أحشاء الحيوانات في ألمانيا .. من موائد الفقراء إلى أطباق الأغنياء

أحشاء الحيوانات في ألمانيا .. من موائد الفقراء إلى أطباق الأغنياء
السبت 6 أكتوبر 2018 - 04:00

“ينبغي على المبتدئين أن يبدؤوا بالقلب”؛ هذه هي وصية شخص يقضي الكثير من الوقت مع الأحشاء الداخلية للأبقار والحملان وغيرها من الحيوانات. إنه كريستوف هاوزر، الذي يعمل رئيس طهاة في مطعم “هيرتس آند نير” في برلين.

يقول: “القلوب هي عبارة عن عضلات صافية، وما تزال تماثل مذاق الحيوان الذي استُخرجت منه، لكن تماسكها لا يذكّر الشخص بالأحشاء”.

وفي مطعم هيرتس آند نير، ومعناه “القلب والكلى”، لن يجد الزبائن مجرد شريحة لحم واحدة أو شرائح من صدور الدجاج في القائمة.

ويقول هاوزر: “الكلى هي أكثر تحديا إلى حد ما. حيث تتسم بنكهة قوية وفريدة من نوعها. وينطبق الشيء نفسه على ضروع الحملان، حيث إنها تتسم بمذاق الحليب بدرجة هائلة. لكن ليس كل رواد المطعم من المعجبين بذلك”.

وصارت الأحشاء الداخلية للحيوانات شائعة في ألمانيا، ليس فقط لأنها توفر قدرا من التشويق للطهاة المتميزين الذين يتطلعون إلى تجربة مكونات جديدة، بل إن الأمر يتعلق بالاستدامة.

تقول باربرا أنموسيج، رئيسة مؤسسة قريبة من حزب الخضر الذي يراعي البيئة: “ليس لكثير من الأشخاص أي احتكاك على الإطلاق مع الحيوان الكامل، ولهذا السبب لم تعد الحيوانات تؤكل بشكل كلي”.

وتضيف: “لم يعد هناك اهتمام بالحيوان بأكمله، لأن الأشخاص في هذه الأيام يصادفون فقط اللحم في عبوات بلاستيكية في القسم المبرد (من المتاجر)”.

وفي الماضي، كان تناول الأحشاء يرتبط بالمجتمعات الأكثر فقرا. ويذكّر جيرو ينش، من جمعية الجزارين الألمان، كيف كانت أحشاء الحيوانات شائعة في الأيام العجاف بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.

وقد اعتبرت تلك الأحشاء غذاء للفقراء، لكن عندما أصبحت الأجيال الأكبر سناً أفضل حالا، سرعان ما اختفت أحشاء الحيوانات من نظامها الغذائي. وفي هذه الأثناء، كانت شرائح اللحم، واللحم البقري المشوي، علامة على الرخاء “وبالتالي، لم تعد الأحشاء مواكبة لذلك”، حسبما يقول ينش.

لكن هذا بدأ يتغير. وأصبح الرواد في مطعم هيرتس آند نير يندرجون تحت مجموعتين: إحداهما تحب المغامرة والأخرى تتعلق بالحنين إلى الماضي.

والمجموعة الأخيرة هم كبار السن الذين يعاملون المطعم كنوع من آلة الزمن. وهم يقصدون المطعم وتدفعهم فكرة معينة وشوق إلى مذاق معين، ربما كان ذلك الأمعاء التي كانت تعتاد الجدة على طهيها، أو ربما سلطة لسان البقر. ويفعل هاوزر ما يستطيع.

ومع ذلك، يتم توجيه مطعمه بشكل أساسي نحو الأشخاص آكلي اللحوم الأصغر سنًا الذين يبحثون عن مغامرة. وبالنسبة إليهم، هناك قائمة مفاجئة-لا يتم إخبارهم بشيء عما سيأتي من المطبخ-ويمضي كل شيء.

ويقول هاوزر: “نحاول أن نضفي لمسة حديثة على طهي الأحشاء وتقديم ذلك بطريقة فاتحة للشهية تجذب رواد المطعم”.

وسيلفيا هي أقدم زبائن المطعم اليوم. وهي تبدو متشككة ومتحمسّة في الوقت نفسه وهي تنتظر أن يأتي طبقها الرئيسي من قائمة الطعام المفاجئة. وتقول: “كنت طفلة في المرة الأخيرة التي تناولت فيها الأحشاء”.

وبينما كان النادل يقدم الطبق ويسرد مكوناته، أخذت سيلفيا تتفحص طبقها، وكان مكونا من القلب والكلى، وكان عليها أن تتوقع ذلك.

ومع أول قضمة من “قلب الخنزير الوردي وكلى الخنزير المطهوة ببطء مع الجزر، ومعجون الجزر واللفت والبصل الأحمر”، أومأت برأسها. وفي القضمة الثانية، تمضغ ببطء. وتقول: “هذا مثير للاهتمام حقًا. إنه مذاق لذيذ. يمكنني بالتأكيد الاعتياد على ذلك”.

ويعلق أونميسيج آمالا كبيرة على الطهاة الذين يقدمون الكبد والكلى واللسان والقلب كأطعمة شهية.

وينتقل مايكل ريكرت، وهو طبيب بيطري في مجال سلامة الأغذية في ألمانيا، من مجزر إلى آخر، ويتحقق من صحة الحيوانات الحية قبل أن يعلن أنها مناسبة لكي يتناولها البشر.

وقبل كل شيء، يتمنى ريكرت المزيد من الاحترام للحيوانات ويقول: “إذا تم قتلها بالفعل، فكل شيء يجب تناوله واستخدامه”.

وقال إنه إذا كان كل شخص من آكلي اللحوم لا يأكل فقط “القطع الرئيسية، بل الأحشاء كذلك، فإن الإفراط في الإنتاج سيقل بشكل كبير؛ ما يعني هدرا أقل.

وهناك مثال عملي حيث طهى هاوزر مؤخرا طعاما لـ 250 زائرا لمطعمه في مرة واحدة من حيوان واحد. وقال: “لقد قمنا بفصل شرائح اللحم وتقطيعها بشكل رقيق بحيث يحصل كل زائر على قطعة واحدة. ثم كانت هناك العديد من المكونات الداخلية للحيوان. فكانت هناك النقانق وقطع اللحم الهلامية ومرقة اللحم واليخني”.

وبهذه الطريقة، كان لدى كل الزائرين الـ 250 ما يكفي من الطعام، وكلهم أكلوا من حيوان واحد فقط.

*د ب أ

‫تعليقات الزوار

9
  • Abdul/ Asilah
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 03:26

    لن يقبل الاغنياء العرب بهذا الطبق بالرغم انهم تناولوه في صغرهم ايام الفقر

  • Hss
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 04:41

    يبدو ان المانيا بعد الحرب افضل حالا طنا، يا امة ضحكت من جوعها الامم

  • Nini
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 06:13

    أصلا لحم الحيوانات في أوروبا لايطاق كأنك تأكل التراب لامداق له كله هرمونات وادية وسموم ، أنا اقسم بالله وقفت استهلاك اللحوم منذ سنين الا في المناسبات، اما أحشاء الحيوانات فحتى الكلاب لن ترضى عن أكلها شيء مقرف، كل شيء أفسدوه ،

  • جام مغربي
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 06:48

    المهم ان تكون هذه الحيوانات .بيو. طبيعية و ان يتم غسل الاحشاء جيدا فأنا لا أثق في الاكل خارج المنزل حتى لو كانت مطاعم عالمية.

  • nace
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 11:32

    ياليت يذوقون الأحشاء الحيوانية بالطريقة المغربية ليعلموا كم هي سعادة الفقراء بجمال لذتها خصوصا الطريقة المراكشية

  • عاشق الكرداس
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 12:01

    اه لو جربوا تذوق الأحشاء بطرقة الكرداس المغربي بنكهة أهل الجنوب من أراد كرداسة يدير جيم لا يزال عندي كرداس العيد

  • ادريس ولد امزاورو
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 13:28

    أكل اللحم أو الأحشاء لا يفيد الجسم بل يتسبب في عدة أمراض لهذا ابتعدوا عن أكل اللحوم ما أمكن

  • Hassan
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 14:02

    دراسات علمية اثبتت ان الامعاء و معدة الحيوان تتكدس فيها الميكروبات التي تعيش في مناطق الجسم التي لا يتواجد فيها اكسجين .كما هو الحال عند الانسان.

  • ABDAAZiZ
    الأحد 7 أكتوبر 2018 - 11:48

    لحوم البقر والعجول والخرفان لا يمكنك اكلها في اروبا لا مذاق لها بالدارحة باسلة المذاق .في احد الايام ذهبنا عند صديق في فرنسا ولكي يرحب بنا اشترى لنا خروفا من احدى المزارع وذبحناه هناك واخذ فقط اللحم ورمى جميع الاعضاء الداخلية وعدنا الى المنزل ووضعناه في مبرد وفي اليوم الموالي طبخنا منه قليلا ولكن لا احد اراد اكله وبقي هناك في المبرد لمدة شهرالى ان تم رميه .

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز