خبراء القانون الدستوري يناقشون مآلات الحريات العامة بالمغرب

خبراء القانون الدستوري يناقشون مآلات الحريات العامة بالمغرب
السبت 15 دجنبر 2018 - 05:00

هلِ المسارُ السياسيُّ في المغرب هوَ الذي يُؤثّرُ على النَّص القانوني؟ أم أن النّص القانوني هو الذي يحدّدُ طبيعة التوجه السياسي؟ وكيفَ يؤثّر الشرطُ السياسي على النَّص القانوني أو الدستوري؟ كانت هذه جملة من الأسئلة التي شغلتْ بالَ أساتذة جامعيين ومتخصصين في القانون الدستوري، خلالَ أشغال المنتدى الأول، الذي تنظمه الجمعية المغربية للعلوم السياسية.

واعتبر علي كريمي، أستاذ قانون الإعلام وحقوق الإنسان، أنَّ “النص القانوني مهم وضروري ولا بدَّ منهُ، ويمكن أن يأخذ كمؤشر على تطور واقع الحريات، لكنَّهُ لوحدهِ غير كافٍ، فالنظام السياسي يؤثر هو الآخر على هذا النص، كما أنَّ “القاعدة القانونية مرتبطة بالبيئة السياسية التي تشأت فيها”.

وأضاف كريمي، في كلمة له خلال أشغال المنتدى الأول للجمعية المغربية للعلوم السياسية، حولَ “الحقوق، الحريات والديمقراطية”، بمناسبة مرور ستة عقود على صدور ظهائر الحريات العامة، ومرور سبعة عقود على صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان، أنَّ “قانون الحريات العامة لسنة 1958 كان قانوناً ليبراليا وضع في ظرفٍ سياسي لم توجدُ فيه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان باستثناء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما أنه كان يمثل “نتيجة حتمية لما تعرَّضت له الحركة الوطنية من قمع شديدٍ”.

وقال الخبير الدولي في القانون والإعلام إن “حكومة بلافريج تكلّفت بوضع القانون المحدد للحريات العامة، ومباشرة بدأت تطرأُ عليه تعديلات نتيجة المناخ السياسي العام”، وخلالَ سنة 1960 التي شكلت “لحظة قوية، حيثُ عرفت تأسيس حكومة استقلالية ثانية برئاسة مولاي عبد الله إبراهيم”.

أما المرحلة المقبلة، حسب كريمي، فهيَ التي شهدت تشكيل حكومة الملك محمد الخامس، التي كانَ يديرها ولي العهد الحسن الثاني، الذي عملَ بكلّ الوسائل على تقييد حرية الرأي والتعبير ومحاربة كل الأصوات المعارضة، خاصة في ظل التجاذب، الذي كان آنذاك بين القصر والاتحاد الوطني”، قبل أن ينتقلَ إلى سنة 1965 وحالة الاستثناء التي شهدت تقييدا واسعاً للحريات والحقوق.

ويمضي كريمي في تحليله إلى ظروف سنة 1973، “التي انتقلنا بموجبها من قانون للحقوق والحريات إلى قانون جنائي للحقوق والحريات، حيث كان النظام شرساً قمعيا قوياً”، مضيفا أنه “ابتداء من سنة 1975 بدأ هامش الديمقراطية يتضح أكثر مع إقرار الحريات على المستوى الدولي، تأثراً بما حصلَ في شبه الجزيرة الإيبيرية من تحولات ديمقراطية”.

من جانبه، أقرّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العزيز القراقي، أنَّ “الانتخابات أُخرجت من دائرة السياسة وأصبحَ يُنظر إليها من زاوية حقوقية صرفة، وتمَّ فتحها أمام فئات واسعة من المجتمع”. لكن اللحظة المفصلية، في نظر الباحث ذاته، كانت مرتبطة بسياق إعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان سنة 2008″.

أما أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فأوضح أنَّ “مسار حقوق الإنسان عرفَ محطات متباينة، ومداً وجزراً، محطات مضيئة وأخرى مظلمة”. وأكد أن “حقوق الإنسان مدخل أساسي لأي إصلاح وبناء دولة الحق والقانون”، مضيفا أن “جميع الدول المتقدمة في بدايتها، قبل أن تكونَ قوة عسكرية واقتصادية، اهتمت بملف حقوق الإنسان”.

وعن حرية الاجتماع والاحتجاج بالمغرب، يقول الأستاذ الجامعي إنها “مرت بمحطات عديدة ولم تكن وليدة قانون الحريات العامة لسنة 1958، فقد كان هناكَ ظهير بشأن التجمهر وتنظيم المظاهرات سنة 1914، بالإضافة إلى نظام طنجة سنة 1923، الذي كان ينظم حركية الاحتجاجات في المنطقة الشمالية، قبل أن يتمَّ إقرار ظهائر حريات العامة لسنة 1958”.

وتوقف الباحث ذاته عندَ إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي تحوّل إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن “هذا الأمر معبر جداً، لأنَّه معروف أن المجالس الاستشارية لا تتمتع باستقلالية، عكسَ الوطنية التي هي مستقلة كما حددت بذلك مبادئ باريس. وأضاف أنَّ “دستور 2011 حسم في المرجعية الدولية، وأقرَّ بمجموعة من المكتسبات، وركّز على مبادئ عامة، وخصص فصلاً خاصاً بالحقوق والحريات”.

وأقرّ بأن النصوص أصبحت متجاوزة بفعل ما يعرفه المغرب من تقدم تشريعي مهم، معتبراً أن “مداخل الإصلاح تتمثلُ في مراجعة المنظومة القانونية وجعلها أكثر انفتاحاً على التشريعات الدولية”.

ورفض الأستاذ الجامعي عبد الحميد بنخطاب ما اعتبرهُ مسلّمات حول التعدد الهوياتي وتأثيراته على المجتمع، فهو رفضُ المسلم القائل بأنَّ “هناكَ علاقة وطيدة بين الديمقراطية والاعتراف باللغويات الثقافية، وهي فرضية غير صحيحة، فالطابع الديمقراطي للدولة لا يعني بالضرورة تكريس التعدد، والطابع الديكتاتوري أيضاً لا يعني ضمنياً غياب الحقوق الجماعية للمجموعات”.

وأشار إلى أن “دولا متقدمة كالولايات المتحدة وكندا تعاني أزمة الاعتراف، بالرغم من تكريسها داخل الديباجات القانونية. أما الدول السلطوية، فالاعتراف بالتعدد وارد على المستوى الدستوري، فإيران تعترف بحق الزرادشيين، لكن على مستوى الممارسة هناك إقصاء كبير”.

وحدد الباحث والأستاذ الجامعي في كلية أكدال أوجه الصراع في ثلاثة مستويات: “اعتراف مادي، أي حماية مادية للشرائح الاجتماعية، واعترف قانوني، أي التنصيص عليه داخل الدستور والقوانين، واعتراف نفسي”، مشيرا إلى أنه “لا يوجدُ تلازم بين السلطوية وغياب الاعتراف بهذا التعدد”.

ورفض بنخطاب كون مسلمة الاعتراف بالتعدد يقوي مشروعية الدولة، مضيفا أن “هذا ليس دائماً صحيحاً، خاصة إذا ما كانت الدولة هشة وضعيفة”. وأكد أن “هذا الاعتراف له تكلفة مادية، فكندا تنفقُ حوالي 100 مليون دولار على ترجمة القوانين والنصوص لصالح السكان الأصليين”.

‫تعليقات الزوار

8
  • ياسين
    السبت 15 دجنبر 2018 - 05:31

    لقد سئمنا من هاته النقاشات والتحليلات الفلسفية الجافة . من يؤثر في من معروف يكفي أن تعيش في المغرب وستعرف الجواب…حتى وان كنت اجنبي . اتركوا القانون جانبا والنتحدث عن العشوائية .

  • حداش
    السبت 15 دجنبر 2018 - 05:51

    دستور واحد في هذا الوجود صالح في كل الأزمنة لكونه شامل وكامل إنها الشريعة الإسلامية،أما تلك الدساتير كما تسمى فهي غالبا ما تكون في صالح المشرع ،لذلك تبقى غير شاملة للأفراد والمجتمعات .مثلا (السرقة) المشرع وضع لصالح فجوة دون الآخرين وهي الحصانة لذلك ترى الفساد الإداري والمالي في كل مجال ،لو طبق حكم الشرع لقطعت يد من سولت له نفسه الإختلاس ولو سارق بيضة،لكن هيهات هيهات،إدا لم تستحيي فاصنع ماشئت.

  • youssef
    السبت 15 دجنبر 2018 - 05:55

    المغاربة ( ضمنيا الامازيغ ) لا يقبلون ان يقارنو بالأقليات أو ب"السكان الأصليين" فوق شمال أفريقيا. هم حاليا و دائما في تفوق عددي. عدد المتكلمين بالامازيغية كلغة اولى في البيت و في محيطهم يصل الى 20 مليون في المغرب وحده.
    اما المنتمون للهوية الامازيغية و الذين يجزمون بها فعلى الاقل 30 مليون مغربي. الباقي يعطي لنفسه انتماء عربيا يمنيا فوق أرض المغرب. و لكن في الآونة الأخيرة بدأ المغاربة يقومون بفحص الحمض النووي و النتائج متوقعة.
    لذلك لا بأس ان فكرت السلطات في إعطاء الهوية المغربية الاصلية حقها و ما لها من قوانين تنظيمية.

  • Hamido
    السبت 15 دجنبر 2018 - 06:13

    كلام على المقاس،ولا احد يملك الشجاعة لتسمية الأشياء بمسمياتها.لا توجد مؤسسات مستقلة تقوم بواجبها دون املاءات. الكل دخل عباءة المخزن والأمور تمشي من سيء إلى أسوأ.

  • RALEUR
    السبت 15 دجنبر 2018 - 08:25

    المغرب من أول الدول التي يتمتع بها الإنسان بحقوقه لكن بشرط، أن لا تكون صحفيا وتنتقد الدولة، وأن لا تكون طالبا وتطالب بتغيير الساعة، وأن لا تكون أستاذا أو طبيبا أو عاملا أو ضريرا أو معطلا ثم تخرج للمظاهرة أمام البرلمان، وألا فستشبع من حقوق الإنسان حتى التخمة٠ أنا شخصيا أعيش بحرية وبكرامة لأني لا أطالب بحقوق ولا أنزل للشارع لأتظاهر ولا أسب ولا أشتم، لذلك فالدولة تحترمني و تريد مواطنين مثلي لايسألون أين الثروة ولا عن الصحة والتعليم٠ إفعلوا مثلي ولا تسألوا عن أشياء تبد لكم تسؤكم واصبروا وصابروا لتحبكم الدولة وتكونوا مواطنين صالحين٠

  • شاكر
    السبت 15 دجنبر 2018 - 08:34

    خبراء في القانون يناقشون بادرة طيبة ،حبذا من اساتذتنا التواضع والخروج عند المجتمع بجميع اطيافه ،واشراكه وذلك بتوعيته بما يجب عليه من واجبات، وكذلك كيف يتأتى له الوصول لحقوقه بطرق حضارية؟ وكيف يؤثر على اهم القرارات ؟كل طبقة هي في أمس الحاجة للاخرى لبناء مجتمع يحسب له ألف حساب.

  • محمد
    السبت 15 دجنبر 2018 - 09:20

    ذكرني كلام هؤلاء الأساتذة برواية ترترة فوق واد النيل غريب جدا يجترون ويترترون كثيرا ولا نرى لهم صيتا في الساحة والمشهد السياسيين. ولذلك تضل اصواتهم خافتة. ولا ينتجون نظرا ولا نظرية فقط تقليد وتقليد وتقليد. كأنهم جذوع لأعراش نخل خاوية.

  • الفاهيم
    السبت 15 دجنبر 2018 - 11:35

    لا نريد احزاب ولا برلمان ولا حريات ولا نقابات .فقط يعين الملك من يريد .هد ه الاحزاب والنقابات والجمعيات عصابه لسرقه المال العاو وسيله لتصبح مليونيرا.الصين وكوريا الجنوبيه وروسيا تطوروا بدون احزاب.لا يوجد نموذج واحد يحتدى به للتطور.الديمقراطيه لاتضمن الور الاقتصادي. كالهند.مثلا تطبق الديمقراطيه مند 60 عام ولازالت متخلفه.عندما ينربى المغاربه.وترتفع النيه لديهم. انداك نلتجا للديمقراطيه.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30

احتجاج أساتذة موقوفين