كيف واجه المغرب تداعيات انتشار أخطر أزمة صحية في العالم؟

كيف واجه المغرب تداعيات انتشار أخطر أزمة صحية في العالم؟
السبت 16 ماي 2020 - 09:00

قبل ثلاثة أشهر تقريبا، لم تكن هناك أي خطط جاهزة لمواجهة الأزمة الوبائية الراهنة، بالنظر إلى الانتشار السريع والمفاجئ لفيروس “كوفيد-19” في جلّ أنحاء العالم، الأمر الذي عزّز مخاوف تسلّل الوباء إلى المغرب؛ لكن ستتبلور خلال الأسابيع الموالية لتسجيل أولى الحالات إستراتيجية الدولة لاحتواء “كورونا”، وهو ما تمثل في حالة “الطوارئ الصحية” التي أعقبتها مجموعة من التدابير العملياتية المتسارعة.

وبينما بدأ الفيروس يتسرّب إلى البلد رويداً رويداً، عمدت الدولة إلى تطويق الأزمة الفجائية، فأعلنت عن سلسلة من التدابير الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية قصد الحد من تداعيات انتشار الوباء؛ وهي الإجراءات التي لاقت استحساناً أحياناً واستياءً في أحايين أخرى، لكن الجميع اصطف وراء الدولة في “معركة كورونا” المستمرة.

“كورونا”.. استسهال ثم استصعاب

ما رؤيتك للتدابير الصحية المُعلنة منذ بداية الأزمة؟ لم يتردد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، في القول إن “الإجراءات المتخذة جنينية فقط، لأنها لم تكن مبنية على استراتيجية ومعطيات استباقية، ما يمكن أن نستشفه في تصريحات مسؤولي وزارة الصحة في بداية الجائحة، عندما أوردت أن الفيروس غير قاتل، ولن نصل إلى ما عاشته البلدان الأخرى”.

لطفي أوضح، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “القراءة لم تكن مبنية على معطيات صحيحة، ما أدى إلى الاستهانة بالفيروس؛ ومن ثمة يمكن تفسير التأخر في مواجهته، حيث جرى اعتماد مختبرين فقط للتشخيص، الأمر الذي جعل عملية الكشف المبكر متعثرة، لكن ذلك يعود إلى المنظومة الصحية المتدهورة، بإمكانياتها القليلة ومواردها البشرية الضعيفة”.

وأضاف الفاعل الصحي أن “صندوق تدبير جائحة كورونا هو الذي أنقذ وزارة الصحة، بعدما خصص لها مليارين لشراء الأدوية والتجهيزات، إلى جانب توفير الوحدات الصحية المخصصة للعناية الفائقة”، مستدركا: “الوزارة قلّلت من شأن الأزمة في البادية؛ لكنها تداركت الأمر بعد تعليمات الملك محمد السادس في مجالات عديدة، الأمر الذي أنقذ الموقف”.

الحزمة الثانية من التدابير

على الصعيد الاقتصادي، يرى المهدي الفقير، باحث اقتصادي، أن التدابير الأولية موجهة للحد من تأثير الجائحة، وهو ما عبر عنه بقوله: “الحزمة الأولى من الإجراءات خفّفت من الضرر الآني على الاقتصاد الوطني، سواء ما تعلق بالمواطنين أو الفاعلين الاقتصاديين، لكن البلد يحتاج إلى حزمة ثانية من الإجراءات موجهة للقطاعات الأكثر تضررا”.

ولفت الفقير، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “الحديث ينصب حول قطاعات السياحة والترفيه لأنها توقفت بقرار سيادي”، وزاد: “الخوف كل الخوف من اختفاء البنية التحتية الاقتصادية عند رفع الحجر الصحي، ما يستوجب الحفاظ على البنية التحتية للاقتصاد؛ ألا وهي النسيج المقاولاتي”.

وأكد متحدثنا أن “الجرعة الثانية من التدابير الحكومية ينبغي أن توجه إلى النسيج المقاولاتي، من خلال الإبقاء عليها من جهة، وتدعيم القدرة الشرائية من جهة ثانية”، موضحا أن “الطلب الداخلي سينخفض بشكل كبير، ما يستوجب تعزيز الاستهلاك الداخلي”.

طوارئ طويلة الأمد

البلد في حاجة ماسة إلى صندوق دائم للطوارئ.. هذا ما يقوله عبد القادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل. ومن هنا، ينطلق الزاير للحديث عن الأزمة قائلا: “نجحنا في تدبير مجموعة من المجالات مقارنة مع ما وقع في العالم، من خلال تحمل الدولة لمسؤوليتها فيما يتعلق بتعويضات العمال”.

لكن التداعيات طويلة المدة للأزمة تستدعي إحداث صندوق للطوارئ، وفق المتحدث، على اعتبار أن العالم مقبل على مخاطر وبائية في المستقبل، مشيرا إلى “إلزامية توفير احتياطات مادية من طرف الحكومة، بالموازاة مع إقرار تشريعات قانونية لتأطير ذلك، حتى يتسنى خلق مشاريع من شأنها امتصاص البطالة”.

ويعود علي لطفي، بوصفه الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، للحديث عن التداعيات الاجتماعية، مستطردا: “الخطورة تكمن في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل مستقبلا، بسبب إغلاق العديد من الشركات أبوابها بشكل نهائي، وأخرى بصفة مؤقتة، ما يستلزم دعم الدولة للمقاولات ماديا، وكذلك ما يتصل بالمقاهي والمطاعم وغيرها”.

“اتفاق جديد”

وبخصوص ظهور البؤر الصناعية في بعض الحواضر الكبرى، يقول لطفي، الفاعل النقابي، إن “الشركات والمقاولات أصبحت بؤرا حقيقية للوباء، حيث سمحت الحكومة باستمرار أنشطة بعض الشركات التي لا يحتاجها المغرب في الزمن الراهن، من قبيل معمل لصناعة الأحذية، في حين توجب الترخيص لمقاولات تصنيع الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية فقط”.

المطلوب اليوم من الدولة، تبعا للمهدي الفقير، الخبير المحاسباتي، أن يتم تطعيم لجنة اليقظة الاقتصادية بالمنظرين الاقتصاديين، من خلال إيراده بأن “ذلك حدث في التاريخ الحديث، ما تجسد في الكساد الكبير لسنة 1929، حيث تدخلت الدولة الأمريكية في أواسط 1932 بالخطة الجديدة (نيو ديل)، عُهد فيها إلى استشاريين لدى روزفلت للبحث عن أفكار جديدة”.

صفوة القول في هذا الصدد، عند الخبير الاقتصادي، إنه ينبغي “البحث عن أفكار جديدة في ظل الأزمة الصحية الراهنة، رغم الحديث عن نموذج التنمية الجديد؛ لأن لجنة اليقظة الاقتصادية في حاجة ماسة إليها حتى يتم توجيه أفكارها بشكل أمثل، ما سيُمكن من تجاوز التداعيات الاقتصادية للجائحة”.

‫تعليقات الزوار

10
  • سيدي عمار التازي
    السبت 16 ماي 2020 - 09:26

    الايجابيات: هي ان الدولة المغربية لها تاريخ طويل في مواجهة الاوبئة التي كانت على مر العصور تعصف بالمغرب و ساكنته -اي لها معرفة لكن ما الذي يعوق الامر اليوم؟ الاستيلاب الذي يعيشه الشعب المغرب و فقدان لهواته و لغته و تاريخه و ذاكرته الجمعية
    -السلبيات: التراخي و نمط العيش حيث اننا شعب نحب الاحتكاك بعضنا بالبعض و نلمس بعضنا و الاكتضاض او حب الزحام و الازدحام و التكدس في المدن و الاحياء و الازقة و وسائل النقل و مدرجات الجامعة و في الاقسام اي علاقة المغربي بالفضاء و هي علاقة انتربولوجية (لاحظ كتب جون هيل الانتربولوجي الامريكي الذي درس الظاهرة بعمق و واقعية)
    -من السلبيات ايضا: هشاشة البنيات الصحية و ضعف المستشفيات و انعدام سياسة صحية وطنية (مثل كوبا التي تعطي اهمية للابحاث لصحية الطبية) و اضعاف وضع الاطباء و دفعهم الى الانزياح عن مهمتهم الانسانية لفائدة التجارة و المتجارة بالصحة و جعلهم يمتهنون اشغال اخرى
    -الايجابيات: انصياع المغاربة للدولة و واقعيتهم و واقعية السلطات عموما لكننا لسنا في مستوى الانضباط الاسيوي الذاتي او الغربي عموما نظرا لثقافتنا الغير علمية مجتمعيا الخ

  • الحسن
    السبت 16 ماي 2020 - 09:37

    نعم المغرب اهله رجال وتفاجأت عندما اتحد المغرب في هاده الضروف الصعبة وشكرا للشعب المغربي عامةمن طنجة إلى الكويرة والجالية المغربية أيضا الله آلوطن الملك

  • الحق يقال
    السبت 16 ماي 2020 - 10:03

    تم على حساب وقت واسر رجال الشرطة والدرك والقوات المساعدة والاطباء و عمال النظافة
    يجب اعادة الاعتبار الى هؤلاء ماديا ومعنويا…

  • Imane usa
    السبت 16 ماي 2020 - 10:10

    المغرب تحزم و شمر بكل جد و لاكن البلاد تعاني من الشمكرية و قلة الوعي و قلة الأمن. يجب تصفية كل من لا يريد تطبيق القانون و زعزعة الأمن. لأن الاستقرار و الأمن يجلب السياحة و الاستثمار.
    اللهم حفض بلدنا المغرب و انصر جلالة الملك لما فيه خير للبلاد و العباد

  • احماد
    السبت 16 ماي 2020 - 10:24

    في نظري المتواضع إن البلاد دبر أزمة كورونا بنوع من المهنية ونكران الذات وتضحية عند البعض. وقلت في نفسي إن أزمة كورونا مفصلية وتؤسس لمرحلة تعبئة شاملة. غير أنني أصيبت بخيبة أمل، عندما دافعتني الظروف الصحية لقريب لزيارة مصحة خاصة لأجد نفس التعامل وشحذ السكاكين لخرق الجيب.
    هل لابد لنا من كورونا في جميع بنيتنا الإجتماعية لضمان انطلاقة جديدة !!!!

  • سلام صويري
    السبت 16 ماي 2020 - 13:52

    قبل ثلاثة أشهر تقريبا، لم تكن هناك أي خطط جاهزة لمواجهة الأزمة الوبائية الراهنة
    خصوصا مع الانهيار التام لمنظومة الصحة والاغاثة نتيجة الاهمال والاقصاء والتدمير المتعمد لاسباب سياسية ومالية وذلك منذ عشرات السنين ووجدت السلطة نفسها في مأزق حقيقي وسارعت الى سن اجراءات لتفادي الكارثة والفضيحة وبالطبع الشعب هو الذي يودي الفاتورة بانقطاع اسباب المعيشة نتيجة الحجر الكلي وتفاقم الوضع وصار مأساة حقيقية بالنسبة لملايين المواطنين الذين يعيشون اصلا في هشاشة بسبب فشل السياسة والاختيارات الخاطءة بالتركيز على الكرة والمهراجانات ومواسم الزوايا والاولياء وتدعيم كل التفاهات لمحاربة الوعي !!
    وسيبقى المواطن العادي هو من سيؤدي التبعات

  • Doraimon
    السبت 16 ماي 2020 - 16:42

    ليست أخطر أزمة صحية، المرجو توخي الدقة في العناوين المنتقاة لمقالاتكم، لا داعي للعناوين المثيرة فنحن نطالع صفحتكم دون ذلك، ليست أخطر أزمة بكل بساطة لأن المرض ليس فتاكا و نسبة انتشاره ضعيفة جدا بالمقارنة مع عدد سكان العالم، أما الحديث عن الحجر و كيف أفاد في تقليص عدد الاصابات فمردود عليه، فهناك دول لم تنفد الحجر و تعرف عدد اصابات مماثلة او أقل من الدول التي طبقت الحجر، و لكم في السويد و كوريا الجنوبية و اليابان جزئيا و اثيوبيا و غيرها أمثلة على ذلك….

  • وطني
    السبت 16 ماي 2020 - 17:42

    متباقوش تكدبوا على الناس أن الدولة فضلت الشعب على الاقتصاد !!! راه الشركات خدامة المحلية و الأوربية معندها علاقة بتصنيع مواد غذائية او صحية و حتى مراكز الاتصال الدولية !! و الي هي سبب البؤر اليوما الي اتمدد الأزمة للأسف! المسؤولين الكبار فهاد البلاد و الله كون لقاو الهربة على كورونا مايستوقو لشي حد !! الدليل الأيام العادية كيمرضو امشيو لأوروبا. لو كان همهم على الشعب كن صلحوا المستشفيات شحال هادي ياك الناس ماكاتلقا حتى برى و خيط و الكّبص للهرس و الناس كتولد قدام باب المستشفى.. فين كانو المسؤولين ؟؟ راه لا دارو شي اجراء كيقى شكلي باش احميو راسماليهم و مشاريعهم. هدشي لي خلا وزير الداخلية اقول: " نحن في قارب واحد " منيمتا اخويا حتى جات المرضية كورونا ؟؟! حفظ الله وطننا الحبيب و شكرا هسبريس.

  • عبدالله التطواني
    الأحد 17 ماي 2020 - 01:12

    عندما تقرأ المقال فحتى الصين لاتتكلم هكذا فتسمع مصطلحات إجراءات استباقية تصنيع ملايين من الكمامات الصحة قبل للاقتصاد وووو هناك دولتان عربيتان قاموا بعمل يمكن أن نفتخر به اولا تونس التي انتصرت على الوباء ولم تصل حتى لألف إصابة ومنذ ايام لم تسجل إصابات جديدة تليها الأردن تحكموا في الوباء وصنعوا الكمامات وأجهزة التنفس دون أن يمدحوا في انفسهم

  • مغربي
    الأحد 17 ماي 2020 - 02:20

    الى عبد الله التطواني المزور

    لكن العالم لم يمدح إلا المغرب وهذا ليس مجاملة له وإنما راجع للإنجازات العظيمة التي كان سباق لها أما تونس والاردن وغيرها من الدول المحيطة بنا فهم كانو يستنسخون ما كان يقوم به المغرب بحدافيره بداية بصندوق كورونا إلى الحجر وووووو لكن الحاقدين والحاسدين للمغرب يصعب عليهم الاعتراف بهذه الحقيقة التي كتبت عنها الصحافة العالمية

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة