قف أيها الشعب، أنت في حضرة 20 فبراير

قف أيها الشعب، أنت في حضرة 20 فبراير
الأربعاء 27 أبريل 2011 - 08:24

مع مرور قرابة الثلاثة شهور لم تبلغ بعد حركة 20 فبراير الدرجة المرجوة من تأطيرها لنضالات الشعب المغربي و لم تكسب بعد الزخم الجماهيري المطلوب .مع انه لا احد من المغاربة عموما يختلف حول مطالب 20 فبراير ونضالاتها المعلنة والمشروعة ،إلا انها عاجزة على كسب المزيد من الدعم الجماهيري في وقت كان كافيا لذلك، ونكاد نجزم انها بلغت ذروتها القصوى ولا يمكن ان تكسب أكثر مما كسبته الى غاية الان وذلك لسببين رئيسيين .


السبب الاول: أيديولوجي محض ويتجلى في المواقف المخفية والاجندات السرية التي لا يمكن نكرانها والتي ساهمت في اقصاء الكثيرين أو على الأقل إحجامهم عن المشاركة و إن كان الوقت كفيل بكشف هذه النوايا والاجندات مع عدم إغفال الوعي الشعبي الى درجة معينة في قراءة الاحداث .


السبب الثاني :هو الاخطاء القاتلة وسوء فهم الواقع السياسي ، فالحركة أرادت تقليد الثورات العربية وركوب الموجة التي بلغ مداها المغرب، لكن هذه القراءة لم تستوعب دروس الثورات العربية في البلدان الاخرى .فصارت بذلك مجرد محاولة التقليد السلبي مع الافتقاد الى نفس الاليات التنظيمية والاسلوب الذي اشتغلت به الثورتين المصرية والتونسية الشي الذي مكنهما من كسب الرهان الشعبي ،على عكس حركة 20 فبراير التي :


-عجزت على التغطية على اللافتات الحزبية والايدلوجية التي طغت في الكثير من المحطات والمواقف السياسية ، ساهم في تموقع الحركة وتصنيفها ايديولوجيا الى تيار الرفض أكثر منه الى حركة شعبية تتسع للجميع.


-عجزت الحركة على كسب النخبة السياسية: بحيث لم تتمكن من كسب النخبة السياسية المغربية من وزراء ونواب برلمانيين ورجال أعمال وفنانين واعلاميين ولا يمكن ان يصنف كل هؤلاء بكونهم لا يريدون الاصلاح لكنهم لم يجدوا لهم مكان داخل هذه الحركة.


-بادرت الحركة مند البداية الى اقصاء الاحزاب والمجتمع المدني وقياس مدى نضالاتها بالاستجابة لنداء الحركة، الى درجة التخوين ومنع بعض مناضلي الاحزاب من المشاركة في بعض المسيرات وهذا حول هذه الحركة الى مجرد اصل تجاري مغلق لا يلجه الا من ارتضته اللجان المسيرة للحركة مما يجعلها تحمل صفة “حركة اقصائية” ،عكس الصفة الشعبية التي تفترض مشاركة الكل دون تمييز. ففي تونس ومصر رغم كون بعض الاحزاب الادارية انخرطت مع النظامين السابقين الا انها التحقت بالثورة على اعتبار ان” الثورة تجب ما قبلها”. ،فلا يمكن تصور ديموقراطية بدون أحزاب سياسية و بدون مجتمع مدني حقيقي، فاذا كان هناك من ينادي بالديموقراطية بدون أحزاب سياسية ، فعلي أي اساس؟ وهل الحركة ستصبح بديلا عن كل الاحزاب المغربية وتحل محلها؟ .


و إقصائية الحركة تجلت أيضا في محاولة تبني كل المطالب الشعبية و النضالات الفئوية، وكما هو معلوم المغرب متعدد المشارب السياسية والثقافية ،لذلك لا يمكن لحركة أو حزب وحيد ،مهما بلغت قوته ، أن يحتوي كل نضالاته. وهذه الاسباب التي تم ذكرها أدت الى وقوع الحركة في أخطاء في الممارسة أيضا ومنها :


التناقض بين السقف السياسي المعلن والسقف السياسي المخفي فالمواقف من برنامج الاصلاح كانت سياسية ولم تكن مطلبية بمعنى ان المطلبية تتجلى في مبدأ “خد وطالب” في حين ان الحركة تبنت موقف الرفض النهائي، إما كل شيء او الاستمرار في التظاهر .


وتجلى ذلك ايضا في الموقف من “لجنة المنوني” ورفض الجلوس معها، ومحاولة الرجوع للوراء من خلال التشبث بمطلب الجمعية التأسيسية والذي صار متجاوزا الأن ،على اعتبار ان الغالبية انخرطت في دراسة التفاصيل سواء دعاة الملكية البرلمانية أو غيرهم الذين لا تختلف مطالبهم مع مطالب الحركة الى حد بعيد .


ولهده الاسباب ايضا لا يمكن للحركة ان تقدم تصورا خاصة للدستور الذي تريد ولنظام الحكم ايضا بحيث تحولت الحركة مع مرور الوقت الى مجرد تجمع ففسيفسائي غير منسجم ولا يتوفر سوى على خطوط عريضة تخفي وراءها اختلافات ايدلوجية كبيرة ،فكل تلك الشعارات التي رفعت حول اسقاط الفساد و قضاء مستقل وفصل السلطة عن المال وغيرها، إلا أن بعض المطالب ليس لها علاقة بتعديل الدستور على اعتبار انها يمكن ان تكون مجرد قوانين ومقررات تصدر عن السلطة التشريعية او التنفيذية لذلك حشر كل هذا في سلة واحدة مع الموقف من الدستور يفيد بخلط سياسي أكثر منه مطلب من بين المطالب الشعبية.


كما ان مطلب الجمعية التأسيسية التي يطالب بها البعض لا يمكن أن تتم الا في حالة افتراض سقوط النظام السياسي ونهايته وقيام نظام اخر جديد و اغفال هذا الفرق يهدف الى هدم كل ثوابت الامة المغربية التي تشكل مصدر إجماع . ومن اهمهما “نظام الملكية ” الذي يكتسب ما يمكن الاصطلاح عليه المشروعية التأسيسية ، أي يكتسب سلطة “الاقتراح الاولي للنظام الاساسي” الذي سيعرض على الشعب من أجل النظر فيها وإبداء الراي ،على عكس المشروعية الثورية التي تقترض نهاية كل السلط وانهيارها، في هذه الحالة فقط يمكن الحديث عن المجلس التأسيسي . وهكذا تحاول حركة 20 فبراير التعاطي مع الاصلاح الدستوري وفق منظور الثورة وفي نفس الوقت ترفع شعارات الاصلاح بسقف اصلاحي لا ثوري ، كما أن هناك أسباب فرعية اخرى تكمن وراء مواقف هذه الحركة من التعاطي مع مشروع الاصلاح الحالي وعدم التجاوب به.


-السبب الاول :استحالة التوافق على مشروع مبادئ دستورية لترجمة الاصلاح المنشود الى أفكار موحدة ،لان الخليط الأيديولوجي غير المنسجم لا يمكنه التوافق على ديباجة الدستور كمدخل للإصلاح على اعتبار ان دعاة العلمانية ودعاة الدولة الاسلامية لا يمكن ان يجتمعوا على المدخل المؤطر الدستور.


فاذا كان هذا حول المدخل فما بالك بتفصيلاته ، كطبيعة النظام السياسي ومصادر التشريع ومصادر السلط وغيره .


السبب الثاني :الجلوس مع لجنة الدستور يعني الاعتراف الضمني بمشروع الاصلاح وهو ما لا ينسجم مع توجهات الواقفين وراء حركة 20 فبراير، الذين لا يومنون بالاشتغال من داخل نسق النظام السياسي الحالي .


السبب الثالث :تقديم مذكرة الاصلاح سيفجر الحركة على اعتبار ان كل التناقضات يمكن ان تظهر أثناء نقاش تفاصيل الدستور وهكذا ليس في صالح هؤلاء ان تنجر الحركة الى هدا النقاش الذي سيعني النهاية الحتمية للحركة.


السبب الرابع : تقديم افكار حول الاصلاح الدستوري يعني حصر وتحديد أفق الحركة في إطار مذكرتها ،وهي التي تسعى الى أن تكون أكبر من ذلك من خلال ادعاء تمثيل نضالات الشعب المغربي في كل مكان، مع الأساتذة المجازين مع المعطلين مع الدكاترة مع النضالات المحلية ، فمذكرة الاصلاح ستختصر زخم الحركة في صفحات ستجعلها قابلة للنقد والكشف لذلك فهي تفضل أن تبقى هلامية و”غوغائية” من أن تكون لها أفكار محددة وواضحة .


السبب الخامس :غياب الجرأة السياسية لدى الواقفين وراءها حيث كل الاحزاب عبرت عن رؤيتها للإصلاح وعن افكارها في حين بقيت مكونات 20 فبراير مكتفية بترديد خطاب اللآت ،كما يتجلى ذلك في الموقف السلبي من كل الخطوات التي تمت الى حد الان وهي خطوات لا يمكن الاستهانة بها في الوقت الذي لم تسقط فيه ولو ضحية واحدة برصاص قوات الامن رغم ثلاثة اشهر من المظاهرات .


السبب السادس :التفاعل الايجابي للنظام مع الواقع ، هذا التفاعل جعل الحركة أمام تحدي الاستمرار في التظاهر الذي اتخذ طابعا مطلبيا في غالب المدن اكثر منه سياسيا .


كل الاسباب التي ذكرناها تهدف الى ضرورة إعادة النظر في آليات اشتغال حركة 20 فبراير وطريقة تعاطيها مع الشأن السياسي المغربي اذا ارادت ان تكون جامعة لجميع المشارب السياسية تحت سقف واحد ،و يجب ان يكون شعارها “شركاء في الوطن شركاء في النضال “، بحيث يتم استيعاب كل مكونات الشعب المغربي دون مصادرة نيات البعض مهما كان توجهه .

‫تعليقات الزوار

1
  • اندلسي
    الأربعاء 27 أبريل 2011 - 08:26

    الا نصا ف هو ان الحر كة تمكنت من اعا دة الثقة للمو ا طن بنفسه حيث ا نتقل حتى و لو نسبا من الا تكالي اليائس الى المقدام المنتفض ضد الطغيا ن و الا ستبداد و كدب 51 سنة…نعم هنا ك هفو ات منها ما هو دا تيتي و مو ضو عي..شبا ب 20فبر اير ينقصهم التا طير النا جم عن عجز النخبة السيا سية و انتها ز يتها …المو ضوعية و ر ائها المخز ن الدي يشد بقبضة من حديد على القر ار السيا سي و تمييع كل شيئء …عن طر يق تفر يخ احز اب ادا ر ية و تدجين اخرى و نفس الشي ء بالنسبة للجمعيا ت…و الا ستحو اد على الا علا م.. و في هدا الخضم يصعب مؤ ا خدة الحر كة التي تو ا جه المخز ن و اد وا ته.و مع دلك و من خلا ل الشا بة سا رة لا بد ان نتفاء ل.. اما لجنة الا ستا د المحتر م فمن خلا ل تصر يح احد مكو ناتها فلن تلبي الطمو ح لدلك نشا طر مو قف الحر كة..الطبقة السيا سية التي من المفر و ض مسا ندة الحر كة تحا و ل السطوعليها او على الا قل اضعا فها بل تمز ية صفو فها…نتمنى ان يتم الا ستجا بة الفعلية لمطالب الحر كة قبل ان يسقط مو اطن بر صا صة وا حد ة لنصبح سيدي بو ز يد الثا نية..

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات