردشة هسبريس في رمضان مع محمد اشويكة:

كيف استقبلت شهر رمضان؟

كلما هلَّ شهر رمضان أجدني مأخوذا إلى مرحلتي الطفولة والمراهقة.. إلى اللحظات التي كنا، نحن “طلبة القرآن وتلاميذ المدرسة”، نحتفل فيها بقدوم هذا الشهر الخاص ضمن طقوس استثنائية؛ حيث كنا نتسابق لحجز الأماكن القريبة من الفقهاء والحفظة، مُرَتِّلِين، مُتَتَبِّعِين.. وهي عادة لزمتني إلى اليوم؛ إذ أجدني أعود، في كل رمضان، إلى النص القرآني كي لا يتجبر علينا به الآخرون. وأعود إلى طفولتي كي أتحرر أكثر…

ماذا يمثل بالنسبة لك الشهر الكريم؟

وقفة ذاتية مفتوحة لمراجعة الذات ونقدها.. فيه أراجع مسوداتي، وأسطر مشاريعي، مستغلا الوقت الذي كنت أقضيه في الشغل، وفي قضاء المآرب اليومية التي تختلف من سنة إلى أخرى، ومن مكان إلى آخر بحكم التنقل.. وهو فرصة للرصد السوسيولوجي؛ إذ تتسرب بعض المظاهر الطارئة إلى سلوك نسبة كبيرة من الأفراد، ومن خلالهم إلى غالبية الجماعة، فتنتشر مظاهر الاستعراضية، والاستهلاك الزائد عن الحاجة، والكسل المفتعل، والتدين الموسمي، ويطال الشلل بعض المرافق الاجتماعية، فيصبح الصوم ذريعة للتهرب من المسؤولية، وتغيير إيقاع الناس والحياة…

وبالنسبة لك..ماذا يتغير لديك من عادات في رمضان؟

ليست عادات النهار كعادات الليل، قد يتغير بعضها بفضل تغير نظام الوجبات المقرونة بالإيقاع البيولوجي والميتافيزيقي لرمضان.. وبالتالي، تتغير منظومة العيش. يتأثر الجسد، يضعف، يقاوم، يشاكس.. حين يتأقلم ينضبط الإيقاع البيولوجي، لأن ذلك يخضع لحجم المجهودات الذهنية والفكرية والروحية والحركية التي يقوم بها الفرد خلال هذا الشهر…

هل هذه التغيرات التي تحدثت عنها تُسقطك في فخ “الترمضينة”؟

من عادتي تجنب الأفعال التي تجعلني أخالط الفئات التي لا تستطيع ضبط إيقاعها البيولوجي الغريزي مع إيقاعها الذهني الثقافي.. سواء تعلق الأمر برمضان أم بغيره من الأيام والشهور، فمن كان لئيما لن يتبدل بين عشية وضحاها، وخير إجابة عن اللؤم الترفع عليه.

ولقد اعتدت ألا أخوض في الأمور التي ترجعني إلى الدرك الأسفل من النضج القيمي، مفضلا العودة إلى الخلوة والقراءة والمشاهدة والاستماع.. وما دون ذلك من الأشياء التي أعتقد بأنها تساهم في تحقيق توازني الروحي، وترقى بانسجامي مع ذاتي ومع الآخرين. وهي أمور لا يجب لأي أحد أن يكون وصيا فيها على الآخر.

البعض يربط رمضان بالمطبخ..محمد اشويكة ما علاقتك بالمطبخ أو الأكل في رمضان؟

هذه السنة استثنائية لأنني دخلت خلالها في محاربة “التخمة”.. حاولت أن أبتعد، ما أمكن، عن المملحات والسكريات والذهنيات، مكتفيا بالطبيعي منها، محافظا على نمطِ عيشٍ متوازنٍ دون أن أتسبب في التأثير على أسرتي.. فالأصل في الصوم الزهد والتقاسم والمحبة وقهر الرغبة الجامحة.. وليس الاشتهاء المرضي الذي أصاب العباد جراء تأثرهم بنمط العيش الرأسمالي البشع الذي أحال الإنسان إلى مجرد “كائن استهلاكي”، مبرمج، فارغ من المعنى والقيم الإنسانية العليا.. يلهث، ليلا ونهارا، من أجل فك تناقضات الإشباع الجسدي…

آخر سؤال في هذه الدردشة معك..أين وكيف تقضي نهار رمضان وليله؟

في النهار ألازم البيت، قارئا، كاتبا، منقحا، مشاهدا، لاعبا مع أبنائي، ولا أبارحه إلا للضرورة القصوى.. اعتكاف واختلاء، أما الليل فيتوزع بين قضايا الذات والروح، بين الأصدقاء والأهل، وبناء على ذلك تترتب جغرافيا الأماكن، فتتوزع بحسب المآرب: للروح حق، وللجسد حق.

‫تعليقات الزوار

1
  • محمد سدحي
    الخميس 2 غشت 2012 - 13:59

    عزيزي السي محمد

    بعد فروض التحية والسلام التام، إليك مني (مباشرة من طنجة العالية) كل الحب وكل المودة والإعجاب بمنجزك القصصي المتميز، مشفوعة بوابل من القبل، في هذا الشهر الذي يصالحنا مع الطفولة الهاربة في مهب فراشة ولينا الصالح مولاي أحمد بوزفور مول القبة (أقصد مول القصة).. استمتعت كثيراً بهذه الدردشة واستعدت معها، وبها، كثيراً من رمل وغبار الذاكرة الذي يعفر صفحات طفولتنا الطاعنة في الشبه، كناية في ماء الذهب.. رمضان كريم، وإلى لقاء قريب في "سور المعكازين"

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب