في تونس .. يشعلون البخور للأضحية ويتبرعون بجلودها

في تونس .. يشعلون البخور للأضحية ويتبرعون بجلودها
الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 09:21

يحرص قطاع واسع من العائلات التونسية أيّام عيد الأضحى المبارك على الالتزام بالعادات والتقاليد التي ورثوها عن أجدادهم، سواء فيما يتعلّق بعملية ذبح الأضحية أو طرق استغلالها فيما بعد من طهي وتجفيف وتوزيع للحم.

وينفرد التونسيون بجملة من العادات والطقوس، التي تختلف قليلا بين محافظات شمال البلاد وجنوبها، في بلد تعاقب عليه مشارب ثقافية وحضارية متعددة من الحفصيين والأندلسيين والأتراك والروم، فضلا عن الطابع الامازيغي الأصيل.

وما أن ينهي المصلّون تأدية صلاة العيد حتى ينطلق الصغار والكبار إلى شحذ السكاكين، إيذانا بانطلاق عملية ذبح الأضاحي، استجابة لامر إلهي سنّه الله لنبيه ابراهيم عليه السلام قبل أكثر من الفي عام.

مراسل وكالة الأناضول للأنباء، تنقّل في عدد من الاحياء في ضواحي العاصمة تونس لرصد عادات الذبح وتقطيع الاضاحي والاكلات الشعبية المعدّة في العيد .

رافقنا الشاب ياسين ( 28 سنة) الى حيٌه في منطقة “الدندان” بالضاحية الغربية للعاصمة، حيث احتشد في ساحة الحي عدد كبير من العائلات لذبح الاضاحي بشكل جماعي في جوّ من البهجة يميّزه شغف الأطفال في قضاء اللحظات الأخيرة مع كبش العيد وتقبيله قبل نحره.

وتختار العائلات التونسية ان تذبح اضاحي العيد بشكل جماعي مع الجيران او الاقارب او بشكل فردي بحضور افراد العائلة المصغّرة.

في ساحة “الدندان”، حيث تنقلنا مع ياسين، بادرت عدد من النسوة باذكاء رائحة انواع مختلفة من الطيب والبخور في فضاء الحي، تكريسا لمعتقد “وجوب” تشميم الخراف هذا البخور حتى يسهل ذبحها، ذلك قبل أن يشحذ الجزار، ومن معه من رجال الحي ممن اعتادوا الذبح، سكاكينهم ويشرعون في نحر الاضاحي الواحدة تلو الاخرى وسط اجواء من البسملة والتكبير والتهليل.

هذا المشهد الجماعي للنحر يتلقفه الأطفال ما بيم مبتهج بعملية الذبح والتكبير وما بين خائف من دم الاضاحي وحزين في الوقت ذاته على فقدان صديق الامس (الخروف) الذي ادخل البهجة في ارجاء البيت لعدة أيام.

بعد سلخ الاضاحي توجّه الشاب ياسين ومن معه من شباب الحي الى مكان الذبح حيث رشوا كميّات من الملح دون ان يدركوا المقصد الحقيقي من ذلك، مكتفين بكونها عادة وطقوس دأب الآباء والأجداد عليها.

وتقول التأويلات والمعتقدات، بحسب كبار السنّ، ان الملح يساهم في تجفيف الدم بسرعة ويطرد الارواح الشريرة.

يبدأ الجمع بالتفرّق بعد انتهاء عمليات الذبح والسلخ ويتجّه كل الى منزله في حين تبقى النسوة في الساحة لغسل “الدوّارة” (أمعاء الخروف)، وهي عملية حسب ما تؤكّد أم ياسين، ليست بالسهلة وتتطلب دقّة كبيرة ومهارة لتنظيف الامعاء جيّدا من بقايا طعام الخروف.

وتضيف أم ياسين أن “هذه العملية كانت في ماض ليس ببعيد تُعتمد كمعيار يقدّر به “شطارة (مهارة) المرأة وكفاءتها، سيّما قبل طلب يدها للزواج”.

ومع الظهر تشرع النسوة في اعداد الاكلات التونسية المتعارف عليها يوم عيد الاضحى، ولعلّ أشهرها “القلاية”، وتتكون أساسا من قطع اللحم والكبد المقلي مع التوابل التونسية.

ويعتبر صحن اللحم المشوي من اهم الاطباق التي يتم تقديمها عشية العيد، سيّما مع تبادل الزيارات بين الاقارب والجيران.

أما في محافظات الجنوب التونسي فإن طبق “الكسكسي بالعصبان” يعتبر الغذاء الرئيسي يوم العيد حيث تعدّ النسوة تلك الاكلة الشعبية الاولى في تونس مع “العصبان” وهو أمعاء الخروف المحشوة بالخضروات والسلق، اضافة إلى قطع من الكبد واللحم.

وتحرص هذه العائلات ان لا تأكل من لحم الأضحية مكتفية بالامعاء في اليوم الأوّل، وذلك في انتظار أن تجف الاضحية من الدم نهائيا ولا يتم تقسيمها الا في ثاني أيام العيد.

مساء أول أيام العيد، عادة ما يتجمّع شباب الحيّ قرب احد المختصين في طهي رأس الخروف والسيقان، حيث تجد في كلّ حيّ أحدهم أو اكثر ممن الفوا هذا العمل اذ يقومون بتقديم هذه الخدمة التي تتمثل في تنظيف رأس الخروف ونزع قرنيه وحرق ما بقي من صوفه ليتم طهيه في الايام الموالية للعيد.

ويتقاضى عن كل رأس واربعة سيقان أجر يقدر بحوالي دولارين أمريكيين، وتفتح هذه المهنة المؤقتة بابا للرزق لكثير من ذوي الدخل المحدود في الحيّ.

من جهتهم، يحرص الاطفال على الاستفادة من قرون الخراف التي تم نزعها بتسخينها على النار اذ يتخّذون منها وسيلة للتسلية، فيضعون القرون على رؤوس عصي يتبارزون بها فيما بينهم.

ومن العادات التي تحظى باهمتام واسع من كافة العائلات التونسية، الحرص على اعداد “القديد” وهو شرائح اللحم التي يتم تجفيفها باستعمال الملح وبعض التوابل المحليّة قبل تعريضها لاشعة الشمس بهدف الحفاظ على صلاحية اللحم الى أطول فترة ممكنة.

بل إن العائلات في جزيرة جربة، بالجنوب التونسي، تتنافس على الابقاء على شرائح “القديد” أو جزء منها على الاقل الى موعد عيد الاضحى المقبل، وفي ذلك مبعث للفخر باسم العائلة، سيّما ما تم الابقاء على نصيب وافر من “القديد”.

وورث التونسيون هذه العادة عن اجدادهم منذ القدم وهي تقنية طبيعية يحافظون بها على اللحم من التعفّن خاصّة عند ارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن كونها تقنية دارجة لدى القبائل الرحل سابقا في المناطق الصحراوية جنوبي تونس.

ويأكل التونسيون لحم “القديد” في المناسبات الدينية الاخرى، كعاشوراء والمولد النبوي الشريف، مصحوبا باكلة الكسكسي الاكثر شعبية لدى التونسيين.

واهتمام العائلة التونسية بأضحية العيد لا يتوقّف عند الاستفادة من لحهما بل يشمل ذلك جلود الكبش (ذكر الخراف) التي تختلف طرق استعمالها، فثمة من يحرص على تجفيفها باستعمال الملح وتعريضه لايام لاشعة الشمس قبل ان يتم تنظيفه بطرق دقيقة لجعله فراشا مميّزا او قطعة تقليدية يؤثث بها أحد اركان البيت.

وبرزت ظاهرة طيبة في السنوات الأخيرة تقوم على تجميع جلود الاضاحي في جامع الحيّ الذي يتولّى بدوره بيعها الى مصانع الجلد مقابل الاستفادة من ثمنها للعناية بالجامع او توزيع الاموال المجمّعة على الفقراء.

ورغم تطور نسق الحياة في تونس، إلا أن الاجيال الشابة حريصة على الحفاظ على هذه العادات والعناية بها كونها موروثا ثقافيا يعتزون بها في هذه المناسبة الدينية وسبلا يعيشون معها اجواء العيد وبهجته التي تجمع الأسرة بكامل افرادها.

ولعل عادات وتقاليد التونسيين لا تختلف كثيرا عما سواها في بقية دول المغرب العربي، إلا أنها تظّل محافظة على مميزات فردية تكمن خاصّة في طرق اعداد الاطعمة والمأكولات وطرق الحفاظ على اللحم، تلك الطرق التي تحرص الامهات على تلقينها بعناية لبناتها منذ الصغر.

* وكالة الأناضول

‫تعليقات الزوار

15
  • عمر موكادور
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 10:16

    وتقاليد التونسيين لا تختلف كثيرا عما سواها في بقية دول المغرب الامزيغي….

  • عثمان من فرنسا
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 10:20

    أجواء رائعة تشبه تلك التي عندنا في المغرب، أعاد الله العلي القدير هذا العيد على تونس و على الأمة الإسلامية جمعاء بالأمن و الأمان و الرفاه و الإستقرار

  • amine naym
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 10:24

    Ces traditions peuvent satisfaire les passions les plus folles d une classe sociale plus folle encore!

  • atahiri
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 12:07

    هذا هو الارهاب نفسه الضحية معلق والجاني تحته يضحك عليه بالبخور والشعودة وطلي الحناء . هذه تقاليد عمياء ولا تمت للاسلام بشئ الكل يعيش في القرن 21 الا العربان لازالوا يعيشون في العصر الحجري تبا لكم على جهلكم هذا اتعتبرون هذا ثقافة كما جاء في التقرير اذا كانت فعلا هذه ثقافتكم فاحتفظوا بها في تونس ولا تعمموها على دول المغرب الاسلامي.

  • dadda
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 12:41

    من خلال معاشرتي للتوانسة اريد ان اقول لكم ان الشعودة والكثييير من الخرافات اخدت حيزا هاما في حياتهم الخاصة والمهنية حتى عند الطلبة في كليات الطب المقبلين على الامتحانات يستحضرون بركات ماء الشيخ عبد القادر لرش الكتب والدفاتر وحتى الآلة الحاسبة حتى لا تخطئ العمليات و عند اقتراب مقابة كرة القدم فجهاز التلفاز ينال حظه من بركات عبد القادر اما الاعراس والحفلات وحتى الجنائز فالعفارت التي تخيف بنكيران حاضرة بكثرة وتلعب دورها حيث تبعد الاشرار والحساد وتصطاد العرسان للفتيات
    في فرنسا الكثير من المغاربة الذين يدعون انهم يحاربون السحر ويقرأون الرقية أو انهم من حملة القرآن كونوا ثروات بفضل الزبائن واغلبهم من التوانسة

  • Lamborghini
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 12:48

    هل وصانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بهذا؟ لا أظن ذلك
    إذن بدعة

  • "القديد"
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 12:52

    سبحان الله تقريبا نفس عادات شعبنا المغربي.

  • بديعة
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 13:30

    عيد مبارك على كل المغاربة و التوانسة و الامة الاسلامية جمعاء

    موضوع مفيد للتعرف على عادات تونس و خصوصا ان حبيبي خطيبي تونسي وعما قريب غادين نتزوجو
    الله يكمل بخير
    امين

  • الرباطي
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 15:23

    استجابة للامر الالهي قبل 4000 سنة, لان ابراهيم عليه السلام كان زمانه تقريبا حوالي 2000 قبل الميلاد, اذا اضفنا 2000سنة ميلادية سوف تعطي 4000 سنة

  • le figaro
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 17:23

    ويعتبر صحن اللحم المشوي من اهم الاطباق التي يتم تقديمها عشية العيد، سيّما مع تبادل الزيارات بين الاقارب والجيران.
    وتحرص هذه العائلات ان لا تأكل من لحم الأضحية مكتفية بالامعاء في اليوم الأوّل، وذلك في انتظار أن تجف الاضحية من الدم نهائيا ولا يتم تقسيمها الا في ثاني أيام العيد.
    هناك تناقض كبير فالكلام فهل يأكلون اللحم يوم العيد أم يتركونه يجف؟؟ بحكم أن عشت في تونس لأكتر من 10 سنوات أقول لك أن التوانسة يأكلون اللحم بمجرد دبح الأضحية وهي لازلت معلقة يقومون بشوائه وأكله

  • قلب الاسد
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 18:50

    عادات لالة زهرة لا تختلف كثيرا عن المغرب.

  • عبد الله
    الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 21:07

    الى اخواننا في الاسلام في بلدنا الثاني تونس. ارجو الله ان يحل هذا العيد علينا وعليكم بالرحمة والطئمنينة وخير ذلك كله رضا الرب فله ننحر واليه نتقرب. في كل بلدان المسلمين تجد اكيد نوع ما من العادات التي تفسد على الناس عباداتهم وقرباتهم. فمثلا تبخرة الذبيحة لم يفعلها رسول الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم. بخصوص بيع جلد الذبيحة فهذا منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع جلد اضحيته فلا اضحية له" حسنه الالباني. ويجب علينا الا ننسى قوله تعالى:" قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" وقول نبيه: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وحياكم الله وبياكم.

  • سعيد
    الخميس 17 أكتوبر 2013 - 00:27

    عيد مبارك سعيد لكل التونسيين ولكل المسلمين

  • سعودي
    الخميس 17 أكتوبر 2013 - 15:28

    والله حرام لايجوز هذه شعوذه خسرتم الدنيا والاخره كيف تاتون ببخور وبدم هذا شرك يااخواننا وهو اكبر المعاصي علينا كاخوه ان ننصحكم وانتم احرار يااخواننا

  • Jamal
    الجمعة 18 أكتوبر 2013 - 13:32

    L islam ne se base pas sur les traditions etles cultures,
    l islam est la dictee du dieu (coran)et la souna du prophete slas
    tout ce qui est dis dans cet article n a que des buts lucratives
    et commercials
    revenez au Coran et la Souna cést la bonne voie et arretez svp de diffuser ces actes atheistes.

    Merci

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47 1

معرض تضامني مع فلسطين

صوت وصورة
خلافات في اجتماع لجنة العدل
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:42 1

خلافات في اجتماع لجنة العدل

صوت وصورة
الفهم عن الله | رضاك عن حياتك
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | رضاك عن حياتك

صوت وصورة
أسرار رمضان | نعمة الأم
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 17:00

أسرار رمضان | نعمة الأم