دعوة للانضمام لحزب العلف الديمقراطي

دعوة للانضمام لحزب العلف الديمقراطي
الأحد 6 نونبر 2011 - 00:25

كل كبش صرخ “باع” لن يكون بالضرورة قد باع صوته في الانتخابات

الكبش الذي في الصورة هو أنا. كبش لطيف و” كووول” لكن مناهض لكل أساليب الأكل الآدمية. هذا الصباح تلمّست رأسي فاكتشفت أن القرن الثاني قد نبت بشكل مزعج. القرن الثاني أصغر بكثير من الأول.

كيف يُعقل أن أخرج إلى الشارع بقرنين ملتويين أحدهما أقصر من الآخر! أنا متأكّد أنها مجرّد أوهام، لكنني أتعايش مع أوهامي بشكل سلمي. أحيانا أشعر بأنني موَسْوس، وكلما نظرت إلى المرآة وحدّقت في عينيّ، تبدو لي واحدة أضيق من الأخرى. سألت يوما طبيبا نحيفا فقال لي أن عيوني طبيعية وما أراه ليس حقيقيا، فوصف لي حبوبا مضادة للنظرة الضيقة للأشياء. طبيب بهذه النحافة، يحتاج توبيخا من وزارة الأوبئة، وأتخيله راقدا على سرير أبيض في قسم أمراض العصر. لست مصدوما بانمساخي إلى كبش. أنا مؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرّه. على الأقل لم أتحوّل إلى حشرة هائلة وقبيحة، كما حدث لغريغور بطل رواية كافكا ” المسخ”.

الذهاب إلى العمل هذا الصباح سيكون مختلفا. أول آدمي صادفته عندما غادرت البيت، كان الحارس الليلي الذي لم يذهب للنوم بعد حتى السابعة والنصف صباحا. هذا أول الشهر، وأكيد بدأ يجمع المساهمات التي يمنحها له الجيران كأجرة. يحيّرني الرجل الذي يقضي اللّيل بكامله وهو يطوف الحومة، ترافقه كلبة هرمة بأثداء وردية متدلية. دائما أنتبه إلى أن نظرات تلك السيدة إلى الحارس فيها الكثير من الاحترام، متتبعة حركات هراوته التي لا أعتقد أنها ستخيف لصّا محترما. ردّ الحارس على تحيتي الصباحية، وقلب نظرته إلى سيّارة يتهيأ صاحبها للانطلاق إلى العمل. صراحة منذ مدة لم أدوّر معه، ولم ألاحظ أنه انتبه إلى القرنين الملتويين النابتين في رأسي، ولا إلى خطم الكبش الذي أحمله الآن.
قطعت الشارع باتجاه محطة الترامواي، مع إحساس بالخوف من ردة فعل الناس وهم يرون كبشا محترما يندسّ بين الحشود. أصلا أكره التكنولوجيات والآلات المستحدثة وأفضّل عليها مزودا من الشعير، لأنها حوّلت المدن إلى مقابر خرداوات معدنية. لم يرشقني أحد بنظرات مستغربة وهو يرى كبشا ذاهبا إلى عمله ويحمل حقيبة كمبيوتر محمول. انتبهت إلى أن نعجة تلطّخ وجهها بالماكياج وترتدي سروال جينز يضغط ردفيها السمينين، صعدَت في المحطة التالية. أخيرا أكتشف أنني لست الوحيد المتحوّل إلى حيوان هذا الصباح. عندما يقترب الترامواي من سور “باب الحدّ” تحدث فوضى حقيقية، وأتخيّله سيخترق باب المدينة القديمة متسلّلا مثل حنش ضخم إلى أحشاء الدّروب الضيقة. وصلت إلى محطتي النهائية وتوجهت إلى المقهى لأفطر وأشرب قهوتي الصباحية وأقرأ جرائد اليوم. نفثت سيجارتي الأولى وخوّرت أذني بقوة، فبعض الديدان وجدت لها مأوى لائقا، وهي تفطر بدورها هذه اللحظة في دماغي. أكبِشُ الجريدة بين أظلافي وأمرّر عيوني بين القصاصات. على صفحتها الأولى أقرأ أن الثورات الآدمية مستمرة، و أيضا الحكام مستمرون في تخليص الكوكب من الزاوئد الدودية، خصوصا أن خبرا صاعقا آخر يقول أن الأرض تحمل اليوم على أكتافها سبعة ملايير آدمي. سبعة ملايير تنام وتحتجّ وتضرط وتسْرِط في نفس الوقت. نحن الأكباش محظوظون لأننا نفكّر فقط بالعلف، أما تغيير العالم فلا يعنينا أبدا. رغم تجربتي ككبش صحفي، فأنا أكره الأخبار، وعلى الصحفيين أن يريحوا العالم من هذه السموم المسبّبة لارتفاع الضغط. من فرط أخبار الانتخابات المتناسلة على كل الصفحات، بدأت تراودني فكرة تأسيس حزب سأسميه “حزب العلف الديمقراطي”.

برنامج الحزب ومطالبه واضحة، وهي أولا إلغاء عقوبة الإعدام و رفض الاحتفاء بها كعيد، وتمكين الأكباش من حقوقهم الحيوانية. تحسين الظروف المعيشية للكبش المواطن، وتوفير كميات من الشعير عوض خلط البرسيم بالملح للتسمين. تطوير أساليب الذبح الناعم والمطالبة بحقنة تخدير قبل أن يمرّر الجزار سكينه على الرقاب. التناطح مع بعض جماعات الماعز الإرهابية ومطالبتها بالتخلّي عن الفكر المعزي المتطرّف. الحق في حريات البعبعة الفردية، وحريات التحوّل من آدميين إلى أي حيوان نختاره، ودعوة القراء من الأكباش للانضمام لحركة رفع أثمنتنا في الأسواق، فكل كبش صرخ “باع”، لن يكون بالضرورة قد باع صوته وتاريخه وضميره لأحد في الانتخابات. كل عام وأنتم بخير.

‫تعليقات الزوار

17
  • كبش رقم 2
    الأحد 6 نونبر 2011 - 01:50

    صراحة لم أكن أنتظر أن اقرا مقال عميق بهذا الشكل في هيسبريس ، رغم اني هسبريسي قديم…هذا المقال هو ملخص ما يجري اليوم في المغرب عبر عنه هذا الكاتب الفنان بالتدقيق..
    كلنا كباش والحمد لله ناكل بعضنا ونسرح بعضنا
    االله يعطيك الصحة يا كاتب المقال

  • كريم
    الأحد 6 نونبر 2011 - 11:22

    ههههه و الله الا كباش كلنا مقال أكثر من رائع
    نطالب بمزود النخالة لكل مواطن ههه
    أمتعتنا أيها الكاتب الجميل شكرا هسبريس

  • hakimhassane
    الأحد 6 نونبر 2011 - 12:30

    ولما لا حزب المحاسبة.حزب قادر على جعل أولوياته محاسبة الحكومات الفاسدة السابقة على كل أعمالها وما أدت إليه الأوضاع تحث ظل هذا الدستور الذي يذكر المحاسبة في إحدا بنوده.

  • فصيل الماعز
    الأحد 6 نونبر 2011 - 13:52

    هذا المقالة عندك مفروحة ولكن حز في نفسي أن تصف الفكر الماعزي بالمتطرف. أيام الجامعة، كنت أود تأسيس النواة الأولى لفصيل الماعز كرد على التصرفات اللامسؤولة لباقي الفصائل، حيث كان شعاري هو "دعــــــــــــــــــوني أســــــــرح في الجامعة بدون مبـــــــــادئ". إذ كان كل فصيل منغلق على ذاته في زريبته، منغلق على فكره ومبادئه. فصرخت بأعلى صوتي: " باركا من الفكر الزريبي المخزني دعــــــــــوني أســــــــــرح"، فوجد هذا النداء صداه لدى جملة من الطلبة الأحرار.
    تحية ماعزية لجميع المناضلين، و الخزي والعار لحزب العلف الديمقراطي المخزني الذي انحشر في الحياة الآدمية وفي الزريبات البشرية و فقد بذلك مقوماته الحيوانية.
    احذروا هذا الحزب المخزني …………………

  • مواطن
    الأحد 6 نونبر 2011 - 16:03

    محاولة فاشلة في مجاراة اسلوب فرانز كافكا.

  • wahd
    الأحد 6 نونبر 2011 - 16:03

    دعوة للانضمام لحزب العدالة والتنمية حزب مستقبل الامة الابيض المير النقي الطاهر الامل المجد الحق الحلال البناء الثبات العدل ةالحقوق,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • boutarbouh
    الأحد 6 نونبر 2011 - 17:56

    تشخيص موفق الى حد ما، أتمنى أن تستفيق يوم العيد -يوم 25 نونبر- وأنت إنسان في كامل قواك العقلية، لك عزتك وكرامتك، وتذهب لتمارس حقك الدستوري وتصوت على من تراه مناسبا.
    لسنا أكباش كما ينظرون إلينا. 25 نونبر فرصة لتصحيح المفاهيم و إسقاط سماسرة الانتخابات

  • علاء
    الأحد 6 نونبر 2011 - 19:10

    مرحبا بعودتك للكتابة بعد ان اكتشفت أن لا مكان لك في التلفزيون وأنك ورطت نفسك والموظفين من زملاءك بتصرفات غير مسؤولة في "دابا تي في"
    هنيئا لك بأن كنت أحد أسباب اغلاق دابا تي في وتشريد الموظفين

  • med
    الأحد 6 نونبر 2011 - 20:00

    tu merite le prix Nobel pour ta recherche et t innovation dans le sujet du terriste r qui a fait l actualité des parti politique au maroc. Bravo.

  • martil
    الأحد 6 نونبر 2011 - 20:03

    يا كاتب المقال لا تنس أن زملاءك لم يصرفوا بعد منحهم . كان حريا بك ان تكتب مقالا على هسبريس تبين فيه معاناتنا كأساتذة متخرجين من المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل.

  • amal
    الأحد 6 نونبر 2011 - 20:13

    hhhhhh très drôle comme article et bein écrit, bonne continuation dans le moutonisme journalistique 🙂

  • تجمعي ديال بصح
    الأحد 6 نونبر 2011 - 22:11

    إلى وقت قريب كنت أول المعارضينلمثل هذه المجموعة لسبب بسيط هو أنه يجب محاربة الفساد بالإنخراط الإيجابي في الأحزاب والجمعيات إلا أن الواقع شيئ اخر من يحارب من والله العظيم إنه أخطبوط تصوروا أن رتبة متقدمة في اللائحة الوطنية للشباب تمثل الدارالبيضاء بالنسبة للتجمع الوطني للأحرار فوتت ب 450مليون سنتيم رغم معارضة رئيس الحزب وأغلبية المكتب التنفيذي الذين عجزةا عن مواجهة أحد الجينرالات بالدارالبيضاء ورئيسي مقاطعتين أحدهما مقاول كبير غير محتاج إلى سيولة نقدية والاخر خوانجي مزور يعيث في الأرض فسادا.لقد صدمت وأنا المنتمي لهذا الحزب والمؤمن بمباذئه وإذا كنت لا أؤبخد الاخ صلاح الدين مزوار لأنه عجز أمام ابتزازات جنيرال الدار البيضاء المستقوي بالخوانجي الفاسد والمقاول الأبله . لهذه الأسباب وأسباب أخرى أعلن انضمامي لهذه المجموعة

  • abdelfettah
    الأحد 6 نونبر 2011 - 22:23

    ان كان الاكباش غير قادرين على ايصال مطالبهم الى صاحب الضيعة فالاجدر بهم احتلال المجازر يوم 25 نونبر 2011 والمطالبة بالغاء الانتخابات و قوانين تنظيم الانتخابات و كدلك تفكيك الادرات المسؤولة عن كل اشكال الفساد بما فيها احتضانهم للوبيات او ما يعرف بمافيات الانتخابات ومن بين هده الادارات التي باتت غير صالحة ادارة الاستقلال و الاتحاد الشتراكي و الاحرار و الاصالة و المعاصرة …………….هده الادارات باتت من فعل كان و على صاحب الضيعة ان يقرر حلها فهي لم تعد تخدم مصلحة الوطن و لا المواطن ولا حتى مصلحة صاحب الضيعة بل باتت تخدم مصلحة وول ستريت وعليه ان يحدد قانون انتخابات يكون البرلماني فيه مجرد متطوع لا اجير كما هو الحال في اليابان .اضف الى دلك نحن نحب صاحب الضيعة لكننا نكره ان يكون مجرد صورة والامور بيد وول ستريت

  • lil
    الأحد 6 نونبر 2011 - 23:11

    Vraiment une bouffée d’oxygène magnifique cet article, un humour
    sarcastique des plus intelligents. .Bravo Hicham pour ton imagination

  • 3ABDO
    الأحد 6 نونبر 2011 - 23:50

    كثر هم الاكباش هذا العيد, تختلف احجامهم والوانهم,كل وثمنه,الثمن يحدد حسب طول القرنين,كلما زاد طولهما زاد ثمن البيع.
    فاذا بي سالت كبشي, هل انت كبش لطيف؟فضل يبحلق بعينيه,و حينها ادركت انه لا يفهمني ,وانه لا يعرف حقيقته, ولما خلق في هذه الحياة,
    لو ان كل الحيوانات وعت بوجودها لتغيرت معلم هذا الكوكب ,

  • martil
    الإثنين 7 نونبر 2011 - 00:32

    إعلان

    لا زال الأساتذة خريجو المدرسة العليا بتطوان، ينتظرون صرف منح ثلاثة أشهر (يونيو و يوليوز و غشت) التي صرفت لكل مراكز تكوين الأساتذة و المعلمين.
    و أمام تماطل الجهات المعنية و بعد استنفاذ كل الطرق من أجل تحصيل المنحة (ككتابة بيانات تنديدية و الاتصال برئاسة جامعة عبد المالك السعدي)، قرر مجموعة من الأساتذة، اتخاذ شكل نضالي تصعيدي من خلال تنظيم و قفة احتجاجية يوم الجمعة 11 نوفمبر 2011 أمام رئاسة جامعة عبد المالك السعدي من أجل الإفراج الفوري عن المنحة و التنديد بهذا التماطل الغير مبرر و اللاقانوني في ظل وجود المذكرة رقم 150 الصادرة بتاريخ 29 يونيو2010 و التي تقضي بصرف منحة الطالب الأستاذ بشكل شهري.
    و عليه ندعو كل الأساتذة خريجي المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، لمساندتنا و الحضور الكثيف يوم يوم الجمعة 11 نوفمبر ،2011 أمام رئاسة جامعة عبد المالك السعدي من اجل الإفراج الفوري عن المنحة المنهوبة.

  • عبدالرحيم م
    السبت 19 نونبر 2011 - 00:00

    إلى الأخ حسن طارق عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في الحقيقة كنت ولا أزال أحترمك نظرا للمواقف القديمة داخل هذا الحزب الذي اتمينا إليه وناضلنا تحت يافطته لأننا اقتنعنا بفكر عمر والمهدي والأب الروحي الأخ المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ، لكن وللأسف فإن الكل قد تبخر , تبخرت المبادئ وأصبح الحزب في واد والمبادئ التي ناضل من أجلها في واد آخر ، وأصبحت الحقيبة هي الهدف والمبتغى , بالله عليك الأخ طارق بماذا تفسر ترشيح عدد من الشخصيات في غياب تام للاستشارة مع القواعد ,كيف تتم الحملة في ظل إغلاق المقرات الحزبية ’كيف يمكن الحديث عن الانتخابات في ظل موت تام للهياكل التنظيمية للحزب ’ اليس هذا عبثا في عبث . أظن أنه لابد من العودة إلى القواعد إذا كانت هناك رغبة حقيقية في إصلاح هذا الواقع الذي أصبح لايبشر بالبخير . كتبت لك هذا الخطاب وأنا أتابعك في برنامج 90 دقيقة للإقناع يوم الجمعة 18 نونبر بإذاعة ميدي1 تيفي .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة