حكاية مغاربة لا يأكلون خبز القمح

حكاية مغاربة لا يأكلون خبز القمح
الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:39

لمدة طويلة على العديد من المستشفيات والعيادات الخاصة، لإيجاد تفسير علمي لأعراض الإسهال والهزال وفقر الدم والتأخر في النمو، التي ظل يعاني منها مذ كان طفلا صغيرا، قبل أن يعلم أنه مصاب بمرض علاجه الوحيد هو اعتماد نظام غذائي خال من المواد المصنوعة بالأساس من دقيق الشعير والقمح بصنفيه الصلب واللين… إنه المرض الجوفي.


والسيد أنس، الذي يعمل حاليا ممرضا بإحدى المستشفيات، ليس إلا واحدا من بين عدد كبير من المغاربة الذين يعانون من هذا المرض غير المعروف على نطاق واسع، والذي يتطلب نظاما غذائيا صارما خاليا من أي مادة غذائية تحتوي، ولو على حجم ضئيل، من دقيق عدد من الحبوب كالقمح والشعير.


` صعوبة تشخيص المرض الجوفي `


في تعريفه للمرض، يقول الأستاذ غيور المهدي، المختص في الحمية والأستاذ بمعهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي بالرباط، إن الأمر يتعلق بحساسية ضد بروتين يوجد في بعض الحبوب، كالقمح والشعير، يدعى (الجلوتين)، تصيب الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة، الشيء الذي ينتج عنه سوء امتصاص للعناصر المغذية من بروتينات ودهنيات وسكريات وفيتامينات وأملاح معدنية، ويؤدي بالتالي إلى ظهور الأعراض سالفة الذكر.


ويضيف الأستاذ المهدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه ولكون أعراض هذا المرض مشتركة مع أمراض أخرى عديدة، فإن مسألة تشخيصه من طرف الأطباء تظل صعبة، بحكم أنهم لا ينتبهون إلى احتمال الإصابة به إلا بعد مدة قد تطول وقد تقصر من البحث والفحوصات.


وبالنظر إلى الكلفة المرتفعة التي يتطلبها تشخيص المرض، وعلى اعتبار أن غالبية الأطباء المتخصصين في طب الأطفال أو في أمراض الجهاز الهضمي يتمركزون على الخصوص في محور الدار البيضاء ` الرباط، فإن المريض، يجد نفسه حائرا أمام طبيعة المرض الذي يعاني منه، بعد أن يكون قد جرب أصنافا من الأدوية لم ينفع معها علاج.


` معاناة في تطبيق النظام الغذائي `


وإذا تمكن المريض من اكتشاف طبيعة مرضه وعلاجه، فإن تحديا آخر سيبرز أمامه، وهو تحدي أن يعتاد على نظام غذائي جديد وصارم مع ما يرافق ذلك من صعوبات متعددة إن على المستوى الاقتصادي أو النفسي أو الاجتماعي.


فعلى المستوى الاقتصادي، يوضح أنس، أن تطبيق النظام الغذائي الخاص بالمرض يتطلب مصاريف إضافية، حيث إن مواد الحمية الخالية من الجلوتين مرتفعة الثمن ( ثمن الكيلوغرام الواحد من الدقيق الخالي من الجلوتين يعادل 180 درهم)، والكمية المتوفرة منها في الأسواق قليلة، وذلك لكون الموزعين لا يقدمون على استيرادها وتسويقها نظرا لأن حجم الفئة المستهلكة القادرة على اقتنائها ضئيل، ومدة صلاحيتها قصيرة.


وهذا الهاجس المادي، هو ما عبرت عنه السيدة فاطمة.د التي يعاني ابنها ذو ست سنوات من هذا المرض، حيث تؤكد أن تكلفة النظام الغذائي لابنها تفوق ألفا و400 درهما شهريا، معربة عن أملها في أن يتم إنتاج المواد الغذائية الخالية من (الجلوتين) داخل الوطن لأن استيرادها من الخارج وإخضاعها للضرائب يزيد من تكلفتها المادية.


وتضيف السيدة فاطمة، التي تعمل أستاذة بالسلك الأساسي، أن المعاناة لا تقتصر على الجانب المادي فحسب، بل تتعداه إلى الجانب النفسي حيث يجد ابنها نفسه ممنوعا من تناول الحلويات وقطع البسكويت التي يستمتع بها أخوه في المنزل، وأقرانه في الشارع وفي فترات الاستراحة بالمدرسة يوميا .


تقول فاطمة إن “ابني لا يتقبل فكرة أن يكون محروما من تناول الخبز والحلويات، ودائما يعرب عن تذمره من هذا الأمر، ويحس بنوع من الحرمان عندما يرى أخاه وأصدقاءه يستهلكونها ويتلذذون بها”، مشيرة إلى أنها وإن كانت تحاول استدراك الأمر باقتناء بسكويت محضر من دقيق خال من (الجلوتين) يصل ثمنه إلى 30 درهما، فإن ذلك لا يخفف من حدة المعاناة النفسية لابنها.


أما على المستوى الاجتماعي، ولأن المرض غير معروف عند الناس، فإن المصاب به يكون مضطرا في كل وقت لشرح مبدإ نظامه الغذائي عندما يسأله أحدهم “لماذا لا تأكل الخبز”، وهو ما يحد من مشاركته في الأنشطة الاجتماعية خارج منزله، بحيث يعتذر عن حضور المناسبات الاجتماعية كالأعراس، ويجعله مقتصرا على عدد محدود من الزيارات العائلية.


وجه آخر من أوجه المعاناة تكشف عنه السيدة كريمة.ج (40 سنة)، المصابة بالمرض، والتي يتطلب عملها السفر بشكل مستمر، حيث يتعين عليها أن تحمل في كل مرة حقيبة تتضمن وجبات غذائية تقوم بتحضيرها بنفسها، إذ أن الفنادق والمطاعم لا توفر، إلا نادرا، وجبات تستجيب لطبيعة مرضها.


` الجمعية المغربية لذوي الحساسية ضد الجلوتين.. مبادرة للم الشمل `


للمساهمة في تجاوز هاته الصعوبات، تم سنة 2001، تأسيس جمعية تعنى بهذه الشريحة من المجتمع تحمل إسم “الجمعية المغربية لذوي الحساسية ضد الجلوتين”، وتتخذ من دار الشباب (الليمون) بالرباط، مقرا لها.


وأكدت رئيسة الجمعية السيدة نجاة أتاسي، وهي مصابة أيضا بهذا المرض، أن الفكرة جاءت للم شمل المصابين بالمرض الجوفي، ومساعدتهم على تتبع النظام الغذائي الخالي من الجلوتين، وخلق فضاء للاستقبال وتبادل وتعميم التجارب في مجال تحضير وجبات صحية انطلاقا من الأرز والذرة الخاليين من بروتين (الجلوتين).


وأوضحت السيدة أتاسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجمعية تهدف أيضا إلى التواصل مع العاملين في المجال الطبي وشبه الطبي لتوفير ظروف استشفاء أحسن، وكذا التنسيق مع شركات الصناعات الغذائية لصنع وتوزيع منتوجات غذائية خالية من الجلوتين من جهة، والتأشير على غلاف المنتوجات الغذائية التي ينتجونها ما إذا كانت تحتوي على مادة “الجلوتين” أم لا.


وبخصوص عدد المصابين بالمرض الجوفي على المستوى الوطني، تؤكد السيدة أتاسي انه لا توجد أية إحصاءات رسمية بهذا الخصوص، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الجمعية تعرف، في المتوسط، انخراط ثلاثة مرضى جدد في الأسبوع تتم إحالتهم عليها من طرف الأطباء المشرفين عليهم.


ورغم المعاناة التي يعيشها ذوو الحساسية ضد بروتين الجلوتين، فإن السيدة أتاسي تشدد على أن لهذا المرض حسنة تحسب له، وتتمثل في كون النظام الغذائي الذي يخضعون له سليم ومتنوع ومتوازن، حيث يحرص المرضى على سبيل المثال، على تناول كمية أكبر من السلطات المحضرة بالخضر والفواكه.


كما أن المصابين بالمرض، تضيف رئيسة الجمعية، يكون لهم اهتمام زائد بطبيعة ما يتناولونه من مأكولات، ويكونون صارمين من حيث قراءة المعلومات الواردة على أغلفة المنتوجات الغذائية التي يقتنونها، إضافة إلى استغنائهم عن اقتناء الوجبات التي تحضر خارج المنزل، وبالتالي تلافي احتمال الإصابة بعدد من الأمراض والتسممات الغذائية.

‫تعليقات الزوار

7
  • امازيغية اصيلة
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:45

    هذا المرض يدعى maladie coeliaque يصيب الجهاز الهضمي و يؤدي الى تلف الامعاء الدقيقة و يتوقف امتصاص العناصر الغذائية و يحدث هذا عندما يتناول بعض الاشخاص مادة الجلوتين و هي نوع من انواع البروتينات المتواجدة في القمح و الشعير فيقوم الجهاز المناعي بردة فعل تتلف نتوءات جدار الامعاء الدقيقة maladie auto immune مما يؤدي الى انكسارها و فقدها فيصاب الشخص بسوء التغذية لعدم قدرته على امتصاص العناصر الغذائية

  • ابن العاصمة
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:47

    اعرف شابا مصابا بهذا الداء لحسن حظه هو مقيم بايطاليا والدولة تتحمل عنه نفقات اقتناء دقيق خاص بمرضى هذا الداء فهو يتقاضى شهريا 120 اورو

  • المصري.
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:43

    مغرب ديلنا اصافي،كلشي موجود ولكن بحال إيل مكينوالو،حيت لعقليات،لخاصينا،حنا قدرين أوكلشي بيدنا،شحال من الهكتارات دلقمح،أمازل كنتصابو بمثل هاد الامراض،عجيب،زعما موسيم فلاحي جيد،إوا نتمنى من الخطط الاخضر ارد البال لهاد شي

  • أبو سعد
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:51

    فعلا هو مرض مضني ومكلف ، فابني ذو السنتين من عمره اصيب بهذا المرض السنة الفارطة عندما كان سنه سنة واحدة بحيث تأخرت في اكتشافه لانني اقطن بمدينة صغيرة وعند عرضه على طبيب للاطفال بالبيضاءاحالني على مستشفى ابن رشد للاطفال حيث مكث به 22 يوما وتم التعرف على المرض وهو المرض الزلاقي حيث الامعاء لا تمتص الاغذية التي تحتوي على الجلوتين ..لتنطلق بعد ذلك معاناة كبيرة في اتباع نظام حمية ومنها على وجه الخصوص حليب خال من الكليكوز واسمه AL 110 وثمن العلبة الواحدة 69.50 درهم .
    من حسن الحظ ان ابني مازال صغيرا وقد يتاقلم مع الحمية رغم صعوبة المراقبة.
    اتمنى ان يتم انتاج المواد الخالية من بروتين الجلوتين بالمغرب حتى تكون في متناول المرضى.

  • abdou/canada
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:49

    العلاج لهذا المرض هو أكل الجبز الخالي من مادة ” الجليتين” . يوجد هذا النوع من الخبز هنا بكندا للمرضى بهدا المرض.
    الطريقة سهلة للتخلص من مادة الجليتين بحيت يتم عجن الدقيق بطريقة بعد إشباعه بالماء حيث تدوب المادة بالماءثم يفرز العجين عن الماء وذلكه.
    وهي أسهل الطرق .
    قبح الله الجهل

  • ميساء
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:53

    لقد عانيت فعلا مع هدا المرض لدرجة فقد فيها الامل في الحياة وبعد زيارة طبيب قام بتشخيص المرض فاكد لي بان العلاج الوحيد هو اتباع نضام غداااىءي خال من القمح و الشعير و الشوفان لقد كان الامر صعب جدا ولم استطع التكيف مع الامر الا بعد مدة طويلة والحمد لله الان و بفضل من الله و بفضل امي قمت بالتحاليل و علاقة الدعاء بالموضوعكنت ادعو بالحاح الله ان يشفيني انه سر عضيم

  • مغربية
    الأربعاء 2 شتنبر 2009 - 18:41

    الحل هو جلب المواد الغدائية الخاصة بمرضى هدا النوع من المرض ان يجلبوا اكلهم من ايطاليا هدا في حالة ادا وجد شخص يعاني من نفس المرض هناك انا عندي اختي تعاني من هدا المرض تعيش بالمغرب ولي ابن اخي يحمل نفس المرض يعيش بايطاليا دائما يئخد مايلزمه من اكل له ولاختي ويرسله لها مع القطار هدا هو الحل يقولون انه هالمرض وراثي هو فعلا كدلك اثنين من اخواتي وابن اخي يعانون من نفس المرض

صوت وصورة
أساتذة باحثون يحتجون بالرباط
الخميس 18 أبريل 2024 - 19:36

أساتذة باحثون يحتجون بالرباط

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 104

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 97

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري