مشاركون من تافيلالت في المسيرة يسترجعون نداء الحسن الثاني

مشاركون من تافيلالت في المسيرة يسترجعون نداء الحسن الثاني
الأربعاء 7 نونبر 2018 - 03:00

ظلّ اليوم التاريخي الذي ألقاه فيه الحسن الثاني الخطاب الملكي بخصوص تنظيم المسيرة الخضراء صوب الأقاليم الصحراوية محفورا في ذاكرة ووجدان الشعب المغربي بشكل عام، ولدى المشاركين في المسيرة المظفرة بشكل أخص.

وكانت درعة تافيلالت أولى الجهات التي لبّت نداء الملك الراحِل، فلطالما كانت هذه المنطقة الأبيّة أرض المجد والبطولات عبر التاريخ، رغم كونها لم تُنصف كثيرا ولم تنل حقها من التنمية على غرار باقي جهات المملكة.

حلت يوم أمس الثلاثاء الذكرى الثالثة والأربعون لعيد المسيرة الخضراء، الذي شكّل نقطة مفصلية في تاريخ المغرب الراهن، ويستعيد معها العديد من المشاركين الذين يتحدّرون من الجنوب الشرقي بعض الذكريات الخالدة، التي يمكن اعتبارها دروسا كبرى في الوطنية والغيرة على الوطن، وإن دلت على شيء فإنما تدل على أن سكان المنطقة لا يقبلون المهانة والمذلة.

توجّه فوجان من المشاركين من درعة تافيلالت إلى الصحراء المغربية، ويتعلق الأمر بفوج ورزازات وفوج قصر السوق (الرشيدية)؛ وهما أول الوفود التي وصلت إلى مدينة طرفاية، التي كانت نقطة وصل بين المناطق المحررة والمناطق المستعمرة، بحكم وجودها قرب نفوذ سلطات الاحتلال الإسبانية قبل تحرير الأقاليم الجنوبية.

بعد إعطاء انطلاقة المسيرة الخضراء من قبل الحسن الثاني، كان المشاركون المتحدّرون من منطقتي ورزازات وقصر السوق أوّل من اجتاز الحدود الوهمية الفاصلة بين المملكة وصحرائها، إذ وطأت أقدامهم الحصن العسكري “الطاح” الذي انسحب منه الجيش الإسباني.

لحسن الطالبي، رجل تعليم متقاعد شارك في المسيرة الخضراء رفقة خمسين تلميذا من ثانوية محمد الخامس التأهيلية، التي كانت تسمى سابقا بثانوية “غريس”، بمدينة كلميمة التابعة لإقليم الرشيدية. يعد الطالبي من أصغر المشاركين في هذا الحدث التاريخي، إذ لم يكن يتعدى عمره 15 سنة آنذاك، فدفعه الحماس الشديد إلى خوض هذه المغامرة الفريدة من نوعها.

“لم أكن خائفا بالمرّة، لأنني كنت معتادا على مجابهة الصعاب في الحياة، فقد كنت مضطرا لمغادرة المنزل العائلي منذ أن بلغت سن العاشرة، بسبب بُعد الثانوية التي أدرس فيها عن الدوار الذي أقطن به بنحو عشرين كيلومترا”، يقول الأستاذ المتقاعد بنبرة واثقة، قبل أن يضيف: “لم أذهب لوحدي لأنني كنت خائفا من والدي، لذلك رافقت مجموعة من التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بالثانوية ذاتها، وقد وصل عددنا في المجموع نحو خمسين”.

لحسن الطالبي هو أول شخص سجّل اسمه لدى السلطات المسؤولة في مدينة كلميمة، لأنه كان يرغب بشدة في رؤية الأقاليم المستعمرة من قبل دولة إسبانيا آنذاك. “كانت كل خيمة تتكون من خمسين شخصا، يتكلف أصحابها بالطهي وجمع الحطب وغيرها من الشؤون المنزلية”، يقول لحسن عن ظروف العيش خلال المسيرة الخضراء التي أمضى فيها شهرا كاملا،

ويضيف في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية: “انطلقنا في الخامسة صباحا نحو الحدود الوهمية، وقطعنا حوالي 12 كيلومترا من أجل الوصول إلى حصن الطاح، لنقوم بنزع الأسلاك الشائكة التي وضعها المستعمر الإسباني، كما غسلنا وجوهنا بالتراب؛ فمرت بذلك المسيرة بشكل سلمي رغم الظروف الصعبة. وكان فوج قصر السوق آخر فوج عاد إلى إقليمه”.

من جهته، تحدث علي بن لحسن، رئيس جمعية متطوعي المسيرة الخضراء بمدينة تنغير، عن دوافع المشاركة في المسيرة بقوله: “مباشرة بعدما سمعت خطاب الحسن الثاني، توجهت صباح اليوم الموالي إلى قيادة تنغير من أجل المشاركة في المسيرة رفقة بعض أصدقائي، وقد كنّا من الأوائل الذين تطوعوا آنذاك”.

ويحكي علي عن الأجواء التي صاحبت هذا الحدث الكبير، قائلا: “توجهنا إلى مدينة ورزازات يوم 21 أكتوبر، حيث بقينا لمدة يومين، قبل استئناف الطريق نحو مدينتي طانطان وطرفاية، لتنطلق المسيرة الخضراء في أجواء مذهلة رغم ظروف التنقل الصعبة، إذ كنا نحو 45 شخصا في الشاحنة التي أقلّتنا إلى الصحراء. وكانت الشاحنة تتوقف لمدة ثلاثين دقيقة في كل أربع أو خمس ساعات”.

أمضى علي بن لحسن 37 يوما من الذهاب إلى غاية رجوعه إلى مدينة تنغير، وكان هو الآخر من المشاركين الأولين الذين حطّموا الحدود الوهمية، كما صلى صلاة الجمعة رفقة الأفواج الأخرى وسط “حصن الطاح”، رغم التهديد المستمر من قبل أربع طائرات إسبانية طيلة عشرين دقيقة، لكنها اضطرت إلى الانسحاب في نهاية المطاف بعد إصرار وعزيمة أفواج مدينتي ورزازات وقصر السوق.

ويختم علي تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية بقوله: “بعد الرجوع من المسيرة الخضراء، سمعنا إذاعة جزائرية تروج مغالطات للمستمعين، مفادها أن المتطوعين المتحدرين من قصر السوق ماتوا عن آخرهم بسبب هجوم الوحدات المسلحة التابعة لجبهة البوليساريو، لذلك قمنا بإخبار الكولونيل في البلدة، وبعدما تأكد من الخبر، أوفد إلينا طاقم التلفزة الوطنية الذي قام بتسجيل حلقة كاملة حول مشاركتنا في الصحراء”.

وتُجمع جل الكتابات التي أرّخت لمختلف الحقب التاريخية للمملكة على أن سكان الجنوب الشرقي كانوا دائما السبّاقين لتقديم يد المساعدة إلى السلاطين، إذ كانوا يلبّون نداءاتهم المتكررة كلما جرى استدعاؤهم، من أجل الدفاع عن حرمة البلاد؛ ولعل المقاومة المسلحة في عهد الحماية والمشاركة في المسيرة الخضراء خير دليل على ذلك. لكن هذه المنطقة التي تفوح بعبق التاريخ همّشت وصارت منسية لدى الجهات الرسمية، رغم التضحيات الجسيمة التي أدتها القبائل الأمازيغية لصدّ الغزاة.

‫تعليقات الزوار

11
  • 1975 ماشي بحال اليوم
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 03:06

    ديك الوقت مازال الناس مساكين ما عارفين والو وكان عندنا 90 في 100 ديال الامية ولكن شوفو اليوم واش غادي يمشي شي مقهور للمسيرة .

  • المحقق كونان
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 04:56

    الكل لا ينكر حجم مساهمة الدولة الفعالة في تغيير اسمها من المصطلح قصر السوق الى الدلالة الكبيرة الرشيدية

  • الريصاني
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 05:05

    الأوسمة التي وشح بها أجدادنا في الريصاني على الشجاعة والاندفاع حتى دخلوا الي موريتانيا لو لم تتدخل السلطة آنذاك لوصلوا الي جنوب افريقا وكانوا دائما يتشوقون الي إعادة التجربة دفعا
    عن الأرض والعرض
    كانوا جنودا مدنيين دائما في الخدمة
    ولهذا نقولها للمسؤولين لانريد منكم لا جزاءا ولا شكورا

  • هشام
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 05:13

    كان معهم ابي رحمه الله و قد ندم كثيرا لانه كما قال كانت طريقة ذكية لاحتلال ارض ما

  • aymane
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 06:56

    كانت جهة المجد و البطولات و أصبحت أول جهة بالفقر و التهميش

  • مواطن من الدرجة الخامسة
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 08:13

    ماذا استفدتم من هاته المسيرة ….!!!!
    هاد المسيرة اكبر قالب للشعب لان الصحراويون هم من استفاد منها والدليل واضح المنتوجات الغدائية بارخص الاتمنة كدلك يتقاضون مصروف الشهر بدون اي تعب وزيادة على دلك لديهم حقوقهم افضل منا ولا احد يعكر مزاجهم ….ادن هم شعب من الدرجة الاولى بدون منازع

  • محمد
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 08:49

    أتمنى من الإداعة والتلفزة المغربية في كل مناسبة للمسيرة أن يعيدوا خطاب الحسن التاني كاملا.

  • عابر سبيل
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 10:23

    ما الذي استفاذه أباءنا وأجدادنا من هده المسيرة الخضراء ،الصحراويين هم اللذين استفاذوا من هده المسيرة اما أباءنا واجدادنا وووو لم يستفيدوا غير القهر والأمراض. . .

  • bassou
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 13:23

    ولم تنل الجهة عامة والرشيدية على الخصوص شيئا يُذكر غير النبق والشيح والريح والعواصف الرملية والغبارية و بنية تحتية منهارة ومنعدمة في كثير من الأحيان… سواء سنة 1975 أو في عهد الحكومة الحالية التي زارت الجهة ووقفت على حجم الخصاص في كل شيء ولم ير سكانها من الجديد أي شيء…

  • amazigh
    الأربعاء 7 نونبر 2018 - 16:42

    en 1975 gheriss était juste un collège, pour le second cycle les eleves allaient au lycée BIRD à imtaghren ou au lycée sijilmassa. d'autres allaient à azrou ou meknes

  • بيضاوي مزابى
    الخميس 8 نونبر 2018 - 00:29

    من اجل الوطن تمنيت مسيرة أخرى المغرب فيه رجال صدقو مغربى أصيل لا ينتظر المقابل وبفضل المسيرة الخضراء اصبحت اعرف الاقاليم الجنوبية والمواطن الصحرواى لطيف والعادات والتقاليد خاصة اثاى اصبحت احب الصحراء

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش