"شروط تعجيزية" للعرائض تقف حجر عثرة أمام الديمقراطية التشاركية

"شروط تعجيزية" للعرائض تقف حجر عثرة أمام الديمقراطية التشاركية
الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 20:00

مضت حوالي أربع سنوات على دخول القانون التنظيمي المتعلق بتقديم العرائض إلى رئيس الحكومة والبرلمان حيّز التنفيذ، لكنّ الحصيلة المحققة إلى حد الآن في مجال تقوية الديمقراطية التشاركية تظل مخيّبة لآمال الفاعلين الجمعويين، وحتى بعض الفاعلين السياسيين.

خيبة الأمل هذه برزت بشكل جليّ في مداخلات المشاركين في يوم دراسي حول “الديمقراطية التشاركية بين إشكالات الواقع وآفاق التطوير”، احتضنه مجلس النواب الثلاثاء، حيث ساد إجماع على هزالة النتائج المحققة، وضرورة مراجعة القانون التنظيمي المتعلق بالعرائض.

ضعف النتائج المحققة في مجال الديمقراطية التشاركية كانت بوادره قائمة منذ التحضير لإشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام، ذلك أن هذه العملية “ووجهت بمقاومة، ولم تَسر الأمور في الاتجاه الذي كنا ننتظره، وهو تكريس الثقة في المواطن”، يقول عبد الله ساعف، عضو لجنة العرائض.

وذهب ساعف إلى القول: “كان هناك نوع من الاحتياط، بل احتياطات، وهذا لم يشجع على المضي قدما، بل كان هناك تخوف من المغامرة”، مشيرا إلى وجود صعوبات أخرى حالتْ دون تحقيق الغايات المتوخاة من الديمقراطية التشاركية، من قبيل “ضعف التسيّس لدى المواطنين، وارتباطه بلحظات استثنائية، مثل بروز حركة 20 فبراير”.

وأجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي احتضنه مجلس النواب على أن المشرّع وضع شروطا شبه تعجيزية أمام المجتمع المدني تحول دون مساهمته في تدبير الشأن العام عبر العرائض والملتمسات، إذ لم يتعدّ عدد العرائض المقدمة إلى حد الآن 146 عريضة، أكثر من ثلثيها تفتقر إلى الشروط الشكلية.

عبد اللطيف أدمينو، عضو لجنة العرائض، قال إن “الدستور تضمن جوابا عن الحاجة إلى المشاركة في صناعة القرار، إذ أدمج المجتمع المدني وحوّل مشاركته من لحظة مناسباتية مرتبطة بالانتخابات إلى علاقة مؤسساتية، لكنّ القانون التنظيمي للعرائض لم يكن في مستوى الوثيقة الدستورية”.

وأضاف أدمينو أن الديمقراطية التشاركية في المغرب أصبحت اليوم تمارس من خلال قنوات ممأسسة، “لكن القانون التنظيمي للعرائض أبان أن هناك حذرا لترجمة هذه الرغبة في المشاركة من خلال الشروط التي قيّد بها تقديم العرائض، ومنها عدد التوقيعات المطلوبة”.

وينص القانون التنظيمي للعرائض على وجوب أن تكون لائحة دعم العريضة موقعة من طرف 5000 مدعم، وأن تكون مرفوقة ببطائق تعريفهم الوطنية، وأن يكون الموقعون مسجلين في اللوائح الانتخابية. ويرى أدمينو أن هذا الشرط يشكل عائقا أمام الديمقراطية التشاركية، مشيرا إلى أن شرط بطاقة التعريف الوطنية يعتبر حاجزا أمام إقدام المواطنين على توقيع العرائض، لأنهم يعتبرونها بمثابة شكاية يمكن أن تُستغلّ ضدهم سياسيا.

ويعكسُ الواقع مدى هزالة النتائج التي حققها ورش الديمقراطية التشاركية بالمغرب، ذلك أن مجلس النواب لم يتداول سوى في عريضة واحدة كانت حول موضوع قانون الإضراب، ورغم أنها موقعة من طرف 13 ألف شخص، إلا أنّ المجلس لم يأخذ بها، لكونها “تعاني من عيوب شكلية” فقط.

وذهب النائب البرلماني عبد اللطيف بن يعقوب إلى وصف النص القانوني المنظم للعرائض بـ”المقصلة القاتلة”، مضيفا: “لم يعد مقبولا مطالبة الناس بخمس نسخ من بطاقة التعريف الوطنية، وأن يتوفر فيهم شرط التسجيل في اللوائح الانتخابية”.

النتائج المخيبة لإشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام، عبر مبدأ الديمقراطية التشاركية، دفعت البرلمان إلى التفكير في مراجعة القانون التنظيمي لتقديم العرائض، إذ قال بن يعقوب: “نطمح إلى معالجة هذه الإشكالات من خلال تعديل هذا القانون التنظيمي في الولاية الحالية، لضمان مشاركة أوسع للمواطنين، لأن الديمقراطية التشاركية مدخل أساسي للتغيير، نظرا للقوة الاقتراحية للمجتمع المغربي”.

من جهته قال النائب البرلماني عمر عباسي إن القانون التنظيمي لتقديم العرائض يتضمن “شروطا تعجيزية”، ذاهبا إلى القول إنّ الخلفيات التي حكمت إعداد القانون المذكور “فيها ارتياب من المواطن ومن المجتمع المدني”.

وحمّل عباسي الأمانة العامة للحكومة والمحكمة الدستورية مسؤولية تصعيب شروط تقديم العرائض، قائلا: “هذه الشروط التعجيزية تعود صناعتها إلى الأمانة العامة للحكومة، وتتحمل المحكمة الدستورية بدورها المسؤولية؛ فبدل أن تتصدى لهذه الشروط التعجيزية أضفت عليها صيغة شرعية بتأويلٍ لا يخدم نية المشرع”.

‫تعليقات الزوار

8
  • سلام صويري
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 20:26

    طبيعة منظومة التحكم المغروسة في البلد منذ عشرات او مئات السنين لا تقبل بوجود الرأي الاخر ومن الصعب جدا تطبيق دولة المؤسسات والحق والقانون واستقلال القضاء !! لان سلطة التحكم ترى ان زعماء واعضاء الأحزاب المنتخبين مجرد مرافقين مقابل الريع والانتخابات مجرد عملية شكلية في اطار ديمقراطية الواجهة اما البرنامج والسياسة والقرارات والإجراءات فهذا شأن حصري يهم فقط المخزن !!
    ولا يمكن مناقشته او انتقاده او ايجاد البدل رغم الفشل البين منذ عشرات السنين !!
    وعليه فلا مجال لضياع الكلام والوقت لانه ليست هناك ارادة لتغيير الوضعية وجعل المنتخبين يتحملون المسؤولية امام الشعب . غير ان الفشل للمنتخبين بدون مساءلة رغم انهم لا دخل لهم في القرارات والنجاح لخدام الدولة !!هكذا ولا شيء غير ذلك

  • samir
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 20:31

    بكل صراحة مصطلحات كبيرة جدا. الله إهدي ماخلق

  • خالد
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 20:44

    نسخ من البطاقة الوطنية و التسجيل في اللوائح الانتخابية من أجل تقديم عريضة!! مثل من يطلب شعرة من الفأر اليتيم و أحد أسنان ضبع أخضر و قليلا من تراب المريخ.

  • فاعل جمعوي
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 21:10

    عريضة ساكنة مدينة سوق الاربعا الغرب والنواحي حول المطالبة باحداث عمالة اقليم الغرب لازالت لم تتلقي اي جواب من طرف وزارة الداخلية المغربية .ماهومالها واين وصلت؟

  • ملاحظ
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 21:26

    طلع تاكل الكرموس هبط شكون قالها لك. الدولة تتردد في تنزيل كامل للدستور خوفا من مجتمع مدني يتطور ويتعلم كيفية اخذ حقوقه

  • متطوع في المسيرة الخضراء
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 21:32

    أعتقد شخصيا أن 5000 توقيع يصعب جمعها اد تعتبر بمثابة رخصة تعجيزية ليس إلا والمطلوب إعطاء الأهمية للمجتمع المدني تحديد عدد الجمعيات الموقعة على الطلب المقدم إلى البرلمان في 100 جمعية تتوفر فيها جميع الشروط القانونية لأن الجمعية تمتل عدد من المواطنين والمواطنات

  • Raagnar
    الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 22:23

    Je reste sans voix devant ce vocabulaire n'existant qu'au maroc!

  • بوشعيب
    الأربعاء 26 فبراير 2020 - 10:20

    يقول المثل المغربي " قال ليه باك طاح ف السوق قال ليه: من الخيمة خرج مايل"، وهذا ينطبق جدا على القانون المذكور لما كان مشروعا وتم تمريره على علاته ومنها الشروط التضييقية التي سيجت ممارسة هذا الحق وقصت أجنحته مثل كثير من مقتضيات دستور 2011 التي تم تنزيلها مقصوصة الأجنحة ومسيجة بجميع موجبات التضييق والتقزيم، حيث أدت التخوفات غير المبررة والرهابية المتجدرة في عقليات السلطات العمومية والمتربعين على الكراسي في قبتي البرلمان وأشباه الأحزاب، حيث تم تقزيم غايات ومقاصد العرائض كممارسة ديمقراطية وتمرين ديمقراطي في منطلقاته، لذا فكل الانتقادات المعبر عنها تفتح الباب على مصراعيه لإعادة النظر في القانون وتعديله بشكل جذري.

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 7

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال