درّاجات تحوّل دوارا منسيا بمراكش إلى وجهة عالمية للمغامرة

درّاجات تحوّل دوارا منسيا بمراكش إلى وجهة عالمية للمغامرة
الأحد 30 شتنبر 2018 - 17:00

لا بد أن أغلب المغاربة زاروا مدينة مراكش الساحرة عدة مرات، ولا بد أن كل من زارها يحج إلى ساحة جامع الفنا والمنارة وحديقة ماجوريل وفضاءات كثيرة ذائعة الصيت عالميا؛ لكن قلة قليلة من زوار مدينة سبعة رجال، بل حتى من سكانها، تعلم أن فضاء مميزا يوجد بمدخلها، ويمنحك فرصة ممارسة واحدة من أمتع الرياضات، وهي رياضة دراجات ”الكواد”، داخل ”دوار”، نعم دوار.

دوار ”الكواد”

هنا دوار ”أولاد مسعود”، الدوار المحاذي للدوار الأكثر شهرة بمدخل مراكش، دوار بن رحمون. المساحات الشاسعة الشاغرة أهم ما يميز المكان، وبمجرد أن تتوغل بين مساكن مشيدة بطريقة تقليدية حتى تشد انتباهك أعداد الدراجات من طراز ”الكواد”، مصطفة في هذه الجهة وتلك، بألوان مختلفة وأحجام متقاربة.

وإذا كنت من الأشخاص الذين يسكنهم الفضول وحب الاستطلاع، فسيقفز إلى ذهنك سؤال ملح، بمجرد وصولك، حول كيف تحوّل هذا الدوار المنسي، على الرغم من قربه من المدينة الحمراء، إلى وجهة لعشاق مغامرة من نوع خاص من مختلف أرجاء العالم؟

إن حيوية الشباب المشرفين على تنظيم الرحلات وأسلوبهم المرن في التعامل مع الزبناء والابتسامات التي لا تفارقهم كلها أمور ستكشف لك، في الحين، أن دوار أولاد مسعود صار ”دوار الكواد” بامتياز بفضلهم.

يقول عبد الرحيم، أحد أبناء دوار أولاد مسعود، في حديثه لجريدة هسبريس: ”لم يكن هذا الدوار، المهمش والمنسي على ضفاف وادي تانسيفت بمراكش، سيعرف ويتردد اسمه بهذا الشكل لولا نشاط الكواد الذي جعله قبلة للسياح، وصرنا نحن أبناؤه نكسب قوتنا من الاشتغال فيه”.

ويضيف ابن دوار أولاد مسعود مبتسما: ”الدوار اليوم سميتو دوار الكواد، أما أولاد مسعود غير فالوراق”.

“كراجات” الكواد.. من هنا تبدأ الرحلة

على الرغم من أن هذه الكراجات متباعدة، ولم تشيد بتصميم موحد، فإنها مخصصة جميعها لركن عشرات دراجات “الكواد”، ويشرف عليها مجموعة من شباب المنطقة الذين خبروا، منذ حداثة سنهم، قيادة وصيانة هذا النوع من الدراجات النارية.

كراجات أولاد مسعود تبدو من الخارج وكأنها مرائب عادية لركن الدراجات أو السيارات، لكن بمجرد إلقاء نظرة عليها من الداخل يتبين بشكل جلي أنها فضاءات هيئت بعناية بالغة، حيث تضم كل صغيرة وكبيرة مرتبطة بالكواد.

ومن أمام الكراجات، تبدأ المغامرة، حيث يطلب ”القائد” من مجموعة الزبناء التجمع حوله للاستماع للتوجيهات والشروحات التي يقدمها باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، وحين إتمام كلامه يمضي مساعدوه في وضع الخوذ على رأس كل زبون، ويتأكدون من أن وضعية جلوسه صحيحة، وهم يرددون كلمات مطمئنة مضمونها أن الرحلة ستكون ممتعة وآمنة.

أسعار متفاوتة وخيارات متعددة

تتفاوت أسعار الرحلة بدراجة ”الكواد” بهذه الوجهة بين كراج وآخر، كما أن أصحاب هذه المشاريع يتيحون خيارات متعددة أمام الزبناء.

محمد، صاحب أحد المشاريع بالمنطقة، كشف، في تصريح لهسبريس، أن سعر رحلة الكواد للشخص الواحد يتراوح بين 400 درهم وأكثر؛ فيما يمكن لشخصين يرغبان في تقاسم دراجة واحدة أن يستفيدا من سعر أقل.

وأبرز المتحدث ذاته أن تحديد السعر تحكمه مجموعة من الاعتبارات. كما أن الرغبة في جذب مزيد من الزبناء وتطوير المشروع تدفع المسيّرين، في غالب الأحيان، إلى تخفيض الثمن نوعا ما.

مغامرة واستراحة

بعد الاستماع للشروحات وأداء كل زبون للمبلغ المتفق عليه، يعطي ”القائد”، وهو واحد من شباب المنطقة الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة أو تزيد عنها بقليل، إشارة الانطلاقة وتبدأ المغامرة.

يقود كل شخص دراجته، متتبعا المسار الذي حدده القائد. ولأن الانطلاقة تتخللها في الغالب صعوبات لدى البعض في السياقة، خصوصا من يمارس ”الكواد” لأول مرة؛ فإن التوقف لفترة يكون ضرورة، ثم تستأنف الرحلة بعد إشارة جديدة.

وطوال ساعة من الزمن، تجوب المجموعة جنبات الدوار، متتبعة المسار الذي يحدده القائد، وبين قيادة بسرعة عالية خلال المرور من مساحات مستوية، وفرملة حين الوصول إلى منحدرات ولو صغيرة، تتواصل المغامرة.

ولأن زبناء ”كواد أولاد مسعود” صاروا خليطا من الجنسيات، فإن صيحات بلغات مختلفة تسمع على طول المسار، معلنة الاستمتاع بالرحلة تارة، وكاشفة عن ارتباك تارة أخرى.

وبعد أن يكون التعب قد تسلل إلى الأجساد، يرفع ”القائد” يده عاليا، في إشارة إلى المجموعة بتخفيض السرعة، ويقول بصوت يسمع صداه في الأرجاء، ”سنتوقف هنا'”.

التوقف سببه، في هذه المرحلة، استراحة شاي ستقدم للمجموعة، داخل بيت تقليدي متعدد الغرف، لاستعادة الأنفاس.

خلال فترة الاستراحة التي أخبرنا ”القائد” بأنها لم تكن مبرمجة في السابق وجاء اقتراحها إثر تعبير عدد من الزبناء عن أن القيادة لساعتين متواصلتين أمر ينهكهم، تسمع كلمات من مختلف اللغات، وتشاهد حالة من الانسجام والود بين كل المشاركين في الرحلة، وهم يشربون الشاي أو المشروبات الغازية أو الماء، ويتذوقون بعض قطع الخبز والعسل.

وأكثر ما يجعل الموجودين بـ”منزل الاستراحة” مرحين ويطلقون ضحكات متتالية النظر إلى شكلهم، بعد السياقة لمدة ساعة في الخلاء، حيث تصبح ملابسهم وشعرهم ووجوههم مغطاة بالتراب.

رحلة العودة

تنطلق المجموعة، والتي تضم غالبا بين 8 أشخاص و20 شخصا، في رحلة العودة، بعد فترة استراحة لا تتجاوز ربع ساعة.

وحيث أن مشاكل القيادة تكون قد قلت، فإن العودة تستغرق وقتا زمنيا أقصر، ويرتفع منسوب المتعة، وحين يطلب ”القائد”، هذه المرة، التوقف فيكون من أجل التقاط صور بين النخيل وإعلان نجاح الرحلة.

فكرة مبتكرة ومشروع ناجح

لا يطالب أبناء “دوار الكواد” المنتخبين والمسؤولين بشيء، فقد استطاعوا خلق فرص شغل لأنفسهم ولأشخاص آخرين من فكرة مبتكرة، وصاروا يسهمون في الاقتصاد الوطني عبر تقديم خدمة ترفيهية يقبل عليها السياح ويتوقون إلى تجربتها أكثر من مرة.

محمد أبرز، في تصريحه للجريدة، أن دوار أولاد مسعود يضم حاليا أزيد من 100 دراجة من طراز ”الكواد”، إضافة إلى دراجات وسيارات أخرى للمغامرات، ويستقبل يوميا عشرات المجموعات التي تضم مواطنين من مختلف ربوع العالم، خصوصا في فترة الصيف، مشيرا إلى أن هذا النشاط حرك المنطقة بشكل لم يكن أحد يتوقعه.

وأضاف المتحدث أن أهم ما يؤرق أصحاب مشاريع ”الكواد” بأولاد مسعود، حاليا، هو الحالة المهترئة للطرق المؤدية إلى هذا الأخير، مسجلا أنه في حال إصلاحها ستصير الأمور أفضل.

‫تعليقات الزوار

8
  • احمد المليانيد
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 17:39

    غدا ستنزل عليكم السلطات بالضراءب،كان عليكم ان تستمروا في هذه المبادرة دون علم احد.

  • ولد حميدو
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 17:46

    المنطقة لا تحتاج لاشهار فعدة مدونين اجانب بثوا فيديوهات عنها و حتى مشاهير
    كاين ما يدار ليس مثل سائق طاكسي اعرفه عندما يدخل عشرين درهما في نقلتين يجلس في مقهى يحتسي كأس قهوة و يدخن عدة سجائر و تتكرر أكثر من مرتين و في الأخير يشتكي بكون الحركة ناعسة

  • ouazzani
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 17:46

    آن الأوان لكي يستعدوا ساكنة الحي لعملية الهدم المباغث ما دام دوارهم وصل إلى دائرة الإعلام أفضل نسيانه على سماع يوم ما أن ساكنته تبكي لعرائها

  • Wislani
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 17:52

    دراجات *تريبورتور*بوسلان سائقوها همهم الوحيد السرعة ..وربما السرعة القاتلة ..يجب التفكير في تنظيم حلقات تكوينية لفائدة هؤلاء السائقين القتلة ..

  • المغربي الحر
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 18:00

    المغرب جنة الله في ارضه هكذا يشهد كل من زار هذا البلد الجميل لكن للاسف الشديد يبقى السؤال المطروح هل هناك مسؤولون لديهم غيرة على هذا الوطن ام ان لوبي الفساد يعمد الى تهجير المواطنين عنوة لينفرد بالغنيمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟!

  • Hassan Sima
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 18:01

    أنا قمت بزيارة دوار ولاد مسعود بغية إنجاز تصميم هـندسي وأثار إنتباهـي گواد لگن أعتقد أن من يستفيد هـو صاحب المشروع وبعض أبناء المنطقة يجب مساعدة الساگنة إنهـا حقا تعاني وغالبية الزوار فهـم أجانب يأتي بهـم ساءق سيارة توريزم ويأخذ مستحقاته عن گل شخص

  • jilala
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 20:12

    يجب أن تعمم هاته الفكرة على مجموع التراب الوطني وأن لا تبقى حكرا على مراكش فقط.

  • رضوان الله
    الإثنين 1 أكتوبر 2018 - 08:58

    400 د يعني تقريبا 40 اورو بالنسبة للسائح الاوروبي ثمن غال في اوربا نفسها لا تجد هذه الأثمنة.. السائح لن يعود مرة ثانية. هذه الأثمنة المرتفعة لا تعرفها كراء الدراجات النارية فقط فحتى مثلا المسبح أعلى من الدول الغربية و أقل جودة… الدولة لا تراقب لا تفعل أي شيء …

صوت وصورة
فوز الجيش الملكي على الوداد
السبت 13 أبريل 2024 - 22:57 1

فوز الجيش الملكي على الوداد

صوت وصورة
تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع
السبت 13 أبريل 2024 - 16:27 3

تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع

صوت وصورة
الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء
السبت 13 أبريل 2024 - 14:55 3

الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء

صوت وصورة
الجفاف يفتك بوديان إفران
السبت 13 أبريل 2024 - 12:30 4

الجفاف يفتك بوديان إفران

صوت وصورة
انتخاب العلمي رئيسا للنواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 18:23 8

انتخاب العلمي رئيسا للنواب

صوت وصورة
جدل "الأكبر سنا" بمجلس النواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 16:25 4

جدل "الأكبر سنا" بمجلس النواب