تشيلي تنمو اقتصاديا وتتقهقر اجتماعيا..شعب "النمر" اللاتيني غاضب

تشيلي تنمو اقتصاديا وتتقهقر اجتماعيا..شعب "النمر" اللاتيني غاضب
الجمعة 29 نونبر 2013 - 07:15

هوغو هورتادو (47 عاما) صاحب مهنة: رئيس طباخين. وقد يقال إن مثل هذه المهنة في دولة تشيلي -الملقبة بـ”نمر” أمريكا اللاتينية- هي دون شك مرادفة للنجاح وحتى الشهرة. ولكن للأسف هذا ليس صحيحاً.

فالواقع هو أن هوغو هورتادو يعمل في وظيفة نادل، ويقول لوكالة إنتر بريس سيرفس “لقد درست هذه المهنة (رئيس الطباخين) التي تعتبر نخبوية جداً. لكن إذا لم تكن لديك علاقات متينة أو مطعمك الخاص، فالخيار الوحيد هو أن تعمل كطباخ، مما يعني كسب 500 دولاراً في الشهر والعمل من 8 إلى 10 ساعة في اليوم، علي مدي ستة أيام في الأسبوع”.

وفي المقابل “فأنا، كنادل، أعمل نفس عدد الساعات تماماً، لكنني أكسب بين الأجر والإكراميات 700 دولار في الشهر”، يقول هورتادو.

هذه الحالة تقود إلي التذكير بأن نصف العمال يحصلون على أقل من 500 دولارا في الشهر في هذا البلد البالغ عدد سكانه 17 مليون شخصا، والذي يشهد نمواً إقتصادياً يفوق ستة في المئة سنوياً خلال السنوات العشرين الماضية.

يعيش هوغو هورتادو -وهو أب لثلاثة ومنفصل عن زوجته- مع اثنين من أبنائه في منزل صديقته الجديدة في بوينتي ألتو، حي الطبقة العاملة على الجانب الجنوبي من سانتياغُو.

قرر أكبر أبنائه، دانيال، دراسة الطب. لكنه لم يتمكن من اجتياز امتحان القبول في الجامعة.

أسرته لا تستطيع تحمل نفقات إرساله إلى معهد تحضيري خاص -وهي تجارة كبيرة مزدهرة في بلد لا يوجد فيها تعليم جامعي مجاني وبدون رسوم دراسية، وذلك على النقيض من معظم دول أمريكا اللاتينية.

كان دانيال قد فاز في سن 18 عاما بمنحة دراسية بسبب علاماته الجيدة ودخل أسرته المحدود، وأكمل السنة الأولى من الدراسات في مجال العلوم في جامعة تشيلي. وبعد السنة الثانية من الدراسة، يقدر أنه سوف يتأهل للتقدم بطلب الإلتحاق بكلية الطب، دون الحاجة إلى إجراء امتحان القبول في الجامعات مرة أخرى.

فيقول والده: “بدون منحة دراسية، لن يكون قادراً على الدراسة في الجامعة”. ويضيف أن الأمور يمكن أن تصبح صعبة إذا تحقق حلمه بدخول كلية الطب “فتتراوح تكاليف هذه الكلية بين 900 و1400 دولاراً في الشهر، بالإضافة إلى المواد الدراسية، والغذاء، والتنقل وغيرها من المصاريف”.

ويوضح الحل بقوله: “لذلك نحن نفكر أنه سيكون من الأفضل أن يذهب إلى الأرجنتين للدراسة نظراً لأن التعليم الجامعي هناك بدون رسوم دراسية”.

ويستطرد هوغو هورتادو قائلا: “نحن نسبح ضد التيار … فالمخرج الطبيعي أن يعمل دانيال في مركز للاتصالات الهاتفية.. أو كصبي يحمل الأكياس في محلات السوبر ماركت… أو في قطاع البناء… أو نادلا مثلي”. أما إبنه دانيال فيقول: “لا توجد أسرة عادية تستطيع إرسال إبنها إلى كلية الطب”.

كل من الأب والإبن هما مثال على فئة واسعة من التشيليين الذين ضاقوا ذرعاً، لكنهم يأملون في أن تساعدهم نتائج انتخابات الاعادة الرئاسية في الجولة الثانية يوم 15 ديسمبر، على تقاسم مزايا الحياة لؤلئك الذين يعيشون في “نمر” أمريكا اللاتينية.

ويكمن الخطر في أن الشعور بالضيق من الأوضاع آخذ في الازدياد. فقد كان الإقبال علي التصويت منخفضاً في انتخابات الأحد 17 نوفمبر، مع مكوث ما يقرب من نصف الناخبين في بيوتهم دون الإدلاء بأصواتهم.

ويذكر أن الرئيسة الاشتراكية السابقة ميشيل باشليه (2006-2010) قد حصلت في الجولة الإنتخابية الأولي على 47 في المئة من الاصوات، مقابل 25 في المئة لخصماها اليمينية إيفلين ماتياي. وستكون المواجهة بينهما في الدور الثاني في منتصف الشهر المقبل.

واليوم، باشليه وماتايي هما وجوه يسار الوسط واليمين الذي حافظ منذ نهاية الديكتاتورية العسكرية (1973-1990) على وضع راهن مجزأ إجتماعياً ومتسم بالتفاوت المتزايد.

فقال كارلوس سكيوز -من جامعة ألبرتو- لوكالة إنتر بريس سيرفس: “الناس مازالو يتذكرون الدولة التي كانت أكثر شمولاً، تلك التي كانت جزءا من عملية المشاركة الاجتماعية والتي قبلت بوجود ممثلين عن القطاعات ذات الدخل المنخفض في إدارتها… تلك التي أسقطها الجيش عام 1973”.

والآن يبلغ دخل أغنى خمسة في المئة من الأسر التشيلية 270 ضعف دخل أفقر خمسة في المئة، وفقا للإحصاءات التي وفرتها “مؤسسة الشمس” (Fundación Sol) المعنية بالقضايا العمالية والاجتماعية لوكالة إنتر بريس سيرفس.

هذا ويري الطالب دانيال هورتادو أنه” يجب على الدولة أن تضطلع بدور لضمان التعليم للمجتمع ككل، بدلا من توزيع الفتات”.

ويقول أن نموذج التنمية الاقتصادية في البلاد “يتجلى في حقيقة أن عددا قليلا جداً يمتلكون الثروة… وكل شيء. هذا هو عالم آخر، فهم يحكمون، ويتقدمون. أما ما تستطيع الغالبية منا القيام به فهو السباحة ضد التيار، والتقاط المنح الدراسية التي تقذف في طريقنا لكي نتمكن من الدراسة”.

التعليم بدون الرسوم الدراسية هو أحد المطالب المركزية للاحتجاجات التي جرت في السنوات الماضية، وخاصة منذ إندلاع المظاهرات الطلابية الحاشدة التي بدأت تهز أرجاء البلاد في 2011.

وهكذا، في انتخابات يوم الاحد الأخير، فاز أربعة قادة سابقين في الحركة الطلابية بمقاعد في الكونغرس، وبعضهم بفارق كبير، مثل كاميلا فاييخو من الحزب الشيوعي. ولتحقيق مطلبهم بتعليم خالي من الرسوم الدراسية ، سوف يضطرون للتفاوض مع الحكومة المقبلة، والتي سوف يكاد يكون من المؤكد أن ترأسها باشليه.

فالرئيسة السابقة باشليه، التي تبنت الإصلاح التعليمي، لم تحقق ذلك عندما كانت رئيسة، لكنها وعدت بتعليم جامعي بدون رسوم دراسية في غضون ست سنوات.

فقالت إيديللا روخاس، وهي متقاعدة تبلغ من العمر 69 سنة، لوكالة إنتر بريس سيرفس:”إذا قالت (باشيله) ذلك فأنا أصدقها … وأتمنى أن تحقق ما تعد به. فأنا أود أن يتمكن حفيدي من الدراسة الجامعية والحصول على فرص”.

إيديللا روخاس لديها ابن واحد، وهي جدة، وتعمل كعاملة منزلية بدوام كامل لتغطية احتياجاتها الأساسية. وتقول: “لقد بدأت العمل منذ كان عمري 16 عاماً… وظننت أنني سأتوقف عندما تقاعدت، لكن معاش زوجي صغير (300 دولار) لذا أضطر للاستمرار في العمل”.

من الاثنين إلى الجمعة تقوم بتنظيف المنازل براتب يقل عن 500 دولار شهرياً. وتقول: “هذا يعني أنني عبدة للعمل”. ولكن بفضل عملها الشاق، إلتحق إبنها بالجامعة، ولم تضطر للوقوع في الديون للقيام بذلك.

وتوضح:” ذهبت أجوري كلها في الرسوم الدراسية. وتمكنا من تناول الطعام بفضل حقيقة أنني قمت بتأجير بعض الغرف في بيتي… الوضع صعب جدا مع ذلك”.

وتضيف روخاس: “لقد كانت حياتي شاقة، لكنني كنت اتمتع بصحة جيدة… كنت أحب أن أعيش في الريف مع شقيقي، لكن ليس لديه سكن لائق”. ورداً على سؤال من ما هو مطلوب بشكل عاجل في شيلي، قالت روخاس بدون تردد: “الحصول على السكن بأسعار معقولة… ومعاش لائق”.

‫تعليقات الزوار

7
  • fes
    الجمعة 29 نونبر 2013 - 11:18

    نسخة طبق الاصل في جميع الدول الفاشلة..و المغرب اسوء مما جاء في مقالكم

  • hamid
    الجمعة 29 نونبر 2013 - 12:26

    يبدو أن وضعية الشيلي أحسن بكثير من المغرب فعمالنا لا تتجاوز أجورهم 300$ أما الخادمة في بيتنا لا يتجاوز أجرها 200$ شهريا

  • Chileno-marroquí
    الجمعة 29 نونبر 2013 - 13:18

    Buenas tardes soy farid vivo en Santiago de Chile hace 7 años y justo llegi cuando la presidenta Michael bachelete estaba gobernando , chile es país puede decir el mejor en Latinoamérica cree rápido y tiene una economía muy sólida y mucho más tranquilo en comparación con los otros países la gente están luchando para tener una educación gratuito al igual que el vecino agrentina también va por ya buena salud y que tenga una calidad que puede satisfacer la gente .el sueldo casa vez lo aumentan en el congreso de chile ya esta llegando aproximadamente los 500 dolres en los próximos años .ademas acá hay una cantidad de comunidades árabes , también nuestra la marroquí . Nosotros cuando venimos pa chile lo miramos como sí hubiéramos llegamos a Francia es totalmente diferente la única diferencia es muy lejos bueno la vida es un poco cara pero se puede hacer todo negocios puede crecer rápido y no como en Europa y que mucho más caro que acá y difícil colocar un negocio propio

  • yamazaki
    الجمعة 29 نونبر 2013 - 14:29

    الراسمالية الملعونة ..لا تهتم سوى بمصالح الاغنياء و رجال الاعمال اما الهمال فليسو سوى وسيلة لنمو الثروة …هدا هو النمودج التنموي الدي يريده المغرب ..التنمية لا توجد سوى في الارقام

  • marroqui
    الجمعة 29 نونبر 2013 - 20:20

    puedo decir que maruecos es mejor aun que hay gente que trabaja con 200$.chileno puedes darme enformationes sobre la economica chilina

  • ربط المسوؤلية بالمحاسبة
    السبت 7 دجنبر 2013 - 21:51

    مهمتنا في الحياة ليست أن نسبق غيرنا بل أن نسبق أنفسنا يعني الأنسان يتميز بانسانيته وأخلاقه وليس بماله. كل دولة بلا عدالة اجتماعية فهي عبارة عن جسد بلا روح

  • دين الرحمة
    السبت 7 دجنبر 2013 - 22:23

    نريد في المغرب اقتصاد لفائدة الكل مع سياسة اجتماعية لان الأولوية للانسان كما هو الحال في الدول الأوروبية

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين