صيَّادُو الصويرة .. معاناةٌ بين شظف البحر وتكاليفِ المراكب

صيَّادُو الصويرة .. معاناةٌ بين شظف البحر وتكاليفِ المراكب
الإثنين 18 ماي 2015 - 10:00

لمَّا تلُوح أسرابُ النَّوارس كثيفةً في الصويرة وتكثرُ الجلبة ثمَّ تداعبُ رائحة السمك أرنبة الأنف ويقبلُ النَّاس في ممشاهم يتبضعون ويلتقطون الصُّور تكُون قدْ حللت بمرفئها. فضاء فسيحٌ ترسُو به قواربُ الصيَّادِين التقليديِّين ممن ينشغلُون نهارًا بطلاء المراكب وقدْ نال منها الماء، بينَما ينهمكُ آخرُون في غزل شباك الصيْد المنسلة.

أربعُون عامًا كاملة أمضاهَا النقيبي علي صيَّادًا يمخرُ البحر بحثًا عن السمك، عشرة قضاها في مرفأ الجديدة وثلاثُون في الصويرة، يتذكرهَا تفاصيلها دُون أنْ تتوقف يداهُ عنْ غزل الشبكة “الصيَّادُ لا تقاعد لهُ، فيومَ يكلُّ ويتوقف عن العمل لنْ يجد موردًا، ولذلك لا زلتُ هنا وقدْ جاوزتُ من عمرِي ستِّين سنةً، ما انفكَّت الحالُ فيها تضيقُ حتَّى أنَّ كثرًا غيرُوا المهنَة”.

أكثر ما يشغلُ الصيَّاد التقليدي هو “المنزلة”، فمتَى ما ساءت حالة الطقس انكفأ راجعًا إلى بيته، ما يجعلُه غير ذِي دخلٍ قار، يحكِي علي “عندنا في هذا المرسى حواليْ ثلاثمائة قارب تقليدي، ولئن كان ما يدرُّه الصيادون يتفاوت بين الشهر والآخر، فإنَّ في أزهى المواسم لنْ يظفر الصيَّاد بأكثر من ثلاثة آلاف درهم في الشهر الواحد”.

وكيْ يستهلَّ الصيادُ عمله فإنَّه يحتاجُ حواليْ ثلاثة عشر مليون سنتيم، حيثُ إنَّه يحتاجُ جواز أمانٍ يصلُ إلى ستِّين ألف درهم، والقارب بثلاثين ألف درهم، وعشرين ألف درهم للمحرك، وعشرين ألف درهم أخرى لتهجيزات ضروريَّة، “حينَ تدفعُ كل تلك التكاليف لكَ أنْ تطلب رزقك، وتدخلَ في متاهاتٍ أخرى وهو يرتهنُ للطقس، فحين تأتِي المنزلة قدْ لا يحصلُ في الشهر الواحد سوى سبعمائة درهم”.

أمَّا حين تتفسخُ الشبكَة فإنَّ الصياد يجدُ نفسه مضطرُّا ليدفع ألف درهم نظير غزلها ثانيةً، كما يدفعُ لطلاء قاربه، والأدهى وفق ما يورد علي، أنَّ مراكب الصيد الحديثة صارتْ تأتِي على البحَّارة الصغار، “شباكٌ كثيرةٌ يضعها الصيادُون التقليديّون في البحر فتسحبها المراكب الحديثة التي تصطادُ بالجرِّ، فيما فقدَ صيَّادان حياتهما بهذا المرسى بعد صدمهما من قارب كبير، إبَّان العام الماضي”.

وإذا ما هدأ البحر واستطاعَ الصيَّاد أنْ يجلب كميَّة من السمك، يكُون عليه أنْ يبيعها بالجملة عنْ طريق “الدلَّالْ” وهي عمليَّة رهينة بالمزاج، “فحينَ يرتبُ المشترُون بالجملة الأمر فيما بينهم يكُون الصيَّاد ضحيَّة وقدّْ اتفقُوا على خفض الأثمنة، أمَّا حين فيستفيدُ الصيَّاد بعض الشيء”، يشرح الصيَّاد المنصُوري محمد.

المحدثان يقُولان إنَّ ثمَّة وتيرتين تتباعدان اليوم تلو الآخر، أولاهما متصاعدة بالنظر إلى الارتفاع الكبير في أسعار التجهيزات الضروريَّة ليباشر الصيَّاد عمله، ووتيرة تراجع أخرى تهمُّ موارد الصيَّاد، وحتَّى الثروة السمكيَّة التي تناقصت بصورةٍ ملحوظة “ما عادت الأمور على ما كانت عليه في عقُود وسنوات خلت”، يشرحُ المنصورِي.

حين كانَ البحَّاران محمد وعلي يقصَّان ممَّا خبرا من صيد أسماك البحر، قبل انتصاف الزوال، كان المرسَى يزدادُ هرجًا والسيَّاح الذِين أتى عددٌ كبير منهم إلى مهرجان كناوة يقبلُون عليه، وأعناق الكثيرين تشرئبُّ إلى النوارس التي تضطلعُ بدورها في التخليص من فضلات كثيرة بـ”المرسى”، الذي تجدُ الماء يسري في كثير من جنباته وهُو ينغصُ فسحة الزوار، بينما يرى آخرُون أنَّ من طقُوس الميناء ألَّا تكون موظبة وتبقى على طبعها، قويَّة الرائحة، كثيرة المرج، لا تتوقفُ عن الحركة شأنها شأن الريح التي تهبُّ في الصويرة قويَّة لا تهدأ.

‫تعليقات الزوار

5
  • الصويري
    الإثنين 18 ماي 2015 - 10:24

    الصويرة مدينة الرياض و الجمال الطبيعي

  • قاطن
    الإثنين 18 ماي 2015 - 11:08

    ليسو الصيادون فقط يعانون بل حتى الساكنة تعاني بسبب غلاء المعيشة بهذه المدينة بحيث يوجد العديد من المحتكرين لكل قطاع كمثال سوق جملة الخضار هناك اناس يحتكرون هدا السوق يبيعون بالثمن الدي يريدونه وما على المواطنين "غير ايوديو" بصراحة مدينة الصويرة اصبحت مدينة الاجانب ليس الا ……..

  • Mouhibi
    الإثنين 18 ماي 2015 - 12:35

    رغم هاد ه المشاكل الموجودة حقا الصويرة تبقا مدينة الفقير و الغني. الصيد البحري و البحار في الصويرة تراة و لا بد ان يبقا و تعطاه العناية الكافية من الدولة و المواطن/السواح. مساعداة مادتية و معنوية. و شكرا اهسبريس على التعليق و تحية من هولندا الى كل الصويرين .

  • le pecheur du sud
    الإثنين 18 ماي 2015 - 12:38

    الكل متضرر من الشباك الصغيرة والغير القانونية (ذات أعين أقل من 40 ملمترا) التي يضعها صيادو القوارب التقليدية ، حيث أن هذه الشباك ، تستنزف الثروات البحرية التي تزخر بها المنطقة مما يؤثر سلبا ،على البيئة المحلية وعلى الثروات السمكية ويساهم في انقراض بعض الأنواع الجيدة من الأسماك النادرة ، حيث أن الصيد بالشباك الصغيرة العيون والذي يستعمل أصحابه حبل سفلي مثقل بالرصاص يصبح عند جره على قاع البحر كالجرافة التي تحصد كل ما يعترضها ، بيض الأسماك ومناطق تفريخ الأسماك،وبالتالي فلهذا النوع من الصيد الجائر عواقب وخيمة علينا كصيادين بيئيين وعلى الثروة السمكية وعلى التوازن البيئي .

  • TOTO
    الإثنين 18 ماي 2015 - 15:42

    ليعلم الجميع وخاصة وزيرنا المحترم ان البحارة بمدينة الصويرة اصبحوا يلتجؤون الى علب السردين المصبر لقضاء حاجياتهم من هذه المادة التي اصبحت ناذرة بهذه المدينة التى كانت الى عهد قريب المرسى الاول لصيد الساحلي بالمملكة الشريفة???????ما رايك يا سعادة الوزير المحت رم

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز