منسيون يتجرعون مرارة التهميش والمعاناة في "مدينة المواهب"

منسيون يتجرعون مرارة التهميش والمعاناة في "مدينة المواهب"
الأحد 5 نونبر 2017 - 07:00

تتميز مدينة دمنات، أو مدينة المواهب كما يحلو لأبنائها أن يلقبوها، وهي التابعة ترابيا لإقليم أزيلال، بتوفرها على طاقات وكفاءات بشرية قدمت الكثير للرياضة المغربية بصفة عامة والرياضة الدمناتية بصفة خاصة، ورفعت راية المغرب في مناسبات عديدة.

تحقيق البطولات وحصد الميداليات وتسجيل اسم المغرب بين البلدان القوية في منافسات دولية، ورفع اسم مدينة دمنات عاليا في المنافسات الوطنية، لم يشفع لهؤلاء الأبطال عند المسؤولين محليا ووطنيا للاهتمام بهم، خصوصا أن أغلبهم يعيشون وضعية اقتصادية صعبة، ويجدون أنفسهم في كل مرة عرضة للتهميش والإقصاء، والعيش في ظروف اجتماعية قاسية.

أبطال منسيون

دينار عبدالوهاب، أحد الوجوه التي يعرفها الدمناتيون، ولد سنة 1980، متزوج وله ولد، وتحدث إلى هسبريس عن عشقه لألعاب القوى قائلا: “كنت أعشق ألعاب القوى منذ الطفولة، إذ كنت أشارك في الألعاب المدرسية التي كانت تنظم بإعدادية حمان الفطواكي بدمنات آنذاك كلما أتيحت لي الفرصة”.

دينار، الشاب الدمناتي الذي يشتغل كبائع مأكولات خفيفة بالشارع الرئيسي للمدينة قرب “باب إعرابن”، تحدث كثيرا عن مشاركاته الرياضية الوطنية والدولية، والتي كان دائما يحتل فيها المراتب المتقدمة، موردا: “شاركت عدة مرات في المسابقة الدولية لنصف الماراطون بالدار البيضاء، وكنت الرابع في الترتيب النهائي والثاني ضمن المغاربة المشاركين، كما شاركت في نصف الماراطون الدولي بتونس وحللت في المرتبة الثانية”.

وطوال حديثه لم يشأ العداء الدمناتي التحدث عن معاناته، إلا أن إصرارنا على معرفة ما يخفيه “دينار” جعله يستسلم ويبوح لنا ببعض من أسراره التي لا يعرفها إلا المقربون منه، فكانت عبارة “ماكينى معنى” أكثر ما ردده خلال جلوسنا معه بمقهى “اغلال” وسط المدينة..”في كل مرة أشارك لا أجد أي دعم من أي جهة رسمية كانت أو غير رسمية، فكنت أدبر أمور مشاركاتي الرياضية من مالي الخاص، وحتى مشاركتي خارج الوطن بتونس كانت على حسابي”، يورد دينار بكثير من الحسرة.

وأضاف العداء، في حديث مؤثر، أنه أصيب بشلل نصفي سنة 2005 استمر معه لسنة كاملة؛ وطوال هذه المدة لم يكلف أحد من المسؤولين نفسه عناء التنقل إلى منزله للاطمئنان عليه وتقديم الدعم النفسي الذي كان في أمس الحاجة إليه آنذاك، وأشار إلى أنه يعيش ظروفا صعبة جعلته يتراجع عن مشاركاته في المحافل الرياضية، خصوصا أنه أصيب بخيبات أمل مرات عديدة بعدما تقدم بطلب للانضمام إلى المنتخب الوطني دون أن يكثرت إلى طلبه أحد.

وقال العداء في ختام حديثه مع هسبريس: “حلمي الأول والأخير هو أن ألتقي بعامل إقليم أزيلال لأحكي له عن معاناتي”.

أما قصة بطل المغرب هشام شامو فلا تختلف كثيرا عن ابن مدينته “دينار”، فقد عبر لهسبريس عن تذمره من “سياسة اللامبالاة التي ينهجها القائمون على الشأن الرياضي محليا ووطنيا”، وأضاف متسائلا: “أيعقل أن تشارك في بطولات وطنية وعند فوزك بالرتبة الأولى لا يتم تعويضك حتى عن مصاريف الليالي الثلاث التي قضيتها على نفقتك بالمكان الذي تنظم فيها المنافسة”.

واستطرد هشام: “حققت لقب بطل المغرب مرتين في رياضة “POINT FIGHT”، آخرهما كان في الشهر المنصرم خلال البطولة التي نظمتها الجامعة الملكية المغربية لرياضات الكيك بوكسينغ التي أقيمت بفاس أيام 27،28و29 من الشهر المنصرم. وفي الأخير أحصل على ميدالية لا تساوي شيئا وحزام وشهادة، ثم أعود إلى دمنات لأبحث عن عمل لتعويض ما خسرته خلال إقامتي بالمدينة التي احتضنت المنافسة”.

وزاد هشام: “لولا حبي لهذه المدينة التي أفتخر بالانتماء إليها وضميري الذي يحتم علي رفع اسمها عاليا في مثل هذه المحافل ما شاركت في أي منافسة أخرى”.

هشام، المزداد سنة 1986، تحدث عن أبطال دمناتيين كثر، وقال إن عددهم يصل إلى 28 بطلا، منهم من غادر إلى بلدان عربية ليعمل كمدرب بعد أن أغلقت الأبواب في وجهه في بلده المغرب، ومنهم من انسحب من المنافسات بحثا عن “لقمة العيش”، ومنهم من يستعد للمغادرة، مطالبا المسؤولين بالالتفات إلى هؤلاء الأبطال قبل فوات الأوان.

اعتراف بالتقصير واستعداد للاحتضان

صلاح أيت علي، المدير الإقليمي لوزارة الشباب والرياضة بأزيلال، أكد في تصريح لهسبريس اهتمامه بكل مواهب الإقليم في المجال الرياضي، وقال إن المديرية تنجز تقارير حول هؤلاء الأبطال وتقوم بإرسالها إلى الجهات المختصة قصد احتضانهم والاستفادة من تجاربهم، مضيفا أنها تعمل على تقديم الدعم المعنوي لهذه المواهب الكثيرة، وخصوصا بدمنات، من خلال رسائل تهنئة عند نهاية كل بطولة.

وعن مسألة الدعم المادي الذي يمكن أن تقدمه المديرية لهذه الفئة أوضح المتحدث أنها لا تقدم دعما ماديا لأي جمعية، وأن الوزارة الوصية على القطاع تقدم دعما مباشرا للجامعات الملكية التي تعمل بدورها على توزيعه على الجمعيات المنضوية تحت لوائها.

وعبر المسؤول الإقليمي ذاته عن استعداد مديريته لاستقبال هؤلاء الأبطال والعمل على إيجاد صيغ ملائمة لتشجيعهم بما يليق ومكانتهم على المستوى الوطني.

من جانبه أكد نورالدين السبع، نائب رئيس جماعة دمنات، في تصريح لهسبريس، أن دمنات مليئة بالمواهب الرياضية، إلا أن الدعم المقدم للجمعيات الرياضية التي تمارس بها هذه المواهب هزيل جدا، ولا يتجاوز 80000 درهم، مطالبا السلطات الإقليمية بالرفع من قيمة هذا الدعم الذي سيعود بالنفع على القطاع الرياضي بالمدينة، على حد تعبيره.

وأشار المتحدث في التصريح ذاته إلى أن هذا الدعم رغم هزالته لا يمكن تقديمه لمن وصفها بـ”الجمعيات التجارية” التي تشترط على منخرطيها مقابلا ماديا للاستفادة من خدماتها، وزاد: “كما أن الجماعة لا يمكنها أن تقدم دعما للأشخاص الذين لا ينضوون تحت لواء جمعية من الجمعيات”، مبديا استعداد الجماعة لاحتضان هؤلاء الأبطال في حدود الإمكانات المتاحة.

‫تعليقات الزوار

15
  • المختاري
    الأحد 5 نونبر 2017 - 07:37

    نصيحة يبعدو من الرياضة ويتجه الى الغناء والعيطة والرقص..فالوزارة الوصية حتما ستحتضنهم
    آلاف المواهب تضيع في هده البلاد بسبب الفقر والتهميش.

  • الجميع مهمش
    الأحد 5 نونبر 2017 - 07:55

    فيما عدى بعض الاعيان ودوي النفود واحيائهم الراقية فكل شئ مهمش في بلدنا وليس هناك ما يؤشر على تغيير لا في المنظور القريب ولا في المنظور البعيد. والتغيير لا يطال سوى الجمل والوعود الفارغة و بهكدا ظل المغاربة ينتظرون وكم هم سدج. فمند الازل ونحن نسمع ان بلدنا في طريق النمو وفي طريق الازدهار وفي طريق الرقي ووو حتى اصبح علينا الحال وسدت في وجوهنا كل الطرق وادركنا كم كنا اغبياء لثقتنا بخطابات المماطلة والتي ما حققت لنا الا ما وصلنا له اليوم من تهميش.

  • بلد الضياع
    الأحد 5 نونبر 2017 - 07:59

    الدولة منشغلة بجمع الضرائب والاموال وكل دلك على حساب الطبقة المنكسرة .ونسيت ان لها واجبات لم تقم بها واستغلت السلطة واخدت تجبر المواطنين على الانحناء والركوع ودفع الجزية .انه عصر التحكم والعبودية بامتياز وانا في الرباط وعلى راس كل شارع حيث يجتمع الشباب مابين الاربعينات والخمسينات على المقاهي والميسر عاطلين بائسين بلا عمل بلا مدخول والدولة لاتقوم بتعويض العاطلين ماديا يجبر هؤلاء على الوالدين .يخيم البؤس الشديد عليهم ليس لهم منجى ولاملجاء الا الله يعانون الويلات ويكابدون الزمن القتل بهدوء الفقر والتهميش وغلاء المعيشة وهم مجبرون على الالتصاق بوالدبهم صحة رديئة وتعليم بائس وسلطة متجبرة لم يبق لهم سوى الانين في سمط .في مدينة الرباط حيث ااجهل وتردي الاوضاع الانسانية يعيشون الضياع بكل المعاني في بلد الضياع

  • هاعلاش
    الأحد 5 نونبر 2017 - 08:15

    البطل اﻷوروبي يتميز في المضمار لكنه يعلم أنه تميز مؤقت لذلك فهو لا يهمل الجانب التعليمي حتي يظمن عيشا كريما أما البطل اﻹفريقي فمع اﻹنتصار اﻷول يعتقد أن أبواب السماء فتحت إلى اﻷبد
    لذلك يحث المدرس الطلبة على التحصيل مهما كانت مواهبهم و إمكانياتهم أو الوسط الذي يعيشون فيه

  • يحيى
    الأحد 5 نونبر 2017 - 08:16

    تحية خالصة لكل الدمانتة
    وتحية اخص لصديقي عمر
    اناس طيبون

  • Mellali
    الأحد 5 نونبر 2017 - 09:23

    مضيفا أنها تعمل على تقديم الدعم المعنوي لهذه المواهب الكثيرة، وخصوصا بدمنات، من خلال رسائل تهنئة عند نهاية كل بطولة. شكرا شكرا، الابطال رسائل تهنئة وأصحاب الكروش رسائل مليءة بالاوراق النقدية

  • أغاديري من المانيا
    الأحد 5 نونبر 2017 - 09:59

    هذه أمور عادية جدااا لأنكم في المغرب. ..
    وأمثالكم كثير في جميع الرياضات. …

  • خنيفري
    الأحد 5 نونبر 2017 - 10:05

    نعم مدينة المواهب ولكن أصبحت في الآونة الأخيرة ينتشر الإجرام أصبح البعض من شبابها مدمن على الخمر والمخدرات يتسكعون في الشوارع ويقولون كلاما فاحشا زد على ذلك في بعض الأحياء السكنية يغيب الأمن حيث ينتشر هؤلاء ……

  • مغترب
    الأحد 5 نونبر 2017 - 10:30

    و اين المعلقين
    في المواضيع التافهة
    هذا هو مغربنا الهزيل ويقولون عاش الملك
    واين هو من الطاقات الجريءة

  • مهاجر
    الأحد 5 نونبر 2017 - 10:31

    نصيحة مني كرياضي ، اذهبوا واجدوا لأنفسكم عملا ولا تعونوا على احد لا الدولة ولا اي شخص او شخصية وازنة، فالدولة ومنذ مدة وهي تضحك على الشباب عبر ممارسة الرياضة وتدعيهم على ان فيها مستقبل زاهر، خرافة القرن، في حين لا يصل الى منصة التتويح الا القليل ، الثلاثة الاوائل في العالم، سالينا. اللهم يسر.

  • الحـاج عبد الله
    الأحد 5 نونبر 2017 - 12:50

    في أوروبا كل شيئ مؤدى عنه
    إذا أردت أن يمارس ابنك العدو الريفي عليك أن تجد نادي وتؤدي له أفساط شهرية لكي تتعلم
    إذا أردت أن يصبح أبنك لاعب كرة قدم عليك أن تجد نادي وتؤدي له كل شهر لكي يعلمه
    وإذا أردت أن يصبح بطل في الكراطي عليك أن تجد نادي وتؤدي له شهريا لكي يتعلم
    وإذا أردت أن تصبح موسيقار عليك أن تجد مدرسة موسيقى وتؤدي لها لكي يصبح ابنك موسيقار
    وإذا أردت أن يكون ابنك بطل في الشطرنج عليك أن تدخله إلى نادي وتؤدي عليه أقساط شهرية
    … الخ
    وخلال التعليم والتدريبات تقام مسابقات محلية لاختبار مؤهلات المنخرطين في الأندية المحلية وتكون المسابقات على حساب الآباء هم من يتجبر النقل والمبيت وكل شيئ
    وإذا فاز فيها يشارك في المسابقات الجهوية التي تكون هي أيضا على نفقة الآباء كما يحث في بعض الأحيان أن يساهم التجار وأرباب الشركات المحليين في دعم الأندية وإذا اجتاز ابنك المسابقات الجهوية ومر إلى الوطنية فإنك أيضا تتحمل المصاريف وقد تدعمك البلدية بالنصف في بعض الأحيان

  • صراحة
    الأحد 5 نونبر 2017 - 13:08

    لا تلومون الأبطال المغاربة الذين يطلبون جنسيات أخرى كقطر وإسبانيا للعب تحت رأيتهم وتحسين وضعهم المادية والمعنوية.

  • الحـاج عبد الله
    الأحد 5 نونبر 2017 - 13:14

    2
    شخصيا عندي بنت سجلتها في نادي الشطرنج مند أن كان عمرها 4 سنوات وشاركت في المسابقات الجهوية وتدرجت إلى أن تأهلت إلى البطولة الفرنسية (فردي) وشاركت فيها مرتين وحازت في المرة الأولى على ترتيب 52 ثم في المرة الثانية على المرتبة 8 وكنت أنا شخصيا من يتكلف بمصاريف النقل والمبيت والأكل و…قد اتصلت عدة مرات بمصلحة الرياضة في البلدية وطلبت منهم أن يتبنوا رياضيا ابنتي على الأقل لكي يوفروا علي عناء السفر كل مرة ولمدة قد تتجاوز 4 أيام، لأنها تشارك في مسابقات الشطرنج باسم المدينة وليس باسم عائلتنا، إلا أنهم لم يستجيبوا لأي طلب، كما لو أنهم لا يريدون دعم اسم عربي وخاصة في مجال الشطرنج !
    وحينما بلغت ابنتي 13 سنة وكثرت السفريات في كل موسم اضطررت لتوقيفها نهائيا لانعدام الوقت. وقد كتبت عليها العديد من المقالات كما لديها استجواب مع القناة الثالثة الجهوية ونشرت صورها في الكثير من الجرائد. حيث بلغت مستويات لا بأس بها في الشطرنج.
    هذا فقط لكي أقول لكم بان على الرياضي أن يعتبر نفسه كمقاول ذاتي إذا كان واثق من مؤهلاته وعليه أن يستثمر من ماله في البداية لكي يجني ثمار جهده مستقبلا وان لا يعول على دعم أين كان

  • نجاح ورزازات
    الأحد 5 نونبر 2017 - 13:58

    دمنات. الشمعة التي تحترق لتنير الطريق للرياضة و الحرية و الاخلاق. تحية خالصة للمنصوري المدرب. لك حبي يا دمنات الصامدة.

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 21

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات