جزيرة غوري السنغالية .. شاهد يحاصر جرائم تجارة الرقيق بإفريقيا

جزيرة غوري السنغالية .. شاهد يحاصر جرائم تجارة الرقيق بإفريقيا
الأحد 12 فبراير 2017 - 14:00

جزيرة غوري، التي تبعد بحوالي ثلاثة كيلومترات عن العاصمة السنغالية داكار، تعد اليوم أكبر شاهد على تجارة الرقيق في إفريقيا، وتتطلب من زائرها رحلة من ميناء داكار عبر باخرة خاصة، للوقف عن قرب على معاناة العبيد في قارة كان يباع فيها كل شيء، وحتى الإنسان.

كل شيء في هذه الجزيرة يوحي بأن المكان استُغل فيه الإنسان الإفريقي أبشع استغلال، إذ كان يتم بيعه في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية؛ فتمثال حرية العبيد، ومنزل العبيد، ورسومات فناني الجزيرة، ولوحاتها المعلقة على الجدران في جل المنازل، كلها لا تتحدث عن شيء سوى المعاناة مع العبودية.

بداية الرحلة والتاريخ

يوم الأربعاء الماضي استقللنا الباخرة التي تقل العشرات من الزوار الراغبين في استكشاف تاريخ الجزيرة.. بالإضافة إلى الجنسيات الأوربية والأمريكية والأسيوية، تغص الباخرة المكونة من طابقين بالسنغاليين والأفارقة، الذين بيع أجداد بعضهم في هذه البقعة التي تُرى من بعيد ككبد لداكار.

وأنت وسط البحر في بداية رحلة استكشاف الجزيرة التي لازالت تروي بشاعة بيع البشر، واستغلاله، تبدأ بشكل غير مقصود في الاطلاع على تاريخ أسود عاشته القارة الإفريقية، ويرويه اليَوْمَ كل من يسكن هذه الجزيرة التي لا يتجاوز عدد قاطنيها 1500 نسمة.

أخذنا تذاكرنا من الميناء المستقل لداكار، بعد انتظار لمدة ليست باليسيرة في شباك الميناء، وبعد دقائق اخترقت بنا الباخرة المسافة الرابطة بين داكار وغوري، وسط تنبيهات بالجملة للبحارة الصغار الذين يصطادون ببواخر صغيرة تقليدية.. داخل العبارة جنسيات مختلفة تحذوها الرغبة في استكشاف جزيرة قيل لنا عنها الكثير منذ مقامنا الأول في العاصمة السنغالية.

بنسمات هوائية عليلة وسط جو استوائي استقبلتنا الجزيرة الصغيرة التي تبلغ أزيد من 20 هكتارا وسط المحيط الأطلسي؛ في حين أصر مرافقنا سليمان على أن يخصص لنا استقبالا خاصا من طرف نائب عمدتها، الذي اعتبر المغرب والسنغال بمثابة الوحدة التي لا يمكن لأي منا سواء كنا سنغاليين أو مغاربة نكرانها، وردد على مسامعنا أكثر من مرة: “إنه التاريخ.. إنه التاريخ”.

بعد ترحيب نائب العمدة، لم يتردد مرافقنا سليمان في التأكيد أن زيارتنا الأولى إلى هذه الجزيرة ستمر حتما بزيارة “منزل العبيد”، الذي يعد شاهدا على جرائم العبودية التي عانى منها الأفارقة، في وقت كانت تجارة الرقيق تستهوي الجنس الأبيض من فرنسيين وبرتغاليين وانجليز وهولنديين.

منزل العبيد وتذكار حريتهم

خلال زيارتنا إلى “منزل العبيد” كان لزاما أن نمر من أزقة الجزيرة، التي يحاول سكانها الاعتناء بها، لنسيان ماضيها الأسود الذي عاشته، عبر الموسيقى، والرسم، ووسطها ينتصب تذكار “حرية العبيد”، الذي تم تشييده سنة 2002، وتأبى الجزيرة إلا أن تذكر به زوارها بأنها كانت يوما ما فضاء لبيع البشر.

الجزيرة التي أعلنتها منظمة “اليونيسكو” تراثا عالميا مازالت تضم “منزل العبيد”، الذي يشرف عليه مسؤول اسمه إيلوا كولي، لا يمل من سرد معاناة العبيد مع البيع لكل زوار المنزل الذين تتعدد جنسياتهم، وهكذا فعل معنا.

كولي، الذي اختار أن يروي تاريخ “منزل العبيد” بحرقة، استقبلنا بداية في مكتبه، وهو عبارة عن غرفة تضم مكتبا به حاسوب وجهاز راديو، وبعض الوثائق؛ في حين تضم جدران المنزل صور شخصيات عالمية ومسؤولين زاروه، كالرئيسين الأمريكيين السابقين بارك أوباما وبيل كلينتون، ورئيس جنوب إفريقيا الأسبق الراحل نيلسون مانديلا، وبابا الفاتيكان، وآخرين.

معاناة العبيد

وأنت تتجول بعينك داخل “منزل العبيد” ترى تاريخا مكتوبا في لوحات، وسلاسل وأغلال، وعبيد عراة مربوطين بعضهم إلى بعض، تحت حراسة جنود بيض.. تكاد الصور تنطق لتعلن أن ما مارسه تجار الرقيق على هؤلاء لا يمكن حتى للحيوانات أن تستوعبه، فكيف بالإنسان.

“150 من العبيد بين رجال ونساء وأطفال يظلون مكدسين داخل هذا المنزل، في غرف ضيفة جدا لا تتجاوز مترا و60 سنتيمترا طولا ومثلها عرضا”، يقول المشرف على المنزل، موضحا أن هذه الغرف خصصت كل واحدة منها لهؤلاء حسب جنسهم أو عمرهم، ويمكنهم قضاء ما يزيد عن ثلاثة أشهر على هذه الحالة قبل ترحيلهم”.

وأضاف:”هذه الغرف لا تتوفر على مراحيض، وتُعطى الفرصة للواحد من العبيد لقضاء حاجته مرة واحدة، وبعدها يترك فضلاته في مكان تواجده.. يظل فيها معتمدا وضع القرفصاء طوال المدة قبل ترحيل العبيد من الجزيرة”.

‫تعليقات الزوار

13
  • abde italia
    الأحد 12 فبراير 2017 - 14:18

    إفريقيا عنات كتيرة مزلة تنهاب وتعانى من الإهمال تشاهد معانة الأطفال نساء .عرف التاريخ لأنا إفريقيا تبيع العبيد الآن حروب وقاهر يرحلون و يركبون مراكبي الموت

  • هشام
    الأحد 12 فبراير 2017 - 14:30

    زرت هده الجزيرة قبل أقل من تمانية أشهر. هي جزيرة شاهدة عن همجية الإنسان الغربي في تعامله مع شعوب إفريقيا.حيت كانو يفرقون العائلة الواحدة إلى أربعة وجهات ا:أمريكا ،كوبا و البرازيل تم أوربا. عند ترحيلهم يتم مسح هويتهم حيت يعطونهم أسماء جديدة ويعدبونهم أشد العداب حتى يصبحون عبيد مستسلمون.يتم إغتصاب العدارى والمرضى يتم إلقاهم وليمة للقروش.ولو أردنا تصنيف هده السادية فسكون شيئا أقبح من الإرهاب.
    سألتهم سؤالا:كيف كان يتم القبض عليهم ومن يبيعهم للمشترين؟
    الجواب كان أبشع من من كل هدا: الأفارقة كانو يبيعون بعضهم البعض.حيت كان الأسرى في الحروب والغارات يباعون كعبيد للبيض. حيت كان يباع الرجل أو المرأة مقابل صندوق خشبي أو قنينة نبيد… لو لم يجد الغزاة من يبيعهم العبيد لما كاانت هناك تجارة الرقيق. اهدا نحن في أفريقيا مسؤولون عن جزء كبير من مشاكلنا.
    الحمد لله على نعمة الإسلام.

  • Lmahaba
    الأحد 12 فبراير 2017 - 14:33

    شحال صبارين هدوك ناس تعرضو للعبودية والعداب و مهزينش فقلبهم الحقد وكلو أمرهم لله السود يضرب بهم المتل في الصبر ان مع العسر يسر والأن أنتم أحرار تشبتو بالحرية ولاتتركو رقابكم للعبودية بالعلم والعمل

  • Oussama
    الأحد 12 فبراير 2017 - 15:03

    لقد زرت الجزيرة وياليتني ما فعلت اتألم كلما تذكرت ما رايت

  • لحبيب ادليمي
    الأحد 12 فبراير 2017 - 15:04

    ان الحضارة الانسانية عامة بالرغم من تقدمها تكنولوجيا للاسف الشديد مازلنا اليوم نشاهد على المباشر استعمار وعبودية الانسان لأخيه الانسان.خذ مثلا مايقع للمسلمين في اسيا من ظلم وقتل وهذا اخطر من العبودية .بعض البشر همه تحقيق اهدافه على البعض الضغيف بدون شفقة ولا رحمة مما قد يعجل بتحطيم البشرية كلها

  • اجديك
    الأحد 12 فبراير 2017 - 15:08

    بالنسبة للإخوان الذين لم يتسنى لهم زيارة هذا الموقع التاريخي؛ أقول لهم وانا في زيارة لهاته الجزيرة انني لم استطع حبس دموعي عندما كان المرشد الذي رافقنا يعطينا تفاصيل المعاناة والعذاب الذي مر بهم الأفارقة أصحاب الأرض حتى لااقول العبيد؛ فحاشا ما عاد الله؛ العبيد هم من استعبدوا الإنسان رغما عن أنفه؛ لا لسبب الاانه أسود البشرة وطاقته محدودة آنذاك؛ يعني ابشع ما يمكن للإنسان أن يتصوره أو يسمعه؛ كفكرة بسيطة فقط، كان يرمى بهم في البحر عندما يسقطوا مرضى؛ وهدا مايفسر الحيتان الكبيرة التي كانت متواجدة بكثرة قرب المكان؛ وعدد كبير من الأمور التي لاتحترم اي شيء؛ نعم هؤلاء الذين يتغنون ويستعملون ورقة حقوق الإنسان الان كلما كانت لديهم مصلحة؛ وهنا لابد من التدكير بأن الفتوحات لدا المسلمين كانت كلها لزرع المحبة وروح التسامح ونشر قيم الدين الإسلامي الحنيف، ناهيك عن علماؤنا الدين وفروا للانسانية نور العلم وفي شتى المجالات، والى يومنا هدا لازال بعض المسلمين متواجدون في أبرز المحطات العلمية العالمية؛ الحمد لله على نعمة الاسلام، وافتخر بأنك مسلم.

  • Gala
    الأحد 12 فبراير 2017 - 15:46

    شكرا لكم هسبريس على هذه الصورة عن جزيرة عانى فيها الأفارقة أسوأ أنواع التعذيب من طرف أناس يتبنون حقوق الإنسان في هذا العصر. لقد زرتها وتالمت كثيرا إلى درجة البكاء ولا سيما أن المرشد الذي رافقنا كان يحكي بمرارة تاريخ هذه الجزيرة من البداية الى "باب اللارجوع" المطل على البحر.

  • تازي
    الأحد 12 فبراير 2017 - 15:50

    انا أتساءل وأسأل غيري هل بلغ المسلمون في تاريخهم معشار مثل هذه الهمجية والظلم لبني البشر ؟ إن الغرب المسيحي له تاريخ أسود في ظلم الناس واستعبادهم و لا يزال. و مع ذلك استطاع أن يقنع الكثير أن المسلمين هم ضد كل الحقوق: حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الأقليات. … وهلم جرا. فإذا أرادوا أن يقنعوا العالم حقا أنهم بكلامهم عن الدمقراطية و حقوق الانسان يريدون الخير للبشرية فعليهم أن يعتذروا لأصحاب المظالم من شعوب أفريقيا وآسيا والسكان الأصليين لأمريكا الشمالية واستراليا و غيرهم كما فعلوا مع اليهود عندما برؤوهم من دم المسيح بعد أن كان ذلك جزأ من عقيدتهم. و صدق الله سبحانه وتعالى حيث يقول "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)" (الأنبياء). فلن تجد في الأديان ولا الاديولوجيات ما هو أرحم بالناس من الإسلام ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

  • متشائم ولكن واقعي
    الأحد 12 فبراير 2017 - 16:17

    اليوم لوكان تقول للافارقة شكون اللي بغا يمشي لامريكا .غادي تلق هاديك الجزيرة عامرة بالبشر.ماتلقاش بلاصتك فيها.كلشي باغي يمشي.العبودية هي الحكرة والفقر والجوع.والعطالة وووو

  • المجيب المقنع
    الأحد 12 فبراير 2017 - 16:30

    احد المعلقين قال كلاما حكيما :"حتى نحن الافارقة لدينا مسؤولية في هذه المآسي." عندما نذكر التاريخ لا بد من ربط الماضي بالحاضر."منزل العبيد" هذا لا بد ان يحتضن تمثال لقارب من قوارب الموت المكتظ بالمهاجرين السريين.فالعبودية وتجارة البشر لا زالت مستمرة وربما بطرق ابشع وعن طيب خاطر ومؤدى عنها مسبقا . فماذا نحن فاعلون ومياه المحيط والبحر الابيض الابيض المتوسط اصبحت مقبرة الافارقة بامتياز؟؟ سؤال مؤلم مطروح على الشعوب الافريقية ورؤساؤهم ونخبهن وبدون حساسية او عواطف.

  • lakiri
    الأحد 12 فبراير 2017 - 20:05

    كل التعاليق التي قراتها تعاطف اصحابها وبشكل كبير مع السود البشرة وهذا احساس انساني نبيل .
    ولهاذا ادعو المهتمين بالموضوع ان ينفضوا الغبار عن جزء مهم من تاريخ المغرب العميق عل الاقل .و استجواب عجوز اسود من اية قرية من قرى المغرب الشرقي
    ستسمع ما لم يخطر لكم على بال مما عاناه سود البشرة

  • Mohamed
    الأحد 12 فبراير 2017 - 22:05

    6 – اجديك
    …وهنا لابد من التدكير بأن الفتوحات لدا المسلمين كانت كلها لزرع المحبة وروح التسامح ونشر قيم الدين الإسلامي…
    لا يمكن لي الا ان اعبر عن مدى خطئك و عدم دراية بالتاريخ , عدد من تم سبيهم و استعبادهم في ظل الاسلام اكبر من عدد من استعبد في امريكا و الغرب بأكمله, ما معنى كلمة جواري و ما معنى كلة سوق نخاسة و ما معنى ما ملكت ايمانكم???
    من اين تعتقد ان المسلمين حصلو على الجواري? و ما معنى (إن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) هل تعلم ان حتى العقوبات لا تتساوى فيها النساء المحصنات (الحرائر)ب الجواري (العبدات)
    من الوقاحة التكلم عن تجارة العبيد و عدم التكلم عن دور المسلمين فيها , فمجرد قراءة كتب التاريخ التي كنا ندرسا في القسم 7 و 8 و 9 الاعدادي كانت تشير ان المغرب مثلا كان يصدر الرقيق ل اوروبا. نفس الشيء في باقي بلدان المسلمين.
    و هل تعلم انه الى يومنا هذا السود في السعودية و عمان يطلق عليهم اسم العبيد و لا يتزوج منهم السعوديون و نفس الشيء حاصل في موريطانيا التي مازال الاغنياء فيها يمتلكون العبيد. و المسلم تيقوليك la vie en rose

  • سالم ناصر
    السبت 14 شتنبر 2019 - 22:03

    السلام عليكم : شاهدت برنامج في احدي القنوات الفضائيه عن جزيرة غوري . وكان البرنامج عباره عن زياره لبيت العبيد ومعاناة اهل افريقيا واسترقاقهم ونقلهم بعيدا عن اوطانهم . ونقول : لا حول ولا قوه الا بالله ، وهذه الدول الاجنبيه المستعمره اصبحت تنادي بشعار : حريه – مساواه – اخوه ، او الشعار الآخر : حقوق الانسان . ولكن في الواقع نعرف ان هذه الدول تقول هذه الشعارات بدون ايمان بها .

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب