هل تؤثر سلاسَة الاتصال على العلاقات الإنسانية بين المغاربة؟

هل تؤثر سلاسَة الاتصال على العلاقات الإنسانية بين المغاربة؟
الثلاثاء 28 يوليوز 2015 - 07:30

يرتفع معدل الحديث عبر الهواتف المحمولة سنة بعد سنة، ليصل إلى 94 دقيقة للفرد الواحد خلال الربع الثاني من هذا العام، بما مجموعه 12,54 مليار دقيقة لكل المغاربة، وهو ما يبين ارتفاع نسبة الدقائق المستهلكة عبر الهاتف المحمول بـ6 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، حسب ما نشرته الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات.

أسباب كثيرة تقف وراء هذا النمو المستمر، منها انخفاض سعر الاتصالات عامًا بعد عام، إذ بلغ سعر الدقيقة 0,3 سنتيم، بينما كان السعر يبلغ 0,34 العام الماضي، وانخفاض أثمنة الهواتف المحمولة، وذلك في وقت يحقق فيه المغاربة ولوجًا مكثفًا إلى شبكة الانترنت، وصلت نسبة ارتفاعه هذا العام إلى 44,35 في المئة فيما يخصّ المشتركين في خدمته، بفضل تراجع أسعار الولوج والاشتراك في خدمة الجيل الثالث.

بيدَ أن تكلفة هذا التطوّر في الاتصالات الهاتفية والإلكترونية قد تكون باهضة على قيمة التواصل الإنساني، فدراسات عديدة أكدت أن التطور التكنولوجي الذي سمح بدمقرطة الاتصالات الهاتفية والولوج إلى الانترنت، أثر بشكل كبير على العلاقات الإنسانية.. ومن ذلك دراسة أمريكية، نُشرت على Scientificamerican، تؤكد ان الانشغال بالهاتف المحمول أثناء لقاءاتنا الاجتماعية يهدد بنسف العلاقات الإنسانية، وأن استخدمنا للهاتف لأجل التواصل مع البعيدين، يضع الكثير من العراقيل لتواصلنا مع من يحضرون معنا في الزمان والمكان.

يؤكد رضا امحاسني، أستاذ علم النفس بالجامعة الدولية بالبيضاء، ماجاء في هذه الدراسة، مشيرًا إلى أن التأكيد بأن التطوّر التكنولوجي يبقى أمرًا إيجابيًا في التواصل، ومن ذلك تقريب المسافات مع أفراد العائلة القاطنين في مناطق بعيدة، لا ينفي أنه أنتج نوعًا من البرودة في العلاقات بين أفراد الأسرة القاطنين مع بعضهم بعضًا.

ويضيف خبير علم النفس ذاته ،في تصريحات لهسبريس، أن الطريقة السريعة التي تتطوّر بها طرق التواصل غير المباشرة، أبعد الفرد عن التواصل المباشر مع الآخرين، وجعل كل واحد منا ينحو في تجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي من التواصل عبر هاتفه الذكي. بيدَ أن هذا الاكتفاء الذاتي لا يتحقق بالطريقة المثلى، إذ يبقى قاصرًا ما دام التواصل يركز على مضمون الرسالة فقط وعلى حاسة وحيدة بدل الحواس الخمس المفروضة في التواصل السليم، إذ يتطلب هذا الأخير الإحساس المباشر وطبيعة الكلام والملامح ونبرة الصوت والوعي واللّا وعي واللمس وما إلى ذلك.

هل سيؤثر هذا التنامي للتكنولوجيا على القيم الجماعية التي تبقى منتشرة بشكل أكبر في المجتمع المغربي؟.. يقول امحاسني إنه يستبعد ذلك، متحدثًا عن أن الأسرة في المغرب تبقى الخلية الأساسية للمجتمع، ومهما بلغت درجة ذاتية أفرادها إلّا أنهم يحرصون على استمرار قيم الجماعة، دليله على ذلك، الهجمات التي ترفض التسامح المطلق مع الحريات الفردية، مبررة ذلك بالدين والعادات والتقاليد وطبائع الناس.

ويضيف امحاسني: “خلال السنوات الـ15 الماضية، وقعت تحوّلات تكنولوجية سريعة زادت من هدم القيم الجماعية في الكثير من المجتمعات الغربية، وما يؤكد ذلك استمرار انتشار دور العجزة في هذه المجتمعات، أما في المغرب، فمثل هذه الدور تبقى نادرة، والأسرة لا تزال قوية لكثير من الاعتبارات. بل إن الأسرة المغربية عكست صورتها في المواقع الاجتماعية، فالأخ مثلًا يراقب منشورات أخته وقد يطلب كلمة السر الخاصة بحسابها، وهناك حدود اجتماعية لا يجب تخطيها في فيسبوك عند الكثير من الأفراد”.

‫تعليقات الزوار

4
  • مصطفى
    الثلاثاء 28 يوليوز 2015 - 10:38

    عندما تم اختراع التلفاز ظن الكثير أن هذه الوسيلة ستزيد من تمتين العلاقات الأسرية لأنها ستتيح لهم الإجتماع في مكان واحد لمدة أطول. لكن سرعان ما تبين للذين استبشروا خيرا بقدوم هذا الجهاز أن هذاالأخير ساهم في إضعاف التواصل الأسري بدل تقويته إذ رغم تواجد أفراد الأسرة في مكان واحد فالكل يتجه بنظره وفكره إلا التلفاز على حساب تبادل النقاش والدفء العائلي الذي كان يستمتع به ويستفيد منه كل أفراد اﻻسرة على اﻻقل خلال الأكل وأثناء الجلسة المسائية.
    تطور وسائل الإتصال ومنها الهواتف الذكية سيزيد من تدهور العلاقات الأسرية إذا لم نحسن التعامل معها. فمع قدوم هذه الأجهزة حتى التواجد في مكان واحد أصبح متعذرا فالكل يمتلك جهازه الخاص ويفضل التواجد بمفرده ولو كان داخل المنزل.
    يجب على أولياء الأمور أن يفرضوا قواعد يلتزم بها أفراد الأسرة تعيد التوازن الأسري بحيث تحدد بعض اﻻوقات يكون إستعمال الهوانف الذكية ممنوعا أثنائها كأوقان الأكل والمطالعة والجلسة الأسرية وأن يحرصوا على تطبيق هذه القواعد بالصرامة الازمة

  • stop
    الثلاثاء 28 يوليوز 2015 - 11:02

    ما يؤثر حقيقة على العلاقات الانسانية بين المغاربة هو الفقر و البطالة و انتشار ظاهرة الغش و الاجرام و السرقة و انعدام الامن و الثقة و التسيب و الامية و الفوارق الطبقية و الاجتماعية و المحسوبية و عدم تكافؤ الفرص و انعدام الصرامة في التعامل مع المذنبين …
    هذا ما يؤثر حقا في العلاقات الانسانية بين المغاربة .

  • باعلي تيداس
    الثلاثاء 28 يوليوز 2015 - 12:13

    تاثير كبير وسلبي في العديد من جوانبه..المادية والنفسية والروحية..نستعمل الهاتف النقال بكيفية مفرطة في اشياء تافهة…الام في الصالون وتطلب من بنتها او الخادمة في المطبخ ان تتفقد الكوكوت. وتزيد الملحة..وتقلب اللحم ..وهي على بعد 4م. دون ان تعرف ان ذلك يكلفها 7 دهم..صلة الرحيم والاطلالة على الوالدين خلال المناسبات الدينية اصبحت تعوضها مكالمة هاتفية…الخ..فمنافع المحمول كثيرة لمن يحسن استعماله…قد يذر على الشركات المحتكرة للميدان ارباحا ضخمة تستفيد منها خزينة الدولة كذلك. وحتى اطباء العيون(اغلب الاطفال والمراهقين يحملون نظارات بصرية)..ولكن القيم الاخلاقية تندثر لان حب الاطلاع على خبايا هذا الجهاز يسبح بالمستعمل الى عالم الاباحيات..والجنس..ولعب المغامرات…والكذب..والافتراء…وحتى الاساءة للاخر عبر التصنت وتشويه الصور وافشاء الاسرار…ووو….اللهم نسالك اللطف..

  • soussi
    الثلاثاء 28 يوليوز 2015 - 19:07

    مهما ازدادة المكالمة بالمجان مهما ازدادة التبركيك
    الهاتف وسيلة للتقارب بين الاهل والاحباب
    ونحن غالبا نستعمله في التبركيك

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد