قيم الذات المغربية وخطاب التدجيل

قيم الذات المغربية وخطاب التدجيل
الخميس 23 يناير 2014 - 21:18

إلى الأرض التي تسكنني
وأسكنها،
إلى ” سوس”،
زهرة تفوح أريجا،
لتملأ الوطن عبقا نديا.

1- ديباجة تعريفية تفسيرية:

من أهم التعاريف والتفاسير التي وردت في لسان العرب، حول كلمة “دجل” مايلي: ” دجل الرجل وسرج، وهو دجال: كذب وهو من ذلك لأن الكذب تغطية…. والداجل: المموه الكذاب، وبه سمي الدجال…قال ابن خالويه: ليس أحد فسر الدجال، أحسن من تفسير أبي عمرو قال: الدجال المموه…قد جمعه النبي صلى الله عليه وسلم، في حديثه الصحيح فقال: يكون في آخر الزمان دجالون، أي كذابون مموهون…الأزهري: كل كذاب فهو دجال، وجمعه دجالون، وقيل : سمي بذلك لأنه ستر الحق بكذبه…وقال مرة أخرى سمي دجالا لتمويهه على الناس وتلبيسه وتزيينه الباطل، يقال : قد دجل إذا موه ولبس”(1).

تمنحنا هذه التعاريف والتفاسير، إمكانية تحديد معاني “الدجل”، وهي كالتالي الكذب والتمويه، والتلبيس، معاني يسعى صاحبها إلى ستر الحق وتزيين الباطل، وهو مايعني أن الدجال يسعى إلى تشويه الحقيقة وذلك عبر التمويه والتلبيس، اختيار هذه التعاريف والتفاسير يستجيب والموضوع الذي أحاول أعرضه في هذا المقال والذي يعبر عن وجهة نظر تسعى لكشف الحقيقة وتوضيحها، فلنبدأ.

2- الهوية الوطنية و قيم الذات المغربية:

في الوقت الذي تسعد فيه الذات المغربية بتحقيق تصـالح حميمي مع مختلـف مكوناتها الهوياتية، حيث الاحتفاء بالتعدد الثقافي والحضاري للمغرب والمغاربة و التشبث بروح الانفتاح على القيم الكونية، بعد أن تم ترسيخه مؤسساتيا بالتصويت على الدستــور المغربي الجديد الذي ينص في ديباجتـــــــه على ” صيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتهــــا، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء”(2).

في هذا الوقت بالذات، ينسل من جحر من بين الجحور (و ما أكثرها في هذا الزمن الرديء) صوت ذو أنفاس دجلية تنفث، شرار عنصرية وعصبية منثنة (3)، لاتراعي حرمة الذوات والديار، متأبطا أوهام الجاهلية الأولى، ومحاولا استضحاك أصحاب الفضل عليه بالتنكيث على المغاربة وعلى قيم الكفاح والتضحيـــة والإيثار والصبر والمثابرة التي اعتنقوها منذ القدم والتي أهلتهم لكي يقوموا بدورهم الوجودي في إعمار البلاد وإسعاد العباد.

3- الدجل و العبث بقيم الذات المغربية:

الكفاح والتضحية والإيثار والصبر و المثابـرة، قيم رمزيـة حولها المحاضـر بلغـة تدجيلية إلى عناصر تؤثت محاضرته التفكهية، حول الهوية والذات المغربية، فلنسمع:

“في المغرب عندنا تجار معروفون بنوع من البخل وهم من عرق معين لن أقولهم، حتى لا أتهم بالعنصرية في المغرب، فيقولون إن أحدهم من خوفه من المساعدين معه في المتجر أن يسرقوه، ومن حرصه على ماله وضع في قعر درج النقود مرآة، فإذا فتحه نظر في المرآة حتى يتأكد أنه هـو الـذي يفتـح الدرج، وليس غيره” (4).

هذا نص هماز لماز يشير إلى “البقال”، و يحمل في ثناياه كل أمارات الدجل التمويهية والتلبيسية، عبر متواليات نصية تحول القيم وتعيد بناءها بما يلبي استيهامات المحاضر و ما يثيـــــر رضا أهل الفضـل عليه و يستـدر عطفهـم حتى ينعمـوا عليه بالهبـات والعطايا ويغدقـوه بالدعـوات في محافلهم، مدمرا بذلك المرجعية الفكرية التي يستند إليها في خطاباته و محاضراته، فلنفكك هذه المتواليات:

المتوالية الأولى: “في المغرب عندنا” “نا” في “عندنا” تدل على الجماعة، السؤال: عن أية جماعة يتحدث؟ وباسم أية جماعة يتكلم؟هل هي جماعة وعظية؟ام جماعة حزبية؟ أم جماعة إثنية؟ أم الجماعة الوطنية كلها؟

المتوالية الثانية: ” تجار معروفون بالبخل”. التجارة والبخل” السؤال: ماعلاقة التجارة بالبخل؟ التجارة نشاط مادي، والبخل صفة معنوية، التجارة ترتبط بقواعد التدبيــر، والبخل يرتبط بشروط تلبيـة الحاجيـات الذاتيـة والاجتماعية، التجارة عمــــــــل مؤسساتي، والبخل فعل ذاتي، فما هي علاقة المؤسسة بالذات؟ هل هي علاقة تدبير أم تبذير، هل هي علاقة اكتفاء أم امتلاء؟ هل هي علاقة استثمار أم استنزاف؟

المتوالية الثالثة: “هم من عرق معين لن أقولهم، حتى لا أتهم بالعنصرية في المغرب” “العرق والعنصرية” السؤال: ما علاقة العرق بالعنصرية؟ ولماذا لا يفصح عن هوية هؤلاء التجار؟ وبالتالي ما سر هذا الحذر من التعريف بهويتهم؟ هل هي التقية بمفهومها الديني؟ وما علاقة هذه التقية بالاتهام؟ وما علاقتها بالعنصرية؟ هل هو الخوف؟ وما علاقة كل ذلك بالكلمة الواردة في المتوالية الثانية “معروفون”، وهل تتطابق المعرفة مع التردد في الافصاح عن هوية هؤلاء؟ و إذا كانوا هم من عرق معين ، فإلى أي عرق ينتمي هو؟

المتوالية الرابعة: “فيقولون إن أحدهم من خوفه من المساعدين معه في المتجر أن يسرقوه” “المساعدون والسرقة”، المساعدة تعني مد يد العون، أي التعاون، وهي قيمة إنسانية تمنح الإنسان الإحساس بالاطمئنان وتضعه في موقع الثقة، السرقة، تحيل إلى التطلع إلى ما في يد الغير والرغبة في الاستيلاء عليـــه، وهي قيمــة سلبيـــــة، تضع صاحبهـــا في موقــف الخيانــــــــة ، إذن نحــن أمــام قيمتيــن متناقضتيــن، والسؤال: كيف يمكن الجمع بين منطق المساعدة الذي يولد الإحساس بالاطمئنان والثقة، ومنطق السرقة الذي يولد الخيانة؟ أي كيف يمكن الجمع بين منطق الثقة ومنطق الثقة. .

المتوالية الخامسة: ” فإذ افتحه نظر في المرآة حتى يتأكد أنه هو الذي يفتح الدرج، وليس غيره” “الذات والمرآة” الذات تجسيد لكينونة ممتدة في الزمان والمكان، المرآة عاكسة لصورة في لحظتين زمنية ومكانيــة، الكينونـــــة الوجوديــــــــة للإنسان تتغير بتغير الأحوال والمقاصد، والصورة تعكس لحظة انفعال وتفاعل مع حدث معين في برهة زمنية محددة، السؤال: كيف يمكن اختزال الكينونة الوجودية للكائن البشــــــري بتفاعلاتها المادية والمعنوية في لحظة زمانية ومكانية مرتبطة بحدث معين؟و ماعلاقة الكينونة بالصورة؟ هل هي علاقة تناظر،أم علاقة تماثل، أم علاقة تماه؟

تفتح هذه الأسئلة للمتأمل، لكي يعيد صياغة هذا الموقف التدجلي لقيم الذات المغربية، التي تم بناؤها من منظور فكر ارتكاسي، يستعيد استيهامــــــات الجاهلية الأولى بمفهومها القبلي، غافلا أو متغافلا عن إحدى أهم العناصـر البانيـة للمرجعيــة الفكريـة التي يستنــد في خطاباته ، التي تحرم التنكـت على الأقـــوام الأخــرى، فلنستمع لننصت(5) :
جاء في القرآن الكريم: يأيها الذين ءامنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولاتلمزوا أنفسكـــم و لا تنابزوا بالأ لقاب بيس الاسم الفسوق بعد الإيمان” (6) صدق الله العظيم.

إن ما قام به المحاضر يدخل في أعمال السخرية واللمز والتنابز، التي تفسح له المجال لكي يفرغ المكبوتات البدائيـة التي تأصلـت في أعماقـه حـول مكــــون أساسي وراسـخ من مكونـات الهويــــة المغربيـة (الأمازيغية)، من خلال التعرض لحامليها التجار الصغار (البقالة)، رغم محاولاته التنصل منها والتي تجلت في عــدم جرأتــه على الإفصاح عن هويتهم “السوسيون”(*) أو “الشلوح”(7)، في التعبير العامي المغربي، بهـذا الموقف التمويهـي ارتكب هذا المحاضر جريرتيـــن كبريتـين في حـق الوطـن والمواطنـين بالمغرب، تستصغـر الشخصية المغربيــة وتبخس قيمها النبيلة، فبئس الكبت وبئس حامله، فلنحذر.

4 – البقال وفعل الاندماج السوسيو اقتصادي:

أبي بقالا كان،
من أعماق سوس جاء،
يحمل أمالا،
في صدره تسكن آيات،
وبين حناياه أنغام تفوح ،
تراتيل و أناشيد
تكسر عنف الحياة،
وتقوي الإيمان بالوجود.

مع بداية المد الكولونيالي خلال القرن الماضي، ولمواجهة الحاجيات اليومية وتطوير قدراتهـم التنمويـة، وبتأثير من سياسة الانفتاح الثقافي و الاقتصادي بالمغرب آنذاك على العالم، بدأ العديـــد من المغاربـــة القاطنـين بمختلـف المناطـق القرويـــة بالهجرة إلى الخارج أو إلى بعض المدن المغربية وخصوصا مدن أكادير، مراكش، الدار البيضاء، الرباط، فاس، مكناس، وجدة، طنجة، تطوان….وغيرها من المدن المغربية التي بدأت في الانخراط في الاقتصاد الجديد، الذي خلق وظائف جديد إدارية، صناعية، وتجارية.

في هذا الســياق السوسيو اقتصادي، انخرط السوسيـون كغيرهم من المواطنين المغاربة،في مجــال العمل بالتجارة، واستطاعوا أن يحققوا لذاتهم ولمجتمعهم المحلي والمغربي منافع جليلة، عبر وظائف اجتماعية، استثمارية وتنموية.

الوظيفة الاجتماعية: لا يخلو حي من الأحياء أو درب من الدروب بمختلف المناطق والمدن المغربية، من تواجد دكان، أغلب مشغليه من ســوس يلبي حاجيات السكان المعيشيىة ويسد متطلباتهم الحياتية في كل وقت و آن، منذ الصباح حتى منتصف الليل، بحيث أضحي مؤسسة اجتماعية يتفاعـل معهـا سكان الـدرب والحـي ، ويتعايشون مع صاحبها صباح مساء، يشاركونه ويشاركهم الأفراح والمسرات مما يرسخ عنصـر التلاحم بين أفراد هذا المجتمع الصغير.

الوظيفة الاستثمارية: أهم ما يميز هذه الشريحة من المجتمع المغربي التي اختارت الاشتغال بمجال التجارة، هي القدرة على تنمية مواردها البشرية والمادية، عبر استقدام مساعدين وبالخصوص الذين لم يتمكنوا من اتمام تعليمهم للعمل معهم في الدكان، حيث يتعلم هؤلاء المبادئ الأولية والأساسية للعمل التجاري، ممـــا يفسح لهم المجال لاكتساب الخبرة ويؤهلهم للاندماج في المجال التجاري، حيث يقوم مشغلهم باستثمارات جديدة عبر فتح دكاكين، يتولى المساعدون الذين اكتسبوا الخبرة على تسييرها وفق اتفاق مبني علــــى الثقة، يصطلح عليه في عرفهم “الحساب”، وبذلك تتراكم الموارد المادية لهذ الشريحة الاجتماعيــــــة بالمغرب الذين بدؤوا بالاشتغال في “البقالة” بالأحياء و الدروب، بمختلف المدن المغربية واستطاعوا أن ينهضــــوا بمواردهم المالية ويلجوا مجالات أخرى في ميدان الاستثمار والعمل الحر .

الوظيفة التنموية: تراكـم المــوارد المالية فتـح المجــال أمام هـؤلاء التجـار، لأداء مهامهـم التنموية إزاء مجتمعهم الصغير(الأسرة)، والمجتمع الوسيـط (الحي و القبيلة)، والمجتمـع الكبير ( الوطـن وبالخصوص المنطقـــــة التي ينتمون إليها)، وذلك عبر آليتين أساسيتين:

* دينية: من خلال الحرص على إخراج الزكاة، حيث يقوم هؤلاء عند كل بداية سنة هجرية، بعملية جرد لرأس المال الذي يتوفرون عليه، بهدف ضبط المستحقات السنوية للزكاة والمتعارف عليها لدى أغلب المغاربة ب “لعشور”، والتي يتم توزيعها على المعوزين سواء بالمدينة التي يشتغلون بها أو القاطنين بالمناطق التي ينتمون إليها، وبالخصوص، الأرامل واليتامي، والنساء المطلقات، والفقهاء المرابطين بمختلف المساجد والمدارس العتيقة بسوس وطلبتههم الوافدين من كل الآفاق بوطننا العزيز (الآفاقيين)، امتثالا لقوله تعالى:” إ نما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهـــم، وفي الرقاب والغارمـــين وفي سبيل الله وابن السبيــل، فريضة من الله والله حكيم عليم” . (8) صدق الله العظيم

وهو مايؤكد لمن يحتاج إلى تأكيد وبالخصوص للمشككين في رسوخ الإيمان بالعقيدة الإسلامية بخصوصيتها المغربية (‘العقيدة الأشعرية)، لدى هذه الشريحة من المجتمع المغربي، والاعتزاز بهويتهم الأمازيغية والتي تحمل في مكامنها بذور الإيثار والتضحية والتطوع و الابتكار والإبداع في مختلف المجالات الاقتصادية، والثقافية والعمل بتفان و إخلاص من أجل تنمية وطنهم وتقدم مواطنيهم.

*جمعوية: ترسخت لدى هؤلاء التجار قناعة أساسية تتجسد في التشبث بالمكان الذي ينتمون إليه، فبالرغم من النجاحات التي حققوها داخل المــــــــدن التي جاءوا إليها، فقد ظل ارتباطهم بالبادية وبالقرية وطيدا بل إنهم رسخوا هذه القناعة لدى أبنائهم الذين تفتحت أمامهم آفاق جديدة في الحياة بفعل التمــــدرس، وذلك من خلال تأسيس جمعيات تنموية تشجع السكان على الانخراط في المشاريع التنموية لمناطقهم، عبر كهربة القرى، توفير الماء الشروب، تهييء الطــرق تعبيدها، وتأسيس تعاونيات لتطوير استغلال الموارد الطبيعية والحيوانية التي تتوفر عليها هذه المناطق، و إحداث جمعيات تهتم بتوفير الموارد المالية لترمــيم و إصلاح المدرس العتيقة، والإشراف على المواسم الدينية والمهرجانات الثقافية التي تقام بهذه المناطق، والتي تشكل لحظة من لحظات التواصل الاجتماعــي بين سكان هذه المناطق وفرصة السكان بتقاليدهم الدينية وعاداتهم الاجتماعية والتي تلعب دورا كبير في الحفاظ على شخصيتهم الروحيــة المرتبطـــة بهويتــهم الاجتماعية والثقافية وهم بذلك يساهمون في المشروع التنموي ببلادنا بمختلف تجلياته الاقتصادية الاجتماعية والثقافية.

تلكم، أهم الوظائف التي ساهمت بها هذه الفئة من المواطنيين المغاربة، القادمة من منطقة سوس العامرة بأهلها والعالمة بعلمائها و المبدعة بمبديعيها والمفكرة بمثقفيها، الزاهية بأهازيجها، وفنونها وإيقاعاتها، والمنفتحة على التطور بجهود أبنائها، الذين اختاروا عشق الأرض بماهو عشق للحياة والعالم والإنسان.

استصغار هذه الوظائف، كان أساس هذا الموقف التدجيلي، بالتمويه على القيم الرمزية النبيلة التي كانت تحرك هؤلاء التجار وهم يلجون مغامــــرة إثبات الذات في ظل التحولات التي بدأ المجتمع المغربي يعيشها بانفتاحه على العالم الجديد، ومن تم تظهر للعيان حقيقة هذا الموقف الذي توارت في ذهنه كل هذه القيم النبيلة ولم تنهض أمامه سوى قيم البخل، السرقة(الخيانة)، الشك، والتي ترتبــــط عنده بقلـــة ” الهبات والعطايا” التي اكتشـف منابعها الريعية في أمكنة آخر غير المكان المغربي الذي اختار قيم البذل والعطاء.

يبرز هذا الموقف التدجيلي، عدم استحضار المحاضر للتجارب الحياتية والمعيشية للمواطنين المغاربة، والاكتفـــــاء باستعراض ما تلقفه من معارف، دون رغبة منه في استثمار تلك المعارف بما يخدم المسيرة التنموية لبلادنا، ويساهم في التنوير بالخصوصيات الثقافية والحضارية لوطننا، وتبيان المكاسب التي حققها المغاربة في استيعاب تعددهم الثقافي وتنوع منابع إرثهم الحضاري (قديما وحديثا)، وحركيتهم التاريخية، مكتفيا بسرد مواقفه التمويهية والتضليلية، ضـــــدا على حركية المجتمع المغربي المتفاعلة مع حركية الحياة، وهو ما حاول العديد من المثقفين المغاربة مساءلة عناصرها السيولوجيــة والثقافيـــة والاقتصاديـــة بهــدف الانصات لما هو كامن في رحمها.

لكن الدجل منع صاحبنا من الانتباه إلى أن الإنسان والمكان المغربيين، يسطران تاريخهما الذي لا يمكن التمويه عليه.

لسوس (المكان) حضور لا يمكن انتزاعه لأنه عنوان الأنفة، والشموخ و الإباء، ولأنه أيضا يشم الجسد المغربي كغيره من الأمكنة بوطننا الحبيب الزاهية بتنوع تضاريسها و فضاءاتها الطبيعية وبعزة أهلها، بهذا الأثر الأمازيغي بامتداداته الزمنية اللامتناهية و بجدوته الوقادة والتي لن تنطفئ شعلتها رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين، فلنفهم !

ذلك، ما تبوح به هذه الأبيات للشاعر الأمازيغي الراحل الحاج محمد الدمسيري، الحاضر بسلطته الابداعية الشامخة شموخ جبال الأطلس، فلنصغ:
ءا هايـي كشمغ أنوض ءاد سلمغ ءي تكات،
ءا “سوس” ءاي كان ءانوض لغشيم ءيغ ءو رسين،
ءا لابد ءي وا نا تيد ءيكشمن ءاد نيت ءي حرش،
ءي كون ءا على بال ءي ضوف ماني غ ءا تاكلن،
ءا دور ءي ضفور لغرض ءا ر سوالن س لعار،
ءار ءي تاضر ءار ء ي حلب ءار كيغ ءيشا تكات،
ءا كادا نيان لباز ءاس نيت نان ءوفنت،
ءار ءي لكم “سوس” ءي كا ءامر ءافولوس ءي تلف،

لهذه الأبيات، إياك أدعو أن تصغي، وحاول أن تفهم و إذا لم تفهم، فابحث في” دروبنا و أحيائنا” عن”بقال”، لعله عليك بالشرح والتفسير لن يبخل.

المراجـــــع:
1- دستور اللملكة المغربية الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1-11-91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011، ج.ر، عدد5964، مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.
2-لسان العرب، لابن منظور، المجلد الحادي عشر ، ص236- 237 ، دار الكتب العلمة، بيروت ، لبنان.
3-حديث مرفوع إلى رسول الله (ص)، وفيه: عن جابر ابن عبد الله قال” كشح رجل من المهاجرين رجلان من الأنصار، فجاء قوم ذا وقوم ذا، فقال هؤلاء يال للمهاجرين ! وقال هؤلا يال للأنصار! فبلغ ذلك النبي (ص)، “فقال “دعوها فإنها منثنة” ثم قال: ألا مابال دعوى الجاهلية! الا مابال دعوى الجاهلية!
4-من نص المحاضرة التي ألقاها المقرئ أبوزيد في إحدى دول الخليج، والتي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.
5- جاء في القرآن الكريم: ” و إذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون” سورة الأعراف، الآية 204.
6-القران الكريم، سورة الحجرات، الآية11.
7-انظر مقدمة كتاب “سوس العالمة”، للعلامة محمد المختار السوسي.
8-القران الكريم، سورة التوبة، الآية 60.

‫تعليقات الزوار

9
  • نصف حقيقة
    الخميس 23 يناير 2014 - 22:03

    حرام على الإدريسي الأخطاء وحلال على عصيد مرأكملتها ،سبحان الله !،قد يكون اي انسان دجالا في لحظة ما او حدت عبر مساره الشخصي ولكن هدا لن يجعل منه دجالا في الدنيا والآخرة ،وكدلك يمكن لمناضل يساري ان يناصر طموحات وقضايا فئات وشرائح اجتماعية واسعة ،ولكن هدا لن يجعل منه مناضلا يساريا بتعريف غرامشي او حتى هربرت ماركيز ،قد يكون لأهل سوس من ينتصر لهم ولكرامتهم ضد الدجل او غيره وهنيئا لهم بتلك الأقلام المنددة تطوعا ،فانتظار ان نجد من ينتصر للامازيغيات وفي الأطلس ولشرفهن ان لازال لهن شرف عند عصيد وشيعته ضد المكيافيلية .

  • zorro
    الخميس 23 يناير 2014 - 22:12

    أهل السوس أهل شرف يتجارون بمالهم يكسبون ويسترزقون منه أما أصحاب الدجل والتدليس فعادتهم بيع الكلام المقدس لفقراء العقل تم الهرولة الى بلاد الاحلام البترودولار لكسب دراهم معدودة بالاستهزاء من أخوتهم في الوطن
    اثارت النعرات القبلية والعرقية هو التخصص التجار الاوهام والدين مند الازل رمتني بدائها وانسلت
    طبقة رجال الدين طبقة من رعاع المجتمع لاتقدم شئ ولاتنتج شئ سوى الفتن والتاجرة بالطائفية واشعال الحروب المستقبلية الواضح أن النكتة انقلبت لاستغلال سياسي محض وخبيث من المقرف ووضع نفسه بغباء مع السيدة عائشة في حديت الافك واسقط الاية على النفسه امام الجمهور لايصدقه من أخبث رجال الدين ويقلد جوزيف غوبلز في حراكته وكلامه وصراخه بدون سبب ليضيف حالة من الجنون الروحاني على مستمعيه ,

  • الرياحي
    الجمعة 24 يناير 2014 - 08:10

    هذه الواقعة اظهرت هشاشة مجتمعنا ونفاقه ايضا.منذ زمن طويل واخيرا في مسلسل الكوبل يبهدل العروبي الدكالي ويمرغ في التراب بذون ان يكتب احد عن هذه العنصرية بل وشح الممثلين ونالوا التهانئ كمبدعين وعبقريين.لقد ترخس الشتم الرخيص وتطبع. ليس عادي ان نبهذل جماعيا مجموعة من المواطنيين ليس عادي ان نطبع النكة العنصرية ونذخلها في باب الفكاهة.
    ما كان على السيد ابو زيد ان يلعب بالنار ما كان على المعلقيين هنا ان يشتموا بكل حرية جزا نن المغاربة.اذا كان للجاهل حق جهله فحرام على المثقف اي كان ان يستصغر الناس من ابو زيد الى عصيد .الم يصف عصيد المغاربة بالمنافقيين ؟ ورسولهم بالارهابي والادارسة باولاد الحرام ؟
    ما كان عليك ان تكتب مقال شبه عنصري تنهار على ابو زيد وتتجنب عصيد وبودهان واركان الحركة الفاشستية
    مقالك دجال ميهت والبست وعنصرت الحقيقة ونظرت الى جزئية
    وتركت المهم.نحن جالسون على براميل ليست من البترول بل من البارود.
    الرياحي

  • haksiral
    الجمعة 24 يناير 2014 - 08:51

    احسنت استادي ….خير جواب على تكالب اعداء الامازيغ وتبخيسهم وتخوينهم لجزء مهم من مكونات الشعب المغربي….

  • المصطفى
    الجمعة 24 يناير 2014 - 09:28

    المجد لسوس العالمة وسوس العامرة رغم دجل الدجالين

  • hassan
    الجمعة 24 يناير 2014 - 10:27

    جزاك الله خيرا. أحسنت وأصبت، كتبت فأقحمت، تكلمت فأقنعت. فضحت الدجالين وكشفت عن الكذابين، وأزلت القناع عن المنافقين المموهين، وعريت عن عورة أصحاب الجاهلية الأولى الذين لا زالوا يعيشون بيننا.

  • Mustapha
    الجمعة 24 يناير 2014 - 13:00

    كلام في الصميم. أبو زيد بشر، أعجب لمن يستميت في الدفاع عنه و كأنه ملاك معصوم.

  • ماسينيسا من مطار دبي الدولي.
    الجمعة 24 يناير 2014 - 16:58

    الأمازيغ شوكة في فم بعض العنصريين…
    وأنا أقول :" أموت أموت و تبقى الامازيغية شعبا, و أرضا , و لغة."
    مقالك يا أستاذ سليم و قد وصل محب الأمازيغ و حتى أعدائهم.
    تانمير

  • خالد ايطاليا
    السبت 25 يناير 2014 - 10:35

    هناك من يحاول اقحام سلسلة {الكوبل } ,في النقاش الدائر والاحتجاج حول نكتة ابوزيد ,مع ان هناك فرق بين السلسلة المتداولة في قنواتنا وبيننا كمغاربة وداخل وطننا ,وبين نكتة القيت في جمع من الغرباء وخارج ارض الوطن .
    منذ الستينات والسبعينات والفكاهي {عبد الرؤوف } يتخد محمد الشلح الساذج مادة دسمة والسخرية في مسرحياته وسكيشاته ولم يحتج عليه احد ولم ينتقذه احد .ونفس الشئ للتنائي {التيقار }وغيرهم ,وجعلوا شخصية السوسي موضوع فكاهتهم ومورد رزقهم {الله احسن العون } .ولكن لم يهاجمهم احد ولم يشتمهم احد لأن كل هذا يحدث بيننا وداخل وطننا وتقبلناه بدون ضجة . اما ان يحدث هذا خارج ارضنا وبين الاغراب ومن رجل يدعي انه مفكر وداعية وممثل للشعب داخل البرلمان فهذا مرفوض .

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين