مدينة الصويرة .. بنية تحتية متواضعة تفسد سمعة سياحية واسعة

مدينة الصويرة .. بنية تحتية متواضعة تفسد سمعة سياحية واسعة
الخميس 27 فبراير 2020 - 07:00

تُمسي مدينة الصويرة وتصبح على مفارقة غريبة، فهي مدينة سياحية بلغت شهرتها مختلف أرجاء المعمور، وتشهد حركة سياحية لا تفتُر طيلة فصول وأيام السنة، إذ يُقبل عليها السياح من كل فج عميق، لكنّ بنيتها التحتية تتسم بالتواضع.

محطة “غير لائقة”

يقصد عدد مهم من السياح مدينة الصويرة قادمين من مراكش أو من أكادير عبر الحافلات؛ وإذا كانت شركتان للحافلات تتوفران على مقرات خاصة بهما، فإن السياح، سواء الداخليين أو القادمين من الخارج، الذين يأتون على متن الحافلات “العادية”، يُستقبلون في محطة لا تليق بمدينة سياحية.

محطة حافلات المسافرين بمدينة الصويرة صغيرة في كل شيء، في مساحتها، وفي بنيتها أيضا، وحين يلجها زائر “مدينة الرياح” تتكوّن لديه نظرة سلبية عن المدينة، فالمحطة لا تتوفر حتى على كراسٍ ملائمة للجلوس، ومرافقها الصحية مقرفة.

تتوسّط باحةَ محطة المسافرين بالصويرة ثلاثة كراسٍ طويلة ذات لون أزرق باهت انمحت أجزاء منه، لكن هذه الكراسي لا تشجّع على الجلوس، ذلك أنها مصنوعة من الإسمنت، ويلزم الراغبَ في الجلوس عليها الاستعانة بقطعة كارتون اتّقاء البرد.

جوار أحد الكراسي الثلاثة عُلق صندوق قمامة على عمود إسمنتي مقابلٍ لمكتب إدارة المحطة، يقطر ماء مشكّلا أخدودا يسيل على الأرض، أما الجدران فمغبَّرة تتدلى منها خيوط بيوت العناكيب، وفي أسفل الكراسي أزبال، وتحت ثلاجة مَجبنة داخل المحطة تراكمت أعقاب سجائر يظهر أنها عمّرت في مكانها طويلا، مخلفة منظرا لا يسرّ الناظرين.

سوء التدبير وضعف العناية، اللذان ترزح تحتهما محطة حافلات المسافرين بمدينة “موكادور”، يعكسهما مشهد رُزمة ذات لون داكن يُجهل ما يوجد داخلها، كانت موضوعة على أحد الكراسي، وبقيت في مكانها أزيد من ساعتين، كما عاينت هسبريس، دون أن يبادر أحد إلى السؤال عن صاحبها، أو الكشف عمّا يوجد داخلها، وقد يكون فيه تهديد لسلامة المسافرين.

الوضع المزري للمحطة في الداخل ينطبق على الخارج؛ فتحْت سور الساحة، حيث ترابض الحافلات، فضلات بشرية خلّفها مَن قضى حاجته الطبيعية في هذا المكان حذاءَ كرسي إسمنتي مخصص للمسافرين، ينتصب جوارَه صندوق قمامة مشقوقٌ نصفه الأسفل، وثمة أعمدة حديدية كانت تنتصب فوقها لوحات تحمل أرقام أرصفة الحافلات.

عدد من الأعمدة ذات الارتفاع القصير فقدت لوحاتها، وظلت واقفة في مشهد بلا معنى، أما ما تبقى من لوحات ترقيم الأرصفة فقد فقدت لونَها الأبيض بعد أن غزاها الصدأ بفعل الرطوبة ولم تجدْ من يجدّد صباغتها ويعيد إليها لونها الأصلي.

مزبلة في استقبال السياح

تعجّ المدينة القديمة في الصويرة بالسياح الوافدين من مختلف أرجاء المعمور، يتجوّلون داخل فضاءاتها العتيقة طيلة النهار وحتى في الساعات الأخيرة من الليل؛ ففي “مدينة الرياح” بمقدور السائح أن يتجول مطمئنّا وسط أهل المدينة المسالمين، حيث تنتظم الحياة بين الناس بشكل سلس، دونما حاجة إلى شرطي أو عون من أعوان القوات المساعدة.

ووسط اللوحة البديعة المرسومة بألوان التعايش والسلام بين السكان المحليين والسياح الوافدين، ثمّة ملاحظات جليّة لا تخطئها عين زائر مدينة الصويرة، أولها أن المدينة بحاجة إلى مزيد من العناية، لتكون عند حسن ظن الوافدين عليها وأهلها على حد سواء.

على يمين باب دكالة ينتصب سياج حديدي يواري ممرّا يتوسطه مجسّم إسمنتي وسط دائرة مرصعة بالزليج الأزرق تتخذ شكل نافورة تحوّلت إلى مزبلة غاصة بشتى أنواع الأزبال والنفايات وتحوطها أكوام من الأحجار والأتربة.

كل السياح الذين يلجون المدينة العتيقة للصويرة عبر باب دكالة، يشاهدون هذا المشهد البشع، ويشاهدون مناظر أخرى مقززة “أبطالها” رجال يرفعون جلاليبهم وآخرون يفتحون سراويلهم ليتبوّلوا على السور التاريخي للمدينة، في ظل غياب مراحيض عمومية.

ثمّة لوح كبير جوار باب دكالة يحمل إعلانا يتعلق بالبرنامج التكميلي لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة للصويرة، عبر معالجة البنايات المهددة بالانهيار، يمتد من 2019 إلى 2023، ولوح آخر يحمل إعلانَ إعادة تأهيل شبكتي التطهير السائل والماء الصالح للشرب.

وإذا كان هذان المشروعان يتطلبان وقتا وميزانية بملايين الدراهم، فثمّة أشياء بسيطة لا تحتاج إلى وقت ولا إلى ميزانيات، تفتقر إليها المنطقة السياحية بالصويرة، كـ”ترقيع” الحفر الكثيرة التي يعج بها الممر المؤدي من باب دكالة نحو المدينة العتيقة، وصبْغ ممرات الراجلين، التي انمحى بعضها ولم تعد تظهر منه سوى بقع صغيرة من الصباغة البيضاء…

ميناء متّسخ

خلال المدةّ الأخيرة تمّت إعادة تهيئة كورنيش الصويرة، واكتسى منظرا جميلا تؤثثه مقاعد رخامية وأحواض نباتية، لكنْ ثمة “نقط سوداء” كثيرة وسط الفضاء السياحي للمدينة، خاصة داخل الميناء، الذي لا بد لزائر “مدينة الرياح” من زيارته، إما للاستكشاف أو لتناول أطباق السمك الطازج.

كلما توغّلت في ميناء الصويرة، الذي يعجّ حوضه بسفن ومراكب الصيد، تكتشف فضاء ملوثا تنبعث منه روائح نتنة، ليست روائح السمك، بل روائح المياه العادمة الراكدة في برَك ذات لون رمادي داكن يقترب من السواد.

في المكان الذي يُباع فيه السمك للزوار، الذين يقصدون الميناء لتناول وجبة الغداء، أخاديد وبرك مياه آسنة، تتخبط فيها أرجل بائعي السمك وأرجل العابرين، وتتوضح هذه البرك أكثر في المساء حين يفرغ المرسى من الناس ولا تبقى غير عربات بائعي السمك.

التلوث الجاثم على ميناء الصويرة لا يظل ملتصقا بالأرض فقط، بل ينتقل ليعتلي عربات بائعي السمك، التي يغطيها أصحابها بقطع ثوب بعد مغادرتهم مساء، حيث تصعد فوقها القطط حاملة في قوائمها المياه الآسنة الملوثة، وقد تساعدها في هذه “المهمة” الكلاب أيضا، كما عاينت هسبريس.

في المساء يتحوّل الممر الرئيسي، الذي يخترق المدينة القديمة للصويرة، إلى سوق عشوائي مكتظ بالباعة المتجولين، وتختلط على قارعة الممر كل الأشياء التي يمكن بيعها، من ثياب وخضر وفواكه وحتى الأسماك، في أجواء فوضوية تستنشق فيها أنوف الزوار روائح الأسماك وتُصك فيها الآذان بصياح الباعة المتجولين.

‫تعليقات الزوار

17
  • Sabrina
    الخميس 27 فبراير 2020 - 07:47

    الحقيقة أن المحطة الطرقية للصويرة مع الحي الصناعي كارثة بالمعنا الحقيقي للكلمة ،كيف يعقل ان القادم للمدينة يستقبله الشمكارة والمتسولون على باب الحافلة ،وكيف يعقل ان الحي الصناعي اللذي كان بالأمس القريب يعج بالعمال يصبح الان وكرا للصوص والاوساخ .

  • مجرد رأي
    الخميس 27 فبراير 2020 - 08:09

    ولكن هنالك بالمقابل حماما فارها يتوفر على مواصفات عالية الجودة و باهضة الثمن تم تشييده من طرف رئيس مجلس المدينة آش خاصك العريان حمام خرافي امولاي

  • محب المغرب
    الخميس 27 فبراير 2020 - 08:19

    مدينة جميلة جدا تستحق الافضل، ابنائها يعانون في صمت شديد، لكن هناك بوادر طيبة لإصلاحات جوهرية، وفقكم الله جميعا.

  • خالد
    الخميس 27 فبراير 2020 - 08:29

    هذا هو واقع المغرب ككل وليس فقط الصويرة. حنا حادكين غير في المهرجانات و التبوزيق و العكر فوق الخن….
    هذا هو المغرب الحديث مغرب TGV و السرعة القصوى و الازدهار و النماء على كل الاصعدة.
    المسؤولين ديال هاد البلاد ماعندهم فين انعسو.

  • Mazagan
    الخميس 27 فبراير 2020 - 10:08

    رغم التاريخ العريق لمدينة الصويرة و التنوع الثقافي الذي تعيشه تعاني هذه المدينة من تهميش كبير في كل المجالات رغم بعض المهرجانات التي يحاولون من خلالها تغطية الشمس بالغربال.
    يجب أن تحضى هذه المدينة بنفس الإهتمام الذي يخصه المسؤولون لمدينة مراكش و أكادير لأنها تتوفر على مؤهلات ضخمة.

  • مغربي في الغربة
    الخميس 27 فبراير 2020 - 10:32

    السلام عليكم.
    شأنها شأن جميع مدن المملكة. لا محطة طرقية. لا شوارع متسعة. لا مراءب للسيارات. لا مراحض. لا لا لا لا لا ………. فقط يريدون السياح والاثمنة الباهظة في كل شيء. اتقوا الله أيها المنتخبون و المسؤولون . فالدنيا فانية. وستحاسبون على تبدير أموال الرعية.

  • chihab
    الخميس 27 فبراير 2020 - 11:15

    ليست الصويرة الجميلة والهادئة وحدها التي تعيش هذا الوضع الشاد هناك حتى الشاون التي زرتها أخيرا فمن الوهلة الأولى تسائلة وهل يوجد هنا مسوولون كذلك فاس ومكناس بل حتى مدينة مراكش ليس بهاته السياسة نبني سياحتنا الجميع مقصر وغير مبالي هنا لا أحمل المسوولية للمشرفين على المدن أو الحكومة بل حتى للشعب مع الأسف الشديد ممكن أن نصبح قوة سياحية وأن نصل ل30 مليون سائح إن قام كل بعمله انطلاقا من مسوولياته ليس بتغيير الأشخاص ممكن أن نصل للمبتغى المطلوب بل بالجهد والعمل وحب الوطن

  • أسماء
    الخميس 27 فبراير 2020 - 11:42

    أنا من مدينة وجدة واقطن بباريس كنت أسمع كثيرا عن الصويرة واشتقت لزيارتها وكذلك مراكش ومدن أخرى لكن عندما قمت بزيارة انا وعائلتي لهذه المدينة و ومدن أخرى صدمنا صدمة حقيقية حتى العربات ممزقة والازقة متسخة صراحة مههزلة اقتنعت ان مدينتي احسن بكثير وانظف واجمل صراحة في المغرب ماعدا مدن الشمال مثل طنجة تطوان والسعيدية ماكان مايتشاف باستثناء الفنادق والمنتجعات

  • متابع
    الخميس 27 فبراير 2020 - 11:51

    الصويرة مدينة جميلة وسكانها طيبون ولكن مدينة الصويرة اصبحت مثلها مثل مراكش اكادير مدينة ذات السياحة الجنسية بامتياز

  • امجاد العرب
    الخميس 27 فبراير 2020 - 13:30

    السلام عليكم ورحمة الله فعلا مدينة معروفة عالميا مدينة جميلة بحاجة إلى مسؤولين في المستوى .
    المدينة العتيقة وعلى طول شوارعها الضيقة يجد السائح كل مبتغاه الا شيئ واحد قمامات الأزبال لا توجد ولا قمامة واحدة لرمي الأزبال .
    اتساءل
    واش هذ المسؤولين مقدرينش يوفرو خنشة ديال الزبل معلقة فحديدة ؟
    اسيدي باز

  • محمد بنعمر
    الخميس 27 فبراير 2020 - 14:13

    الصويرة مدينة جميلة وصغيرة لو خلصت النوايا وتم اصلاحها لن تحتاج مستقبلا لاي اصلاح بل ان اموال الاصلاح ستخصص لإحداث مشاريع تنموية اخرى لكن المجلس البلدي والمجلس الاقليمي لايريدون الاصلاح لانهم ادا أصلحوا كل شئ لن يستطيعوا سرقة الميزانيات وطلب الكوميسيونات مع المقاولات التي اخدت المشاريع. انا أسأل رئيس المجلس من اين لك الاموال التي صرفتها على مشاريعك بالصويرة وخارجها.. انت فقط معلم من اين لك هذا! كيف تمكنت من افتتاح حمام تركي بالصويرة من آخر طراز ؟ الله يخذ الحق منك ومن رئيس المجلس الاقليمي وكل الشفارة اللي كلاو المدينة وخلاو ناسها كيسعاو.
    الله يمهل ولا يهمل.

  • عصام
    الخميس 27 فبراير 2020 - 15:35

    من أكثر المدن التي أزورها، لكنها ضاعت بسبب الاهمال واللامسؤولية

  • Hassan de londre
    الخميس 27 فبراير 2020 - 16:14

    First of all thank you very much for let the whole public of Morocco knowing about this issue .the coach station of essaouira is disgusting and discouraged tourists from visiting this beautiful town
    This issues is been like this for ages nobody bothers to do anything about it . We have been writing many times about it and it has been reported by tourists from England . Those who are responsible for this little beautiful town are not interested at all for sorting out this problem but it it hasn’t sorted out soon we will continue to fight with them until they get the message thanks everyone for associated with us to support this most beautiful windy town

  • حمو الحيحي
    الخميس 27 فبراير 2020 - 16:27

    على المجلس البلدي أن يتحمل مسؤوليته في الوضع الراهن الذي تعرفه المحطة!! ما الذي يمنعه من التحرك الآن "إلى فيهم النفس" ويجهز المحطة بالمعدات اللازمة من كراسي وإنارة وتهيئة المراحيض ؟!! لقد سبق لي ان زرت الصويرة، المحطة مكان عفن جدا ولا يتحمل، سياح قادمين من دول جد متحضرة ليصطدموا بعد نزولهم من وسائل النقل ببول الشماكرية و بعض السائقين !!!!!

  • زاىر
    الخميس 27 فبراير 2020 - 16:49

    من الحمام غدي يكثرو عندو الاصوات في الانتخابات للمقبلة هذا هو الهدف الاول ثم يتبعه الربح الداىم

  • ali
    الخميس 27 فبراير 2020 - 20:32

    C'est une très petite ville, et si les responsables étaient à la hauteur, elle serait une petite merveille. Mais malheureusement ce n'est pas le cas…

  • رباطية
    الجمعة 28 فبراير 2020 - 11:05

    رغم أنها مدينة أجدادي لم يسبق لي زيارتها إلا بالسنة الفارطة الاول مرة مدينة هادءة اناسها طيبون لكنها في قاءمة النسيان بنية تحتية مهترءة لا فضاءات ترفيهية ولا شيء المدينة العتيقة غير مبالا بها المهم المسؤول عن مدينة الصويرة يعيش في كوكب آخر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء