باحثون يناقشون بالرباط أسباب العنف في أوساط الشباب

في خضمّ ارتفاع العنف في أوساط الشباب في المجتمعات العربية، في ظلّ التحوّلات التي تعرفها هذه المجتمعات، حاوَلَ باحثون خلال ندوة دوليّة بالرباط، نظمتها كليّة علوم التربية، جامعة محمد الخامس ووكالة التنمية الاجتماعية، البحْث عن أسباب انتشار العنف في أوساط الشباب، والحلول الممكنة لمواجهته.

عبد اللطيف كداي، رئيس فريق البحث الشباب التحولات المجتمعية والتربية بكلية علوم التربية بالرباط، قال في الكلمة الافتتاحية للندوة، إنّ الشباب في العالم العربي أصبح يعيش اليوم مشاكل كثيرة لم يكن يعانيها من قبل، بسبب الشعور بالنقص والإحباط والتوتّر، وأضاف أنّ عنف الشباب يتزايد كلّما اشتدّت الهشاشة الاجتماعية.

من جانبه قال خالد عبد الرحمان العطيات، عميد كلية العلوم التربوية جامعة الحسين بن طلال بالأردن، الذي قدّم دراسة حول أسباب العنف في الجامعات الأردنية، ومقترحات بشأن حلول له، إنّه لا بدّ من لفْت المسؤولين الحكوميين والذين يرسمون الخطط في المؤسسات التعليمية، من أجل اعتماد مبدأ الوقاية لمعالجة عنف الشباب.

واعتبر هاني حتمل محمد عبيدات، من قسم مناهج التدريس بكلية العلوم التربوية جامعة اليرموك بالأردن أنّ عُنف الشباب أصبح ظاهرة تستحقّ الدراسة، بعدما أصبح ثقافة سائدة في المجتمعات العربية، وأضاف أنّ العنف لا يقتصر فقط على الأفعال العدوانية المادّية، بل هو كلّ ما يمكن أن يشكّل إيذاءً للآخرين، بغضّ النظر عن نوعه.

وأضاف المتحدّث أنّ من بين الأسباب المؤدّية إلى العنف التنشئة الأسرية الخاطئة، التي تتّسم بسيطرة الأب على باقي أفراد الأسرة التي هي نواة المجتمع، وكذا النظام التعليمي التسلّطي القائم على الاستبداد والتحكّم، واعتبر المتحدّث أنّ التحكّم في علامات (النقط) الطلبة يُعتبر من أكبر درجات العنف الممارس في حقّ الطلبة.

واستطرد المتحدّث أنّ الفقر والبطالة، أيضا، يعتبران من الدوافع نحو العنف، إضافة إلى ما يشاهده الشباب على القنوات التلفزيونية الفضائية، والتي يغلب على ما تقدمه العنفُ، وتابع عبيدات أنّ الشباب العربي يفتقد إلى المهارات الاجتماعية، من أجل إقامة صداقات، وفتح جسور الحوار مع الآخر، وهو ما يؤدّي إلى أن يتصرّف بعنف.

الأخضر النصيري أستاذ بجامعة صفاقس بتونس تحدّث في مداخلته عن أنواع العنف المستشري في أوساط الشباب في المجتمعات العربية، وقسّمه إلى العنف الاجتماعي والنفسي والصحّي، وقال في هذا الصدد إنّ التعاطي للتدخين، والمخدّرات، والحمْل غير المرغوب فيه باسم الحرية الفردية يعتبر نوعا من أنواع العنف.

وقال سليمان بن عبد الله العقيل، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالسعودية، إنّ معالجة مشكل العنف في أوساط الشباب العربي يستدعي البحث في لبّ المشكل، وأضاف أنّ بعض المشاكل لتي يعاني منها الشباب العربي اليوم، مثل البطالة، هي مشكلات ظاهرة يسهل البحث عن حلول لها، “لكن هناك مشكلات أعمق يجب أن تنطلق منها المعالجة”.

وتابع العقيل أنّ العرب لديهم مشكلة ثقافية عميقة، تجعلهم موزّعين، نفسانيا، بين العيش وفق أعراف الماضي، أو تقليد الآخر، وأوضح المتحدّث أنّ التوجّه الديني يعتبر، أيضا، من أعمق المشكلات في العالم العربي، بعد ظهور جماعات تقود إلى أقصى اليمين، في مقابل وجود جماعاتٍ أخرى، حداثية، تقود إلى أقصى اليسار، وهو ما يجعل الشباب يعيش بين توجهين متناقضين.

وقدّمت سليمة قاسي، أستاذة بجامعة العربي بن مبيدي أم البواقي بالجزائر دراسة حول أسباب ظاهرة العنف لدى الشباب الجامعي وآثارها ودور الأسرة في الحدّ منها، وقالت إنّ العنف لا يقتصر فقط على الشباب الذي يدرس في الجامعات، بل يمتدّ إلى طلاب التعليم الثانوي والإعدادي، الذين هم في طور الانتقال إلى مرحلة الشباب.

وحسب أرقام الدراسة التي قدمتها سليمة قاسي، والتي شملتْ عيّنة من 200 أستاذ وأستاذ التعليم الثانوي، فإنّ 85 في المائة منهم يرْون أنّ العنف السائد وسط الطلبة هو عنف جسدي، سواء بين التلاميذ أو على الطاقم الإداري، فيما يعتبره 15 في المائة عنفا معنويا، وترى نسبة 90 في المائة من الأساتذة المستجوبين أنّ الأسرة تتحمّل المسؤولية الأكبر في انتشار العنف في أوساط الطلبة، وتأتي المدرسة في الرتبة الثانية، ثم الشارع فوسائل الإعلام.