ضحايا الحروب الأخرى

ضحايا الحروب الأخرى
الخميس 30 يناير 2014 - 17:53

اتصل بي أحد الأصدقاء مساء الثلاثاء 21 يناير 2014 ، ليبلغني تفاعله الخلاق مع المقال الذي ظهر بالصفحة الثقافية لجريدة المساء ، في نفس اليوم ، المعنون ب ” المقيمون هناك ” .وكنت لحظته أتكلم بالكاد تحت تأثير غصة حزن على اثر فقداني لعمتي التي تربيت على يدها الناعمة ـ إلى جانب أمي طبعا في البيت العائلي الجماعي ـ وعلى غزل حكيها وخبرتها التي لم تخبر قلبها المعطوب.فكانت ثقتها عالية بالطب الذي سيشخص، ويعطي الوصفات اللازمة دون ارتجالية ورفس في الأجساد، دون هاجس المال الذي يخرق ويرهق العقول العاقلة والنفوس المتبحرة .

حقا المقال ذاك يفتح سؤال الموت في الشعر والحياة ، وأن الشعراء الموتى انتصروا في بلاغة اليتم للحياة في لوحهم الجسدي ، ضدا على طمس الجرافات ؛ ومن بين هذه الطواحين تلك القابعة في المناطق المظلمة في الواقع والمجتمع المغربي . وبتخصيص تبعا لمقال هذا التوليف أعني المستشفيات العمومية . ولا بأس أن أعرض واقعة العمة التي تداولتها أيدي الأطباء المغاربة لمدة أسبوع إلى أن اهتدوا للمرض ، و انتهى بها المطاف الشاق بعد تخطيط ، لمستشفى جهوي ، فرميت العمة ـ كالجموع المنتظرة ـ في حالة حرجة دون نظر سريع ولا عناية . حقا تتعدد الضحايا بتعدد الحروب التي تطلع من أسفل ذرة طين في المجتمعات المختلة . وحين تكون المعالجة بطيئة في سيرها ، تخلف الطواحين ما تخلف . في هذا السياق اقترن عندي المستشفى العمومي بالمقبرة دون مجاز طبعا . وتلك رأس الغرابة . فهل نقوى على بلع هذه القتامة ؟؟ .

وأنا في المستشفى ، كنت أضع أعصابي في القبضة ،ولولا ذلك لاصطدمت بالجدران وبالأجساد المتأنقة الساهرة في لامبالاة على القتل ،عوض شيء آخر، مرغوب فيه كعمل إنساني . لترى عيون المرضى شاردة وموزعة في اللهاث الذي يمتص ويرى . فالكيل البشري يطحن هنا أمام ممرضين وأطباء تحولوا إلى آلات صماء تتفرج على المشهد . أعود وأتساءل : هل بالإمكان المزايدة على صحة الناس البسطاء المعروضين ، و هم يرون أنفسهم الثكلى تسقط وتسقط من شجرة الحياة .

كأن المستشفى مقبرة ، فتذهب الجموع لذلك المعبر ، لتلاقي الموت الحتمي في ما يشبه العبث البشري المكرر في مشاهد مقرفة أمام نظر عام على تقطيعاته يكاد يصاب بالعماء ولو في ظل مزايدات لا تنتهي في الخطاب والخرجات . فأصبحنا نستهلك البشاعات في تكيف ومسايرة تفرغنا من الإنساني ، لنغدو بالونات محشوة بالخواء الفكري وخرق التبريرات التي تستند على ” بعد ” ، ولولا هذه ” البعد ” لانهار الهيكل ، هيكل الخطاب أيضا . في هذه الحومة المتعرقة ، من أين يطل الأدب على هذه المناطق المظلمة ؟ . أذكر هنا صرخات شعراء على سرير المرض كأمل دنقل والسياب وراجع ودرويش.. في علاقات وجودية بالموت كسؤال . لكن في ما يغلب ظني، أن الأدب المغربي والعربي فارغ تماما من حواشي هذا اليومي الموجع ؛ طبعا دون انعكاس فج أو نسخ بارد . فالمستشفى غني بالغرابة والخلجات والانكسار المراوح ..

فلنعارك هذا الراقد على انكفائه في الأدب . فهذا الأخير يمتص الأشياء المؤلمة ، عبر ذوات الكتاب المرتعشة ، ليقول ما لم يقله التاريخ وخطاب الكليات الكبرى التي لا تحتاج للجزئي والتفاصيل إلا أثناء لحظات البحث عن الشرعية المؤسساتية . وفق هذا الفهم ، فالثقافة والجماليات التعبيرية تلين الملمح المبعثر وغير المهذب وتقوي العمق والخلفية الإنسانية التي تمتد للتربية والعلاقات التي تبدو في البيئات المختلة خالية من النبض تماما . و بالتالي تسيد الجفاء والجفاف في مجاري الداخل غير الموصلة . فليدخل الأدب المستشفى ، عل الحروف تكون رحيمة كمستودع لموتى لا تطالهم اليد الصلدة ولا السمسرة في الجثث أمام عيون الآهالي الجريحة .

تحية ـ طبعا ـ لكل جميل وأصيل لصيق بالأحواض الصغيرة التي تجيء تباعا ، ولو في المستنقع كما ضحكات الموج التي تدغدغ بالمعنى الرحيم . فتعلو الحياة في الأجنحة الجريحة المحلقة على الرغم من الداء والأعداء فوق القمة الشماء كما صرخ الشابي ذات عبور شعري .

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين