تجاوز "أزمة العطش" يعزز مطالب بناء سدود في حوض المعيدر

تجاوز "أزمة العطش" يعزز مطالب بناء سدود في حوض المعيدر
الجمعة 24 غشت 2018 - 13:00

يعد حوض المعيدر، الذي يشمل جزءا من أراضي إقليم تنغير (جماعة احصيا وجزء من جماعة النيف) وأراضي إقليم زاكورة (جماعات آيت ولال والنقوب وتزارين وأيت بوداود وتغبالت)، من المناطق التي بدأت تعاني من بوادر ظهور أزمة الماء.

وتبرز هذه البوادر من خلال النقص الحاصل في الموارد المائية، وتقلص وانخفاض معدل التساقطات المطرية في السنة، مع تسجيل غياب سدود كبرى بالمنطقة التي بإمكانها أن تسهم في إنعاش الفرشة المائية وتخزين مياه الأودية.

لحسن رابح، باحث متخصص في قطاعي الماء والبيئة، أوضح أن مشكلة ندرة الماء بحوض المعيدر خصوصا وبمناطق الجنوب الشرقي للمغرب عموما حقيقة معاشة بدأت في التفاقم، مضيفا “هي أزمة معقدة ومتعددة الأسباب” مستبعدا “أن يكون الجفاف وتذبذب التساقط السبب الوحيد في المشكل”.

واستدرك “أن سوء استغلال الإمكانات المائية المتوفرة من الأسباب القوية لهذه المشكلة التي بدأت تتفاقم من خلال عدم التوازن بين الموارد المائية والاحتياجات المحلية من هذه المادة الحيوية الأساسية، للتنمية المستدامة والمندمجة”، وفق تعبيره.

الحل لتجاوز الأزمة

بالرغم من بعض المنجزات التي تم نزيلها على أرض الواقع في قطاع الماء بحوض المعيدر، لا يزال هذا القطاع يواجه عدة إكراهات، خصوصا تلك المتمثلة أساسا في انخفاض الواردات المائية وتفاقم حدة الظواهر القصوى نتيجة التغيرات المناخية في مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية وضعف تثمين المياه المعبأة.

ومن أجل تجاوز هذه الأزمة على المدى المتوسط والبعيد، يرى حساين أوحساين، فاعل جمعوي بحوض المعيدر، أنه من الضروري بناء سدود كبرى وصغرى على طول الأودية التي تعرف حمولة قياسية أثناء تهاطل الأمطار، مشيرا إلى أنه بدون سدود كبرى وسدود تحويلية وبناء حواجز مائية لا يمكن حل المشكل ويمكن أن يتفاقم مستقبلا.

ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن مجهودات الدولة في ما يخص قطاع الماء على مستوى حوض المعيدر تبقى محدودة وضعيفة، بالرغم من أن ساكنة هذا الحوض والتي تتعدى 150 ألف نسمة، هي الأكثر تضررا من هذه الأزمة خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن “مياه الأودية والشعاب تضيع في صحاري ما بين المغرب والجزائر، ولا يستفيد منها المغرب شيئا إلا الفيضانات والانجرافات”، يقول المتحدث.

من جهته، لم يخفِ مسؤول بالجماعة الترابية لتزارين، غير راغب في الكشف عن هويته للعموم، عن أن مناطق حوض المعيدر غير معنية بالمخطط الوطني للماء، موضحا أن ذلك يتجلى في كون الجهات المسؤولة على قطاع الماء لا تعير أي اهتمام لهذه المناطق التي تضررت فرشتها المائية دون التدخل لبناء سدود كبرى تقي المنطقة شر الجفاف، موضحا أن بناء ثلاثة سدود تحويلية بتغبالت والنقوب وآيت ولال لا يمكن حل الأزمة ولا يمكن اعتبارها الحل، وفق تعبيره.

وزاد المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “التغيرات المناخية أسهمت في أزمة الماء بالمنطقة؛ لكن العامل البشري أسهم أكثر من ما هو طبيعي”، مبرزا “على الدولة أن تبحث عن حلول لهذه الأزمة عبر بناء سدود ومنع زراعات دخيلة، خصوصا تلك التي تصنف في خانة الأكثر استهلاكا للمياه”، وفق تعبيره.

70 ملم معدل التساقطات المطرية

وحسب معطيات رسمية حصلت عليها هسبريس من وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، فإن معدل التساقطات المطرية بحوض المعيدر لا تتعدى 70 ميليمترا في السنة؛ وهو معدل وصفته الوكالة ذاتها بالضعيف جدا، مقارنة مع مناطق أخرى بالمغرب.

وانطلاقا من هذا المعدل السنوي، شدد ميلود اوتمغرات، فلاح بمنطقة اوجيال ضواحي تزارين، على أن الدولة يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار هذا الرقم والبحث عن حلول آنية وعاجلة لإنقاذ المنطقة من شبح العطش، مبرزا أن ملايين أمتار مكعبة من المياه تضيع كل مرة في الأودية والشعاب وأمام أنظار المسؤولين.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح مقتضب لهسبريس، أنه بالإضافة إلى ضرورة بناء سدود كبرى وتحويلية في مناطق مختلفة من حوض المعيدر يجب أيضا على الجهات المكلفة بقطاع الماء البحث عن أسباب استنزاف الفرشة المائية والتصدي لها، موردا: “أنا فلاح، ورغم ذلك على الدولة أن تتدخل لمنع أي زراعة أو نشاط فلاحي كان سببا في استنزاف الفرشة المائية خصوصا البطيخ”، يضيف المتحدث ذاته.

هل تعرضت المنطقة للتهميش؟

يرى لحسن رابح، باحث متخصص في قطاعي الماء والبيئة، أن المنطقة تعاني التهميش على جميع المستويات، موضحا أن بالنسبة إلى قطاع الماء لم تتمكن مناطق حوض المعيدر من الاستفادة من أي مشاريع كبرى والمتمثلة في السدود التي يمكن أن تسهم في إنعاش الفرشة المائية وحماية أراض فلاحية من الانجراف وحماية السكان من الفيضانات، مشددا على أن الوقت حان لإعطاء هذه المناطق نصيبها من المشاريع.

وشدد رابح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أنه لو بنيت سدود كبرى أو تحويلية على مجموعة من الأودية لكانت إشكالية الماء التي تعاني منه المنطقة عرفت طريقها إلى الحل، موضحا أن واد تزارين وحده يمكن أن يسهم في حل أزمة الماء بجميع جماعات حوض المعيدر، بالإضافة إلى واد غارت وواد اكفران وواد أم الرمان وتمارغين، مستدركا “أن إرادة الإصلاح هي ما تنقص مسؤولي بعض القطاعات الحيوية بالبلاد”، وفق تعبيره.

وذكر المتحدث ذاته أن وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس عليها تنفيذ توجيهات الملك محمد السادس، مبرزا أن الوكالة ما عليها إلا إعداد دراسات حول المواقع التي يمكن أن تحتضن السدود بحوض المعيدر، وفق تعبيره.

وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس

مسؤول بوكالة الحوض المائي لكير زيز غريس أوضح أن “جهة درعة تافيلالت استفادت، في السنوات الثلاث الأخيرة، من نصيبها من الميزانية الخاصة ببناء السدود على الصعيد الوطني، سواء الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى”.

وشدد المسؤول ذاته، في اتصال هاتفي بهسبريس، على أن الجهة تتوفر على مجموعة من السدود الكبرى، مضيفا أن ثلاثة سدود أخرى كبرى انطلقت بها الأشغال منذ مدة، وآخر قيد الدراسة، وموضحا أن الأشغال في تقدم، خصوصا بسد واد كير قندوسة، وحقينته تبلغ 220 مليون متر مكعب، وسد تودغى بحقينة 34 مليون متر مكعب، وأيضا سد واد أكدز بزاكورة.

ولفت المتحدث إلى أن وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس والوزارة الوصية على قطاع الماء قامتا بإنجاز مخطط مديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية على مستوى حوضي المعيدر وغريس، مبرزا أن هذا المخطط في طور التحيين من قبل مصالح الوكالة ومصالح الوزارة الوصية، بتشاور مع جميع المتدخلين، من أجل تشخيص وضعية الماء واقتراح مجموعة من مواقع السدود لتلبية الطلب على الماء على مستوى الأحواض سالفة الذكر.

وزاد المتحدث أنه ومن أجل إعطاء دفعة قوية للسياسة المائية ببلادنا ولتعزيز المكتسبات ورفع التحديات المرتبطة بقطاع الماء تم إعداد المخطط الوطني للماء من قبل الوزارة المكلفة بالماء بتشاور تام مع مختلف الفاعلين في قطاع الماء، في إطار اللجنة الدائمة للمجلس الأعلى للماء والمناخ.

وأضاف المسؤول ذاته أن هذا المخطط يشكل امتدادا للأهداف والتوجهات والإجراءات المتخذة في إطار الإستراتيجية الوطنية للماء، التي تمت صياغتها على ضوء نتائج وخلاصات المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية لمختلف الأحواض المائية بالمملكة.

‫تعليقات الزوار

10
  • citoyen maghribi
    السبت 25 غشت 2018 - 13:12

    les responsables sont irresponsables, ça fait des années que le problème de la sécheresse s’aggrave dans ces régions,les solutions existent mais la volonté n'y'est pas. Il faut virer les résponsables incompétents dans tout le pays

  • مواطن
    السبت 25 غشت 2018 - 13:15

    زراعة البطيخ كان لها دور كبير في استنزاف الفرشة المائية .
    سنوات الجفاف و كذلك الاستهلاك الفرط للمياه كن طرف الساكنة .
    غياب السدود و البنية التحتية المتعلقة بالمياه الصالحة للشرب.

  • ابن زعير
    السبت 25 غشت 2018 - 13:18

    عوض ان تصرفوا الاموال على تجنيد الشباب وتعطيل مستقبله بدون اي سبب لان حجة الدفاع عن الوطن وان المغرب مستهدف كونوا على يقين ان 90 بالمىة من الشعب لن تصدق مبرركم هذا ولاداعي لذكر الاسباب الحقيقية للتجنيد.كان عليكم ان تستثمروا هذه الاموال في البنيات التحتية (السدود والطرق والمستشفيات …) وتوظيف بعض الاطباء والاساتذة ورجال الامن لان نجاح الفرد يتطلب بناءه نفسيا وبدنيا واكاديميا ثم الشعور بالامن والامان اما التجنيد فلا حاجة لنا به فالتكناث مملوءة بدون اي فاىدة كما في باقي دول العالم التالث.اتقوا الله في هذا الشعب واتركوه لقدره فخالقه ادرى به وكفانا استحمارا للعقول.

  • زاكوري
    السبت 25 غشت 2018 - 13:32

    زاكورة بلاد عريقة على واد درعة جفافها سببه سد المدينة الجديدة وارزازات

  • Wislani
    السبت 25 غشت 2018 - 13:49

    سياسة السدود التي تبناها المغرب في عهد المغفور له *الحسن الثاني رحمه الله*كانت ناجحة بكل المقاييس ويلزم التمسك بهذه السياسة حاليا …وحفر الآبار بكثرة في المناطق العطشى ..فالبحث عن الذهب الأبيض هو الرهان .مستقبلا ..

  • السلاوي
    السبت 25 غشت 2018 - 14:07

    لو قامت الحكومة ومنذ سنوات بانشاء محطات لتحلية مياه البحر لكنا الان في غنى عن الكلام وعن مناقشة هذا الموضوع الذي اصبح يهدد عدة مناطق بالمغرب وحتى السدود لن تحل المشكل في المستقبل القريب لان المغرب وكما اشارت عدة منظمات عالمية مهدد العطش وبدل الملايير التي نخسرها كل سنة ببناء وتشييد كثرة المساجد حتى ان مدننا واحياءنا غرقت من كثرة المساجد . كان احرى بالحكومة ان تفكر في ما هو انجع الا وهو بناء مدارس وليس اصطبلات لتدريس ابناء المغاربة وايضا مستشفيات مجهزة بالكامل مع اقتناء سيارات كثيرة للاسعاف واخيرا وهذا مهم التفكير بالاسراع في تحلية مياه البحر لتفادي كوارث مستقبلية

  • مولاة لحريرة
    السبت 25 غشت 2018 - 15:15

    هاحنا بنينا السدود وصرفنا عليهم فلوس الشعب. الما باش تعمر هاد السدود منين نجيبوه؟

  • محمد تنجداد
    السبت 25 غشت 2018 - 17:19

    الى رقم 7 كول الحريرة
    نعمروه بالحريرة اللي تتصاوب.

    الأمطار قليلة فعلا ولكنها تتساقط بين الفينة والآخرى والوديان تحمل على الأقل مرة في كل سنة. وهدا العام حملت من مرة دون الاستفادة منها.

  • خباشي حر
    السبت 25 غشت 2018 - 20:45

    الحل هو بناء سد على تقات نواد غريس و التي ستستفيد منه 6 جماعات وهي جماعة سيدي علي،الطاووس،الريصاني،السفالات،بني محمد سجلماسة وكذا الجماعة الحضرية مولاي علي الشريف.بعد مجموعة من المرسلات من مجلس الجماعي لسيدي علي فإن وكالة حوض المائي غريس كير وعدت بقيام بدراسة لهذا لسد في سنة 2019
    الحل بناء سدود تلية صغرى و كبرى من أجل إحياء المنطقة من جديد

  • يوسفادريس
    السبت 25 غشت 2018 - 22:50

    مسؤولو الوكالة المعنية لا يعترفون او لا يعرفون حوض لمعيدر ويعملون دوما على تهميش المنطقة و عدم اعتبار لمطالب الساكنة منذ زمان .
    حوض لمعيدر المتواجد بين اقليمي زاكورة و تنغير لا تربطه اي علاقة بالسدود التي ذكرها المسؤول اعلاه والمبرمجة بالجهة…
    و منذ ان سن المغفور له الملك الحسن الثاني سياسة تشييد السدود بكافة ربوع المملكة كحل اشكاليات المياه. .. منذ ذلك العهد وساكنة هذا الحوض تطالب فقط بانشاء سدود تلية او المتوسطة و ليس السدود الكبرى…..
    يمكن الرجوع في هذا الشأن الى ارشيف ملتمسات الجماعات الترابية.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة