وادي الحيتان .. أسرار محمية طبيعية فريدة في طي النسيان

وادي الحيتان .. أسرار محمية طبيعية فريدة في طي النسيان
الإثنين 16 ماي 2016 - 02:00

يقع “وادي الحيتان” داخل محمية وادي الريان بمحافظة الفيوم على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب غربي القاهرة بمصر. وهو يحتوي على هياكل عظمية كاملة لحيتان كانت تعيش في تلك المنطقة قبل نحو 40 مليون سنة.

قبل 40 مليون سنة كان الماء يغطى وادي الحيتان وتسكنه كائنات بحرية، مثلما يتضح ذلك من خلال عدد كبير من الحفريات الموجودة في الصخور والرمال بالمنطقة، حيث يعد بعضها أساسا لشرح تطور أسلاف سلالات الحيتان.

يقول محمد سامح، مدير فريق الخبراء المعني منذ عام 2000 بالكشف عن أسرار الوادي، إنه في منذ عام 2000 تم العثور على أكثر من 1500 موقع يضم حفريات في منطقة تمتد لمساحة 200 كيلومتر.

تحدي السياحة

وأكد سامح: “لقد عثرنا على العديد من الحفريات، ليس فقط أفقيا لكن أيضا عموديا، في الجبال والتكوينات الصخرية”.

وتذكر الكثبان الرملية والحجارة المنحوتة بفعل الرياح على مر الزمن، بمنطقة وادي الحيتان، بالشعاب المرجانية الموجودة في البحر الأحمر وقاع البحر الرملي.

ويوضح سامح كيف أن الحفريات التي عثر عليها في الوادي على مدار السنوات الماضية تم تنظيفها وإعادة تهيئتها تدريجيا وعرضها في “متحف في الهواء الطلق” حيث يمكن للزوار رؤية الحفريات في بيئتها الطبيعية التي تم العثور عليها فيها.

وذكر أنه “في البداية كان تحديا ضمان عدم إضرار السائحين بالموقع، الذي يمكن الوصول إليه بالسيارة حتى تم حظر ذلك وإعلانه منطقة محمية تمتد على مساحة من 21 كيلومترا”.

الآن، يمكن للمركبات الوصول فقط حتى منطقة الزوار، حيث يوجد مكتب لحجز التذاكر ومقهى وحمامات، ومن هذه النقطة، يمكن للزوار أخذ جولة بالموقع سيرا على الأقدام بين الهياكل العظمية، الموضوعة على الرمال مصحوبة بشرح لهذه الآثار.

واستكمالا لمتحف الهواء الطلق، تم مؤخرا افتتاح متحف الحفريات وتغير المناخ بوادي الحيتان، حيث يعرض أكبر هيكل عظمي كامل عثر عليه حتى الآن لحوت من سلالة “باسيلوسورس” الذي ينتمي لرتبة الحيتان القديمة.

وأعيد بناء الهيكل العظمي لحوت الباسيلوسورس الذي يصل طوله إلى 18 مترا، بالكامل، وصولا حتى لأصغر فقرات ذيله ويمكن مشاهدته من خلال صندوق زجاجي داخل المتحف.

ويوضح الخبير البيئي أن باسيلوسورس عثر عليه في عام 2015 “في منطقة كان يتم التنقيب فيها لأنه كان يعرف مسبقا أنها تضم رواسب وتكوينات صخرية تعود لحقبة معينة وشيئا فشيئا تم العثور على عظام الحوت أسفل الرمال وتمت إعادة تجميعه من جديد في فترة زمنية قياسية بلغت 15 شهرا”.

كما تم العثور على بقايا هياكل عظمية لكائنات بحرية داخل معدة حوت الباسيلوسورس، “وهو ما يكشف عن نوع المواد الغذائية والحيوانات البرية التي كانت موجودة في المنطقة قبل 40 مليون سنة. على سبيل المثال، يشير العدد الكبير من أسنان سمك القرش التي وجدت بالقرب من باسيلوسورس إلى أن هذه الأسماك المفترسة تغذيت عليه”.

نموذج لحديقة طبيعية في مصر

بالإضافة إلى استضافة الحوت الكبير، يظهر متحف “وادي الحيتان” أثر التغير المناخي على الأرض وتطور الثدييات البحرية وغيرها من الحيوانات البدائية التي سكنت الوادي، وذلك بهدف نشر تاريخه الفريد من نوعه، ونشر الوعي أيضا بهذه الظاهرة التي أصبحت حاضرة أكثر من أي وقت مضى.

ويشير رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في مصر، إجناثيو أرتاثا إلى أن وادي الحيتان “يتمتع بقيمة ثقافية لا يمكن إحصائها لذا تدعم هيئة الأمم المتحدة منذ عام 2005 تنميته والمحافظة عليه، وذلك بالتعاون مع الحكومة المصرية “.

وبإنشاء متحف وادي الحيتان، الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، يتم السعي لتحويل الوادي إلى منطقة محمية وطنية وفقا للمعايير الدولية، لجذب السياحة البيئية والمساهمة في ازدهار اقتصاد المجتمعات المحلية.

يكمن الهدف من وادي الحيتان في أن يكون نموذجا لحديقة طبيعية في مصر، حيث لم تكن السلطات والمواطنون يهتمون أو يقلقون بشأن رعاية التراث الطبيعي والبيئي حتى وقت قريب.

ويؤكد أرتاثا على أن ” برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدعم الحكومة المصرية في مواصلة الاستثمار وتخصيص الأموال للمناطق المحمية وتحسين مرافقها”.

ورغم أن العلامات الأولى على وجود حفريات في وادي الحيتان قد ظهرت في أوائل القرن العشرين، لم يكتشف أول هيكل عظمي لحوت قبل عام 1983 ، وهو ما أثار اهتماما كبيرا في جميع أنحاء المنطقة، التي لم يتم اكتشاف كامن أسرارها وحمايتها بعد.

وفقط في الآونة الأخيرة، تلقى الوادي الاهتمام على المستوى الوطني والدولي، وخاصة بعدما تم تصنيف وادي الحيتان كمنطقة تراث عالمي واختارتها اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان في عام 2005 واعتبرتها الحكومة المصرية كمحمية بعدها بثلاث أعوام.

يقع وادي الحيتان داخل منطقة وادي الريان، التي أعلنت محمية طبيعية في عام 1989 وتغطي مساحة 1759 كيلومترا بمحافظة الفيوم، وتضم الشلالات الوحيدة في مصر وبعض المعالم الطبيعية الأخرى التي تجعل المنطقة فريدة من نوعها.

ولقرب وادي الريان من العاصمة المصرية أصبح مقصدا مفضلا للنزهات والخلوات وخاصة للسائحين المحليين في حين يجتذب وادي الحيتان الزوار الأجانب.

ولذلك تحظى المنطقة بأهمية تاريخية كما أن وجد فيها بقايا أثرية للقدماء المصريين والإغريق والرومان، لأن الفيوم كانت معبرا بين وادي النيل والشرق، والواحات الغربية.

كما أن لها قيمة بيئية بارزة لثرائها بالنباتات والحيوانات ، فضلا عن أكثر من 170 نوعا من الطيور، وذلك بفضل اثنين من البحيرات الكبيرة التي تجعل من هذه المنطقة الصحراوية مليئة بالحياة.

‫تعليقات الزوار

1
  • Khalid
    الإثنين 16 ماي 2016 - 11:09

    j'ai deja vut un documentaire traite sur un dinosaure vicu dans le cretace, nottament au maroc,c'est le spinosaure il etait plus grand que t- rex

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير