رمضان بالعيون يجسد عادات وقيم الهوية المغربية الصحراوية

رمضان بالعيون يجسد عادات وقيم الهوية المغربية الصحراوية
الجمعة 19 يونيو 2015 - 06:00

تستقبل ساكنة العيون شهر رمضان الفضيل في أجواء مفعمة بالروحانيات والدفء العائلي والتكافل الاجتماعي، وهي تعيش سحر الحاضر وعادات المجتمع الحساني التي تجسد البعد الثقافي للمغرب الصحراوي.

ويستعد سكان حاضرة الصحراء المغربية لشهر الصيام، شأنهم في ذلك شأن باقي سكان المدن المغربية الأخرى، أياما قبل حلوله، في جو تطبعه السكينة ونقاء النفس وتكريس العادات والتقاليد الدينية النابعة من قيم الهوية المغربية الصحراوية.

كما تستعد ساكنة العيون خلال الشهر الفضيل لاقتناء كل المستلزمات والحاجيات لإعداد المأكولات والحلويات والملابس الجديدة حيث تعرف محلات بيع الزي الصحراوي بالأقاليم الجنوبية خلال الشهر الفضيل رواجا ملحوظا يجسده حرص الأسر بهذه الربوع من المملكة على ارتداء اللباس التقليدي الذي يشكل جزءا من الثقافة المحلية.

ولا تزال ساكنة العيون متشبثة بطقوسها وعاداتها، التي تنهل من رصيد الثقافة الحسانية، على الرغم من مظاهر التحضر والامتداد العمراني لمدينة العيون، حيث تشهد المساجد نشاطا وتدفقا كبيرا للمؤمنين من أجل أداء الصلوات في المساجد والزوايا وخاصة صلاة العشاء والتراويح وكذا تلاوة القرآن الكريم وتدبره.

وسكان مدينة العيون، وهم يتقاسمون مع باقي سكان المملكة عادات وتقاليد، من قبيل زيارة الأهل والأقارب رغبة في خلق المرح وتقوية أواصر التآلف والمودة بين العائلات والأسر وتعزيز روح التكافل والتضامن الاجتماعي، لا يزالون متمسكين بمقومات الثقافة الحسانية المغربية خلال الشهر الفضيل.

فبعد أداء صلاة العشاء والتراويح، يتجدد السمر الطويل وتقام الولائم بالدور (النوبة) بين الأسر والعائلات في شكل مجموعات بحيث تنتقل كل يوم مجموعة من الأسر إلى البيت الذي يأتي دوره.

ففي معزل عن النساء يسهر الرجال وهم يلعبون “ظامة” الشبيهة بلعبة الشطرنج، في شكل مسابقات تطبعها روح المنافسة والحماس وهم يحتسون الشاي الذي تم تحضيره وفق طقوس محلية ويتجاذبون أطراف الحديث لمناقشة ما استجد من مواضيع.

أما النسوة فيتبارزن في لعبة “السيك”، وهي لعبة تقام، في بعض الأحيان، على كومة من الرمل وتأخذ شكل سنام جمل وتسمى “ليبرا”، حيث تتطلب ثمانية عيدان يتراوح طولها ما بين 30 و40 سنتيمترا وذات واجهة ملونة وخلفية ملساء أحادية اللون وكذا أحجارا يتحرك بها كل فريق في اتجاه الفريق الخصم في محاولة لإخراج عناصره من دائرة التنافس.

وفي هذا السياق، أوضح الباحث في التراث الشعبي الحساني، إبراهيم الحيسن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن من مظاهر التراث الشعبي الحساني السائد خلال شهر رمضان، هو تقسيم الشهر إلى ثلاثة مراحل تسمى المرحلة الأولى ب”عشراية التركة (الأطفال) أو “عشراية ركاب الخيل” حيث تكون للإنسان قدرة على تحمل الصيام وتسمى الثانية ب”عشراية أفكاريش” أو “عشرية ركاب لبل” (الإبل) وهي مرحلة تتطلب صبرا إضافيا فيما تسمى المرحلة الثالثة ب”عشراية لعزايز” (المسنات) وتدل على مرور الوقت ببطء والإحساس بالتعب الناجم عن الصوم خلال الثلث الأخير من رمضان.

وحول إعداد الموائد الرمضانية، أضاف الباحث أن الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل بالعيون وبالأقاليم الجنوبية عموما يطغى عليه الطابع الروحي منه على الطابع المادي، مشيرا إلى أن الساكنة الصحراوية لا تزال تحافظ على ثقافتها ونمط عيشها من أكل وشرب خلال رمضان.

وأشار إلى أن بعض الأسر أصبحت، بحكم التمدن والتغيرات السوسيو-ثقافية التي عرفها المجتمع الصحراوي بالأقاليم الجنوبية، تساير هذا التطور من حيث تقديم الوجبات الرمضانية التي تشمل الفطور والعشاء والسحور وهي موائد لا تختلف من حيث الكم والكيف عن تلك التي تقوم بإعدادها الأسر المغربية بشمال المملكة.

وأضاف الأستاذ الحيسن أن وجبة الفطور عند أهل الصحراء تتكون بشكل عام من الحساء الأحمر المعد من دقيق الشعير أو الأبيض المعد من الحليب والشعير المحمص وتمر وحليب، على أن يكون محور هذه المائدة قدح اللبن الطازج أو ما يطلق عليه بالحسانية “الزريك” وتتناقله الأيدي حسب موقع جلوس الصائم من اليمين إلى اليسار.

وخلص الباحث إلى أن العائلات الصحراوية تحرص على أن لا تخلو وجبة العشاء من كبد الإبل المشوي في الفرن أو على الفحم أو مطبوخا في الماء من دون توابل متبوعا بصينية الشاي “أماعين أتاي” حيث يتم إعداد (كؤوس الشاي الثلاثة) وفق التقاليد الصحراوية، مشيرا إلى أن هذه الوجبة تعقبها وجبة سحور خفيفة تتكون من “بلغمان”، وهو عبارة عن حبوب زرع يتم تحميره وطحنه ثم يتم طهيه في الماء الساخن والمحلى بالسكر.

ومن اللحظات التي تستهويك في رمضان العيون، هي فترة ما بعد صلاة العشاء حيث تدب الحياة من جديد في المدينة خاصة وأن ليالي الصحراء تتميز بشكل عام بالرطوبة المعتدلة وهبوب الرياح الباردة، حيث يرتاد الناس شوارع وساحات المدينة كساحة المشور السعيد وساحة الفلاحة وشوارع مكة والقيروان وإدريس الأول والسمارة وسوق “الرحيبة” للترويح عن النفس وشراء مستلزمات البيت.

ولأن شهر رمضان تزامن خلال السنوات الأخيرة مع فصل الصيف فإن بعض الأسر تفضل ارتياد شاطئ فم الواد (الواقع غرب مدينة العيون) للتخفيف من حر النهار والانتشاء برطوبة الجو والاستمتاع بمداعبة الأمواج.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

11
  • dokkali
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 06:41

    رمضان كريم وكل عام وأنتم بألف بألف خير لجميع سكان مدينة العيون الغالية ولجميع سكان أقاليمينا الصحراوية المغربية

  • السباعي
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 08:06

    كصحراوي مسلم مغربي أبارك رمضان لكل المغاربة صحراويين وأمازيغ وعرب بيضا وسودا فلا فرق بيننا إلا بالتقوى كما قال رسولنا الكريم فالفوارق لا يريدها لنا إلا جيران السوء ويصرفون من أجلها الملايير لأنهم يحسدوننا على التعايش والتآخي الذي يشهد لنا به الأعداء قبل الأصدقاء ويريدون أن يرونا ونحن نتناحر بيننا فجعلها الله فيهم في غرداية وبريان ومدن أخرى لأننا كما نقول نحن الصحراويون نية العما فعكازو . أما عن البلغمان فهو يحضر من الشعير الأخضر يطبخ ثم يجفف و يحمص ويخلط بالماء المغلي وزيت الزيتون والملح أو السكر عند إعداده. رمضان كريم لكل القبائل الصحراوية المغربية والموريتانية وحتى الجزائرية ‏‎ ‎

  • Sahraoui
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 08:07

    Youcef ibn tachfine mauritanien? Revises ton histoire copin, a l'epoque y avait pas la mauritanie ! C'etait un grand maroc de la lybie jusqu'au senegal! Youcef c'etait un grand AMAZIGH mon frere ! Ramadan karim

  • هشام
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 09:03

    يا أخي استحيي في هذا الشهر الفضيل لعلك تتناسى التاريخ حين تقول يوسف ابن تاشفين موريتاني .أسالك لكان كذلك لماذا أسس مراكش واستقر فيها بل اتجدها عاصمة لإمبراطوريته. ثم عمرها وبنى أبرز معالمها .لماذا لم يفعل ذلك في موريتانيا كما تزعم.ثانيا متى كانت موريتاتيا دولة.انها تمردت على سادتها. نحن نعتبرها منطقةمغربية مارقة حتى هذا اليوم. استحيي يا أخي تقارن موريتانيا بلد لا يعرفه أحد.بدولة سيدة العالم.كون تحشم.ثالتا أي بلد في العالم تختلف فيه العادات من منطقة الى أخرى والمغرب ليس استثناء.

  • البطل يوسف إبن تاشفين
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 10:46

    إلى الأ خ الموريطاني،أولا رمضان مبارك لإخواننا الموريتان،المؤرخين في كل العالم يقولون بأن البطل يوسف إبن تاشفين هو من أعاد بناء و توحيد المغرب و أسس دولة ووحد كل القباءل تحت راية الإسلام و آتخد مدينة مراكش عاصمة له وكانت الدولة في عهده تمتد من الأندلس شمالا إلى نهر السينغال جنوبا و من المحيط غربا إلى مناطق التشاد و مالي أما عن أصل المجاهد إبن تاشفين فهو فعلا من الأمازيغ بالجنوب ،أتساءل لماذا آنذثرت الأمازيغية في تلك الربوع؟ف أين نحن من هذا الزمان الجميل؟ و إلى أين نحن ماضون؟و متى سنتوحد لأننا كلنالنا الحق و كلنا ننتسب لهذا المجد البطولي

  • محمد عالي لبكم العيون
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 11:02

    الى 1..من خلال كتابتك لموريطانيا بدل موريتانيا فأنت لست منتميا الى هذه الاخيرة ولا تعي ما تقول.كل المغرب العربي الا وله قواسم مشتركة سواءا كانت تقاليد او لهجة او ثقاعة كذلك الدين الواحد ولو ان لكل خصوصيته وكل المكونات الاجتماعية الموجودة في بلد الا ولها امتداد في البلد الاخر خاصة المغرب و موريتانيا التي اطلق هذا الاسم الإستعماري عليها المستطلع كابولاني بعد ان ابتعثها من مرقدها الروماني واوهمك انت وغيرك بالدولة الوليدة للإستعمار الغربي بدل البلاد الموحدة والقوية بكل المقاييس.وللإشارة علما اني انتمي الى المنطقة و ملم بعض الشيئ بتاريخها وتقالدها….

  • Moha
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 11:25

    لا تنس ان شنقيط _ موريطنيا_ هي ارض مغربية تاريخيا ادن فمملكة مراكش هي الاصل و الكل ينسب للمغرب ; هل درست في التاريخ دولة كانت تسمى موريطنيا!? طبعا لا

  • Marouane
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 11:45

    for the guy who wrote the first comment, just want to let you know that Moroccan do not only have one tradition, we have many sahraoui, riffi, soussi, jebli ….. and so on thats what makes us special , because if we follow what you say than we need to split morocco into many countries , Allahouma Katir Housadana Morocco is rich with its cultures and haters gonna hate

  • مغربية من الداخلة
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 13:16

    تحياتي لكل مغاربة العالم، و رمضان كريم للأمة الإسلامية، أعاده الله علينا باليمن و البركات، و بمغفرة الذنوب و المزيد من الهداية. قوتنا في إتحادنا في المغرب ككل، و حفظنا الله من حسادنا، خاصة جارتنا الشرقية، التي تريد تفتيت هذه الأمة بسبب حقدها و كراهيتها لنا! أما نحن في الداخلة، فلا نعرف سوى هويتنا المغربية، ذاك المغرب الذي لطالما كان السباق في نشر الإسلام على يد علماء يشهد لهم التاريخ.
    غفر الله لي و لكم ما تقدم من ذنوبنا و ما تأخر، و حفظ الله لنا هذا الوطن الذي سكبت من أجله الدماء، و جعل الله ملكنا سدا منيعا في وجه من تخول له نفسه فصلنا عن المملكة الشريفة.

  • يوسف البعمراني
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 14:31

    رمضان مبارك لكل المغاربة والمسلمين عامة نتمنى الحديث عن الأجواء الرمضانية في كلميم باب الصحراء

  • محمد عالي لبكم العيون
    الجمعة 19 يونيو 2015 - 14:36

    …قديما وكما هو معلوم بين طيات الكتب أن امبراطورية رومانية حكمت الشمال الإفريقي تسمى بالإمبراطورية الرومانية الموريتانية القيصرية كذالك الإمبراطوري الرومانية الموريتانية الطنجية فتعني مور باللاتنية الأسمر اما تانيا باليونانية تعني بلاد وكأن المستطلع كابولاني هدفه محو كل ما له علاقة بالثقافة المحلية والعربية الإسلامية.وهذا ما يدفعوني الى أن أتسائل لماذا أبناء هذا البلد حين ضغط عليهم وبتأييد من بورقيبة الرئيس السابق لتونس لكي لا ينضموا للمغرب أن يختاروا اسما له علاقة بالحضارة المحلية الإفريقية والعربية الإسلامية.فلقد ذكر الكثير من الأسماء من بينها بلاد شنقيط.بلاد التكرور.بلاد الملثمين.المثلث البرزخي.البلاد السائبة.بلاد البيظان أو المغافرة حيث اشار لها بعض النسابين من المنطقة بهذا الاسم لأن جل الإمارات الحسانية بداية بإمارة المغافرة وكل الإمارات على سبيل المثال إمارة الترارزة.وإمارة البراكنة.وامارة اولاد امبارك.وامارة اولاد عقبة.وامارة اولاد يحيى بن عثمان جدها مغفر بن وداي بن حسان وكل إمارة مستقلة عن الاخرى الا أنهم كان لهم علاقة ولاء ومساهرة للملوك العلويين وعلى رأسهم ….

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30

احتجاج أساتذة موقوفين

صوت وصورة
جمعية حقوق الإنسان ومدونة الأسرة
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:35 3

جمعية حقوق الإنسان ومدونة الأسرة

صوت وصورة
نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:15

نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"

صوت وصورة
الفهم عن الله | الاحتواء والاحتضان الرباني
الأربعاء 27 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | الاحتواء والاحتضان الرباني

صوت وصورة
نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان في رمضان
الأربعاء 27 مارس 2024 - 17:00

نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان في رمضان

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15 1

البياض يكسو جبال مودج