الصومال تراوح مكانها في حلقة الجفاف والصراع

الصومال تراوح مكانها في حلقة الجفاف والصراع
الأحد 8 أبريل 2018 - 09:40

الرياح تثير غبارا خفيفا أحمر اللون يملأ الهواء، والشمس تضرب رؤوس النساء المتجمعات وسط مخيم للنازحين داخليا في جنوب غرب الصومال، ويشخص أطفالهن بأنظارهم من بين ملابسهن زاهية الألوان.

توفر الأكواخ المصنوعة من ألواح الحديد المموجة القليل من الظل للنساء الجالسات على الأرض الرمضاء. الجفاف يضرب هنا بكل قوته والطقس لا يطاق.

تقول حبيبة إسحاق، وهي مرتدية غطاء رأس أخضر وأرجوانيا، وتعلق رضيعها ذا الأشهر الأربعة على صدرها، “لقد فقدت كل شيء في المنزل”.

ترتدي ابنة إسحاق (3 سنوات) ملابس مماثلة، وتتولى رعاية شقيقها (18 شهرا)، بينما تنتظر الأسرة وصول موظفي الإغاثة.

تروي إسحاق (21 عاما) كيف كانت تعمل هي وزوجها من أجل كسب قوت أسرتهما من خلال رعي عشرة من الماعز على بعد نحو 150 كيلومترا من وسط البلاد. وبعدما نفقت الماعز، شقا طريقهما إلى مخيم كاباسا، على مشارف دولو على الحدود مع إثيوبيا، للانضمام إلى غيرهما ممن أجبرتهم أحدث موجة جفاف تشهدها المنطقة على ترك منازلهم.

وحاليا يحتاج أكثر من خمسة ملايين شخص، من بين عدد سكان البلاد البالغ 3،14 مليون شخص، إلى المساعدات. وكانت مجاعة شهدتها البلاد عام 2011 قد أودت بحياة أكثر من 250 ألف شخص. ووحدها الجهود المضنية هي القادرة على تجنب كارثة مشابهة في أحدث موجة جفاف.

ومؤخرا، صنفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) الصومال بأنها منطقة موضع قلق، وأشارت إلى أن عددا من يعانون من انعدام الأمن الغذائي ارتفع سنة 2017 مقارنة بسنة 2016 .

وفي الصومال هناك مخاوف من أن موجات الجفاف أصبحت أكثر تكرارا، كما أن الشعب ليس مؤهلا للتعامل مع الآثار في ظل حكومة غير فاعلة، وبعد عقود من الصراع والإرهاب.

ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن “الجفاف المتكرر وانعدام الأمن الغذائي والمجاعة أمور أصبحت واقعا مدمرا في الصومال خلال العقود القليلة الماضية”.

ويشير عالم المناخ كريس فانك، من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، إلى أنه خلال العشرين عاما الماضية كانت موجات الجفاف تحدث كل خمس سنوات، لكن مع هطول القليل للأمطار أصبحت كل عامين إلى ثلاثة. ويضيف: “نحن تقريبا متأكدون بأن زيادة وتيرة موجات الجفاف ستستمر وربما تزداد سوءا”.

ويركز ستيفن لوريير، ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الصومال، على احتياجات الرضع والأطفال الصغار، ويقول: “إننا نبدأ بالأهم”.

ووفقا لبيانات “اليونيسف”، يموت طفل من بين كل ثمانية قبل بلوغ الخامسة، ويعاني واحد من بين كل ثلاثة من تبعات سوء التغذية. وخلال هذا العام، من المتوقع أن يعاني مليون طفل من سوء التغذية، ويعاني ربعهم من أوضاع مهددة للحياة.

وتشتد حرارة الشمس في منطقة التجمع وسط مخيم كاباسا، بينما تستمع الأمهات إلى عاملة إغاثة من برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، وهي توضح لهن أهمية الرضاعة الطبيعية في حماية الأطفال من سوء التغذية وكذلك من الأمراض.

فيما يقوم عمال آخرون بقياس محيط أذرع الأطفال الرضع، وهم يستلقون دون حركة على أرجل أمهاتهم، يرقبون الإجراءات بعيون واسعة ولامعة، ويبكي آخرون بينما يتم وزنهم.

ويتم تسجيل البيانات رقميا على بطاقة تستخدمها الأسر أيضا في صرف مخصصاتها الغذائية. ويتابع موظفو الإغاثة بعد ذلك تقدم الأطفال وتقييم التوقيت الذي تكون فيه هناك حاجة إلى التدخل. إلا أن هذا لن يوقف حدوث المجاعة القادمة. ومعظم الصوماليين يعتمدون على الأرض، حيث يزرعون المحاصيل ويربون الماشية. وعندما يتوقف المطر تتعطل أيضا سبل اكتساب رزقهم.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن ما يصل إلى 60 بالمائة من الماشية نفقت في بعض مناطق البلاد خلال موجة الجفاف الأخيرة.

تقول ليليانا جوفسيفا، مديرة برنامج الأغذية العالمي في الصومال، إن على الصوماليين أن يتعلموا التكيف مع تغير المناخ عن طريق تنويع الماشية التي يربونها، وزراعة محاصيل مقاومة للجفاف، وإدارة الموارد بطريقة مختلفة.

وتضيف: “عليهم أن يطوروا قدرتهم على التعامل مع الأزمات. هذه عملية، وستأخذ وقتا”.

وليس المناخ هو كل شيء بأي حال من الأحوال. إذ أن مايكل كيتنج، مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصومال، يباشر عمله من مكتب في المنطقة شديدة الحراسة بالقرب من مطار مقديشو، ويحظى بحراسة من جانب قوات مسلحة تسليحا ثقيلا خلف جدار مرتفع.

وفي الخارج تنفذ حركة “الشباب” المتشددة، التي تسيطر على مساحات شاسعة جنوب البلاد، هجمات بصورة شبه يومية، وكان تفجير وقع في أكتوبر الماضي أسفر وحده عن مقتل أكثر من 500 شخص.

وهناك بعض المناطق في البلاد لا يمكن لعمال الإغاثة الوصول إليها نتيجة تمرد حركة “الشباب”. وحتى المناطق التي تُعد آمنة نسبيا، مثل دولو، يتحرك عمال الإغاثة في قوافل مدرعة أو مع حراس شخصيين.

يقول لوريير: “لو كنا قادرين على الوصول إلى المحتاجين، لما اضطروا هم إلى القدوم إلينا”.

وقد قاد العنف إلى تشريد مليوني صومالي أصبحوا نازحين داخليا، نصفهم تركوا منازلهم خلال العام الماضي وحده.

ويعيش النازحون في دولو وحولها في أكواخ مصنوعة من فروع الأشجار ومغطاة بالبلاستيك. وأصبحت البلدة، التي يسكنها نحو 41 ألف شخص، موطنا لـ 36 ألفا آخرين من النازحين.

وإسحاق واحدة من كثيرين ينوون البقاء، وتعمل في غسل الملابس لمساعدة أبنائها الأربعة وزوجها الذي لم يجد عملا حتى الآن. تقول: “إننا نعتمد على هذا الدخل والمساعدات. بدون ذلك ستكون الحياة شديدة الصعوبة”.

*أ.ف.ب

‫تعليقات الزوار

5
  • حلالة 59
    الأحد 8 أبريل 2018 - 12:34

    لو كان الصوماليون نصارى لما عاشوا هذه المعانات. فالقتل و المجاعة و قساوة الطقس لم يثنيهم عن تشبتهم بدينهم. و لننظر ماذا قدم الغرب لنصارى السودان حيث خلقوا لهم دولة عبر تقسيم السودان بكل قوة و تحدي للدولة السودانية. إنها حرب صليبية. و يبقى المواطن الصومالي البائس يترقب المساعدة من جهة و القتل من جهة أخرى. و أين منظمة التعاون الاسلامي و شاكلتها ؟ فالمفروض أن تتم عملية الاغاثة للمسلمين من مهد الاسلام و بالضبط من مداخيل الحج هذا ان كنا مسلمين. و لكن مع الاسف أصبحت هذه المداخيل توجه الى اليهود و النصارى عبر المساعدات المفروضة و شراء الأسلحة و شراء اللوحات النصرانية و كل ما هو معادي للاسلام. حرب صليبية بمباركة……

  • دوار الخربة
    الأحد 8 أبريل 2018 - 13:17

    اللهم يامن لايعجزه شئ في الأرض ولافي السماء وهو السميع العليم أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تفتح ابواب الخير والبركات على إخواننا في الصومال ٱمين

  • لماذا؟
    الأحد 8 أبريل 2018 - 14:20

    لماذا معضم الأمة الإسلامية يسودها الخراب والدمار والمجاعات؟ أين الاهها الذي وعدها بالنصر؟
    اليابان وكوريا الجنوبية والدول الاسكاندنافية وجل الدول الأوربية ليست مسلمة ومع ذلك تنعم بحياة ولا في أحلام هؤلاء الصوماليين المتشبتين بالخرافة.

  • الى 1 حلالة
    الأحد 8 أبريل 2018 - 14:42

    حروب صليبية ؟؟!!! هل تكتب تعليقك من كهوف أفغانستان أو باكستان؟
    كفا من التمييز والتفرقة وخطابات الكراهية.
    البشر بشر كيفما كان وأنت في تعليقك تكن حقد دفين تجاه الغرب. تعليقك مثير للشفقة والاشمئزاز.

    انحطاط المسلمين وتذيلهم الأمم سببه المسلمين أنفسهم، لا ترموا فشلكم على الغرب.
    كوريا الجنوبية دمرت تماما بعد الحرب العالمية الثانية ووصلت الى ما وصلت اليه بالجد والعمل وليس بالاتكال على أموال الحج.

  • الى المعقب عن حلالة
    الأحد 8 أبريل 2018 - 18:57

    أنا لا أدافع عن المعلق المستفز " حلالة 59 " إنه يبكي اخوانه في الدين. فاذا كنت نصرانيا و استفزك هذا المعلق فتحولك المادي لا يخول لك الرد على أصحاب الأرض و كونك محام النصارى لا تجني منه الا الخيبة دنيا و اخرة

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة