امتحانات دون فلسفة .. جدل جديد يشغل مغاربة "التواصل الاجتماعي"

امتحانات دون فلسفة .. جدل جديد يشغل مغاربة "التواصل الاجتماعي"
الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 02:20

أثار خبر “حذف أو تعويض” مادة الفلسفة بالتربية الإسلامية في امتحانات البكالوريا المهنية، جدلاً واسعاً في المغرب. ففي الوقت الذي حاولت الحكومة تطمين الرأي العام، رأى آخرون أن القرار “قتل” لحرية التفكير والنقد والتحليل.

“إنهم يخافون الفكر ومن الإنسان المفكر، لذلك يريدون خلق جيل لا يفكر بل يكتفي فقط بتقديس كل ما هو متوارث”، هكذا رد عبد الملك قلعي، 26 سنة من الناظور (الشمال الشرقي للمغرب)، عن ما أشيع بخصوص “استبدال الفلسفة بمادة التربية الإسلامية”، في تصريحه لـDWعربية. عبد الملك واحد من الشباب المغربي الذين استغربوا من هذا القرار، واعتبروه تشجيعاً على “الاجترار والانقياد الأعمى للآخرين”. وفي هذا السياق، دونت الشابة حليمة عامر، 24 سنة (من الرباط): “لا مجال للاستغراب إن حُذفت مادة الفلسفة من المقررات الدراسية بأكملها… بما أنهم يذهبون بنا إلى الهاوية ويريدون إنتاج جيل من الضباع”.

الجدل حول الموضوع فتح باب النقاش أمام قضايا مصيرية تخص الجيل القادم والتعليم في المغرب، كما رُبط الأمر بزيادة ظاهرة التطرف وسط الشباب المغربي.

امتحانات دون فلسفة

الموضوع الذي أشعل فتيل النقاش في المغرب حول تدريس الفلسفة وعدمه، يرجع إلى القرار الذي وقعه وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، خلال توليه مهام وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة. وصدر في الجريدة الرسمية بتاريخ الثاني عشر من شهر فبراير 2018.

وتشير المادة المتضمنة للقرار إلى أن طلاب الثانوية العامة المسجلين بالسنة الأولى برسم الموسم الدراسي 2017-2018، سيجتازون اختبار مادة التربية الإسلامية ضمن مواد الامتحان الوطني الموحد برسم الموسم الدراسي 2018-2019، في حين سيجتاز طلاب الثانوية العامة بالسنة الثانية من سلك البكالوريا المهنية برسم الموسم الدراسي 2017-2018، اختبار مادة التربية الإسلامية ضمن مواد الامتحان الوطني برسم نفس الموسم.

بالإضافة إلى هذا، فالمصدر يشير إلى أن المترشحين المكررين بالسنة الثانية من سلك البكالوريا المهنية برسم الموسم الدراسي 2019-2020، سيجتازون اختبار مادة التربية الإسلامية ضمن مواد الامتحان الجهوي الموحد الخاص بالمترشحين الأحرار برسم نفس الموسم.

نفي رسمي

في ندوة صحفية عقب انعقاد المجلس الحكومي، نفى مصطفى الخلفي الوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة، يوم الخميس 22 فبراير 2018، ما يشاع حول اتخاذ الحكومة قراراً يقضي بإلغاء مادتي الفلسفة والتربية الإسلامية من مقررات الباكالوريا.

وفي هذا الإطار، أكد الوزير المغربي على “أنه ابتداء من الموسم الدراسي الحالي، تقرر نقل إجراء الامتحانات النهائية في مادتي الفلسفة والتربية الإسلامية إلى السنة الأولى من البكالوريا، بدل السنة الثانية كما هو الشأن بالنسبة للمواد الأدبية”.

كما صرح بأن “الأمر لا يتعلق بالإلغاء بل بإعادة ترتيب بعض المواد ضمن مسلك السنة الأولى من البكالوريا”.

وفي تصريح لـDWعربية، قال حسن العيساتي، الخبير التربوي المغربي، أن الخبر “غير صحيح”. كما رأى أن “النقاش مغلوطا” مادامت الفلسفة لا تدرس إلا في السنة الأولى من البكالوريا المهنية؛ إذ تقتضي هذه الشعبة تخريج طلبة مؤهلين لدخول سوق العمل، مع الحرص على تلقينهم مواد أساسية كالرياضيات واللغات إلى جانب الإسلاميات.

“استهداف أيديولوجي للمادة”

بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب عبروا عن استغرابهم بخصوص “حذف أو تعويض” مادة الفلسفة في المقررات الدراسية، واعتبروا القرار، كما الشأن بالنسبة لأساتذة الفلسفة، استهدافاً إيديولوجياً لمادتهم بعد تعويضها بمادة أخرى؛ التربية الإسلامية.

وفي هذا الصدد، أصدر المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة بياناً يوم الثلاثاء 20 فبراير 2018، يعبر فيه عن استغرابه بخصوص القرار المتخذ. وجاء في البيان أن القرار” تراجع غير مؤسس قانونياً وتربوياً عن مبدأ تعميم تدريس الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي”، كما اعتبر “القرار مجحفاً”، مطالباً الوزارة بتعديله وإصدار قانون ينص على تدريس مادة الفلسفة بجميع مستويات المسالك المهنية، وإدراجها ضمن مواد امتحانها الوطني الموحد.

لماذا الفلسفة بالذات؟

لم تتوقف منذ انتشار الخبر سيل التساؤلات عن السبب وراء “استهداف” الفلسفة دون غيرها. ففي نفس تدوينة الشابة حليمة عامر، نجدها تجيب عن السؤال: “لأنها تصون الفكر بسياج من الحصانة، والتحرر، والفاعلية، وترفض التسليم إلا بما يستحق القبول والموافقة، كما ترفض الأحكام المتسرعة، والأحكام السطحية”. وتضيف مقرة بضرورة تدريس المادة: “ولأننا يمكن أن نُسهم عبر استخدامنا لهذه الأدوات المعرفية في إنتاج رؤى وأفكار تحدث نقلة نوعية في طرائق تفكيرنا وتحدث تغييراً إيجابياً في نظرتنا للعالم الذي نعيش فيه وما حوله”.

المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، أشار بدوره للقيمة التي تكتسيها الفلسفة. وقال إن “هذا في الوقت الذي تعمل فيه الأنظمة التربوية المتقدمة عالمياً على تعزيز حضور مادّة الفلسفة على مستوى الغلاف الزمني والمعامل، بل إنّ الكثير من البلدان المتقدّمة عمّمت المادّة لتشمل باقي الأسلاك التعليمية”.

تدريس الفلسفة بين البلدان العربية والعالم

“تعليم الفلسفة للأطفال هو من بين أقوى الأدوات الموجودة في متناولنا، والتي تسمح لنا بتمكين أطفالنا من التصرّف بحرية ومسؤولية في عالم أكثر تعقيداً وترابطاً والتباساً”. هكذا عبر رئيس إيرلندا، مايكل هيغينز، في شهر نوفمبر 2016، عن اهتمام بلده بمادّة الفلسفة وبأهميّتها للأطفال في العالم بأسره.

في حين نجد أن الكثير من الدول العربية لا تدرس المنهج الفلسفي، كما الشأن بالنسبة للسعودية، وجيبوتي، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، وليبيا، وعمان، والسودان. في حين يدرسها البعض في المرحلة الثانوية، كما الوضع في المغرب، والجزائر، والبحرين، والعراق، ومصر، والكويت، ولبنان، وموريتانيا، وقطر، وسوريا، وتونس، واليمن.

وفي هذا السياق، سخر بعض رواد مواقع التواصل الإجتماعي من الاتجاه الذي يسري المغرب نحوه، وقال إحدى المغردين في “تويتر”: “بدلاً من حلل وناقش صارت كفّر وداعش”. كما أدلت الطالبة الصحافية، آسية العمراني برأيها لـDW عربية، في نفس الاتجاه :”هناك تناقض بين التوجه الحداثي الذي تريد الدولة أن تسير عليه وبين قرارتها الأخيرة، التي يكون ضحيتها دائما هو التعليم”. آسية ترى أن مادة التربية الإسلامية ضرورية للتربية على تعاليم الدين، ولكن حذف الفلسفة ستكون له تداعيات في أوساط الشباب. وأضافت: “إن لم يستفد الشباب من هذه المادة فكيف نضمن انفتاحهم العقلي والفكري، خاصة وأننا نلاحظ اليوم إقبال الكثير من الشباب على المنظمات المتطرفة؟”.

* ينشر وفق اتفاقية شراكة مع DW عربية

‫تعليقات الزوار

9
  • Marketer
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 03:06

    أودي شمن قتل حرية التفكير ؟ هادو لي قراو الفلسفة باش فادو هاد البلاد ؟ الفلسفة هي فن التحدث عن التفاحة بدلا من أكلها ! شخصيا أنا كان التوجه ديالي اقتصاد .. مانفعاتني الفلسفة بوالو.. من الافظل يحيدوها من الشعب العلمية .. يخليوها غير فالشعب الأدبية.

  • عبدو
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 07:27

    مادة الفلسفة لن تنفع تلاميذ الشعب العلمية في شيء.بحيث التلميذ يعتمد الحفظ فقط سواء أكان ذا توجيه علمي او ادبي.المشكل الرئيسي الذي جعل أساتذة مادة الفلسفة يستغربون القرار ،هو ان المدارس الخاصة سوف تستغني عنهم ،وبذلك ضاع منهم دخل إضافي،الذي تحول لاعدائهم أساتذة التربية الإسلامية.جاء دورهم لكي تتهافت عليهم المدارس الخاصة.

  • فلسفة الحق
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 07:38

    الفلسفة فعلا مادة تعلمك كيفية التفكير من زاوية ضيقة.. وكذا فن النقد والحاججة.. لكنها أصبحت مؤخرا مادة معدة للإجترار.. فتجد معظم التلاميذ يهضمون هذه الدروس الفلسفية بمنطق غبي.. بل إن أغلبهم ومعظمهم لايفهمون جوهر الفلسفة.. لهذا في اﻹمتحانات للباكالوريا نجد كثرة النقالين والغشاشين في هذه المادة التي تضل غير مفهومة وغير مستوعبة بالمرة بالنسبة لشريحة مهمة منهم.. أتحدث من منطق التجربة كأستاذ. وشكرا هسبرس على النشر.

  • رشيد
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 08:28

    طبعا الفلسفة هي التي تنور العقل وهي سببت مشاكل للدولة في فترة الستينيات والسبعينيات حتى تم تحجيمها واصبحت ندرس فقط في السنة الثالثة ثانوي اما في الجامعة فقد كانت تدرس في كلية الرباط فقط لا غرابة ان يستبدولها بالفكر التراثي الاسلامي البالي الذي عفا عنه الزمن

  • Hassan La Haye
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 08:44

    اسمحوا لي ايها القراء أن أسوق لكم مثالا، الفلسفة تنعدم تماما من مقررات التعليم الثانوي في هولندا. التحليل كمنهج والحس النقدي يتم صقلهما في كل المواد. التعليم ينبني هنا على اللغات والمواد العلمية. اتدرون ما هو التصنيف العالمي الذي تحتله هولندا؟ الاولى عالميا في التمكن من الانجليزية كلغة ثانية، وثاني احسن منظومة تربوية بعد سويسرا.
    المعطيات توجد على:
    Legatum Prosperity Index 2017

  • مغربي
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 09:16

    يجب اعتبار التربية الإسلامية مادة أساسية. تماما كما الفلسفة .لا يمكن الاستغناء عن كليهما .انما يجب أخذ توجه التلميذ بعين الاعتبار.لكن بحكم معرفتي باساتذة المادتين في المدارس المغربية .فان معظمهم يعاني من غياب الكفاءة-معرفيا ومهنيا -وأنا بقولي هذا لا أبالغ ولا اشتط .والله من وراء القصد والسلام.

  • طالب علم
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 12:14

    من وَصَف دين الإسلام بأنه تراث بالِي.أصفه بالأحمق ولا أبالِي.فهو دين من الخطإ خالِي.وموصوف بالكمالِ.قال تعالى:(اليوم أكملت لكم دينكم…).أما تدريس الفلسفة فوالله ما خرج لنا إلا مفكرين لكن للأسف يفكرون في المروق والخروج عن الدين الذي لن يقبل الله دينا غيره.حتى أصبحنا نسمع عن مسيحيين وملاحدة مغاربة.ضربوا بعرض الحائط كل ماجاء في القرآن والإنجيل- الذي يدعون اتباعه-والكتب السماوية من توجيه البشرية لدين الإسلام.

  • مصطفى
    الثلاثاء 27 فبراير 2018 - 12:25

    مناقشة الموضوع في اطارالمقارنة بين التربية الإسلامية والفلسفة أمر يخلط الاوراق إذ لامجال للمقارنة. فالتربية الإسلامية مجالها التربية على التدين وفق الديانة الإسلامية. في حين أن محال الفلسفة أوسع لكونها تهتم بما راكمه الإنسان من تجارب معرفية في مختلف مجالات الحياة سواء كانت أدبية أو علمية وفكرية لغرض عرضها للتأمل و الوقوف على مدى ملاءمتها للتطور والتقدم البشري . من هنا يعتبر كل جاهل لهذا الدور متخلفا عن ركب التاريخ الذى أصبح اليوم يقاس بمدى قدرة الشعوب على الانخراط في المعرفة الإنسانية التي ترقى بالانسان إلى السلم والبناء الجميل للحياة الدنيا .

  • عاطل
    الأربعاء 28 فبراير 2018 - 15:47

    انا درست التاريخ ولم يفيدني في اي شيئ ودرست التربية الاسلامية ولم تفيدني في اي شيء وتخصصت في الكمياء في الجامعة ولم تفدني في اي شيء . انا عاطل وكل المواد التي درستها لم تفدني في اي شيء بلغاتها وعلومها وادابياتها

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة