عوائق الدعم والاستغلال السياسي تضعف اشتغالات النسيج الجمعوي

عوائق الدعم والاستغلال السياسي تضعف اشتغالات النسيج الجمعوي
الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 11:00

في سنة 2010 لم يكن عدد جمعيات المجتمع المدني في المغرب يتعدى 50 ألف جمعية، وبعد سنة 2011 ارتفع العدد بسرعة قياسية، ليصل إلى 150 ألف جمعية حاليا، حسب الأرقام المسجّلة لدى السلطات، لكن على أرض الواقع لا تبرُز في ساحة العمل الميداني سوى بضع آلاف من الجمعيات الفاعلة، بينما الغالبية الساحقة منها توجد فقط “على الورق”.

أهداف سياسية

في لقاء احتضنته مدينة طنجة، بحر الأسبوع الماضي، اعترف وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، مصطفى الخلفي، بأنَّ عدد جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في الميدان يتراوح ما بين 15 و20 ألف جمعية، من أصل مجموع عدد الجمعيات الذي يزيد على 150 ألفا.

الخلفي علّل ضعف فعّالية جمعيات المجتمع المدني بضعف قدرات مواردها البشرية وقلّتها، حيث لا تتوفر غالبية الجمعيات على ما يكفي من الأطر لتدبير مشاريعها، مشيرا إلى أنّ من بين الأسباب الأخرى لضعف أداء الجمعيات العقباتُ الإدارية والمالية التي تعترضها.

وإذا كان وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني قد علل ضعف أداء الجمعيات بالعقبات الإدارية والمالية وضعف الموارد البشرية، فإنّ فاعلين جمعويين يروْن أنّ هناك أسبابا أخرى أكبر، على رأسها أنّ كثيرا من الجمعيات يتمّ تأسيسها فقط لأهداف سياسة وانتخابية بالدرجة الأولى.

حسن السعيدي، رئيس جمعية أسيف نْ أيت نوح، ومقرُّها بتافروات، قال في تصريح لهسبريس: “من بين الأسباب التي تجعل أداء جمعيات المجتمع المدني ضعيفا، هو أنّ بعض الجمعيات يتمّ تأسيسها لتحقيق أهداف خفيّة، وليس بهدف النهوض بالعمل الجمعوي؛ لذلك يكون حضورها موسميا”.

وأضاف المتحدث: “هناك جمعيات يتمّ تأسيسها من أجل توظيفها في المناسبات، خصوصا تلك المرتبطة بما هو سياسي كالحملات الانتخابية”، معتبرا أن “عملية تأسيس الجمعيات التي يقوم بها المواطنون يتحكم فيها السياسي الطامح إلى مقعد في المجالس المنتخبة، أو المنتخب الطامح إلى الحفاظ على منصبه”.

معطيات غير دقيقة

التعداد الذي قدمه وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني حول جمعيات المجتمع المدني الفاعلة قال فاعلون جمعيون إنه لا يستند إلى معطيات دقيقة، معتبرين أنه قد يكون هناك تفاوت في أداء الجمعيات، لكن لا يمكن القول إنّ عدد الجمعيات النشيطة محدود فيما بين 15 و20 ألف جمعية.

“نتساءل على أي معايير بُنيت الأرقام التي قدمها السيد الوزير، وهل قامت وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بدراسة في هذا الصدد؟ ومن هي اللجنة العلمية التي قامت بهذه الدراسة؟ وهل شملت جميع المجتمع المدني على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي؟”، يتساءل عبد العالي الرامي، رئيس جمعية منتدى الطفولة بالرباط.

الرامي قال في تصريح لهسبريس إنّ “دينامية الجمعيات قد تختلف بين جمعيات فاعلة وأخرى تشتغل بشكل موسمي أو ارتباطا بأجندات سياسية”، مشيرا إلى أنَّ “السؤال الذي ينبغي طرحه هو: ما موقع المجتمع المدني بعد دستور 2011، وبعد الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الذي جرى برعاية وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني؟”.

ويرى الرامي أنّ عدد جمعيات المجتمع المدني يجب أن يرتفع، وأنْ يتجاوز العدد الحالي المحدد في 150 ألف جمعية، وأن يوازيَ ذلك أثر للمجتمع المدني على أرض الواقع، متسائلا في هذا الإطار: “كم هو عدد العرائض والملتمسات المُقدّمة؟”، لجيب: “قد تكون منعدمة”.

السؤال ذاته أجاب عنه الوزير الخلفي في لقاء طنجة بقوله إنّ عدد العرائض التي قدمتها جمعيات المجتمع المدني منذ المصادقة على قوانينها التنظيمية ومراسيم تفعيلها في 2015 و2016 لم يبلغ ولو 100 عريضة.

عبد العالي الرامي حمّل وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مسؤولية ضُعف أداء الجمعيات في ما يتعلق بتقديم العرائض والملتمسات، قائلا إن “قلّة العرائض يزكّي أنّ هناك إشكالا حقيقيا، وربّما هو صكّ لفشل الوزارة في خلق دينامية داخل المجتمع المدني والحركة الجمعوية”.

وأضاف الفاعل الجمعوي: “لقد كان من المفروض أن يكون عدد الجمعيات الفاعلة أكبر بكثير بالنظر إلى الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الذي رُصدت له ميزانية كبيرة، وكنا نأمل أن نرى مُخرجاته مفعّلة على أرض الواقع”.

المنفعة العامة

الفاعلون الجمعويون الذين تحدثت إليهم هسبريس رصدوا إشكالات أخرى تعُوق عمل الجمعيات، خاصة في الشق المتعلق بحصولها على الدعم. في هذا الإطار اعتبر الفاعل الجمعوي عبد الواحد زيات أنّ الحكومة السابقة ضيّقتْ قنوات حصول الجمعيات على الدعم بفرضها التوفر على شرط المنفعة العامة.

وقال زيات: “إذا كان وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني يقول إنّ عدد الجمعيات الفاعلة في الميدان قليل، فإنَّ الحكومة التي يقودها حزبه هي التي قيّدت عمل الجمعيات بفرضها، في الولاية السابقة، شرْط تمتع الجمعيات بصفة المنفعة العامة للحصول على الدعم”، مضيفا: “يجب إلغاء هذا القانون، خصوصا في البوادي، حيث لا تتوفر الجمعيات على دعم آخر غير الذي تحصل عليه من الجماعات الترابية”.

من جهته، قال عبد العالي الرامي إن اشتراط تمتّع جمعيات المجتمع المدني بصفة المنفعة العامة للحصول على الدعم العمومي، المنصوص عليه في المادة 92 من القانون التنظيمي 14.113، حرمَ كثيرا من الجمعيات من الاستفادة من الدعم، مضيفا: “هناك إكراهات مادية تعيشها غالبية جمعيات المجتمع المدني، لأن جلها يعتمد على المجهود الذاتي للأعضاء أمام ضعف إمكانياتها”.

الرامي دعا إلى تعديل ومراجعة بعض النصوص التشريعية المنظمة لعمل جمعيات المجتمع المدني، وتبسيط آليات التصاريح، وإلغاء مسطرة الوصليْن المؤقت والنهائي، وإقرار جزاء على عدم تسليم الوصْل فورا أو كلُّ ما يمكن أن يعيق أن يعرقل التطبيق السليم للقانون، مبرزا أن رفع كافة أنواع الرسوم المفروضة على الجمعيات “سيشجع على روح المبادرة والتطوع الإداري السليم، وسيساهم في انخراط الجميع في العمل الجمعوي”.

في هذا الإطار، قال الوزير مصطفى الخلفي، في اللقاء الذي احتضنته مدينة طنجة حول التطوع، إن النهوض بعمل جمعيات المجتمع المدني وتطويره يتطلب مراجعة المنظومة الضريبية، التي قال إنها تمارس “تمييزا صارخا ضد الجمعيات”.

الخلفي ضربَ مثلا بـ”التمييز الضريبي” القائم بين جمعيات المجتمع المدني والقطاع الخاص، قائلا إن “الجمعية المشتغلة في مجال محاربة الأمية، مثلا، حين تستضيف مؤطّرا لتكوين أطر الجمعية، تؤدي نسبة 30 في المئة من التعويضات التي تقدمها للمؤطر، في حين إن المؤسسات الخاصة تؤدي 17،5 في المئة فقط للمؤطرين الذين يكوّنون أطرها، وهذا يُبرز التمييز في حق الجمعيات”.

‫تعليقات الزوار

6
  • ابراهيم
    الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 12:12

    عبد ربه من سكان القنيطرة
    قبل سنوات لما كنا نكلم الرباح حينما كنا نقدر ان ان نكلمه …. عن اي مشكل كان رده
    ديرو جمعية واجيو تهدرًو معايا
    اليوم فهمت علاش الجمعية
    لك الله ياوطني

  • العيناوي
    الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 13:18

    اي عوائق الدعم هناك جمعيات تتوصل بدعم من الداخل والخارج بدون اي تحرك ما عدا خلال الزيارات الرسمية للمسؤولين . ونرى المكلفين او الذين يتراسون تلك الجمعيات يغيرون سياراتهم حتى اصبح الجميع يطمح الى انشاء جمعية لانها اصبحت مهنة لا مهنة له و بمتابة ريع . في البلدان الاسكندنافية ورغم تشجيعها لانشاء الجمعيات الا ان التمويل يكون من طرف الجمعيات عبر سكان الاحياء التي يقطنونها مما تخلق مبادرات ومهرجانات وحفلات وسهرات بداخل الحي وايضا جمع معونات والبسة للدول الضعيفة في العالم . ويقومون باجتماعات تقريبا اسبوعية تتخلها موسيقى وحاجيات الحي ومتطلباته

  • إدريس الجراري
    الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 15:37

    لا يمكطن الأخد براي واحد
    الجمعيات في المغرب اغلبها لها إنتماء حزبي او جمعيات عائلية وهناك هيمنة المكتب المسير والرئيس حيت نسمع جمعيات فلان وليس الجمعية بإسمها وهده الجمعيات تنفد اجندة الدولة وهناك الجمعيات الخيرية والتي تسترزق من هده الأعمال ومنهم من يجعلها مناسبة للقيام برحلة إستكشافية واخد الصور على حساب مشاريع صغيرة يجمعون فيها التبرعات وبصفتي جمعوي مند 40 سنة فقد خبرت كل ما تقوم به الجمعيات في المغرب شانها شان المنظمات والأحزاب والنقابات فاغلب الرئساء يدومون في الرآسة حيت يخلقون لوبيات ليظمنو التصويت عليهم يجب تغير قانون الجمعيات الرئيس منتخب ورئيس بالتفويض وليس مالك الجمعية وان العمل الجمعوي هو عمل جماعي ويجب ان يستفيك كل المنخرطين من المشاركات الدولية وكدا من الظهور في الغعلام حسب النشاط والتخصص وتعميم الفرص بدل حصرها في الرئيس وفريقه واصدقائه واهله
    تم ان هناك غياب لجمعيات الأحياء وليس جمعيات في الأحياء اي جمعيات الساكنة تم ان الجمعيات لم تحقق اهدافا في المجتمع بقدر ما استفاد منها منهم في المكاتب المسيرة فالجمعيات في المغرب هي جمعيات تستغل الشباب والطفولة وتخدم الدولة

  • مظلوم بزاف
    الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 16:45

    من القمع والمنع الى المنافسة(جمعيات الجبال والسهول) فالى الاستيعاب والاستقطاب(الريع) وهنا يظهر السخاء الممخزن .هنا تكتمل اللوحة الدرامية لحموظة النظام البئيس وتفانيه في تطوير سياسة المنع والقمع والراي الواحد.

  • إدريس الجراري
    الثلاثاء 6 نونبر 2018 - 22:56

    لا يمكن الأخد براي واحد
    الجمعيات في المغرب اغلبها لها إنتماء حزبي او جمعيات عائلية وهناك هيمنة المكتب المسير والرئيس حيت نسمع جمعيات فلان وليس الجمعية بإسمها وهده الجمعيات تنفد اجندة الدولة وهناك الجمعيات الخيرية والتي تسترزق من هده الأعمال ومنهم من يجعلها مناسبة للقيام برحلة إستكشافية واخد الصور على حساب مشاريع صغيرة يجمعون فيها التبرعات وبصفتي جمعوي مند 40 سنة فقد خبرت كل ما تقوم به الجمعيات في المغرب شانها شان المنظمات والأحزاب والنقابات فاغلب الرئساء يدومون في الرآسة حيت يخلقون لوبيات ليظمنو التصويت عليهم يجب تغير قانون الجمعيات الرئيس منتخب ورئيس بالتفويض وليس مالك الجمعية وان العمل الجمعوي هو عمل جماعي ويجب ان يستفيد كل المنخرطين من المشاركات الدولية وكدا من الظهور في الإعلام حسب النشاط والتخصص وتعميم الفرص بدل حصرها في الرئيس وفريقه واصدقائه واهله
    تم ان هناك غياب لجمعيات الأحياء وليس جمعيات في الأحياء اي جمعيات الساكنة تم ان الجمعيات لم تحقق اهدافا في المجتمع بقدر ما استفاد منها منهم في المكاتب المسيرة فالجمعيات في المغرب هي جمعيات تستغل الشباب والطفولة وتخدم الدولة

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج