الأسرة المغربية ودور المرأة في الإصلاح الاجتماعي

الأسرة المغربية ودور المرأة في الإصلاح الاجتماعي
الخميس 6 مارس 2014 - 13:57

“بمناسبة الذكرى العاشرة لمدونة الأسرة”

تحتفل المرأة في العالم في اليوم الثامن من مارس كل سنة بعيدها العالمي، وهكذا أصبح للمرأة يوم خاص بها تستعيد فيه ما راكمته من منجزات خلال السنة والسنوات المنصرمة، وهذا تقليد إذا روعي فيه التركيز على الجوانب الإيجابية للحركة النسائية وكان مرحلة لمحاسبة النفس وممارسة النقد الذاتي تجاه النفس وتجاه الآخرين للخروج بحصيلة صالحة من الاقتراحات وإصلاح الأحوال والتدقيق في الأهداف والغايات.

وتأتي هذه السنة بالنسبة للمرأة المغربية وهي تسعى للوصول إلى ما رسمه الدستور المعدل (يوليوز 2011) من السعي للوصول إلى المناصفة بين الرجال والنساء في المسؤوليات داخل المجتمع وبالأخص في مجال تدبير الشأن العام والوصول إلى مراكز القرار، وإذا كان هذا أمرا له أهميته ومقدر عند الكثيرين، إلا أن محاولة البعض الانحراف به عن هدفه وإثارة المشاكل ووضع النقاش في ساق غير سياقه الحق، يضر بقضية المرأة في تحقيق ما تنشده أكثر مما ينفع، إذ مضى الزمان الذي يمكن فيه فرض المواقف عن طريق الإرهاب الفكري، ومحاولة التأثير بأسلوب الهروب إلى الأمام عن القضايا الجوهرية في النضال العام داخل المجتمعات، سواء تعلق الأمر بقضايا المرأة أو بغيرها من القضايا المطروحة على المجتمع وتتطلب حلولا آنية، وفي نفس الوقت مضبوطة وناجعة، وتسير في سياق معتقدات المجتمع التي لا يقبل المجتمع الخروج عنها أو تجاوزها لمجرد الاندفاع وراء مزايدات سياسية ظرفية، إذ للقضايا السياسية الظرفية مجالات واسعة ومتعددة وفيها متسع للمبادرات البناءة والخلاقة في نفس الوقت.

أما ما يتعلق ببناء الأسرة والمجتمع فإن الأمر يقتضي التـأني والدراسات العميقة والاستفادة من تجارب الغير وأخطائه، ومن أخطاء التجربة الوطنية إذا كانت هناك أخطاء وكل أبناء آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

وقد امتاز المجتمع المغربي وقادة الرأي فيه منذ بدأ أمر الدعوة إلى إنصاف المرأة والرقي بها وبمستوى المجتمع إلى المكانة المناسبة بالروية والاتزان مما جنب المجتمع المغربي في هذه القضية كما في كثير من الأمور والقضايا المزالق والقلاقل والفتن التي واجهت مجتمعات أخرى.

لقد عرفت مجتمعات عربية وإسلامية في معالجة المسألة النسائية متاعب كثيرة لأنها لم تعالج بالشكل الذي اختاره المغرب وقادة الرأي فيه، وتاريخ ما سمي بتحرير المرأة عرف مسارا أعطى نتائج عكسية، فالتاريخ يحدثنا عن مواقف بعض المسؤولين في العالم الإسلامي في موضوع (السفور والحجاب) كما كان يسمى ما جعل النساء يثأرن له بعد عقود من السنين، لقد كان رد فعل المرأة في أفغانستان وفي إيران على المسؤولين الذين تصرفوا بتهور هو أن المرأة الإيرانية كان شعارها في الثورة الأخيرة 1979 هو الشادور الذي نزعه (الشاه) في بداية توليه الحكم عام 1926، وكان تحدي المرأة التركية للقرار القمعي “للأتاتورك” لانتزاع حجابها هو انخراطها الكامل في النضال طيلة مرحلة مقاومة التطرف العلماني في تركيا، انحيازها إزاء دينها ومعتقدها رغم كل شيء، وكان رد الفعل في كل البلاد الإسلامية هو ما نراه اليوم في تصدر المرأة للحراك الثوري والشعبي من أجل الأصالة والمعاصرة الحقيقية التي تضع الأمور في نصابها وفي مكانها الصحيح.

وإذا كان المجتمع المغربي قد سلم لحد الآن من هذه الردود العنيفة فإن ذلك يرجع إلى حكمة وتبصر المسؤولين سواء أثناء الكفاح الوطني أو بعد الاستقلال والتحرر من الاستعمار.

ويعتبر هذا جانبا مهما من الخصوصية المغربية، وهذه الخصوصية تفرض عدم استنساخ تجارب الآخرين التي قادت إلى ما يعرفه الخاص والعام في كثير من الدول العربية والإسلامية.

وأود في هذه المناسبة أن أذكر بدور رجل من الرعيل الوطني الأول الذي كان له إسهام بارز في بناء نهضة المرأة المغربية، وتوجيه الفتاة في المدرسة وفي النادي وفي الخلايا الوطنية توجيها إسلاميا خالصا ليس فيه جمود وليس فيه جحود ولكنه سعى باستمرار للتطور في تؤدة وحكمة وهو من بين الذين فتحوا الباب بداية لتعليم المرأة ولتسهم في بناء مجتمع مغربي جديد. نال فيه الرجل والمرأة حظهما من التعليم والتكوين إنه الأستاذ أبو بكر القادري الذي تحل هذه الأيام الذكرى الثانية لوفاته، وفي مناسبة سابقة تناولنا بشيء من التفصيل كتابه: “دفاع عن المرأة المسلمة” وهو دفاع مبني على الإقناع والحجة، والتصدي للتطرف والإفراط والتفريط رحمه الله وغفر لنا وله.

********

– عود على بدء:

كانت مناسبة مرور سنة على مدونة الأسرة فرصة لعقد مجموعة من الندوات واللقاءات لتقويم سنة كاملة من التطبيق، وقد ساهمت في النقاش الدائر حينها، وفي هذه السنة، تجرى لقاءات وندوات للتقويم ولكن بعد مرور عشر سنوات، ومعنى هذا أن كثيرا من الأفكار التي أستعرضها في حديث الجمعة اليوم هي بث تلك السنة الأولى، ولكني عندما قرأتها من جديد وجدت أن الأمور ربما لا تزال كما هي ولذلك فإنني أعيد نشر هذا الحديث مع بعض التحيين اللازم وهي فرصة للتذكير بالنسبة لمن سبق له قراءة الموضوع وفرصة للإطلاع لمن لم يسبق له ذلك وفي جميع الأحوال فإن الذي تغير هو السنوات أما الواقع فلا يزال هو هو وربما زاد الأمر سوء لأن من لم يتقدم يتأخر وقد قدمت حينها لذلك الحديث بمدخل ورد فيه الأسباب والظروف التي كتب فيه، وهي أوردها كما كتبت آنذاك وإن كان فيها ما يوحي إلى التكرار ولكنه دعت إليه الظروف والأمانة في التذكير بذلك وجاء في هذا المدخل:

– تذكير:

كانت لدي فكرة كتابة بعض السطور حول مرور سنة على العمل بمدونة الأسرة، لاسيما وقد عقدت عدة ندوات حول هذا الموضوع وكان لي حظ المشاركة في إحدى هذه الندوات التي نظمتها منظمة المرأة الاستقلالية بمدينة مكناس وألقيت عرضا لعلي أشرك القراء في بعض الأفكار الواردة فيه في فرصة أخرى، وقد تقوى لدي العزم في الكتابة عندما حررت حديث الجمعة في الأسبوع الماضي ولمحت فيه إلى نضال المرأة من أجل نيل حقوقها السياسية والاجتماعية والقانونية…الخ إلا انه طرأ طارئ كاد أن يصرفني عن التفكير مؤقتا في الموضوع ذلك أنني استمعت إلى خطاب بليغ ومركز من أحد خطباء صلاة الجمعة تناول فيه بطريقته وأسلوبه الخاص موضوع الهجمة التي يتعرض لها القرءان مستحضرا في نفس الوقت افتراءات مسيلمة الكذاب مقارنا بينها وبين مسيلمات العصر. إذ هم متعددون.

– هجوم مستمر:

ولا شك أن الأمر لا يزال على ما كان عليه منذ تسع سنين، بل ازداد أمر الهجوم على الإسلام والمسلمين، وانضاف إلى المهاجمين والمشيعين الخصوم السياسيين للحركات الإسلامية لأنها تمكنت من الحصول على أصوات الناخبين التي أهلتها لتتولى الصدارة في المشهد السياسي في بعض البلدان العربية والإسلامية وبالعودة إلى ما قلته في تلك السنة أجدني كتبت ما يلي:

– مفارقتان:

والواقع انه كان مرور سنة على صدور مدونة الأسرة فرصة للتقويم واستعراض ما يمكن أن يكون قد ظهر من فجوات وثغرات وسلبيات، وإذا لم تكن هناك إحصائيات دقيقة فيمكن ملاحظة مفارقتين عجيبتين في الموضوع أولا هما أن الولاية بقي وضعها على ما كان عليه الأمر قبل المدونة الجديدة وما يعني أنها تشريع للاحتياط وكان ما في المدونة القديمة كفيل بهذا الاحتياط، ومعناه انه لم يكن طرح الموضوع بكل تلك الحدة التي طرح بها أثناء الإعداد لتعديل المدونة القديمة. الأمر الثاني هو تزويج الفتيات دون سن الرشد القانوني وليس الرشد الشرعي، فالشرع كما هو معروف يحدد البلوغ بأمور من بينها بلوغ المعني ثمانية عشر سنة وذلك ما يعبر عنه بالحلم في مسألة السن القانوني الذي حددته المدونة ببلوغ ثمانية عشر سنة يصعب إدراكه وفهمه أو إيجاد مبررات لقبوله لأنه في العمق يرجع إلى الثقافة السائدة في المجتمع والمبنية على اعتبارات كثيرة من بينها أساسا أن الشرع لا يحتم هدا الأمر، وأن الهدف هو بناء الأسرة وليس إمساك البنات في البيوت.

– نتائج عكسية:

والأمر الثالث هو أن نسبة الطلاق لم تقل على ما كانت عليه إن لم تكن زادت رغم تضارب الإحصاءات والمشاكل المترتبة عليه ازدادت في بعض الأحيان كما أن الزجر الجنائي ليس حلا على حساب رأي بعض المحامين الممارسين وغير ذلك من الملاحظات التي ذكرها ويذكرها المباشرون للقضايا في المحاكم من محامين وقضاة وعدول، ويمكن متابعة هذا الأمر فيما ينشر من مقالات وأبحاث، وليس المرة الأولى التي يكون فيها التطبيق كشافا للعيوب والمحاسن، وما يتبع ذلك من سلبيات وإيجابيات، وبالأخص في هذا المجال الذي يخضع لجوانب نفسية وذاتية ولا أقول الأهواء والنزوات.

– وضع لم يتحسن:

ولقد تبعت كذلك ما نشر وكتب وقيل حول المدونة بعد عشرة أعوام من التطبيق الفعلي ووجدت أن الأمور استفحلت أكثر من ذي قبل، وأن بعض الناس بدأوا يفكرون في إعادة النظر في بعض القضايا والأمور، وهو أمر إذا حصل لن يزيد الأمر إلا تعقيدا، والمطلوب هو التوعية والتوجيه وإظهار حس النية تجاه معتقدات الأمة وقناعاتها الثقافية وليس وضع الأمور في إطار الصراع الإيديولوجي أو السياسي أو الفكري لأن أمن الأسرة وتماسكها ومن تم التماسك الاجتماعي أهم وهو ما سعى إليه الإسلام عندما قرر أن الأسرة تبنى على التساكن والتعايش والرحمة والمودة بين مكوناتها.

– الرغبة في الإصلاح:

ومهما يكن فالذي ساقني إلى كتابة هذه السطور هو ما اشعر به من رغبة في الإصلاح وعاطفة نحو الأسرة والمرأة المغربية وهمومها. وقد قادتني هذه الرغبة والعاطفة منذ حوالي أربعين سنة إلى إلقاء محاضرة في موضوع المرأة المغربية أمام تحديات الحضارة المعاصرة في ثانوية مولاي إدريس بفاس أولا وكان لها الصدى الطيب آنذاك مما جعل الإخوة يطلبون مني إعادة تقديمها في أندية وملتقيات متعددة وقد كان وضع المرأة آنذاك غير مطروح بالحدة التي يطرح بها الآن وان كان وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية كغيرها من المجتمعات أثير حوله كثير من النقاش المستمر.

– تباين الآراء:

لقد كان ولا يزال موضوع تجاذب الرأي والرأي المضاد فكنت تجد من بين الرجال والنساء من يدافع عن رأي وفي مقابله جماعة أخرى من رجال ونساء تدافع عن رأي مقابل، كما كانت المبالغات من طرف تقابل بمبالغات من الطرف الآخر، ولا يزال الأمر على هذا النحو حتى الآن والصراع في البلاد الإسلامية في موضوع المرأة وحقوقها ليس صراعا بالأصالة ولكنه صراع بالتبعية، فالغرب يتم فيه الأخذ والرد بناء على معطيات حضارية وبيئية وثقافية وتاريخية معينة، وهي ما ليس له جذور في المجتمعات الإسلامية حيث الخصوصية ثابتة في هذا الموضوع، ولكن البعض في البلاد الإسلامية يصر على أن ينهج نفس النهج مهما يكن الأمر لأن القناعة بأن الغرب وثقافته وحياته لدى البعض خير كله، وفيه مصلحة ثابتة وهذا أمر غير سليم والأخذ به سيزيد الأمر تعقيدا والغربيون أنفسهم يحاولون إصلاح ما يرون ضرورة إصلاحه والتراجع عن الأخطاء.

– النساء في الفكر السياسي:

وأجدني هنا مستوفا بالإتيان ببعض ما جاء في أحد الكتب التي تتناول مشاكل الصراع بين الرجل والمرأة في الغرب مع الرجوع إلى جذوره الفلسفية والتاريخية بعنوان: “النساء في الفكر السياسي الغربي” تأليف باحثة أمريكية وترجمة (أمام عبد الفتاح أمام) ومما جاء فيه من بين الآراء الرائجة والتي تعرضها مؤلفة الكتاب في شأن دور المرأة والأسرة وما يترتب عن ذلك من الإخلال بالمساواة التي يطالب بها بعض أنصار المساواة المطلقة: فليس غريبا أن يطالب قطاع عريض من أنصار المرأة المعاصرين بإلغاء الأسرة على اعتبار أنها مؤسسة طالما أسهمت في قهر النساء، فإن “أوكلي” –على سبيل المثال- تهاجم الأسرة نفسها، كما أنها لا تتورع عن مهاجمة تحليل “بارسوت” لها، حيث تقول:

– إلغاء مؤسسة الأسرة:

إن إلغاء دور ربة المنزل، وذلك الافتراض التلقائي بأن دور المرأة هو تربية الأطفال- هي خطوات ضرورية في اتجاه تحقيق المساواة التي تنشدها النساء. وإن كانت هذه الخطوات هي في حد ذاتها ليست كافية، ذلك أنه ينبغي إلغاء مؤسسة الزواج أيضا، لأنها معوق أساسي في سبيل المساواة بين الجنسين في مجال العمل”. على أنني أتفق أنه –وفي الظروف الحالية- فإننا إذا ما نظرنا إلى أوضاع العمل والزواج نجد أن الزواج فعلا هو “معوق أساسي” ويؤكد ذلك على سبيل المثال أن نسبة النساء العاملات في إنجلترا من بين من لم يتزوجن تفوق نسبة الرجال الذين يحترفون العمل بثلاث بل بأربع مرات. على أن هذا ليس معناه أنه بالنظر إلى التغيرات الجذرية التي طرأت على هياكل وظروف العمل، فإنه يستحيل تواجد هيكل أسري معدل متوافق مع المساواة بين الجنسين في المجال المهني.

– تحرير النساء من الإنجاب:

وتخطو “شولاميث فايرستون” خطوة كبيرة أبعد في هذا الاتجاه بتطلعها إلى ذلك اليوم الذي لا يتم فيه القضاء على مؤسسة الزواج فحسب، بل وتحرر فيه النساء تماما من الحمل والإنجاب فكما أشرنا، فيما سبق، فإن “فايرستون” لديها الحق في القول بأن الأسرة: “قد ساهمت في تأصيل الفئوية الجنسية من منطق بيولوجي” وأن “هيكل الأسرة هو مصدر للقهر النفسي، والاقتصادي، والسياسي للمرأة”. غير أن ذلك لا يعني –من ناحية أخرى- أن نعترف أن أي تركيب أسري هو بالضرورة غير متوافق مع المساواة بين الجنسين.

– الطبيعة واللامساواة:

وفضلا عن ذلك فإن “فايرستون” ترتكب الخطأ نفسه الذي وقع فيه معظم مناهضي حقوق المرأة وهو اعتبار دور المرأة في المنزل، والمتعلق بالضرورة بالإنجاب من الناحية البيولوجية، وتؤكد على ذلك بقولها: “إن الطبيعة هي التي أوجدت اللامساواة الجوهرية، إذ يتعين على نصف البشر أن يقوموا بولادة وتربية أبنائهم جميعا”. وتنتهي “فايرستون” إلى أن الطريقة الوحيدة لتحرير المرأة هي أن يحل الإنجاب الصناعي محل الإنجاب الطبيعي خلافا لما يقوله أعداء تحرير المرأة من أن دور المرأة المتعلق بجنسها لا يمكن الاستغناء عنه. (ص من331 إلى 333).

– التبرم بالمرأة:

إلى هذا الحد وصل الأمر بهذه المرأة من زعيمات الحركة النسوية بحيث تضيق بوضع الأمومة إلى الحد الذي تدعو فيه باستعجال إلى ابتكار طريقة للإنجاب الصناعي وما يستلزم ذلك من حمل ورضاعة حتى لا يتخذ هذا الإنجاب مطية للتمايز بين الرجل والمرأة، وذكرني رأيها برأي أولئك النسوة اللائي عقدن مؤتمرا سنة 1945 بمصر طلبن فيه بحذف نون النسوة من اللغة العربية لأنها تشعر بالميز كما تبرمن من الحمل والرضاع وكتب عزيز فهمي قصيدة في هذا الموضوع ساخرا ومما جاء في القصيدة:

– نون النسوة:

هل أتاك حديثهنه
هذا القرار وثيقة
النون تخدش سمعهـ
النون فرض كفاية
الميم أحسم للخلا
بريء النساء من الأنو
عفن الخباء وما الحيا
عبء الأمومة فادح
حسب العقائل ما احتملـ
ما للغواني والرضا

– المرأة والمشاعر:

النون ليست نونهنه

أفصح وذكر جمعهنه
ـن… وما أرق شعورهنه
يكفي النساء فروضهنه
ف، فلا تثيروا كيدهنه
ثة مذ ملكن قيادهنه
ة إذا لزمن خدورهنه
حسب العقائل حملهنه
ـن، وما حملن من الأجنة
عة؟ إن هذا الفرض سنه

هكذا يعبر هذا الشاعر بسخرية عن هؤلاء النسوة اللائي ثرن على وضعهن وسعين إلى تغيير اللغة وطبيعتها، وبالمناسبة فإن الشعر واكب تطور المرأة في مطالبها وأحوالها تارة بالتأييد وأخرى بالتصويب وثالثة بالتأنيب الرقيق اللطيف كما جاء في أبيات أحد الشعراء وهو يفاجأ بثوب المرأة يتقلص إلى ما فوق الركبة ولم يملك إلا أن يعبر هذا التعبير الرفيق والمناسب فقال:

لحد الركبتين تشمرين
كأن الثوب ظل في صباح
أتظنين الرجال بلا شعور
بربك أي نهر تعبرينا
يتقلص حينا فحينا
ربما لأنك لا تشعرينا

لا أظن أن الشاعر ينفي الشعور على المرأة ولكنه يثير الانتباه إلى ضرورة الإحساس بمشاعر الرجال وهي على تلك الحال.

– المرأة المغربية محظوظة:

وعلى أي حال فالمرأة المغربية تعتبر محظوظة لأن الحركة الوطنية الاستقلالية المغربية كان على رأسها علماء متفتحون ومدركون لمقاصد الشرع وما قرره الإسلام للمرأة من حقوق وحدده من واجبات في إطار وظيفتها الاجتماعية والتربوية وغيرها لذلك لم تعرف المرأة المغربية صراعا مع هذه الحركة بل إن قادة هذه الحركة وفي مقدمتهم الأستاذ علال الفاسي رحمه الله كانوا من المدافعين عن المرأة وحقوقها وبالرجوع إلى كتاب النقد الذاتي نجد أن ما تضمنه من أفكار ونظريات في إصلاح الأسرة المغربية وحماية المرأة وإفساح المجال أمامها لتلعب الدور المنوط بها يعتبر آنذاك ولا يزال ثورة فكرية واجتماعية بالنسبة لقضايا كثيرة ومتنوعة ومن هذا المنطلق وهذه الروح دافع عن المرأة وعن الأسرة كما تصدى لكثير من القضايا والشبه التي أثارها بعض المتغربين في سنة 1956 وفي كتاب (رأي مواطن) مقالات وردود في هذا الموضوع وقد عمل نفس الشيء آنذاك العلامة المختار السوسي رحم الله الجميع ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انه عندما تفشى بشكل غير طبيعي الزواج المختلط كتب سلسلة مقالات دفاعا عن الأسرة المغربية والمرأة المغربية وبالأحرى المجتمع المغربي. ومحذرا من الآثار السلبية على الناشئة والجسم الاجتماعي المغربي.

– الأفكار الشاذة:

ومهما يكن فإن المجتمعات الإنسانية لا تصلح أو تنجح بالنظريات والأفكار الشاذة وإنما تنجح بالاتزان والروية ومسايرة الفطرة وطبيعة الأمور، والتطرف في الإصلاح كما في غيره قد يولد العكس، و أيا ما كان فإن تطبيق المدونة الجديدة يسير السير الطبيعي الذي يأخذه كل إصلاح ولنضمن له النجاح لابد أن نقوم بخطوات مدعمة له، وهذا واجب المجتمع ولكن على المرأة أن تلعب فيه دور الريادة لقد كان الهدف من العمل لتعديل المدونة هو ضمان العدل وتماسك الأسرة والمجتمع، ولاشك أن هذا لا يتوقف فقط على المنظومة القانونية، ولكنه يتوقف أكثر على العوامل الأخرى المتفاعلة داخل المجتمع.

– القانون لا يكفي:

ومن المؤكد أن بعض التصرفات وأنواعا من السلوك يؤثر سلبا على الإصلاح المنشود، من ذلك تفشي ظاهرتا تناول الخمر والمخدرات وغيرها من المغيبات والمسكرات، وهذا جانب يجب أن توليه المرأة الأولوية في عملها الجمعوي والاجتماعي لحماية الأسرة وحماية المجتمع هناك جمعيات أخذت على عاتقها بعض القضايا والأمور في خدمة الأسرة والمجتمع.

– ما ينقصنا:

ولكن لحد الآن لم نر بين هذا الكم الهائل من الجمعيات من تصدي لظاهرة شرب الخمور وتداولها بين أفراد المجتمع لقد كانت المرأة في فترة الكفاح الوطني تقوم بعمل اجتماعي فاعل مواكب للعمل الوطني وقد تناول الزعيم علال جزء منه في كتابه حديث المغرب في المشرق، واليوم تنشط المرأة مثلا في مجال محاربة الأمية وهذا جيد ولكن من واجبها الأكيد حماية الأسرة في الخمر هذه الآفة التي تنخر كيان المجتمع في كل المجالات المادية والمعنوية فميزانية الأسرة يذهب جزء كبير منها في هذا الأمر الضار. والأطفال يصيعون في تربيتهم وتمدرسهم. وكثير من حالات الطلاق تأتي من جراء هذا وكذلك الكثير من الجرائم، وستقوم المرأة المغربية بدور بناء وفاعل في تقدم المجتمع وتطوره التطور الإيجابي فيما إذا تحركت ونشطت همتها لتأسيس جمعيات مهمتها الإصلاح الاجتماعي وفي مقدمة هذا الإصلاح حماية الأسرة من التفكك والضياع بسبب تناول الخمر والمخدرات، إن التعبئة في هذا المجال مع كل ما تستلزمه هذه التعبئة من وسائل الاتصال وغيرها يعتبر أمرا مطلوبا بإلحاح ينبغي للمرأة المغربية أن تقوم به.

– التقدمية الحقيقية:

إن التقدمية الحقيقية هي السعي لبناء مجتمع قوي صاح لا يترنح بترنح أبنائه بفعل مسكر أو مخدر، إن القضاء على الخمر وسيلة من وسائل الادخار والإنفاق السوي في المجتمع، جيد أن تكون عندنا جمعيات لمختلف الأنشطة الاجتماعية ولكن الأجود من ذلك هو وجود جمعيات تقوم بهذا العمل وتتعهده بالتربية المتواصلة واستعمال كل الجهد الممكن للإقناع فإذا كانت الجهات المسؤولة لحد الآن لا تستجيب لوضع تشريع من شأنه الحد من هذه الآفة فان العمل الجمعوي والفاعل داخل المجتمع كفيل بأن يكون له الأثر الكبير، ويتحقق من خلاله الإصلاح الاجتماعي المرغوب.

– تجربة سابقة:

لقد كانت هناك تجربة كتابة العرائض في هذا الصدد ولكنها لم تستمر ولم تصل إلى مداها، ولذلك ينبغي أن يأخذ العمل منحى آخر لقد اتخذت بعض الدول قرارا بمنع ليس الإشهار فقط للخمر والتدخين ولكن قررت منع عرض الأفلام التلفزية التي تكون فيها لقطات لتناول الخمر أو التدخين، إن الإسلام حرم الخمر وحرم كل علاقة بها زراعة وتجارة وصناعة وتناولا الخ. فهل نقدر المصلحة التي تعود علينا وعلى أسرنا ومجتمعنا عندما نتمكن من تطهيرها من هذه الآفة ونسعى بكل الوسائل الممكنة لذلك انه دور وعلى المرأة أن تلعب دور الريادة فيه.

*أستاذ الفكر الإسلامي

‫تعليقات الزوار

3
  • ANZBAY
    الخميس 6 مارس 2014 - 17:17

    يبدو هذا المقال مفككا.فقد أفقره كاتبه من حيث أراد إغناءه،وذلك بالاضطراب وعدم مراعاة ضعف مناسبة المقام للمقال من حيث الحجم ،وكثافة الإشكاليات المثارة فيه وتشعبها.وتلك انطباعاتي.لكن الأستاذ لايجهل ماذكرت .ولعل ما حمله على ذلك الخيار هو السعي للتوثيق المتيسر أولا وقبل كل شيء.ويستحسن أن يتطرق مستقبلا للمسائل المذكورة في مقاله هذا واحدة تلو الأخرى في مقالات منفصلة ،إن كان لايزال متمسكا بقناعاته "العتيقة". أما إنصاف المرأة فيتطلب منا الكثير من جهاد النفس للتخفيف من أنانيتنا وغرورنا وهواجسنا ووساوسنا ونزوعاتنا التسلطية …مع القيام بذلك كله سرا وعلانية.ولاشك أن الصدق والصراحة يقتضيان تنبيه النساء وتبليغهن بضرورة الدفاع عن أنقسهن بأنفسهن وعدم الركون والوثوق بالغزل الحقوقي لأي رجل.فكثير من الرجال يدافعون عن حقوق نساء افتراضيات وليس عمن يعايشنه.فلا زالت الرجولة عندنا يبرهن عليها بهضم ما تيسر من حقوق المرأة في الفضاءين العام والخاص.وقد بلغتكن عيوبنا ،فتيقظن وإلا فلا تلمن إلا أنفسكن!!

  • marrueccos
    الخميس 6 مارس 2014 - 19:39

    كيف ل " علال الفاسي " أن يدافع عن المرأة وهو من دعى إلى تجريدها من حقها في لغتها الأصلية ! أم كان يصنف ويقيس حديثه على نوع من النسوة بمواصفات خاصة !
    نصت المدونة على عدم تزويج القاصرات قبل عقد تقريبا ، ولم يتبعها قانون يجرم تزويج القاصرات ! الأدهى أن نوابنا أجازوا تزويج القاصرات بطريقة غير مباشرة إذ ترك للقاضي حق النظر بأهلية زواج قاصر ! فهل الأهلية هي بنية القاصر أم عقلها ؟ إن كان عقلها فلماذا لا تحمل المسؤولية الجنائية بإعتبارها راشدا زد على حقها في المشاركة في الإنتخابات !!!
    جسد المرأة ملك لها وهي حرة في إختيار من يسكن رحمها ! فلا إجبار للمغتصبة على إحتضان إبن مغتصبها ! هذه الحالات وغيرها ؛ إن توفرت حريات في البلاد الإسلامية ؛ ستدفع بظهور نساء يفتحن أرحامهن للأنابيب ! مع إزدياد العانسات !
    بالأمس أجريت أول عملية زراعة الرحم لمرأة لا تستطيع الإنجاب داخل فنلندا ! فما هي الإشكاليات التي ستثيرها ؟ عن هوية المولود ؟ هذا إجراء يستتبع ظاهرة كراء الأرحام للأزواج العاجزين عن الإنجاب . هل ستبقى هذه الظواهر بعيدة عن المجتمع المغربي مع العلم أن عمليات in vitro أصبحت عادية ببلدنا !

  • dadas
    الجمعة 7 مارس 2014 - 12:22

    أولا حقوق المرأة في ثروات البلاد. حرية المرأة مرهون بحرية الرجل. مبدئيا أغلبية المغاربة ضد ما جاءت به المدونة الأسرة في جل موادها كحق المرأة بتطليق زوجها لو كان زوجها قائم بكل واجبات الزوجية في مادة 94 ومادة 97. وتعدد الزوجات. والإدن بالزواج والطلاق في سلطة القاضي. لا لتبعية الغرب فهم لهم: إباحة ممارسة الجنس خارج موسسة الزوجية ولو حتى للقاصرين والقاصرات أمام أعين أبائهم وهم في سن 14. الحق للعازبة بتلقيح في المصحة لتكون أم للمولود بدون أب. وزواج الرجل بالرجل والمرأة بالمراة لهم الحق في تبني ودفتر الحالة المدنية.
    تبعية العمياء لانريدها للغرب خاصة فرنسا وأمريكا. لما لا تكون التبعية في حماية الأسر الضعيفة الدخل …

صوت وصورة
أحكام قضية الدهس بالبيضاء
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:58

أحكام قضية الدهس بالبيضاء

صوت وصورة
معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:55

معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 3

احتجاج بوزارة التشغيل