"الانتقائية الغذائية" .. وجبات الأكل تحبط عائلات "أطفال التوحد"

"الانتقائية الغذائية" .. وجبات الأكل تحبط عائلات "أطفال التوحد"
الأحد 12 يناير 2020 - 05:00

الانتقائية الغذائية أحد أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه أسر أطفال التوحد، تختلف من طفل لآخر حسب ملفه الحسي، حيث تتحول الوجبة الغذائية إلى قلق وإحباط للأهل لصعوبة مشاركة الطفل وجبة الطعام والنفور منه.

لتقريب الصورة أكثر: “علاقة أطفال التوحد مع الطعام كشخص يسافر لأول مرة إلى بلد جديد، كل شيء مختلف، الثقافة، العادات، أنواع الطعام ورائحته، طريقة التقديم، طريقة الأكل، المنتجات التجارية… هذه التجربة تخلق للشخص قلقا وحذرا يصل إلى درجة عدم تناول الطعام والاكتفاء بأنواع متداولة، كقطع شكلاطة، حليب، خبز …”.

ما هي الانتقائية الغذائية:

هي اضطراب الأكل الانتقائي، أو رهاب الغذاء، لا يركز على أي نظام غذائي متوازن، فالطفل يختار القليل جدا من الطعام، نفس النوع، اللون، الرائحة، الشكل، وكذلك التركيز على تفاصيل جد مهمة عند أطفال التوحد، كالاحتفاظ بالصحن نفسه، درجة حرارة الطبق، مكان الأكل، وقت الأكل، والأشخاص المتواجدين حول طاولة الطعام، فكل طعام جديد يشكل له قلقا، أزمة غضب، ويرفضه تماما، لسبب وجيه أنه ليس لديه ثقة في تجريب أي شيء جديد لا يعرفه.

أعراض الانتقائية الغذائية:

– دليل غذائي جد محدود من 10 إلى 15 نوعا من الطعام وأقل، مع رفض الأطعمة الصحية مثل الخضروات، الفواكه، اللحوم…

– الاختناق عند رؤية وشم رائحة الطعام، الغثيان.

– ملامح الاشمئزاز على وجه الطفل عند تقديم كل طعام جديد.

– مزاجية الطفل، الأنين، البكاء.

– الشعور بخوف شديد، الهرب، الانطواء.

– رمي الأشياء، عنف، فوضى عند تجربة كل طعام جديد.

أسباب الانتقائية الغذائية:

– ضعف وحساسية في عضلات الفم والوجه.

– صعوبة في بلع الطعام.

– مشاكل في الجهاز الهضمي.

– الملف الحسي للطفل.

– إما فرط الحساسية (Hypersensibilité)، ينتج عنها عدم التحكم بشعور الشبع، شراهة على نوعية الأكل نفسه (سكريات، نشويات …) مما يؤدي إلى السمنة المفرطة، أو نقص التحسس (Hyposensibilité)، تتمثل في عدم الاحساس بالجوع، رفض الأكل، بنية جسمانية هزيلة.

– رهاب الغذاء (Néophobie Alimentaire).

– صلابة الروتين، وقت الأكل ومكان الأكل، تجنب الأكل في أجواء اجتماعية، تتسبب لهم في ضغوطات نفسية.

مضاعفات الانتقائية الغذائية:

اضطراب الأكل الانتقائي يؤثر سلبا على نمو الطفل، وزنه خاصة، وعلى صحته الجسدية والنفسية عامة، مما ينتج عنه:

– النحافة الزائدة أو السمنة المرضية، شحوب الوجه، ضمور عضلي.

– اضطراب النوم، نقص الطاقة.

– مشاكل الجهاز الهضمي: الارتجاع المريئي، التهاب الأمعاء، جرثومة المعدة، الإمساك الحاد، مغص وصلابة البطن.

– الأنيميا بسبب نقص البروتين، نقص الفيتامينات، المعادن والسعرات الحرارية في الجسم يتسبب في عدم القدرة على التركيز والانتباه.

– ضعف الجهاز المناعي، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض والعدوى الفيروسية.

– عند الإهمال وتفاقم الحالة، يبقى الحل هو إطعام الطفل بأنبوب المعدة (Gastrostomy Tube).

طرق التدخل:

التدخل العلاجي مع أخصائيين، التدخل الروتيني والتدخل الحسي العلاجي داخل البيت مع الأهل.

التدخل العلاجي:

يعرض الطفل على طبيب الأطفال للاطمئنان على صحته العامة، وأخذ وصفة طبية لبعض الفيتامينات، المعادن، أو المكملات الغذائية، والابتعاد عن فواتح الشهية لأنها لا تعدل السلوك الانتقائي، بل قد تنتج عنها أضرار جانبية.

كذلك، مهم استشارة أخصائي التغذية ولو مرة في الشهر لمتابعة الحالة، ولحساب مؤشر كتلة الجسم (IMC).

التدخل الروتيني داخل البيت مع الأهل “تقنية الوجبة العلاجية”:

تعتبر من أهم التدخلات الحديثة في مراكز العناية بأطفال التوحد، تقوم الأخصائية بتدريب الأهل لتسهيل المهمة داخل البيت، حيث يبقى دور الأهل هو الأسمى في حالة الانتقائية الغذائية، والطريقة السحرية للوصول إلى الأهداف المسطرة.

الهدف من هذه الطريقة ليس الأكل مباشرة بل: التعرف على الأطعمة، زيادة الدليل الغذائي عند الطفل، خلق تجربة إيجابية للطفل، نسج علاقة ثقة بين الطفل وصحنه وكذلك مع أهله.

– إلغاء كل المؤثرات الصوتية، وكل شيء يشتت انتباه الطفل.

– احترام وقت الطعام، طاولة الطعام، وصحنه المفضل.

– تبدأ الأم بتقديم وتعريف الطعام للطفل، لونه، تسميته، لمسه، تقطيعه بأشكال هندسية مميزة، عمل سيناريو.

– السماح للطفل باللعب بالطعام لأنه في فترة اكتشاف لشيء جديد، فتقوم الأم بتذوقه دون إجباره على أكله.

– ضرورة الابتكار والإبداع لجلب مزيد من المرح، وأن لا تكون حصة الوجبة العلاجية مملة للطفل.

– مشاركة الطفل في التسوق، غسل الخضار، الفواكه وترتيبها.

– تحضير لوحة للأطعمة المفضلة للطفل، وتشجيعه عند إضافة نوعية جديدة في قائمته المفضلة.

– مشاركة الطفل في الطبخ، ليساهم في كل الخطوات التي يمر بها الطبق.

– المساعدة في تحضير طاولة الطعام.

– تصفح كتب الطبخ، فيديوهات والتركيز على الأطعمة الصحية.

– اكتشاف مع الطفل هرم المجموعات الغذائية الأساسية.

– إضافة البستنة كنشاط.

– التعزيز (Reinforcement)، عند نجاح كل خطوة يعطى للطفل مقابل تحفيزي ليكون هناك دافع قوي للمتابعة والنجاح.

التدخل الحسي العلاجي داخل البيت مع الأهل “تقنيات من العلاج الطبيعي”: مساج لعضلات الفك، الوجه والرقبة، مهم جدا لتقوية المضاغات.

– تمارين تعابير الوجه، (حزين، فرحان، مندهش…).

– مساج البطن لطرد الغازات والتخلص من الإمساك الحاد.

– تمارين التنفس البطني، والمشي في الهواء الطلق.

– النفخ على أشياء خفيفة، (ريش، نفاخة، كلينكس…).

– اللعب بالفقاعات الصابونية.

خوف وقلق يسيطر على الأهل في بداية مسيرة التأهيل، وإعادة التأهيل لطفل التوحد صعبة وشاقة في بدايتها، تحتاج جرعات الثقة والعزيمة لاستمراريتها. طريق طويل تكون الأم حجره الأساس، الثقة والأمل اللذان تمنحهما لطفلها، تلعب كل الأدوار، مقنعة وملهمة…. وكلنا نعلم أن “مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”.

تحياتي لكم أعزائي، نلقاءكم في مقال قادم عن “اضطراب النوم عند أطفال التوحد”.

*أخصائية علاج طبيعي عضو اتحاد المعالجين بكندا- اختصاص توحد- محاضرة ومدربة لأمهات أطفال التوحد حول العالم

‫تعليقات الزوار

12
  • كوثر الراقي
    الأحد 12 يناير 2020 - 05:42

    كنشوف ولدي كل نهار كياكل نفس الماكلة، خبز و كيري، و زايدها عليه الطبيب بدوا و الفيتامينات، و أخصائي التغذية كاليك غي جاولي معاه، كنخلص زبالة فلوس بش يقول ليك سيري سايسي معاه، شكرا على هذ الموضوع، و نتمنى شي حد يدربنا على هاذ التقنيات اللي عندهم برا.

  • Le mec
    الأحد 12 يناير 2020 - 06:27

    نصاءح قيمة، جزاكم الله خير على نشره. من اب لطفل توحدي.. دعواتكم!

  • خبير غذائي رقمي
    الأحد 12 يناير 2020 - 08:59

    لو أكل أطفالنا درهمين من الفول السوداني ، مرة كل يومين ،لاستفادت اجسامهم وعقولهم استفادة كبيرة.لأنه يحتوي على بروتينات نباتية قوية تقوي العضلات و فيتامينات و معادن تنشط المخ. ولكنهم يأكلون الحلوى التي تضر و لا تنفع. اصحاب الدكاكين يضعون الحلوى الباهضة الثمن قريبة من الاطفال حتى يتلهفوا عليها و يطلبون شراءها.

  • ام طفل توحدي
    الأحد 12 يناير 2020 - 14:08

    الى الاخت التعليق 1لا تعتمدي على الاخصائيين هناك كتب عديدة و فيديوهات في يوتوب ممكن تفيدني طفلك بيها خاص شوية وقت لكن كنصيحة حاولي ما أمكن تنوعي الاكل وماتمشيش معا طفلك في انتقاءه الغداءي يعني اذا بقيتي تعطيه الخبز والفرماج كاتزيدي المقاومة ديالو بهاذ النوع من التصنيف حاولي تشوفي اذا كان ياكل المعجنات ديري معاهم الخضرة وبشوية بشوية غاذي يبدا يتحسن خاصك تعتعرفي على شي حاجة تاتعجبو بزاف ومن هناك تنطلقي على سبيل المثال انا طفلي بديت بماقارونية بالطماطم ومن بعد وليت نظيف خضر لطمية قليلة الا ان أصبح ياكل كل اصناف les pâtes شوية اكتشفت انه يحب الارز حيث مرة طبخت كبسة بالزبيب والدجاج وهو جا بوحدو وبغا يذوق شم رائحة وعجباتو وهو يبدا ياكلها مرة أخرى اللحم مشوي بليقامة جا بوحدو وخدا اللحم من الطبق ومن تمة عرفت بأنه يحب الاكل مقوم يعني ليقامة ويكون بنين ههههه ومن تمة بدا ينفتح على اكلات جديدة والحمد الله الان ياكل مزيان ما خاص حتى واحد يفقد الامل بالله اطفال التوحد كايتطورو مزيان غير خاص الوقت وخاص العناية والكمال الله

  • محمود من دبي
    الأحد 12 يناير 2020 - 16:13

    شكرا على هذه النصائح القيمة، الموضوع في الصميم لكل ما أعيشه مع ابني،
    مسيرة موفقة للأخت دنيا زيدالخير

  • Youssef
    الأحد 12 يناير 2020 - 16:16

    من بين أصعب الأمور التي تتعب كاهل الآباء و الأمهات مرض طيف التوحد. و هو مرض متعدد الأسباب و يؤثر على نفسية الطفل. خاصة الجانب المتعلق بالتغذية فالطفل يرفض التغيير . و الوالدين ينتابهما القلق و التوثر و قد يعنفان الطفل… و نحن في هذه المرحلة ينقصنا الكثير من التأطير في ما يخصص هذا التخصص. و لا بأس باستشارة المدربين و المعالجين في هذا المجال عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وقد عايشت بعض حالات التوحد التي شفيت بالرقية الشرعية. فلا بأس أن يجرب الآباء جميع أسباب العلاج الميسرة. و نسأل الله الشفاء للجميع.

  • السجلماسي
    الأحد 12 يناير 2020 - 17:03

    شكرا للاختصاصية على النصيحة
    اشكالية التغذية مرتبطة بامكانيات الاسر. فمن الصعوبة. مناسبة كل الاغذبة لحاجات التوحدي
    لذلك يجب مساعدة الاسر على مباديء عامة بدل وجبات معيتة
    الاساس هو الابتعاد عن الكلوتين والمنتجات. الحيوانية و العمل على تدريب الاطفال بشكل تدريجي على تنويع الزجبات

  • فاطمة من مراكش
    الأحد 12 يناير 2020 - 17:22

    أتمنى من السلطات القاء الضوء على موضوع التوحد، و توفير اخصائيين عندهم تجربة في المجال، الكتب و الفيديويوت لا تعطي نتيجة، كانسان يعيش الحالة
    شكرا للنصائح القيمة، و أتمنى مشاركة محاضرات الأخت، لأنني ارى اسلوبها جد ايجابي
    تقبلوا مروري

  • جمعية التوحد ببرشيد
    الأحد 12 يناير 2020 - 18:19

    السلام عليكم،
    اذا ممكن للأخت دنيا زيدالخير الإجابة كيف يتم تدريب أمهات أطفال التوحد؟ هل بحصص فردية أو جماعية، و في أي مدينة ؟
    معكم أختكم أم لطفلين توحد، و عضوة في جمعية ببرشيد
    شكرا جزيلا

  • عائشة من اكادير
    الأحد 12 يناير 2020 - 19:25

    غياب تام للخدمات في مجال التوحد، مع غياب الوعي داخل المجتمع، يرونه كأنه كائن فضائي، و الكل يدمرك، ابني 7 سنوات، احاول تعليمه في البيت، الجمعيات اسعارها خيالية، لفقر الدعم الحكومي… الله يرفق بنا
    اذا في اي دورة تدريب، المرجو نشرها على جريدتكم الموقرة
    شكرا جزيلا للأخت و لهيسبريس
    عائشة

  • زكرياء
    الأحد 12 يناير 2020 - 20:21

    يمكنكم الدخول إلى موقع إدراك والتسجيل في مساق التوحد ستستفيدون كثيرا في كيفية تتيع أطفالكم من الناحية الغذائية والسلوكية

  • هشام من مراكش
    الإثنين 13 يناير 2020 - 03:52

    ابني 6 سنوات، توحد مع اضطراب مزمن بالأكل، كل الأعراض التي ذكرت في المقال تنطبق عليه، غثيان و بكاء عند شم رائحة اعداد الطعام، نوبات هستيرسية عند الطلب منه تجريب طبق معين، كل ما يأكله فواكه و خبز، نفس الصحن و نفس مكان الأكل… للصراحة لم نجرب معه هذه التقنية الوجبة العلاجية، التي ذكرت الأخصائية، و لكن ارى انها مناسبة لانه لا يعرف اسماء الاطمعة و حتى لم يجرب تذوقها من قبل.
    شكرا على هذا الموضوع المفيد

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 7

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 1

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 3

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال