حلم الفقراء يجلب المآسي في ركام مناجم ميانمار

حلم الفقراء يجلب المآسي في ركام مناجم ميانمار
الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 06:58

يعرف عمال مناجم إنتاج حجر اليشم الكريم في ميانمار المخاطر الكثيرة التي ينطوي عليها عملهم، لكن البديل بالنسبة لهم هو مواجهة صعوبات مالية لا طاقة لهم بها.

ويدفعهم التفكير في هذا البديل إلى أكوام الركام ينقبون فيها عن هذا الحجر الكريم. ويسبب هذا العمل العديد من الأمراض الخطيرة الي يعاني منها سكان ميانمار.

وبالنسبة للعامل “هتانج سوا لاسي”، فإن الحاجة إلى توفير احتياجات والديه المعيشية أكبر من الخوف من الموت في مناجم اليشم سيئة السمعة ببلدة “هباكانت.”

يقول هتانج إنه خلال عامين من العمل في المنجم فقد أحد أصدقائه وزميله في العمل الذي لم يكن عمره يتجاوز 19 عاما، بعد أن أودى بحياته حجر كبير سقط فوقه أثناء العمل.

ويضيف: “أستطيع الحصول على دخل منتظم في مسقط رأسي، لكن بالعمل في هباكانت يمكن أن أصبح رجلا غنيا إذا ابتسم لي الحظ مرة واحدة”، مشيرا إلى أنه لم يكسب أموالا منذ بداية العام الحالي.

وتمثل عائدات صناعة حجر اليشم الكريم حوالي نصف إجمالي الناتج المحلي في ميانمار سنويا، لكن صغار جامعي هذا الحجر، مثل “هتانج سوا لاسي” الذي أرسل إلى والديه أقل من 50 دولارا فقط في 2017، نادرا ما يتمكنون من توفير الدعم المالي الكافي لعائلاتهم، ناهيك عن أن يضمن لهم هذا العمل مستقبلا أفضل أو أكثر أمنا.

وتتسبب الأمطار الموسمية كل عام في انهيارات أرضية مميتة لأكوام الصخور والأطلال المهملة التي كانت في وقت ما عبارة عن تلال جميلة تخفي في باطنها أحجار اليشم التي يبحث عنها الكثيرون.

وفي يوليو الماضي، أدى انهيار أرضي إلى مقتل 18 عامل تعدين مستقلا وإصابة أكثر من 40 آخرين، بحسب الإحصاءات الرسمية. ويعتقد الأهالي أن العدد الحقيقي للضحايا أكبر من ذلك، وأن الكثيرين بقوا مدفونين تحت الطين والأنقاض.

في الوقت نفسه، فإن صناعة تعدين حجر اليشم التي لا تخضع لقواعد تنظيمية إلى حد كبير، والتي تقدرها منظمة “شهود العالم” غير الحكومية بحوالي 31 مليار دولار سنويا، تتسبب في مقتل عدد كبير من عمال المناجم كل عام.

وقد تبددت جميع الوعود الحكومية بتحسين قواعد الأمان والسلامة والتراخيص لهذه الأنشطة. ويبدو أن حزب “الرابطة القومية من أجل الديمقراطية” الحاكم، بزعامة أون سان سو تشي، بلا حول ولا قوة في مواجهة اللاعبين الأقوياء في منطقة “هباكانت”.

في الوقت نفسه، فإن الجانب الأكبر من أرباح هذا النشاط يذهب إلى المؤسسات المرتبطة بالجيش تحت مظلة “مؤسسة الأحجار الكريمة في ميانمار”. كما توجد شركات أصغر، لكنها تتمتع بعلاقات قوية، تعمل في هذا المجال من خلال جذب الشخصيات المهمة والأحزاب المرتبطة بالجيش لدعم أنشطتها مقابل الحصول على حصة من الأرباح.

وتخوض حركة “جيش استقلال كاشين” المسلحة معارك متكررة مع قوات الجيش في ميانمار من أجل السيطرة على هذه المناجم، بعد انهيار وقف إطلاق النار بين الجانبين في عام 2011. ويفرض متمردو كاشين والجيش ضرائب على شركات التعدين العاملة في المنطقة نهاية كل يوم، حيث تستخدم هذه الأموال في تمويل المعارك بين الجانبين.

وفي حين يعرف “هتانج سوا لاسي” حصيلة عمله في المناجم، فإنه لا يمكن حساب التكلفة الفعلية لتجارة اليشم في إقليم كاشين. وفي ظل تمويل حروب المخدرات والحركات المسلحة العرقية وانتشار مرض نقص المناعة المكتسب (إيدز)، فإن عمال تعدين اليشم لا يمثلون أهمية بالنسبة للكيانات الكبرى المسيطرة على هذه الصناعة.

ويقول “كو توماس ماونج دان”، ممثل منظمة “تانكس” (الشفافية والخضوع للمحاسبة في ولاية كاشين)، وهي محلية وغير حكومية، إن ضباط جيش ميانمار هم “المسيطرون فعليا” على الصناعة وليس لديهم رغبة في تعزيز معايير سلامة العمال.

ويضيف: “ليس لديهم أي اهتمام (بسلامة العمال) ولا يهتمون بالمدنيين؛ لذلك لا يسمح لأي أجنبي بالسفر إلى هناك”، مشيرا إلى حظر دخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى منطقة هباكانت.

يذكر أن معدل الفقر في ولاية “كاشين” يبلغ حوالي 30%، مع وجود عشرات الآلاف من المدنيين المشردين داخليا. وتواجه تجارة اليشم هناك انتقادات باعتبارها إهدارا للموارد تحت سيطرة النخبة العسكرية.

كانت منظمة رقابية أخرى تحمل اسم “معهد حوكمة الموارد الطبيعية” نشرت تقريرا حوى تفاصيل طريقة وضع أرباح هذه الصناعة في “حسابات أخرى” في “بنك ميانمار الاقتصادي”، ولا تسهم بشيء في الاقتصاد الوطني.

وأجرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اتصالا برئاسة جمهورية ميانمار مرات عدة للحصول على تعليق منها على هذه المعلومات، لكنها لم تتلق ردا.

وفي ظل استمرار الأمطار الموسمية، تتآكل قوة الهيكل الضعيف لأكوام الأحجار والأنقاض التي يأمل جامعو اليشم في العثور على هذا الحجر الكريم داخلها، في حين لا تبدي الحكومة ولا الجيش إشارة إلى رغبة في إصلاح الصناعة.

وقال “كو ماونج دان”: “بالنسبة لحكومة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، فهي لا تملك أي سيطرة” على هذه الصناعة الخطيرة.

*د. ب. أ

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب