"المقارنة تسرق الفرح" .. "التواصل الاجتماعي" يدمّر الصحة النفسية

"المقارنة تسرق الفرح" .. "التواصل الاجتماعي" يدمّر الصحة النفسية
السبت 2 مارس 2019 - 01:30

ذات مرة قال الرئيس الأمريكي الراحل تيودور روزفلت إن المقارنة تسرق الفرح، ولم يكن وقتها يعني بهذا القول موقع إنستغرام.

والتدوينات على هذا الموقع الإليكتروني متنوعة، فهي حافلة بطرق إعداد وجبات غذائية تجعل لعابك يسيل من فرط شهيتها، وأيضا بمناظر طبيعية رائعة في أماكن بعيدة، وصور شخصية تم التقاطها ذاتيا “سيلفي” تكشف عن وجوه تبدو على درجة عالية من الجمال، بحيث تجعلك إذا قارنت نفسك بها تشعر بأنك مجرد غول قبيح الطلعة.

وفي العالم الافتراضي الكائن على وسائل التواصل الاجتماعي الموازي لعالمنا الواقعي، تبدو حياة كل شخص آخر يستخدمها وكأنها على درجة كبيرة من المثالية، ومع أنه ليس سرا أن معظم الصور المنشورة على هذه الوسائل ليست تلقائية، وإنما يتم إعدادها بشكل فني أو مصطنع وأحيانا بإدخال تعديلات عليها بتطبيقات تقنية – ويتوقف ذلك على طريقة استخدام الشخص لوسائل التواصل الاجتماعي – فيمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الصحة النفسية للمشاهد.

وفي هذا الصدد تقول خبيرة الطب النفسي سونيا أوتس “إن هذه الصور أكثر من أي شيء آخر تمثل نوعا من الاستخدام السلبي أي غير الصحي لمواقع التواصل الاجتماعي، والذي يمكن أن يؤدي إلى سوء الحالة المزاجية للمستخدم”.

وليست هناك فائدة من أن تقول لنفسك أنك لن تجري مقارنات بالآخرين، وتشير ورقة بحثية تم نشرها عام 2017، إلى وجود علاقة متبادلة سلبية بين الاستخدام السلبي لمواقع التواصل وحالة الشعور بالصحة والسعادة.

وتوضح أوتس قائلة إن “الأشخاص يظهرون دائما في الغالب أفضل الجوانب في شخصياتهم على مواقع فيسبوك وإنستغرام وغيرها، وفي معظم الأحوال يجري المستخدمون السلبيون مقارنات متزايدة، أو يقارنون أنفسهم بأولئك الذين يرون أنهم أفضل منهم.

ويمكن أن تؤدي تلك المقارنات إلى شعور المستخدم بمستويات أدنى من احترام الذات والقيمة، وأيضا بعدم الرضا عن أوضاع حياته الخاصة به.

ومن ناحية أخرى – وفقا للورقة البحثية التي أعدها عدد من الباحثين – توجد علاقة متلازمة إيجابية بين الاستخدام النشط لشبكات التواصل الاجتماعي وبين الشعور بالصحة والسعادة، وتقول أوتس “بالتواصل مع أشخاص آخرين يمكنك أن تبدأ في بناء رأسمالك الاجتماعي”.

والمستخدمون الذين يدونون التعليقات ويشاركون في الحوارات ويجادلون ويجرون المناقشات مع الآخرين، يجدون في وسائل التواصل الاجتماعي أداة يمكن أن تثري حياتهم.

وترى خبيرة الطب النفسي كارين كروميل أنه يجب تذكر قاعدة واحدة على الدوام ووضعها فوق أي اعتبار آخر في العصر الافتراضي، وهي أن الحياة الواقعية يجب أن تأتي في الأهمية أولا، وإلا فإن دفة الأمور ستتحول إلى منحى خطير”.

ومن الصعب أن يتم استبدال التقدير من الأصدقاء وأفراد الأسرة، ليحل بدلا منه علامات الإعجاب والمتابعين على المواقع الإليكترونية الذين لم يتم الالتقاء بهم على الإطلاق بشكل شخصي، ولكي تتجنب الانجذاب الخطير للمقارنات والتقييم على مواقع التواصل الاجتماعي فمن المهم أن يكون لديك كيان اجتماعي مستقر.

والأكثر من هذا هو أن مسألة القيمة الذاتية للشخص تقف على نفس الدرجة من الأهمية، وتوضح كروميل قائلة “إنني كمدرية على فنون الحياة يأتي إليّ غالبا أشخاص تعرضوا لمتاعب من جراء ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتضيف “في هذه الحالات أقدم النصح دائما بتوجيه السؤال: ما هي القيم التي تعد مهمة حقيقة بالنسبة لي ؟”، ويرد معظم من يريدون الاستشارة بنفس الإجابات : الأمانة والصدق والصراحة وهي أمور قليلة التواجد على مواقع التواصل.

وتتابع كروميل قائلة إن “الأشخاص لا يزالون يمكنهم تعلم كيف يستخدمون التطبيقات بشكل يتماشى مع القيم التي يؤمنون بها”.

ويشمل ذلك تصوير نفسك على المواقع الإليكترونية بالطريقة التي ترغب أن يصور الآخرون أنفسهم بها، وهذا ليس شيئا سيئا بالضرورة، فهناك الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يسعون ويبحثون عن المصداقية والأصالة في العالم الافتراضي أيضا، وهذه هي الطريقة التي وجد بها بعض نجوم إنستغرام مثل سيليست باربر جمهورهم، وهذه الممثلة الكوميدية الأسترالية لديها خمسة ملايين متابع، وهي تلتقط لنفسها صورا مثالية مثل تلك التي تنشر على إنستغرام، ثم تشكيلها بدرجة أقل من المثالية.

إنها لفكرة جيدة أن تحتفظ بسجل للأشخاص الذين تقارن نفسك بانتظام معهم في العالم الافتراضي، وذلك وفقا لما يقول فوكه هايدمان الذي يتعامل مع قضايا التواصل الاجتماعي وغيرها على مدونته كما يقدم المشورة للشركات.

ويضيف “بإمكاننا أن نقوم بأنفسنا بتحديد الشخصية التي نتابعها على مختلف شبكات التواصل”، وأولئك الذين يتابعون الشخصيات المؤثرة ونجوم المجتمع، الذين لديهم هدف الحصول على أكبر عدد من علامات الإعجاب على قدر الإمكان يواجهون بشكل مستمر عالما من الوهم.

واللوغاريتمات الرياضية الموجودة على تطبيقات الكمبيوتر وتستخدم في إطار الذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تجعل الأمور أكثر سوءا أيضا، وفي هذا الصدد يوضح هايدمان قائلا “إنها تشوه مداركنا، بمعنى أن أصدقاءنا في الحياة الواقعية يحصلون على معدلات أقل من التفاعل، ومن ثم يظهرون بمعدلات أقل في المدونات التي نكتبها”.

ولاستعادة القليل من السيطرة على ما تراه، فكر في النظر إلى الأشخاص الذين تتابعهم، واحذف شخصا أو اثنين منهم من الموقع الذي تستخدمه.

وتقدم كاترينا كاتسر وهي متخصصة في السلوك الرقمي بعض النصائح للتأكد من أنك لا تستخدم المواقع الإليكترونية طوال الوقت، ومن بينها استخدام تطبيقات تخبرك عن المدة الزمنية التي أمضيتها في تصفح المواقع على هاتفك المحمول، إلى جانب إخفاء هاتفك عن نظرك حتى لا يغريك تواجده أمامك بفحص ما جاءك عليه من رسائل كل بضع دقائق.

وبالإضافة إلى ذلك فعند التجمع مع أفراد العائلة أو الأصدقاء فكر في تجميع هواتفهم المحمولة، واجعل أول شخص يفحص الرسائل على هاتفه يسدد ثمن الدفعة الثانية من المشروبات أو ينظف أطباق الطعام.

وتقول كاتسر إن مغادرة منزلك دون أن تحمل معك هاتفك من آن لآخر تعد أيضا عادة حميدة، ويدرك كثيرا من الناس أنهم لا يفتقدون أشياء كثيرة أثناء جولة شرائية بمتجر للبقالة أو موعد لتناول طعام الغداء عند ترك الهاتف المحمول.

*د.ب.أ

‫تعليقات الزوار

14
  • ولد حميدو
    السبت 2 مارس 2019 - 02:14

    في حينا متشرد أو نسميه بوهالي عنده مكان رسمي لا يتسول و لا اعرف من أين يحصل على الأموال
    عنده مجمر دائما يطبخ مرة البصارة مرة يشوي السردين و حتى الكفتة و قنينة كوكا دائما أمامه و يدخن الكيف و السبسي نادرا ما يزيله من يده

  • ولد حميدو
    السبت 2 مارس 2019 - 02:35

    لمادا لا يتباهى المغاربة و يخرجون الأثاث للخارج مثل الأوربيين فكل شيء وجدته أمام مسكن اجمع و بعض التجهيزات الإلكترونية تقريبا جديدة و يكتبون عليها لافتة بأنها صالحة و حتى الملابس مصبنة و الأحذية جيدة و واحد اعرفه اكترى و جهز شقته من دلك من أوان و غرفة النوم و تقريبا كل ما يحتاجه الإنسان و وجد حتى صالون مغربي لأن هناك يغيرون الأثاث باستمرار أو يتخلون عنه عندما يرحلون طبعا ليس في جميع المدن و الأحياء و هده الايام نظموا ايام إخراج التميخيلة و كل حي خصص يومين في الأسبوع لدلك
    لو كان المغاربة يفعلون دلك هنا كلشي غادي يدبر على راسو و ما يدخله بعض المهاجرين سوى الديشي اما الجيد فيباع بفرنسا في مدن صغيرة أو قرى
    الميخاليون مدبرين على راسهم

  • ولد حميدو
    السبت 2 مارس 2019 - 03:31

    لصوص مشرملون تباهوا حتى في المسروقات و استعراض السيوف

  • وجهة نظر
    السبت 2 مارس 2019 - 06:58

    عندنا المقارنة ديريكت بىا عالم افتراضي.في عالمنا الواقعي خالتي كانت تزورنا من حين لاخر.ولديها بنت في مثل عمر اختي ودائما:لااا.ابنتي تفعل وتفعل وتفعل ليس مثلك يا ابنة اختي.ابنتي تهيء وتحضر وتدرس و…كرهنا مقارناتها.كانت تحط دائما من اختي قرينة ابنتها.كرهتها اختي وكرهت بنتها وكرهت دارهم وزياراتها…تزوجت ابنتها ومن يتزوج حسب راي المجتمع ذكي اجتماعيا..اخذت اختي الاجازة والماستر ودخلت سوق الشغل وتزوجت…ومعوذلك:ابنتي مرتاحة وهي بدون عمل.راجلها كيجيب ليها كلشي ملشي بحالك لبنت ختي معذبة…فطنا لها ولم نعد نهتم لحديثها..المهم لا للمقارنة بين الاشخاص اوبين اولادنا.انه يخلق العداوة.

  • خالد F
    السبت 2 مارس 2019 - 08:46

    منذ ظهور موضة مواقع التواصل الإجتماعي وخاصة الفيس بوك وأنا أنظر إليها بنوع من الشك الذي استغرق سنوات حتى العام الماضي عندما تمردت على مبادئي وأصبح لي حساب في الفيس دام شهريين متتابعين ثم أغلقته بدعوى أنه لا فائدة منه inutile. مؤخرا ميركل أغلقت حسابها، الإعلاميjean Jacques bourdin في راديو rmc صرح على الهواء أنه سيفعل نفس الشيء. وبفضل اللوغاريتمات الرياضية تستطيع هذه المواقع أن تعد عليك أنفاسك وبل تتعداها لتشمل كل الأرقام الهاتفية التي تمتلكها. مثال آخر بالنظر لطبيعة عملي فإنني أضطر لاستخدام google maps, مؤخرا توصلت برسالة إلكترونية مرفوقة بخريطة تظهر mes trajets au cours de 12 derniers mois بالتفصيل. كل ما جاء في هذا المقال الهادف صحيح وكثر الحديث عنه في أوروبا،
    (الخوف من الجليل سبحانه وتعالى، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل) سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

  • مواطنة مغربية
    السبت 2 مارس 2019 - 08:52

    أصبح معظم الناس يحبون الهاتف المحمول و الانترنت بشكل جنوني. إذا لم يكن معهم الهاتف فكأن عضوا من جسدهم بثر. وربما فقدان أهلهم أهون عليهم بكثير من فقدان الهاتف. أصبح مرض العصر و من الأمراض المزمنة التي لا يمكن الشفاء منها. و انتظروا فإن القادم سيكون أسوء بكثير من الوضع الحالي

  • Said
    السبت 2 مارس 2019 - 08:54

    الحمد لله لا أمللك لا انستغرام لا فايس بوك كلشي حيدتو العقبال الواتس آب لولا الوالدين والخوت ديااي والغربة والله حتى هو نحيدو براكا علينا مم هادشي بزاف

  • سعد
    السبت 2 مارس 2019 - 09:40

    عندما تنظر الى صور البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تعتقد ان حياتهم مثالية. الادهى من ذلك هو انك تعتقد ان وضعهم المادي جد مريح و حياتهم العائلية سعيدة. شخصيا لدي اصدقاء ما شاء الله كل يوم هم في مكان مكلف او في مدينة أخرى. ولولا اني اعرفهم شخصيا و اعرف مدخولهم الشهري، بل و اقسم بالله العظيم ان بعضهم يستلف المال مني، لكنت اعتقدت انهم من الاغنياء. المباهاة و التفاخر على مواقع التواصل اصبح آفة خطيرة.

  • ريفي
    السبت 2 مارس 2019 - 10:43

    مقال جميل حيث يبرز الحياة الافتراضية او المزيفة اذا صح القول التي اصبحنا نعيشها . والغريب ان الاديب العبقري فيودور دوستوفسكي تطرق لهذا الموضوع في روايته "المثل"

  • Youssef
    السبت 2 مارس 2019 - 11:43

    In social media, people tend to project an idealized image of who they are. They put all their effort to polish that image, as to appear flawless. Reality is another thing, though. We are not as happy, special, important, or intelligent as we tend to project. The truth is that struggle on a daily basis with our insecurities, shortcomings, and the random punches of life. Escaping through social media and other marketed means will only augment the size of that which we seek to escape. Shoulder the burden, brethren!

  • ahmed
    السبت 2 مارس 2019 - 12:47

    التقة بالنفس والشخصية القوية والامان بالله والقناعة تجعلك لا تتأتر بهذه الخزعبلات

  • Salaheddine
    السبت 2 مارس 2019 - 15:30

    في الحقيقة مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن وهم و مستنقع يغرق فيه الشخص و يصعب الخروج منه خصوصا اذا كانت حياة الشخص فارغة, فالمستخدم يصبح هو المنتوج الذي يتمحور عليه الربح و يصبح عبد لهذه المواقع. الشيء الذي يؤذي الى تدمير حياته الاجتماعية و بعض الاعراض النفسية الخطيرة مثل الاكتئاب دون نسيان تأثيرها على صحة العينين و الرقبة.
    يجب على الناس أن يحذروا و يقننوا استخدامهم لها بحيث لا يتعدى الاستعمال نصف ساعة يوميا

  • Wald chalah Rabat
    السبت 2 مارس 2019 - 19:29

    You need to know people post the best of the best picture they took over 100 pics hahaha , so plz be yourslef and inchlah you be happy of what you got .. peace to everyone .. dima Sahara is Moroccan

  • حلا
    السبت 2 مارس 2019 - 19:41

    مواقع التواصل هي المكان الذي يكذب فيه الناس ويصورون حياتهم التي يحلمون بها وليس الواقعية.يتباهون بما لا يملكون يختلقون الأكاذيب يتصنعون ليوهموا أنفسهم قبل متابعيهم أنهم يعيشون حياة مثالية وجميلة.حتى صورهم الشخصية مزيفة بالفلترات والإضافات والإضاءة.يقدمون أنفسهم بعيدا عن حقيقتهم وشكلهم الطبيعي.ومن يقارن نفسه بغيره في المواقع مريض ومهتز الشخصية وعديم الثقة بنفسه.على الإنسان أن يحب نفسه كما هي وتكون لديه قناعة تامة بأن ليس كل ما يقدم بالمواقع حقيقة بل هو كذبة ووهم وخلل في أصحابها يحاولون به إخفاء عقدة نقص .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة