"التّوك توك" في شوارع الهند .. "صرصار الأرض" وأعجوبة العصر

"التّوك توك" في شوارع الهند .. "صرصار الأرض" وأعجوبة العصر
الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:00

بعجلاتها الثلاثية الصغيرة وهيكلها الحديدي الأخضر المغطى بكساء من البلاستيك الأصفر، تجوب مركبة “التُّوك توك” شوارع العاصمة الهندية نيودلهي التي لا تهدأ ولا تنام؛ الضوضاء والارتباك يملآن الشوارع التي تبدو أصغر من زحمة المكان..تتعالى أصوات أبواق السيارات ويزيد صخب الأزقة المزدحمة، فكل متر هنا مطمع ومطلوب.

“صرصار الأرض”

ثلاث عجلات صغيرة بلا رقيب تخترق شوارع نيودلهي في مشهد سريالي.. “التوك توك” لا تهتم بالازدحام المروري، تقتحم الشوارع المُكتظة مثلما يحلو لها وكيفما تشاء، مُخلفة وراءها طابوراً طويلا لا ينتهي من السيارات والعربات التي تبقى حبيسة زحمة المكان، لكن سائق المركبة الهندية يقتنص بعض المساحات الصغيرة لينطلق بسرعة جنونية في مشهد يبدو للرائي أقرب إلى المستحيل.

في ستينيات القرن الماضي، دخل “صرصار الأرض” إلى الهند..الصرصار هنا ليس حشرة بالتأكيد، وإنما يطلق هذا اللفظ الشعبي على “التوك توك”، تماشيا مع شكله الذي يُشبه الصرصار، بوصفه وسيلة للتنقل داخل شوارع وأزقة المدن الهندية، قبل أن تستورد مجموعة من دول العالم الثالث الفكرة التي “غزت” قلب المدن الرئيسية في البلدان النامية.

مُنقذ الشباب

داخل “التوك توك” يوجد مُشغل موسيقى يبث الأغاني الشعبية الهندية، التي تُنسي الراكب صخب الشوارع المزدحمة في نيودلهي. المركبات ذات المنشأ الهندي التي تتشكل من تصميم موحد بأحجام مختلفة ساهمت في إنهاء بطالة ملايين الشباب بالجمهورية التي يزيد سكانها عن المليار وثلاثمائة مائة مليون شخص، لتصبح بذلك ملاذا للشباب الذي يفرّ من كابوس البطالة.

“قررت اقتناء هذه المركبة بسبب البطالة التي عانيت منها لمدة طويلة”، يورد شاب هندي جعل من “التوك توك” مورد رزقه اليومي، مضيفا أنها “وسيلة تنقل تثير إعجاب السياح الأجانب، إذ تحولت إلى جزء محوري من الثقافة الهندية؛ ذلك أنه لا يمكن لأي سائح أن يزور الهند بدون أن يخوض جولة على متن التوك توك”.

مشروع العُمر

وسط الشارع الرئيسي في نيودلهي، أقلّنا “التوك توك” في جولة وسط دهاليز الأحياء الملتوية بقلب المدينة الصاخبة.. “التوك توك” هو مشروع العمر هنا؛ لذلك تجده في جميع الأمكنة بدون استثناء، الراقية والفقيرة، يكفي أن تنطلق بكلمة “التوك توك” حتى يجيبك عشرات السائقين الذين يبحثون عن الزبناء، خصوصا الأجانب، بالنظر إلى التسعيرة المحددة لنقل هذه الفئة.

ومع ذلك فإن تكلفة التنقل عبر “التوك توك” تظل رخيصة بالمقارنة مع المسافة التي يقطعها، إذ يتراوح سعر الجولة ما بين مائتي وثلاثمائة روبية، أي ما قدره أربعة دولارات على أكثر تقدير؛ وذلك على متن رحلة يمكن أن تصل مدتها إلى أربعين دقيقة، في حين يتم استعمال العداد لتحديد سعر الرحلة بالنسبة للساكنة المحلية.

أعجوبة العصر

“التوك توك” مثال على نجاح السياحة الداخلية، تَحوّل إلى قدوة لبقية البلدان الأسيوية..والفوضى التي خلّفها في الشوارع..وتكاثُره في كل ركن وزاوية وحديقة.. والضوضاء الصادرة عن أبواقه التي لا تسكن ولا تهدأ.. كلها ظروف وعوامل تجعل من العاصمة نيودلهي، ومعها بقية المدن الهندية، أعجوبة العصر.

وعن سعر “التوك توك” في الأوساط المحلية، يوضح السائق الهندي أن “الثمن العادي للمركبة يصل إلى قرابة ثلاثة ملايين سنتيم”، مبرزا أنها “وسيلة تنقل مريحة للسياح، إذ تمكن الأجنبي من فرصة استكشاف مختلف معالم المدينة في ظرف زمني وجيز؛ وذلك بحكم الازدحام الذي تعرفه الشوارع الكبرى، الأمر الذي يصعب معه التعرف على الأماكن السياحية داخل سيارة أجرة عادية”.

“حرب الطرقات”..ولكن

إن سائق “التوك توك” في الهند لا تنحصر مهنته في قيادة المركبة، بل يقوم بمهمة الإرشاد السياحي أيضا، إذ يعمد إلى إخبار السائح بتاريخ مختلف الأمكنة التي يمر عبرها، وكذلك أسماء الشوارع والمعالم التاريخية، على اعتبار أن أغلب السائقين يجيدون الحديث باللغة الإنجليزية.

وسط ضجيج شوارع نيودلهي، لا يهدأ سائق “التوك توك” من الضغط على بوق مركبته، وإن لم يكن أحد أمامه. ويفسر السائق دوافع حركته العفوية بـ”الشوارع الممتلئة بالمدينة من جهة، واعتياده الضغط على البوق طوال الوقت من جهة ثانية”، مشيرا إلى كون “المدينة مكتظة للغاية بفعل العدد الإجمالي الذي يتجاوز 28 مليون نسمة”.

ومن مفارقات المدينة، فضلا عن الازدحام، برودة الأعصاب لدى السائقين بخلاف المغاربة، إذ تتعالى أبواق السيارات و”التوك توك” في مشهد يعكس حقيقة ما يسمى “حرب الطرقات”، لكن الاستثناء الهندي يتجلى في تطبيع الكلّ مع الظاهرة بدون أن يتسبب ذلك في أي مشاجرات، أو يؤدي إلى غضب السائقين وسط الطرق، بل يتطور الأمر أحيانا إلى بعض الحوادث المرورية، إلا أن رباطة الجأش تتسيّد الموقف.

‫تعليقات الزوار

12
  • Said
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:21

    تريبورتور او توك توك في المغرب يستغل من طرف أناس بلا رخصة سياقة بلا بلاكة كلهم لون واحد…اغلبهم مجرمين اصحاب مخدرات …ايّام العيد تجد الاضاحي وأربع مجرمين يجوبون الشوارع بدون احترام لا المارة او السائقين….خاص بنادم يتعجن من الاول …بالقانون ….

  • عزيز
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:30

    انا شفت هاد العجب في مصر كله مشاكل ، سائقوا التوك توك هم من اصحاب السوابق والاطفال الصغار ، كل يوم تسمع ان هناك جريمة ابطالها من سائقي التوك توك ، اتمنى ان لاتدخل هاته الوسيلة للمغرب باراكا علينا غير تروبيتور

  • وديعة
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:41

    السلام عليكم .. نحن عندنا ( توك توك ) من نوع خاص .. الحمار العزيز ، صديق البيئة ، صديق الانسان ، صبور شكور .

    نحلم بمدن نموذجية على غرار القرى النموذجية ، تخصص ممرا خاصا للتوك توك ( الحمار ، والبغل ، والخيل ) لنحظى كبلد صديق للبيئة بتقدير واحترام المجتمعات الدولية الانسانية .

    السلام

  • مكلخ
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:46

    أتمنى المغرب أن يصبح مثل الهند في كل ما هو صناعي (الشركات) حتى تمتص البطالة ، وكذلك ومثال بالنسبة للتعليم الدي يحتل المرتبة 34

  • مواطن مغربي من البيضاء
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 16:20

    ليت المسؤول الذي سمح أول مرة بإدخال تلك الدراجة إلى المغرب أن يكون عنده جمالية في الذوق ويستورد معها حتى الفكرة الهندية..لكن هذه الدرجات فقدت رونقها وجمالها عندما اعتلى قيادتها خريجو السجون وجعلوا منها بيتا يسير في الشارع تجد لديهم كل البلوى حتى قنينات الشيشا..ناهيك عن التسيب في السياقة وعدم احترام الأضواء الحمراء وممرات الرجلين والسير حتى فوق سكة الترام..وهذا كله أمام مرأى رجال الامن

  • حسن النتيفي
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 16:39

    اللهم احفضنا من هذه الكارثة يفكر شي مسؤول يحل به مشكل البطالة ويزيدو على مصائب التريبورتور الله يحفظ

  • OBS ERVATEUR KO
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 16:45

    On trouves ca seulement dans les pays de la misere. Bangladesh Egypte Inde et Maroc il est interdit dans d autres pays.t

  • هشام
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 17:43

    باركة علينا غير ترامواي لا خلى شوارعنا الضيقة أكثر ضيق و فين ما شفتي ترامواي في شي شراع عرف بلي ديك طريق مخنوقة على أخرها أما تجربة توك توك غادي تزيد مشاكيل طاكسيات تأزما و مشكل الإختناق الطرقي أكثر تأزم زيد عليها حوادت السير المتكررة لغادي يتسبب فيها سائقي هذ الوسيلة لي مخير فيهم مغادي تلقى عندو لا بيرمي لا أسورانس لا رخصة النقل العمومي و غادي تلقاه طبعا من أصحاب السوابق المتعددة غادي و هاز معاه المضى معول على خزيد كايقلب غير على من يخشيه فيه

  • يس
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 17:49

    هذه السيارات لها اسم آخر شعبي في الهند وهو "ريكشا"

  • hicham88
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 19:27

    اتمنى ان يدخل اتوك توك للمغرب فهو وسيلة نقل رخيصة. نشريه غير ليا و عائلتي نترحمو من الطاكسي. و ايضا فئة كبيرة من المجتمع تحارب البطالة عوض جلوسهم في راس الدرب و المقاهي وا لمواطن يترحم من مافيا الطاكسيات

  • مغربي ممتاز
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 19:30

    التوك توك علامة البلدان المتخلفة بعض مسؤولينا يضنون يخلقون فرص عمل بل يخلقون فوظى في المدن يعكرون نضام السير لا يدفعون الضرائب حوادث بالملايين لا نريد ثقافة الهند نريد حضارة الصينيين واليابان نريد ما يساير ثقافتنا واضن زيارة الهند للمغرب سيطبلون لتسويق هده الكارثة حداري من التلوث الحضاري

  • Omar
    الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 20:04

    الحل في المغرب وخصوصا الدارالبيضاء في ما يخص مشكل النقل والإزدحام هو التكافل أربعة مستخدمين في سيارة واحدة كل أسبوع احد من الأربعة يستخدم سيارته وبالتالي سنحافظ على البيئة وجيب المواطن وتسهيل المرور كما في فرنسا والسلام موضوع يجب التطرق اليه في قناة وطنية لأن هيسبريس ليست مسؤولة عن الرأي العام فهناك قنوات تأخذ الدعم ولا تدعم الأفكار الجديدة والسلام

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين