"بوهروس" و"هرمة" يطبعان الاحتفال بـ"الأضحى" في آسفي

"بوهروس" و"هرمة" يطبعان الاحتفال بـ"الأضحى" في آسفي
الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 03:00

يحتل عيد الأضحى بإقليم آسفي مكانة متميزة من بين المناسبات التي تشهدها المنطقة كل سنة، فهو أداء سنة من السنن النبوية، وإحياء لصلة الرحم بين الأسر والعائلات وتذكر الفقراء والموزعين، إلى جانب أنشطة موسمية تحفو رواج المعاملات التجارية.

وتعد هذه الممارسات الدينية والاجتماعية من أهم خصوصيات عيد الأضحى بهذا الإقليم، التابع لجهة دكالة – عبدة، حيث أكد العديد من المواطنين، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بهذه المناسبة، أنه فضلا عن نحر الأضحية، باعتبارها سنة نبوية، فإن التصدق على الفقراء والموزعين بجزء منها، كما دأب على ذلك السلف الصالح، يعد تكملة وتزكية للأضحية وتسخيرا لبركتها.

فقبل أيام على حلول العاشر من ذي الحجة، تبدأ بإقليم آسفي الاستعدادات لاستقبال العيد، حيث تتجند النساء بصفة خاصة لإعطاء رونق جديد لبيوتهن بطلاء الجدران الداخلية، وإعادة ترتيب الأثاث، وتنظيف الأواني المنزلية تنظيفا خاصا، وشراء بعض الأواني الجديدة والتخلص من بعض الأواني القديمة.. ويلاحظ، في هذه المناسبة، اجتهاد خاص بالنسبة الأزواج الجدد، في حال عدم قضاء يوم العيد في بيت الوالدين.

قبل أيام على حلول العيد، وبينما تعلو الفرحة والابتسامة وجوه الأطفال خاصة في الأحياء الشعبية، لا يكاد يسمع من أحاديث وحوارات الكبار، سواء في الأماكن العمومية أو في المحلات الخاصة والإدارات، سوى الحديث عن الأكباش والأسواق والأسعار، وعن بعض المظاهر المشينة في مجال تسمين وتغذية الخرفان، وذلك لأجل تجنب السقوط في مقلب من مقالب سماسرة الأكباش أو ما يطلق عليه شعبيا “الشناقة”.

غير أنه في إقليم أسفي، المعروف أساسا بتربية المواشي خاصة بدائرة جمعة اسحيم وجماعة ثلاث بوكدرة ودائرة الشماعية التابعة لإقليم اليوسفية القريب من آسفي، فإن جودة الأكباش لا تطرح عبئا كبيرا على المواطنين في مثل هذه المناسبة.

وكما جرت العادة على مر السنين، وعلى الرغم من بلاغ أصدرته مؤخرا مديرية الفلاحة بوفرة الأضاحي بما يفوق ثلاثة أضعاف حاجيات إقليمي آسفي واليوسفية، فإن الأسر تتسارع لاقتناء الخروف بجودة مقبولة وبأسعار مناسبة.

يقول العربي (م)، موظف بالجماعة المحلية وأب لأربعة أبناء، إن وفرة خرفان الأضحية في المنطقة لم تنعكس على الأسعار، فهي تظل مرتفعة بالنظر إلى تكاليف المناسبات المتوالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة منها العطلة الصيفية وشهر رمضان والدخول المدرسي، ما جعله يشعر بضيق مادي في هذه المناسبة، ومع ذلك أعرب عن إصراره على اقتناء الأضحية ولو بالسلف.

أياما قبل حلول عيد الأضحى تبرز عدد من الحرف الموسمية، خاصة في الأحياء الشعبية، منها حدادة السكاكين وبيع الفحم والأواني الخاصة بالشواء وتقطيع اللحم وبيع ملابس ذات المظهر الديني. كما تنشط حرف النقل المزدوج وعربات نقل الخرفان والحمالين داخل الأسواق وخارجها وفي المرائب وسط أزقة ودروب الأحياء.

العديد من ساكنة الإقليم يفضلون الصيام ابتداء من اليوم الثالث لحلول العيد، وتتكفل ربات البيوت، علاوة على تزيين بيوتهن، بإعداد حلويات العيد، خاصة ما يطلق عليه “الكعك” الذي تشتهر به مدينة آسفي، وطلاء الحناء لأيديهن وأيدي الفتيات، وكذلك طلاء الحناء على رأس الكبش وإطعامه بالأعشاب الصحية والأزهار قبل إخضاعه للصيام، يوما واحدا قبل النحر.

في صباح يوم العيد تمتلئ المساجد والمصلات بالمصلين من الجنسين، ولا يكاد يرى من بين المارة سوى اللباس الأبيض من جلاليب نسائية ورجالية يتأبط معظمهم زرابي صغيرة يؤدون عليها صلاة العيد، وقد تناولوا فطورا خفيفا غالبا ما يكون من العجائن والحليب.

تنطلق، مباشرة بعد قيام الإمام بنحر الأضحية، علميات الذبح داخل المنازل، وعلى الأسطح وفي الحدائق المنزلية ممن توفرت له حديقة، كما يجوب الأزقة شباب من مختلف الأعمار يمتهنون الجزارة أو يتخذونها فقط هواية في هذا اليوم.

بعد عملية النحر تبدأ الاستعدادات لترجمة الطقوس والعادات المرتبطة بهذه المناسبة، التي تتأخر فيها وجبة الغذاء. فلا يكاد يشم، بعد التصدق بقطع من الأضحية على المحتاجين، سوى دخان ورائحة الشواء تتعالى من كل المنازل. إنها وجبة “الكباب” التي تغمر الجميع مع أكواب من الشاي والخبز المعد في البيت.

ثم تنطلق النصائح بين أفراد الأسر لتجنب الإكثار من تناول الشحم لما يتسبب فيه مضاعفات على الصحة، خاصة بالنسبة لكبار السن والمصابين بداء السكري والقلب والكوليسترول والسمنة. أما الواعون بهذه المخاطر فغالبا ما يضحون بلحم الأبقار أو الماعز، لقلة الدهون بها مقارنة مع الأغنام.. ويفضل الكثير من الساكنة في الإقليم إعداد الوجبة الثانية للغذاء من الكتف الأيمن للأضحية، وهي وجبة لا تكون جاهزة كذلك إلا في وقت متأخر من المساء.

في الأيام الثلاثة الأولى لا يكاد يخلو بيت من البيوت من الزوار من الأهل والأحباب والجيران، وكأنها بيوت مفتوحة للجميع. ففضلا عن صلة الرحم يتبادل الزوار الهدايا التي غالبا ما تكون من لحم الأضحية خاصة الكبد أو تقديم الحلويات.

أما عظام رأس أضحية العيد فلها حكاية خاصة عند أهل آسفي فهم يتشاءمون من رميها مشتتة خارج البيت لذلك فإنهم يجمعونها كاملة في منديل ويدعونها في مأمن قبل دفنها مجتمعة بعد أسابيع خارج البيت، وذلك على خلفية أن رميها مشتتة قد يتسبب في تكسير الأواني المنزلية، هذا العام.

وتمتد حكاية عظام رأس الأضحية، بعد الإفطار بلحمه المدخن، إلى الاحتفال بهذه العظام صباح اليوم الموالي للعيد، حفل يطلق عليه في الأحياء الشعبية “بوهروس” حيث يتم رش الماء العذب على المارة تبركا بالعادة الجارية بماء بئر زمزم المتواجد بمكة المكرمة.

وفي أمسية اليوم الثالث من العيد يعمد الشباب إلى تنظيم تظاهرة احتفالية على شكل كارنفال يطلق عليه “هرمة”، حيث يردتي الشباب كساء الخروف ويضعون قرونا على رؤوسهم كأقنعة ويجبون الأزقة فيما يتبعهم الأطفال بأهازيج وأغنيات شعبية ويرمي لهم السكان والمارة نقودا يجمعونها ليصلحون بها المساجد أو الأزقة في الحياء التي يقطنون بها.. وهكذا تتوالى أيام عيد الأضحى بانشغالاتها وحركتيها ومصاريفها تاركة وراءها ذكريات بين الأجيال المتعاقبة.

* و.م.ع

‫تعليقات الزوار

15
  • سيدي عبدالغفور مول الموطور
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 06:08

    موضوع جميل ورائع بمناسبة العيد الكبير بمدينة اسفي، ارتفعت اثمنة الاضحية في الثلاث ايام الاخيرة قبل العيد من مرتفعة الى صاروخية في جميع الاسواق وخصوصا سوق السبت،

    لكن المشكل هو مشكل الثلوث في مدينة اسفي وقلة المرافق الخضراء، والقنبلة التي تنتظر المدينة والساكنة "المحطة الحرارية" ستخل اسفي الى الجحيم، الامطار الحمضية وتلوث مياه البحر الذي اصلا هو ملوث.

    والعديد العديد..

    اخوكم من مدينة اسفي T-T

  • عروبي
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 07:03

    عادات لا تخص عبدة فقط بل كل العروبية .الطعام (كسكس) بالكتف الايمن .الاحتفاظ بالكتف ، بعض الناس تقرا الفال في الكتف.ثم بو البطين او عرمة او سبع بطين واصدقائه (كيعة).
    من عادات الريف في المهجر الصباح تنوال كسكس بالحليب الزبيب والعسل وفي المساء " تكرشيت" .
    القبائل :
    شي الكبد ، المساء اكل "تاعصبانت" وهي عبارات عن كورات من الكرش محشوية بالارز وقطع من "السقاطة" ، اللحم ياكلوفي اليوم الموالي.
    العروبية " مهاوشين" على اللحم لا ينتظرون اليوم الموالي ، امزح.
    المهم عيدكم سعيد واتمنى لكم الصحة والعافية والتلائم والتوافق  

  • aziz
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 10:04

    هاد شي كولشي يعني ان الكرش عندما تشبع تقول للراس غني

  • عبدالرحيم
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 12:23

    في الحقيقة في آسفي تكون الاجواء رائعة جدا. تقبل الله من الجميع.

  • فيصل
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 12:42

    اقرأ تاريخ المنطقة قبل تكلمك، فسكان مدينة اسفي اما امازيغ استعربوا (اي أصبحوا يتكلموا العربية) او عرب ينحدرون من قبيلتي عربيتين كبني هلال و بني جرم، تجي نتا تقول لينا عروبية.

  • adil
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 13:38

    أحسن الأجواء توجد في مدينة أكادير و إنزكان بحي الدشيرة الجهادية

  • khalil
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 13:44

    Safi est une ville ancree dans l histoire.il est clair que les safiots gardent eternelement leurs traditions et coutumes.le gateau (ka3k) est d une saveur particuliere les differents plats poissonneux est un specialite des gens d abda .bohayrouss a cette fete laisse a penser aux racines de cette tradition .c estt tellement genial d avoir de telles choses dans une ville malheureusemet tres marginalisee par l Etat la laissant dans se polluer a tors et a travers expres comme pour punir cette ville qui malheureusement a des atouts grandioses qui n ont pas ete pris en considerations

  • Asusi
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 14:15

    تقاليد امازيغية لازالت محتفضة بأسمائها، مثل إسم مدينة اسفي الدي يعني بالامازيغية مصب الوادي،،، هدا فقط للدين يعتقدون بالهوية العربية للمغرب.

  • مسفيوي خارج أرض الوطن
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 15:23

    الى صاحب التعليق اللي قال فيه آسفي عروبية ، اسفي أمازيغية منذ القدم راجع أولدي الكتب التاريخية وعرف تاريخ المدينة عاد هضر

  • باها اومرايت
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 17:28

    ازول هي لعبة او عادة امازيغية بامتياز تواجدها باسفي يؤكد امازيغية المدينة ونواحيها رغم التعريب لان هرمة هده متواجدة بفيافي لم يصلها التمدن و لا التعريب الى الان كما نجدها عند امازيغ التوارق . اسفي امازيغية قحة يا صاحب التعليق…..و دكالة و الشياضمة و عبدة وووو لهدا لا نقاش في هده الامور كلنا مغاربة صحيح و لكن موجة تعريب كل شيء لا هناك عرب وافدون نعم نحترم الراي لكن لا يجب ان تلغى امازيغية البلد الاصيلة

  • إدريس
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 20:04

    عشت بآسفي سنين وما رأيت من أهلها إلا خيرا
    أخلاقهم طيبة وعاداتهم تدل على أنهم ضاربون في التاريخ
    أملي أن ينتبه المسؤولون لما يعانون منه جراء التلوث الفظيع وآثاره السلبية على الأطفال بالخصوص فلقد فرطت في منصب مهم بسبب ذلك وبسبب ما أصبح يعاني منه إبني من أمراض.
    عيد سعيد للجميع ولأطر هيسبريس المتفانين.

  • الوراق
    الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 21:06

    طبعا هاته العادات كانت مترسخة في كثير من جهات المغرب وكان لها حضور كبير في الثمانيات كا"بوهروس "والسبع بوبطاين" وايضا الشعالة "وزمزم" أي التراشق بالماء صبيحة يوم اليوم الموالي لعاشوراء وأيضا بابا عيشور فجل هذه العادات والطقوس قد إنقرضت واضمحلت بفعل التمدن وخاصة في المناطق الوسطى – اما بخصوص أسم اسفي فالإسم قد يكون امازيغيا اوعربيا كون الإسم يوجد في العربية وفي الأمازيغية كاتامسنا ودكالة فأيضا اسماء امازيغية وتعني الارض المنبسطة ودكالة الأرض المنخفضة ؟ فتامسنا التي اصبحت الشاوية بعد ان دخلها العرب "هلال جشم وسليم" اما دكالة فأحتفظت بإسمها رغم كون سكانها عرب هلالين من أثبج اما اسفي فقد اصبحب عاصمة (عبدة) نسبة إلى عبد قيس _ وكنيته "عبدي " وهم أيضا عرب هلاليون من أثبج

  • مسلم
    الثلاثاء 7 أكتوبر 2014 - 00:02

    مسلم
    اما زبغية أو عربية أين هو الفرق
    بل إسلا مية أفضل و عزها ومجد ها كان مع الإسلام

  • أحمد
    الثلاثاء 7 أكتوبر 2014 - 11:34

    أشكر الاخ الصحفي على هدا المقال الجميل' و أظن انني أتحدث باسم كل ساكنة اسفي عندما اشير الى موضوع 'التلوث' و موضوع 'المحطة الحرارية' و موضوع 'الحفر التي تغرق المدينة'و موضوع 'إرتفاع الاسعار' و موضوع 'المستشفيات' الخ من المواضيع الحساسة….ما يؤلمني هو عزوف الشباب المسفيوي عن العمل بمدينته الام و انا واحد منهم حيث وجدت في مدينة مغربية اخرى السكينة و الامن و البيئة النقية٠ في حين انه مناي هو الاستقرار بمدينة اسفي٠٠٠٠٠٠ملاحظة و هي ان المدينة المسفيوية تتراجع الى الوراء تقريبا من سنة 2006 ٠٠٠٠لماذا ?!!!
    شكرا لشباب هسبريس على المجهودات

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس