حقوق الإنسان بالمغرب فوق المزايدات والحملات الممنهجة التي تستهدفه

حقوق الإنسان بالمغرب فوق المزايدات والحملات الممنهجة التي تستهدفه
الأربعاء 5 مارس 2014 - 19:18

إن التعذيب فعل لا إنساني وحاط من الكرامة لا يمكن إلا أن يثير الاستنكار والإدانة سواء من لدن المدافعين عن حقوق الإنسان أو من قبل الدول العصرية التي ينبغي أن تعمل على مناهضة كل أنواع المعاملة الحاطة من الكرامة الإنسانية وعدم الإفلات من العقاب، ، لتنتصر لشرط الإنسانية، وللمصداقية.غير أن الأمر يكون عكس ذلك عندما يتعلق الأمر بتوظيف لورقة حقوق الإنسان لإغراض غير نبيلة، و كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية والجيوستراتيجية.وكثير من الدول التي تنتهك حقوق الإنسان لا تشكل موضوع انتقاد لا من طرف الدول الغربية الحليفة، ولا من قبل المنظمات الدولية والفاعلين الدين يدعون الحياد والموضوعية.

للقول انه في زمن الرأسمالية الصناعية، يكفي التوفر على ثروات طبيعية ونفطية، كالبترول والغاز، ليشترى صمت الجميع تقريبا للتستر على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.وبالمقابل، فان أموال طائلة تصرف لوجيه الانتباه لبلد كالمغرب، وهو البلد الذي يسجل تقدما مهما في مجال حقوق الإنسان من بين دول المنطقة.

وفي المغرب، عمل المناضلون الحقوقيون منذ سنوات على دفع الدولة على الانفتاح، وتقديم الحساب، والإدانة الصارمة لكل التجاوزات، ضدا على بعض الجهات المحافظة التي تحن للماضي وللإيديولوجيات التوتاليتارية التي تعتبر حقوق الإنسان والحرية والمساواة أشياء خطيرة ولا تتماشى مع قيمنا.ومع ذلك، يمكن القول إن مجال حقوق الإنسان ببلادنا ليس مكتملا أو مثاليا.غير أن نضالنا اليومي يصبو لتحقيق الأفضل.

واليوم، من غير المقبول توظيف العدالة الفرنسية لأهداف بعيدة عن الغايات الحقيقية في موضوع حقوق الإنسان.و نود أن نسجل بان القضاء الفرنسي يسجل تباطؤا ملحوظا عندما يتعلق الأمر بملفات مهمة، وعندما يتعلق الأمر بادعاءات غير موثوقة، يتجند ويتحرك بشكل مثير ضد المغرب ولو بخلق أزمة دبلوماسية بين البلدين..

ولنا،بالمناسبة، أن نذكر، بالعودة الى التاريخ، بأن فرنسا لها السبق في تلقين تقنيات التعذيب ونقلها لبلادنا خلال فترة الحماية سواء بتعذيب المغاربة المطالبين بالاستقلال، أو بتعليم تقنياتها لبعض الأجهزة، وهي التقنيات التي مورست لسنوات طوال خلال مرحلة الجمر والرصاص.

ومع الأسف لم تعمل فلسفة الأنوار، ولا أفكار جان جوريس، أو إميل زولا، أو حتى أفكار روني كاسان، ولا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على وقف الاستنطاق العنيف والوحشي الذي ظلت تمارسه الأجهزة الفرنسية في حق المغاربة الى غاية 1955.وقد باشرت الأجهزة الأمنية الفرنسية والمغربية التنسيق فيما بينها لفترة طويلة لما بعد الاستقلال.

لقد قرأت باهتمام بالغ كتاب دانيال كيران “قتلة بنبركة” ، وكتاب لوسيان امي لوبلان” الواشي والعميد” و “مذكرات بيير كلوسترمان” ، وأعمال أخرى في إطار اشتغالي في هيئة الإنصاف والمصالحة،ومباشرتي لملف اختطاف ، واغتيال الزعيم السياسي المهدي بنبركة، وهي الأعمال التي تنطق بكثير من الحقائق بخصوص كيفية اشتغال الاجهزة السرية للدولة الفرنسية آنذاك ؟..ومع توالي الأيام والشهور، اكتشفت أن بلاد الأنوار استمرت في تعذيب مواطنيها خلال السبعينات، وأنها قادت انقلابات عسكرية في مستعمراتها القديمة.وهذا “الاكتشاف” أفزعني على الرغم من أنني –بمعية أفراد عائلتي- اكتوينا بسنوات الرصاص بالمغرب، وكنت أرى في فرنسا مدافعا عن حقوق الإنسان بدون منازع.

وعند استضافتي في قناة “أنتين2” خلال برنامج “ريزستونس” رفضت المشاركة في البرنامج بوجه متخف لتقديم شهادتي على الرغم من المخاطر التي كانت تعتمل هذا الأمر.وفضلت المشاركة بوجه مكشوف.

واليوم،أود مرة أخرى،القول بصوت مرتفع بان بلادنا عرفت في الماضي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وعرفت المعتقلات السرية الرهيبة ” تازمامارت” و”قلعة مكونة” و” اكدز”…..ومعارضون كثيرون قضوا نحبهم، وآخرون مازالوا يحملون جروحا جسدية ومعنوية بليغة.وخلال سنة 1999،اقتنع العديد من المناضلين ضحايا سنوات الرصاص بإرادة الدولة من اجل إطلاق مشروع المصالحة والإنصاف ، وعلى رأسهم الراحل إدريس بنزكري الذي قضى 17سنة من حياته معتقلا بالسجن المركزي بالقنيطرة، والذي كاد يفقد الحياة خلال شهور التعذيب التي قضاها في درب مولاي الشريف. وقد مكنت هذه الهيئة من قراءة تاريخ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقد تشرفت أن أكون ضمن هذه المجموعة.وعند استخراج رفات ضحايا انتفاضات1981 من مقبرتين جماعيتين بالدار البيضاء، خاطبني احد المسؤولين الكبار في الدولة قائلا ” لم أكن أفهم إصراركم على معرفة الحقيقة، واليوم أعتقد أنني فهمت لماذا”.

لقد كان من اللازم الوقوف على فظاعة ما جرى في الماضي لكي لا يتكرر ذلك في الحاضر.

وشهورا بعد المصادقة على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من قبل الملك، تم توقيع اتفاقية بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان(المجلس الوطني حاليا) ووزارة الداخلية لتاطير وتكوين المسؤولين المكلفين بإعمال القانون، في مجالات حقوق الإنسان، ومناهضة التعذيب.وقد كنا ندرك بأن مناهضة التعذيب ليس مسالة طموح فقط، بل هي أيضا عملية مرتبطة بضمان شروط التكوين، وألاليات الكفيلة بتحقيق ذلك.وبعد مصادقة المغرب على البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب ، فان المغرب يقبل التعاون مع الأمم المتحدة،ومع مبعوثين خاصين لحقوق الإنسان. وتظل التوصيةبايجاد آلية وطنية مستقلة لمناهضة التعذيب مشروعا مطروحا. مع ما يعني ذلك من إمكانية معاينة وزيارة مراكز الاعتقال بشكل فجائي.

وعليه، فان المغرب قطع أشواطا مهمة في مناهضة التعذيب على المستوى التشريعي والمعياري، وحتى في الواقع أيضا.ناهيك عن كون الدستور الجديد انسجاما مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بنص على أن التعذيب بكافة أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون.

هذه المعطيات تقدم عناصر لفهم الموقف المغربي الذي اختار الانخراط على أعلى مستوى في الدولة في مسار احترام حقوق الإنسان والكرامة البشرية.غير انه يستنكر كل الحملات الممنهجة التي تستهدفه بخصوص هذا الملف بالضبط. وهي حملة مدبرة مرة أخرى من قبل بلد لا يحترم أدنى حقوق الإنسان ، وما زال التعذيب والاختطاف والاحتفاء ألقسري أمورا سائدة فيه اليوم ، في نظام دكتاتورية عسكرية ما زال يصر على معاكسة المغرب.

وإننا إذ نرفض بشكل كلي هذه التحركات التي تستهدف بلادنا ، نود التذكير بأن جهل الحقائق أمر خطير. وقد سبق لي أن التقيت السيدة ميتران ، وهي التي كانت تدافع بشراسة عن استقلال الصحراء، إلى حين زيارتها لتندوف حيث ستكتشف الرعب والفظاعة.

‫تعليقات الزوار

9
  • Karim
    الأربعاء 5 مارس 2014 - 22:57

    أنا شخصيا أعتقد أنها مخططات مدبرة من الدول الغربية تجاه المغرب من أجل تقسيمه وإضعافه فوجب أخد الحيطة والحذر لان السياسة ليست فيها شيء إسمه الصداقة ويبقى الغرب دائما دول مستعمرة و محتلة. فمن دمرة أفغانستان والعراق واليمن وليبيا ويقتل المسلمين في جميع أنحاء العالم ولا يعرف إلا القوة العسكرية والاقتصادية وحجم الأموال كامعيار للصداقة لا تنتظروا منه أن يكون حياديا مع المغرب  

  • عابد
    الأربعاء 5 مارس 2014 - 23:12

    مسارات حقوق الانسان عرفت تطورات مهمة. والمغرب مطالب بعدم الرجوع الى الوراء.والمفروض استثمار المكماسب في الدفاع عن قضايانا العادلة.

  • mouatine
    الأربعاء 5 مارس 2014 - 23:42

    Je voudrais seulement poser la question suivante au responsables français .Vous parlez des droits de l'homme et vous êtes les premiers à l'ignorer quand il s'agit des payés arabes et africains vous êtes les premiers tueurs en Irak en fghanstans en tripolie en Tunisie au Mali au Niger et la listes et grandes .j'attire l'attention de ceux de loins comme au voisins que les marocains d'aujourd'hui ne sont plus ceux d'avant , nous sommes plus des naïf et notre dignité est avant tout.

  • الحائر
    الخميس 6 مارس 2014 - 00:00

    الهدف من الاستقلال هو تحرير الارض من النهب والسرقة وتحرير الشعب من الاستعباد ورفع يد المستعمر عن قمعه وتعذيبه والغاء كل الوسائل التي مورس بها القمع والتعذيب. فحين تم تحرير اروبا من قبضة النازية تحررت الارض والشعوب ولم تعد المانيا تفتي على جيرانها ما يمكن القيام به لترويض الشعوب الاروبية. اما ان نبقى نشير باصبعنا لهذا وذاك بعد 60 عاما من ما يسمونه بالاستقلال فمعذرة ياسيدتي.

  • عايغ
    الخميس 6 مارس 2014 - 00:10

    بلا…بلا…بلا…لا توجد ادنى حقوق للانسان في مغربنا الحبيب,حقوق الانسان ليست الاكل والشراب والنوم

  • amazigh - zayan
    الخميس 6 مارس 2014 - 05:16

    لدي سؤال واحد لم أجد له جوابا شافيا:لماذا يبلع الحقوقيون ألسنتهم عندما تقتل إسرائيل الفلسطينين وتصب عليهم الأسلحة الفسفورية من السماء، نفس الشيئ مع أمريكا وما فعلته في العراق وأفغانستان والغريب المظحك أن الحقوقيون عندنا باركوا انقلاب مصر وقتل العسكر للالاف من الشيوخ والنساء والأطفال.
    كاتعجبونا غير فالتفاهات كالدفاع عن الشواذ والعاهرات ووكالين رمضان واصبحتم مختصين في إثارة النعرات الطائفية وإشعال الفتن والتطبيع مع المجرمين.

  • marrueccos
    الخميس 6 مارس 2014 - 11:04

    الحرب العالمية على الإرهاب كشفت بالملموس أن إستنطاق المعتقلين لم تتوفر فيه شروط ضمانة سلامتهم الجسدية فتعرضوا للتعذيب في الولايات المتحدة الأمريكية ( كونتانامو ) ؛ إسبانيا ؛ بولونيا حتى داخل القواعد الأمريكية في ألمانيا ؛ تشيك … والقائمة تطول ! لم يسلم المغرب من هذه الظاهرة ونقل عن مصادر موتوقة تعذيب بعض المتهمين بالإرهاب ! هل لا يزال العمل بالتعذيب لتحصيل أدلة مستمر داخل المغرب وقد جرمته قوانيننا ؟ وحده تحقيق نزيه يمكن أن يحسم في القضية ؟ دون مزايدات من أحد لتحقيق هدفين ؛ أولهما إخراص أصوات الخارج التي تطل بين الفينة والأخرى متهمة السلطات بممارسة التعذيب ! ثانيهما وقف ماكينة إنتاج المعذبين ( إن وجدوا ) داخل المغرب ! أي تحقيق في هذا الشأن سيجبر بعض المتهورين على التوقف عن إعمال ساديتهم ضد المغاربة ! ببساطة لكونهم سيدركون أنهم ليسوا بمنأى عن المساءلة والتحقيق معهم بالتالي عدم إفلاتهم من العقاب !

  • ناس حدهوم أحمد
    الخميس 6 مارس 2014 - 21:45

    حقيقة أن بلدنا لم يعد كما كان خلال زمن البصري أو أفقير ولكن
    للأسف الشديد مسألة حقوق الإنسان لا زالت ناقصة سواء إقتصاديا أو إجتماعيا أو فكريا وعقائديا ولا زال الطريق طويلا أمامنا ولكننا سنصل ولو بعد عناء وعذاب وبذل التضحيات . فالمغرب رغم كل شيء
    فهو يتميز عن كثير من البلدان العربية الأخرى . المغرب له رجاله الأوفياء الشرفاء الأحرار . ولكي نصل إلى الهدف علينا أن نربي الأجيال
    للمستقبل وتدريس حقوق الإنسان ومواثيقها للناشئة ونلقنها لهم عبر مناهجنا الدراسية في المرحلة الإبتدائية والإعدادية والثانوية ثم بشكل
    أقوى بجامعاتنا . هذا أولا . والمسؤولية يجب أن يتحملها أناس متشبعين ومؤمنين بهذه المواثيق . وتخليق الحياة السياسية وترميم الأحزاب وتنقيتها من الإنتهازيين وما أكثرهم في حياتنا السياسية
    ووضع برامج إعلامية من شأنها الإرتقاء بالوعي الإجتماعي إلى المستوى المطلوب ومحاسبة المفسدين واللصوص للحفاظ على المال العام وتعزيز الحريات العامة ودعمها بالقضاء والعدالة الإجتماعية.

  • R&D
    الجمعة 7 مارس 2014 - 03:02

    إلى 6 – amazigh – zayan

    الله يعطيك الرضا والله يعطيك الصحة فقد نطقت بما عجزت عنه.

    أجيبي السيد أيتها الرويسي أم أنت تتناولين الوجبات الفرنسية وما عليك إلى أن تباركي طعمها

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 6

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس