حقوقيون يدقون ناقوس الخطر حول تهجير القاصرين بإقليم زاكورة

حقوقيون يدقون ناقوس الخطر حول تهجير القاصرين بإقليم زاكورة
السبت 18 ماي 2019 - 21:00

حلم الهجرة إلى “الفردوس الأوروبي” لا يزال يراود المئات من الأطفال الصغار المغاربة، الذين يفضّلون ركوب قوارب الموت أو الدخول سريا إلى مدينة مليلية المغربية المحتلة من قبل الإسبان للوصول إلى دول أوروبا، بحثا عن أمل جديد في الحياة ورغد العيش.

مشاهد تلك القوارب التي تنقلب من حين إلى آخر وسط أمواج البحر الأبيض المتوسط، والتي تؤدي إلى وفاة العشرات منهم قاصرون يحلمون بالوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، لم تثن العديد من جميع أقاليم المملكة المغربية عن مواصلة البحث لتحقيق حلم الوصول إلى أوروبا.

عدد من الفاعلين الحقوقيين كشفوا لهسبريس أن عودة ظاهرة هجرة القاصرين تتحمل مسؤوليتها أجهزة الدولة، نتيجة فشل سياسات التكفل بالشباب؛ وهو ما يجبر هؤلاء على اختيار الموت بدل العيش في جحيم الفقر والحاجة في بلادهم.

ولم يخفِ مصدر رسمي تحدث لهسبريس أن ظاهرة الهجرة السرية للأطفال بزاكورة تزايدت بشكل كبير، مشيرا إلى أن القيادات والملحقات الإدارية المنتشرة بالإقليم تستقبل يوميا طلبات من آباء يرغبون في إنجاز بطاقة التعريف وجواز السفر للقاصرين؛ وهو ما يستدعي تضافر جهود جميع المتدخلين من أجل وضع نهاية لهذه الظاهرة أو التقليص منها.

إقليم زاكورة نموذجا

لوحظ في الأشهر الأخيرة عودة قوية لظاهرة الهجرة السرية بإقليم زاكورة، الواقع جنوب شرق المغرب، سواء تعلق الأمر بالأطفال الذين يركبون قوارب الموت أو من يدخلون سرا من معابر مليلية أو سبتة أو عبر طرق أخرى.

عبد الحميد أسنغم، فاعل حقوقي ناشط بإقليم زاكورة، أكد أن الأرقام المتعلقة بخصوص هجرة أطفال إقليم زاكورة نحو أوروبا ارتفعت بشكل مخيف في الأشهر الأخيرة، مرجعا ذلك الارتفاع إلى ما سماه “الفقر والمعاناة وغياب فرص الشغل”، مشيرا إلى أن كل هذه الأسباب تدفع عائلات بأكملها إلى التفكير في “الهجرة”.

وأضاف المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية: “هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بإقليم زاكورة، وأغلب شباب هذا الإقليم يفكرون في الهجرة بحثا عن حياة جديدة، حيث يكفي زيارة معابر مليلية أو سبتة للوقوف على حقيقة الأمر”.

وفي الوقت الذي حمل فيه الناشط المدني مسؤولية الهجرة السرية للدولة، أكدت خديجة تاكنيتي، فاعلة جمعوية بمدينة زاكورة، أن المسؤولية لا يمكن تحميلها فقط للدولة؛ بل أيضا الفعاليات المدنية لها نصيب في ذلك الوضع كما للمؤسسات الدينية والإعلام نصيب أيضا، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تتزايد بشكل مقلق؛ وهو ما يستوجب تحرك الجميع لمحاصرتها.

ولفتت الفاعلة الحقوقية إلى أن هذه الظاهرة الاجتماعية أخذت أبعادا خطيرة في الأشهر الأخيرة، خصوصا بعد تداول صور جثث لـ”حراكة” ابتلعهم البحر، بعد غرق قواربهم في البحر، وصور قاصرين في بوابة مليلية وسبتة يبحثون عن أي وسيلة للعبور نحو “الفردوس الأوروبي”، مشيرة إلى أن القائمين على الشأن الديني يجب عليهم إشهار ورقة الدين في وجه هذه الظاهرة، التي “يرفض الدين الإسلامي لمثل هذه السلوكيات المؤدية بأصحابها إلى التهلكة”، وفق تعبيرها.

الفقر والحاجة

لم تستطيع الآليات الجديدة التي اعتمدتها الدولة الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية للأطفال الصغار، على الرغم من الحملات الأمنية التي تقوم بها المصالح الأمنية والبحرية الملكية؛ وهو ما يرجع بالأساس، حسب مصدر رسمي مسؤول غير راغب في الكشف عن هويته، إلى غياب الصرامة في تطبيق القانون ومعاقبة كل من وراء هذه الظاهرة.

وأضاف المتحدث ذاته أن عددا كبيرا من الشباب والقاصرين بإقليم زاكورة والأقاليم المجاورة الذين فشلت رحلتهم نحو أوروبا، سواء عبر مليلية وسبتة أو عبر قوارب الموت، حاولوا مرة ثانية واستطاع بعضهم أن يهاجر؛ لأن العقاب لم يمكن صارما معهم أو مع من تورط في تهجيرهم، معبرا عن تخوفه من استمرار هذه الظاهرة التي قد تزيد تعقيدا في المستقبل، وفق تعبيره.

من جهته، أكد كريم آيت العربي، طالب باحث في السوسيولوجيا وهو من أبناء إقليم زاكورة، أن سعي العديد من القاصرين للهجرة راجع إلى عدة أسباب؛ منها “فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وانتشار الفساد مع احتكار الثروة في يد فئة معروفة”، مشيرا إلى “أن الأرقام الرسمية بخصوص هذه الفئة لا تعكس حجم هذه الظاهرة، في ظل تسجيل تسلل الآلاف سنويا”.

وشدد المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية على أن تردي الأوضاع المعيشية وانسداد الأفق السياسي أمام طموحاتهم المتزايدة يمثلان منظومة متكاملة ومتشابكة تحتاج إلى حلحلة عملية وواقعية بأبعادها المختلفة، لافتا إلى أن مواجهة الأسباب والعوامل الدافعة للقاصرين للهجرة غير الشرعية تظل هي حائط الصد الأول في أي إستراتيجية مقترحة لمواجهة هذه الظاهرة”.

شبكات التهجير

ووفق سعاد الهموس، مهاجرة بالديار الإسبانية، المنحدرة من منطقة تزارين بإقليم زاكورة، فإن الأطفال والشباب اكتشفوا الهوة الشاسعة التي تفصل بين نمط عيش أوروبي مريح في الغالب، وواقع مغربي صعب، مشيرة إلى أن ذلك الوضع أدى إلى حالة من اليأس والقنوط تجعلهم يتسابقون نحو قوارب الموت التي أضحت رديفا للخلاص والعيش الرغيد.

ولم يخفِ عدد من الجمعويين تخوفهم من وجود علاقة “مافيات” الاتجار بالبشر في ملف تهجير القاصرين والشباب، من خلال استغلال حاجتهم ومعاناتهم اليومية، مشددين على ضرورة تطبيق القانون بصرامة في كل من ثبت في حقه أن تورط في عملية التهجير سواء بالمال أو المجال، سواء هو “المهجّر” أو الوسيط.

سعيد الحسناوي، فاعل حقوقي بزاكورة، اعتبر أنه “لا يمكننا إخفاء تخوفنا من هذه الظاهرة، ونتساءل عن الجهة أو الجهات التي تقف وراءها”، مضيفا: “من المحتمل أن شبكات تهجير الأطفال تستغل الوضع الاجتماعي الأسري لهؤلاء وحاجتهم للمال لاستغلالهم في الاتجار بالبشر أو استغلالهم في التهريب”، مؤكدا أن على الجميع من أجهزة الدولة والمواطنين تضافر الجهود لحماية هذه الشريحة المجتمعية”، وفق تعبيره.

وأضاف المتحدث ذاته أن الأطفال الذين يصلون أوروبا والذين لم يلجوا بعد مؤسسات الرعاية الاجتماعية ويبيتون في الشارع هم الأكثر عرضة للوقوع ضحايا لتجارة البشر، موضحا أن هؤلاء يتعرضون للعنف والاستغلال قبل وصولهم إلى “الفردوس الأوروبي” من قبل المهربين، داعيا إلى مراجعة السياسات الممنهجة في حق الشباب وتوفير لهم فرص الشغل لتقليص نسبة الهجرة، وفق تعبيره.

‫تعليقات الزوار

14
  • Adam
    السبت 18 ماي 2019 - 21:31

    انصحوا هؤلاء الشباب أن يدرسو بدل أن يحلموا بالغربة. فالغرب لن يقبل مستقبلا إلا أصحاب الكفاءات و قد قالها الرئيس الأمريكي مؤخراً. وبعض المغاربة المهاجرين يعيشون اليوم في اسبانيا عيشة الدل و الإهانة وندموا على اليوم الدي فكروا فيه بالهجرة.

  • سلام الصويري
    السبت 18 ماي 2019 - 21:33

    موضوع أساسي لكن مع الاسف يطبق عليه تعتيم رهيب من طرف المسؤولين مثله مثل حالة التهميش والاقصاء الذي يطال مختلف مناطق المغرب العميق !!
    فهم يتهافتون على اخذ الصور مع المعوزين بمناسبة توزيع السكر والزيت في مظاهر أليمة والإعلام الرسمي يطبل بشوارع مزركشة في بعض الحواضر كأن البوادي لا تدخل في خريطة البلد !!
    وتبذير الاموال في ندوات تافهة في قاعات فارهة لا يعرف مواضيعها !!
    في حين ما يسمى برلمان غارق في التفاهات والريع !!
    الى متى والى اين

  • diefght
    السبت 18 ماي 2019 - 21:34

    قاليك اشهار ورقة الذين من اجل محاربة الهجرة هههه يجب اشهار ورقة المساوات و اقتسام الثروات بعدل و العيش الكريم بحرية وكرامة وليس سياسة التفقير و الغناء قولوا العام زيين صافي كلشي عاق العام كحل اني بدأت اخاف على هده الدولة من السقوط كما سقط باقي الدول العربية

  • أوربا جنة الفردوس
    السبت 18 ماي 2019 - 21:40

    الهجرة هي حل الوحيد بالنسبة للشباب المغربي لأن الظروف المزرية و استمرار تعنت الدولة في إقصاء الشباب و نهج سياسة جوع الكلب يتبعك أي التجنيد الإجباري دون دمجه.زيادة إلى ارتفاع البطالة و تفشي الإجرام كما يقول المثل أن تعيش لاجئ في بلدان أخرى خير أن تعيش سجين في بلدك دون مستقبل و لا أمل

  • Mohamed
    السبت 18 ماي 2019 - 21:43

    الاخ يتكلم عن فرص الشغل للأطفال ناسيا ان تشغيل الأطفال جريمة ينص عليها القانون ان كان يقصد الاطفال دون سن الرشد لان كلمة طفل تدل على قاصر وشكرا.

  • حادث الرافعة 2015
    السبت 18 ماي 2019 - 21:55

    بعد مرور اربع سنوات على حادث الرافعة بمكة . و رغم بلاغ اليونان الملكي السعودي يجبر ضرر المصابين و حق متابعة الشركة المسببة للحدث المأساوي. رغم مرور هده السنوات تم اقبار هدا الملف و لم يتلقى المصابون المغاربة اي تعويض و منهم اختي المسمات الصفراوي جميلة و هي فاطنة بالدار البيضاء .. المرجو من جريدة هيسبريس إعادة فتح الموضوع و لكم جزيل الشكر

  • الدراري
    السبت 18 ماي 2019 - 22:22

    غير اولد او صيفط لزنقة والنتيجة ؟
    لي ما قادش على المسؤولية علاش يتزوج؟
    كلشي باغي ادير لاباس ؟
    اوربا ما بقاتش كيف السابق
    اوربا تستقبل اليد العاملة الماهرة وليس كل من هب ودب
    الكسالى ما عندها ما دير بيهم.

  • Senhaji
    السبت 18 ماي 2019 - 22:51

    Pourquoi Zagora exactement ? Ça témoignage la marginalisation et surtout l'échec du système scolaire. Je me rappelle le temps où les étudiants originaires de Zagora et brillants assidu, disciplinés. Bref ils étaient exemplaire à la faculté de Mohamed ben Abdellah à Fès.
    Pour le cas des mineurs je pense qu'il faut pénaliser leur parents, car c'est eux qui les poussent à opter pour ce choix suicidaire.

  • اين الثروة
    السبت 18 ماي 2019 - 23:38

    فلنسكتهم بقفة رمضان ليقتتو منها طوال السنة

    حتى ينسو حلم الهجرة

  • bouchra zago
    السبت 18 ماي 2019 - 23:51

    ربما يجب على الساكنة الخروج للمطالبة بحقها في التنمية و حقها في ثروتها التي تستخرج من جبالها 24 ساعة على 24. بدل النحيب. فالذهب و البلاتين الذي تتوفر عليه قادر على جعلها مثل دبي أو أبو ظبي

  • عابر سبيل
    الأحد 19 ماي 2019 - 01:44

    اطفال منطقة زاكورة والرشيدية ومناطق مجاورة لها لهم هذف واحد هو الوصول لمنطقتين معينتين بالتحديد في اسبانيا برشلونة واقليم الباسك مما توفره لهم من مؤى والسكن والتعليم وبطاقة الاقامة واغلبهم لديهم افراد من الاسرة هناك مشكلتهم انهم يوهمون الاسبان بانهم ليسوا مغاربة وبانهم امازيغ و انهم يعانون من عنصرية ويروجون لصورة وهمية عن المغرب ولا يحبون ابناء مناطق مغربية اخرى واغلبهم اصبح ملحد او غير ملته هذا واقع الحال هنا

  • الوعماري محمد
    الأحد 19 ماي 2019 - 03:58

    فعلا الناظور نموذج لمدينة مستقبلة للقاصرين اضحت قبلة لهؤلاء زحفا منهم نحو اوروبا عبر مليلية مع كل ما يصاحب ذلك من مظاهر ومناظر دخيلة مخجلة وبئيسة لم تُعهد من قبل بحيث لا يكاد يخلو شارع زقاق او مدارة طرقية او مركز حيوي في المدينة من مجموعات من المتشردين الواردين قاصرين منهم وبالغين مشوهين بذلك المنظر العام خالقين نوعا من عدم الارتياح لدى الساكنة والتجار ومستعملي الطريق مع تسجيل حوادث نشل وسرقة واعتداء منهم في حق المارة
    لحسن الحظ ان تجارة الاعضاء في المغرب ليست نشيطة والا لشكل هؤلاء سوقا ممتازة وجد مربحة لعصابات سرقة الاعضاء

  • Halala
    الأحد 19 ماي 2019 - 10:53

    آلطفولة تعاني في المغرب الطفل ليست عنده أي مسؤولية تقارير أممية خرجت في هدا الشأن تخص المغرب نحن الأوائل أرقامنا بعيدة جدا عن الجارة الجزائر متلا. تقارير عن الأمم المتحدة تحدتت عن آلاف محاولات هجرة القاصرين والٱلاف الآن في هده اللحظة وفي هدا الشهر الفضيل مشردون في اسبانيا وفي غيرها وهي في ازدياد لقد وصلوا حتى للسويد .

  • حسن
    الأحد 19 ماي 2019 - 12:53

    من الناحية النظرية يظهر ان هؤلاء الاطفال يجب توعيتهم وتشجيعهم على العلم . لكن الواقع يكذب ذلك البطالة منتشرة . وحتى ان و اشتغل لقد رأوا هراوات تنهال على كل محتج . لقد قمع الأساتذة والطلبة وكل من سولت له نفسه ان يحتج . لذلك من طفولتهم يفضلون الهجرة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة