مبروكي: هكذا تحول رمضان إلى "كَرْنَفالْ" يبيح "التّْرْمْضينة"

مبروكي: هكذا تحول رمضان إلى "كَرْنَفالْ" يبيح "التّْرْمْضينة"
السبت 19 ماي 2018 - 15:40

أولاً من باب تفادي أي سوء فهم أحب أن أنوه أنني لا أتحدث عن شهر رمضان المبارك من زاوية مفهومه الدّيني وأهميته الفريدة في الرقي الروحاني، بل أتطرق إلى زاوية واقعه الثقافي والاجتماعي في عصرنا هذا.

كثيراً ما ألاحظ في كل سنة خلال شهر رمضان، تفشي الحديث عن ظاهرة التّْرَمْضينَة عند المغاربة ونقرأ عددا كبيرا من التحاليل مع تقديم باقات من الحلول والنصائح الدينية والسلوكية والأخلاقية. كما أرى المغربي يلقن دروسا للآخرين حول مفهوم الصيام إلى درجة اتهام المْرْمْضْنينْ بالجهل وضعف الإيمان. ونحن الآن في الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك وقد بدأت الصحف والرأي العام، كالعادة، بفتح ملف هذه الظاهرة، وبدوري أتشارك معكم التحليل التالي.

1. ملاحظة التّْرْمْضينَة أمر خاطئ في مفهومه الثقافي

في الواقع ما نسميه بِـ “التّْرْمْضينة” ما هو إلا سلوك العنف الاعتيادي الذي نراه داخل وخارج المنازل طيلة السنة باعتباره أمرا عاديا، ومع ذلك لا أحد يتحدث عنه أو يُلقبه بِـ “التّْفْطيرَة” على غرار التّْرْمْضينة.

وبما أن الكل يعلم أن رمضان شهر الغفران والسلم والسلام، ولهذا نرى وكأن الترمضينة سلوك جديد علينا بينما هو سلوك حاضر في الواقع المغربي على طول السنة، لا أرى فرقا بين “الترمضينة” و”التّْفْطيرَة”.

ومن البديهي أن السلوك والأخلاق والتربية السائدة في المجتمع المغربي سوف لا تتغير فجأة بحلول رمضان بطريقة سحرية عجائبية، ولكن بإمكانها أن تتغير خلال السنة بالتدريب وتنمية القدرات النفسية والروحانية والأخلاقية لدى الأفراد. لكن ومع الأسف، نجد في هذا المجال فراغا كبيراً، سواء داخل المنزل أو المدرسة، مع غياب تام للتربية الروحانية والتدريب عليها في مقررات التعليم.

2. كَرْنَفالْ رمضان “راني مْرْمْضْنْ”

لقد عششت ثقافة الترمضينة في المجتمع المغربي منذ الطفولة بحيث تحذر الأم أبناءها “ما تْهْدْروشْ مْعا بَّاكُمْ راهْ كَيْتْقْلّْقْ بْزّافْ مْعا الصيام”، بالإضافة إلى هذا يعيش الطفل رعدة القلق التي يثيرها الأب أو الأخ الكبير مثل “قْليبْ الطّْبْلة وْالغْواتْ”. كما يسمع الشيء نفسه عن العَمّ والخال والجار.

يدرك الطفل أن الصيام خلال شهر رمضان يبرر التّْرْمْضينَة وأي سلوك همجي أوعدواني. من هنا، يُنتج الطفل عند كبره السلوك نفسه واعيا أنه يلعب دور الترمضينة. ولهذا أصبحت هذه الأخيرة شبه مهرجان أو كرنفال موسمي رمضاني، ونجد عند المغاربة استعداداً وقابلية شديدة لِـ”تْرْمْضينة”.

ونعرف أن “الكرنفال” يُبيح عددا من السلوكيات في وقت معين من السنة لا يتقبلها المجتمع في نظامه العام الاعتيادي. وهكذا أصبح شهر رمضان في شكله المجتمعي والثقافي والتقليدي (وليس الدّيني) شبه كرنفال يبيح الترمضينة وعدد من السلوكات ليلا ونهارا؛ حيث نرى تغييرا كبيرا في نمط الحياة الاجتماعية من حركة ودينامكية، وتحولاً في التوقيت الزمني بحيث نعيش انقلاب دورة الليل والنهار ووجبات الأكل والشرب وساعات النوم والعمل.

3. الترمضينة ما هي في الواقع إلا أعراض اضطرابات نفسية

الإنسان المصاب بالترمضينة أو”التّْفْطيرَة”، هو في الواقع “مْرْمْضْنْ” طيلة العام، وهو ليس في حاجة إلى شهر رمضان لكي يْتْرْمْضْنْ، بل نجده على مدى شهور قبل رمضان مضطرب المزاج وسريع القلق والغضب مع انفعالات عنيفة فجائية تؤثر سلبيا عليه وعلى محيطه العائلي والمهني.

بالفعل الترمضينة هي مؤشر قوي ودلالة على اضطراب مزاجي وسلوكي وأمراض نفسية غير مُدرَكة إلى حد الساعة، صار شهر رمضان صدفة بروزها وتفجرها.

*خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

‫تعليقات الزوار

18
  • اسفي
    السبت 19 ماي 2018 - 16:09

    السلام عليكم ورحمة الله ورمضان كريم تقبله الله منا ومنكم وجميع المسلمين. رمضان شهر العبادة والتقرب إلى الله والرحمة بين الناس وتسامح وإصلاح دات البين والعمل. وليس شهر عادة كما اصبحة يصوق له البعض والكسل وتعصب .اتقوا الله في أنفسكم

  • شيطان النفوس المريضة
    السبت 19 ماي 2018 - 16:11

    رمضان يظهر الشيطان الساكن في قلوب الأشرار فمن هو طبعه الطيبة طيب كان صائما أو مفطرا

  • ياسين الفكيكي
    السبت 19 ماي 2018 - 16:14

    اظن ان من اهم اسباب هذه الظاهرة او دعونا نقول التظاهر حيث معظم من يصدر منهم عنف لفظي او جسدي في رمضان هم فقط ضعفاء و جبناء يجدون في الصيام مبررا للظهور بمظهر الوحش المخيف، هو التعامل مع رمضان كأمر استثنائي و شهر تعلن فيه الطوارئ يتغير فيه نمط الحياة على كافة الأصعدة حيث الاكل لا يعود كما كان و النوم نهارا و السهر ليلا يقلب الساعه البيولوجية رأسا على عقب و يضطر فيه الشخص لادعاء الفضيلة و التقوى وهو ابعد ما يكون عنها الخ… كل هذا يجعل الانسان نفسيا غير سوي و يعيش انفصاما حادا و احتقانا بدل ان يكون الصيام مناسبة له لتنقية ذهنه و السمو بروحانياته و التقرب من الله. الحل البسيط يكمن في اعتبار رمضان كغيره من الاشهر و الايام لا يميزه شيء اللهم كوننا صائمين عدا ذلك فهو ليس شهر راحة او عطلة او اكل او سهر بل يجب على الشخص فيه ان يمارس حياته بشكل طبيعي و يذهب الى عمله و ينام مبكرا مقتصرا على وجبتين فقط الفطور و العشاء و بكل تاكيد حينها لن تكون هناك لا ترمضينة و لا غيرها من الامراض النفسية المرتبطة بمظاهر التدين.

  • رسالة
    السبت 19 ماي 2018 - 16:17

    استاذي المبروكي، عندك الحق في أغلب النقط التي تطرقت لها حول الترمضينة والتربية. فعلا حالات الشوارع والأسواق والطرقات يكثر فيها التدافع والشتم والكلاكسونات… ولكن استاذي ثمة مدخنين ومدمنين حشيش وكحول يتحولون إلى اسكيسوفرينيين. أتذكر كانت عندي خمسة سنوات ذات شهر رمضان اللعب في المنزل فازعجت اخي الأكبر الذي كان نائما، فنهض وضربني برأس فاوقعني على الأرض، أغمي عليا لساعات. اخي كان مدمنا، ولم أتذكر أنه ضربني يوما من قبل. هذا هو مرض الترمضينة الذي يعانيه أغلبية المدمنين.

  • سيدنا رمضان
    السبت 19 ماي 2018 - 16:48

    شعب "العام زين" لاحݣة ليه للعظم و مازال كيݣول ليك:«رمضان كريم» و يا ويلك تسولو باش كريم ؟
    بطبيعة الحال "كريم" على "المؤمنين المحسنين" اللي خزنو السلعة من قبل باش يشويو خوتهم فهاذ الشهر "الفضيل" (الذي لا يشكل منطقياً إلا 1على 12 !) … أمّا العنف و الإنفعال على والو راه اللي فيه فيه رمضان و لاّ شعبان !
    الأخلاق مجهود يومي و في كل لحظة … لكن الكسول و المجهود لا يلتقيان و ما العنف إلّا ردة فعل و تعبير (غير ملائم) عن العجز المتفشي …
    و أخيراً أقول لمن يرى في تعليقي ازدراء (… إلخ!) : «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم»
    … لكن التغيير لا يأتي بالخمول و كذلك مع كامل الأسف لا يأتي بالإبتهال و التضرع و التراويح و ما شابهها من شعائر قهرية خوفاً من "الحضية" ماشي خوفاً من الله !

  • شهر الغفلان
    السبت 19 ماي 2018 - 17:05

    شهر سب الرب والدين والنرفزة والضرب والجرح والتغلاق والنفاق وعباد الحريرة

  • الهاشمي 123
    السبت 19 ماي 2018 - 17:07

    المؤمن الضعيف هو الذي يعيش هذه الحالة(الترمضينة)…أعرف أشخاصا يقولون عن أنفسهم "متدينون" عندما يحل رمضان الكريم لا يقومون بعملهم على أحسن وجه…كثرة الشكوى،التعب،الخمول……هناك فوائد صحية و أخلاقية و روحية و إجتماعية أتمنى أن نستفيد منها.شكرا على التفاعل.

  • سلوك بشري
    السبت 19 ماي 2018 - 17:28

    الشجار والترمضينة سلوك تعرفه المجتمعات وليس حكرا على المغرب فيكفي تصفح الإنترنيت لمعرفة ما يقع في هدا الشهر الفضيل في الدول الأخرى. يبقى الفارق في التعامل وكيفية الحد من السلوكيات السلبية راجع إلى مدى تحظر المجتمع وحزم سلطات البلد في ضبط الأمور والتدخل السريع لإجهاض أسباب التوتر والشجار. من أسباب الترمظينة أعراض نقص النيكوتين عند اغلب المدخنين مما يدفعهم الشعور بالتوتر والخمول وصعوبة في النوم وتعكر المزاج وصعوبة في التركيز . كدلك كثرة العشوائية في الأسواق دون أي نظام من طرف السلطات يدفع إلى الشجار بين الناس على أحقية المكان أو السلع مما يشكل ضغوطا نفسية قوية دفاعا عن الرزق. ويمكن الجزم بأن تخلي السلطات عن دورها في حفض النظام وإزالة أسباب التوتر من أهم أسباب الترمضينة.

  • أيمن الرباطي
    السبت 19 ماي 2018 - 17:33

    السلام عليكم
    أولا مبروك علينا و عليكم هاد الشهر الكريم .
    ليس رمضان هو سبب المشاحنات والمشاجرات بل الإدمان بجميع أنواعه .المدمنون لا يستطيعون الصيام حتى بضع ساعات .

  • أمازيغ مراكشي
    السبت 19 ماي 2018 - 17:39

    الشعب المغربي شعب مريض و لا يريد الإعتراف بمرضه و يدور في حلقة مغلقة و لا يريد تحمل مسؤولية مرضه و يريد أن يعيش في الأوهام و الخزعبلات.

  • محمد منسي
    السبت 19 ماي 2018 - 17:57

    يا إخوان، لا وجود في العالم بأسره لشيء اسمه " التحليل النفسي للمجتمع"، وخصوصا لمجتمع قومي ك"العربي" كما في صفة صاحب الورقة، أتحدث وانا مختص في المجال، لا وجود لعلم بهذا الاسم في أي دولة ولا جامعة، الأمر كأن تقول "مختص في الجهاز الهضمي للمجتمع"، لن تجد شيىا اسمه مختص في التحليل النفسي للمجتمع الإسباني مثلا، هذا شيء لا وجود له، لأن النفس مفهوم سيكولوجي، والمجتمع سوسيولوجي، هذا غير ممكن.

  • Ifri
    السبت 19 ماي 2018 - 18:04

    يقال ان الشيطان مربوط في شهر رمضان. لكن حينما يتعلق الأمر بشجار بين الأشخاص أو السلوكات غير اللائقة لبعض الصائمين هنا علامة استفهام!!
    يعني أن الشيطان يبقى سلة الاتهامات وأنه مستقل عن سلوك وإرادة الشخص.

  • ملاحظ
    السبت 19 ماي 2018 - 18:44

    الترمضينة سببها عدم حرية الناس في الصوم من عدمه. لو أن الناس كانوا أحرارا في ذلك لوجدت الصائمين متخلقين وغير مرمضمنين لنهم يفعلون ذلك عن قناعة وإيمان. لنتخيل أن الصلاة والزكاة إلزاميتين ماذا ستكون ردود الأفعال

  • ساخط
    السبت 19 ماي 2018 - 18:55

    هاده الظاهرة لها سببان مهمان .اولا شخصية الفرد التي تكون غالبا مريضة وضعيفة.وثانيا قلة النوم والدي غالبا ما يكون سبب التوثر والنرفزة.

  • نقطة نظام !
    السبت 19 ماي 2018 - 20:28

    عدد من التعليقات تتضمن كلمة "شيطان".
    الشيطان ليس إلا ابتكارا بشريا كوسيلة للتهرب من المسؤولية و تحميلها للغير، لأنه لا يمكنه الدفاع عن نفسه !
    الشيطان هو انعدام الضمير لأن الضمير لا يوحي لمن يمتلكه بالقيام بما هو لا أخلاقي :
    – إعتداء
    – سرقة
    – اختراق قانون السير
    ـ رشوة
    – السليت في أوقات العمل
    – …
    من لا ضمير له لا كرامة له وضميري أنا شخصياً يفرض علي إلتفاتة احترام لمن يعنيهم الأمر من الذين خطر ببالهم قوله (تعالى !) : «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ …» لأقول لهم : أين المشكل ؟ يرفض السجود للبشر… أليست هذه قمة الكرامة و رباطة الجأش أمام "الباطرون" ؟
    و نفرضو أن الشيطان كاين. ما شي هو اللي كيلقى الحل لـِ"الزاني الملتحي" مع "الزانية المغنبرة" ملي كيحصلو و كيقترح عليهم الزواج العرفي (مثلا !) و اخا كيلصقوها فيه ؟ ماشي قمة التسامح هذي ؟
    و زايدون آش من مواطن هذا اللي كيتفلى عليه واحد ساكن فقادوس ؟
    خلاصة القول : اللهم أكثر شياطننا عسى أن تعم الكرامة في بلادنا و يقل السجود و الركوع لبشر مثلنا و يعلو الضمير!

    شكراً على النشر

  • hamidou
    السبت 19 ماي 2018 - 21:57

    للاسف نسبة كبيرة جدا من المجتمع تعاني من امراض نفسية وسلوكية خطيرة اختلطت عليها الامور هل يلبس ثوب المؤمن ام قناع البطل السينيمائى النبيل ام الوحش الجبار الدي ترتعش له الافئدة حين يرفع سيفه الكبير ويكسر زجاجات كل سيارة صاحبها ضعيف البنية والاطفال والنساء يتفرجون وبصرخون هنا يكون البطل قد لعب دوره غي الكرنفال
    المهم رسالة الى القيمين على شان هدا الوطن ان غياب القنب الهندي الدي يسكن ظلمات هدا البطل الكارطوني

  • القاسم
    الأحد 20 ماي 2018 - 03:00

    اعلموا يرحمكم الله ان شهر رمضان شهر الغفران شهر لتهذيب و تدريب النفس على الطاعات الكف عن السب و الشتم و الغيبة و النمييمة و التعرض لاعراض الناس فقد امرنا الرسول الكريم محمد بن عبد الله ان سبك او شتمك شخص ما قل اللهم اني صاءم و اتركه و تفادى التشاحن معه لانه ان اجبته اصبحت مثله و سيبطل صيامك لانه من مبطلات الصيام الكلام البذيء الذي لا فاءدة منه لان الصاءم تصوم جوارحه و الله اعلم شكرا هيسبريس على النشر و تقبل الله صيامكم

  • أم طه
    الإثنين 21 ماي 2018 - 10:16

    السلام عليكم،
    هديك اسمها قلة التربية والبعد عن الله، أحسن عمل يمكن أن يقدمه المواطن لهذا البلد هو تربية أبنائه. الآباء قدموا الإستقالة من تربية أبنائهم الأمهات مشغولات مع المسلسلات المكسيكية والتركية الله يرد بنا وشهر رمضان كريم لجل المغاربة.

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 1

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 2

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 20

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 9

جدل فيديو “المواعدة العمياء”