"العطش" يحدق بالجنوب الشرقي .. و"البرنامج الوطني" أمل السكان

"العطش" يحدق بالجنوب الشرقي .. و"البرنامج الوطني" أمل السكان
الأحد 16 فبراير 2020 - 03:50

ترأس الملك محمد السادس يوم الـ 13 من الشهر الماضي، بالقصر الملكي بالرباط، حفل توقيع الاتفاقية الإطار لإنجاز البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، التي تهدف إلى تحديد شروط وكيفية تنفيذ وتمويل إنجاز هذا البرنامج الوطني الذي تقدر كلفته الإجمالية بما يقارب 115.4 مليار درهم.

الإجراءات المسطرة في البرنامج، القائمة على دعم وتنويع مصادر التزويد بالماء، ستمكن من مواكبة الطلب المتزايد على الموارد المائية وضمان الأمن المائي للمملكة والحد من تأثير التغيرات المناخية، كما يتكون البرنامج من مجموعة من الإجراءات تتوزع على خمسة محاور هي تنمية العرض المائي، وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي، إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، والتواصل، والتحسيس.

الأمن المائي

الإجراءات المسطرة في البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 تهم تنمية العرض المائي عبر تشييد سدود جديدة، والرفع من القدرة التخزينية للبعض منها، وتشجيع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، وتقوية إنتاج وتوزيع الماء الصالح للشرب، وفق ما أكده مصدر رسمي لهسبريس.

المصدر أوضح أن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 يهدف إلى مواكبة الطلب على الموارد المائية، والحد من تأثير التغيرات المناخية، وضمان الأمن المائي، ودعم وتنويع مصادر التزويد بالماء.

وبخصوص آليات الحكامة المتعلقة بهذا البرنامج، قال المصدر ذاته إنه تم إحداث لجنة القيادة التي يترأسها رئيس الحكومة وتتكون من وزير الداخلية، ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، ووزير الطاقة والمعادن والبيئة، والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

أزمة الماء قبل البرنامج

لم يخف عبد الرحيم أيت شعيب، أستاذ باحث ومهتم بالقطاع المائي في درعة تافيلالت، معاناة العديد من المناطق والقرى بدرعة تافيلالت مع أزمة الماء والعطش، لافتا إلى أن “الوضع في السنوات الأخيرة أصبح مخيفا إلى درجة أن العشرات من الأسر تهاجر من موطنها الأصلي نحو بعض المدن التي ما تزال تحافظ على أمنها المائي”، وفق تعبيره.

الباحث نفسه أوضح أن جهة درعة تافيلالت تعد من الجهات الأكثر تضررا من حيث استنزاف الفرشة المائية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية، مما جعل الجهة من ضمن الجهات المهددة بالعطش والجفاف القاتل، مشيرا إلى أن “أغلب مناطق درعة تافيلالت تعتمد زراعات تستنزف المياه، في المقابل تفتقر إلى سدود قادرة على إنعاش الفرشة المائية ولو في أوقات التساقطات المطرية”، بتعبيره.

وأضاف الباحث ذاته أن “أزمة المياه ستبقى خطرا يهدد مناطق عدة بجهة درعة تافيلالت بالجفاف والعطش، رغم المجهودات التي يبذلها مختلف المتدخلين في هذا الإطار، وذلك بسبب سوء استغلال المياه الباطنية من قبل العديد من الفلاحين، وغياب السدود”.

نصيب درعة تافيلالت

آخذا بعين الاعتبار التحذيرات التي يطلقها الفاعلون المحليون من حين إلى آخر حول مخاطر أزمة الماء المحدقة بعدة مناطق بجهة درعة تافيلالت، جاء البرنامج الوطني للماء الشروب ومياه السقي للفترة الممتدة ما بين 2020 و2027 لتمكين الجهة من العشرات من السدود من أجل التغلب على الخصاص المهول المسجل في هذه المادة الحيوية، وفق إفادة بعض المسؤولين الجهويين الذين استقت هسبريس آراءهم في الموضوع.

وذكر عبد الرحمان محبوب، مدير وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، أن عدد المواقع التي تم جردها بجهة درعة تافيلالت في إطار البرنامج الوطني سالف الذكر بلغ 186 موقعا، لافتا إلى أن “هذه اللائحة تبقى قابلة للتحيين والتعديل وليست نهائية”، مشيرا إلى أن اللجان المحلية والجهوية ستقوم بدراسة مواقع السدود الصغيرة والتلية بناء على مجموعة من المعايير.

عبد الرحمان محبوب أكد في تصريح لهسبريس أن “البرنامج المذكور سيخصص غلافا ماليا سنويا يقدر بـ 600 مليون درهم على المستوى الوطني من أجل إنجاز السدود الصغرى والتلية التي تمت الموافقة عليها”، مبرزا أن هذا البرنامج يهدف إلى تحقيق العدالة المجالية في جميع أنحاء التراب الوطني خلال مراحل إنجازه.

وقال المسؤول ذاته إن “البرنامج الوطني للماء جاء ثمرة للرؤية الملكية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده”، مضيفا أن “من شأن المشاريع المائية التي سيتم إحداثها في إطار البرنامج توفير الماء الشروب ومياه السقي على طول أيام السنة”.

وأشاد مسؤول جهوي آخر رفض البوح بهويته للعموم بالعناية الملكية التي يوليها لجهة درعة تافيلالت، مشيرا إلى أن “الجهة ستستفيد من العشرات من السدود في السنوات السبع القادمة بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله”، مضيفا أن “هذه الالتفاتة دلالة قوية على العناية التي يوليها جلالته لهذه الربوع من المملكة”.

سوء استغلال المياه

سوء استغلال الإمكانات المائية المتوفرة بمناطق عدة بجهة درعة تافيلالت، وبالجنوب الشرقي عموما، يعد من الأسباب القوية لأزمة الماء التي بدأت تتفاقم من خلال عدم التوازن بين الموارد المائية والاحتياجات المحلية من هذه المادة الحيوية الأساسية للتنمية المستدامة والمندمجة.

حسن أعراب، فاعل جمعوي بزاكورة، قال إن أغلب سكان الجنوب يواجهون في السنوات الأخيرة نقصا حادا في المياه الصالحة للشرب، ما جعلهم يكابدون صعوبة العيش في هذه المناطق المعروفة بحرارتها المرتفعة بسبب موقعها الجغرافي شبه الصحراوي”.

وأضاف الجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “أزمة الماء التي تشتكي منها مناطق عدة بجهة درعة تافيلالت ساهمت فيها عوامل عديدة، منها التغيرات المناخية المتمثلة في انخفاض معدلات التساقطات المطرية، والعامل البشري المتمثل في استنزاف المياه الباطنية، مما يهدد هذه المناطق بسنوات عجاف، وبالتالي التأثير على التوازن البيئي وتهديد مستقبل البشرية بها”، وفق تعبيره.

وأوضح المتحدث نفسه أن “الجفاف الذي شهدته هذه المناطق خلال السنوات الأخيرة يمكن أن يتحول إلى خطر كبير، خصوصا بالنسبة للأجيال القادمة، ويمكن أيضا أن يتسبب في تهديد حياة واستقرار سكان درعة تافيلالت، وانتقالهم في هجرات جماعية نحو مناطق الداخل”، مشددا على “ضرورة بناء سدود كبرى وتلية وباطنية وتحويلية من أجل تجاوز الخطر في السنوات القادمة”.

ولفت أعراب إلى أن “مناطق عدة بجهة درعة تافيلالت تعيش حاليا تحت خطر الفقر المائي بسبب مجموعة من العوامل، منها الطبيعية ومنها البشرية”، مشيرا إلى أن “الساكنة غير واعية بعد بهذا الإشكال الذي يهدد هاته المناطق بموجة جفاف غير مسبوقة وهجرة جماعية في السنوات المقبلة إن لم يتم تدارك الأمر”، وفق تعبيره.

وشدد المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية على “ضرورة استغلال المخزون المائي المتبقي بطرق سليمة وعقلانية إلى حين إيجاد حلول ناجعة من خلال بناء السدود”، داعيا الدولة إلى “التدخل من أجل منع زراعة البطيخ الأحمر بهذه المناطق، وكل الزراعات التي تستهلك أطنانا من المياه”، معتبرا أن “البرنامج الوطني للماء الذي يرعاه الملك محمد السادس هو الأمل في تجاوز أزمة الماء”، وفق تعبيره.

‫تعليقات الزوار

7
  • Lahcen
    الأحد 16 فبراير 2020 - 08:15

    المرجو من الجهات المعنية التدخل لمنع زراعة الدلاح في منطقة الرشيدية بودنيب لكونها تستنزف كميات ضخمة من المياه… الدلاح راه ماشي ضروري كزراعة اش غايوقع الى ماكليناهش زعما..

  • sarah
    الأحد 16 فبراير 2020 - 08:58

    Mellab, province d'Errachidia, sud-est du Maroc. Village noyé dans les égouts, échappement de l'eau polluée partout, enfants, femmes et hommes vivent dans cette pollution.
    Défendons notre terre!
    ملاب ، محافظة الرشيدية ، جنوب شرق المغرب. قرية غرقت في المجاري ، وعادم من المياه الملوثة في كل مكان ، والأطفال والنساء والرجال يعيشون في هذا التلوث.
    الدفاع عن أرضنا!

  • حسن مرزوكة
    الأحد 16 فبراير 2020 - 11:23

    بالتوفيق اتمنى من المسؤلين انشاء سد في مرزوكة وبضبط في ميفيس المشروع تم دراسته سنين وهو على ورق نريد انشاء هدا السد مرزوكة تحتضر من قلت الماء وبسبب الإنسان الفلاح يعاني الحيوانات البرية كدلك ستنقرض من قلة الماء في القنطارات وسبب ان منسوب المياه نزل

  • ملاحظ
    الأحد 16 فبراير 2020 - 11:26

    اعتقد انه حان الوقت لإنجاز سد متوسط على واد غريس قرب جماعة اسفلى القروية لتأمين حاجيات السكان من الماء الشروب وماء سقىي الأراضي الفلاحية لسكان جماعة تمزييت، تاذيغوست، تلتفرات،مكمان،موي، ايت أحيا عثمان، كلميمة…

  • gharib
    الأحد 16 فبراير 2020 - 12:45

    يعاني ساكنة قصر خليل جماعة غريس السفلى التابعة لمدينة كولميمة ولاية الراشدية من جفاف لا متيل له في الواحة كلها نطالب السلطات من التفاتة بسيطة لمعاينة ما وصلة اليه الساكنة من فقر بسبب هدا الجفاف وقلة الامكانيات لتوفير ماء السقي لاراضيهم ختى نتمكن من الرفع من مستواهم المعيشي والرقي بالواحات التي هي رمز الجنوب الشرقي

  • احمد
    الأحد 16 فبراير 2020 - 13:55

    الجنوب الشرقي او اسامر يعاني من سوء تدبير المياه
    ففي مواسم الخريف وابتداء من شهر غشت تعرف المنطقة احيانا عددا من العواصف والفيضانات
    لكن بعد ذلك يعود الجفاف الى المنطقة غالبا ابتداءا من فصل الشتاء و لولا الثلوج الغير منتظمة التي تكسو بها جبال الأطلس المجاور من حين لاخر لجفت المياه الجوفية بالكامل حتى في أزهى فصول السنة
    الحل هو ترشيد استعمال المياه مع انشاء المزيد المزيد من السدود وضمان مراقبتها وتنظيم وتقنين استعمال المياه

  • المستقبل لتقنية ...
    الأحد 16 فبراير 2020 - 13:57

    … تحلية مياه البحر هي اضمن لتوفير مياه الشرب و السقي .
    فلا بد من تشجيع البحث العلمي في هذا المجال للتخفيف من كلفة التحلية.
    السدود لا تكفي لسبب قلة التساقطات المطرية.
    المغرب يتميز بانفتاحه على البحرين الاطلسي و المتوسط ، فليجعل من البحر مصدر ثروته المائية والطاقية.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة