سيدتي..عيد سعيد

سيدتي..عيد سعيد
السبت 8 مارس 2014 - 11:15

سيدتي…

لازلت على عادتي القديمة، أفرغ ما في جعبتي بهذه المناسبة الغالية كي أجدد انتمائي لسلالتك الشريفة، من دون أن أجعل منك موضوع خطاب ايديولوجي أو نموذجا للتحليل أو قراءة في المنهج و الأدوات التي تتداخل و تتقاطع و تتطابق، و تطرحك كإشكالية جنسوية.

في هذه الذكرى الغالية، أريد فقط أن أستحضر انتمائي لحظيرتك من دون الإدلاء بأوراق الاعتماد و جواز السفر، و من دون شهادة حسن السيرة و السلوك، أو نسخة من سجلي العدلي، أو نسخة من شهادة رد الاعتبار، كتلك التي تسلمتها من قصر العدالة بفاس، بعد رجوعي من فرنسا (سنة 2007)، حين نطق القاضي بحكم “السماح برجوعي إلى حظيرة الوطن”!

سيدتي…

في هذه المحطة من تاريخك الكفاحي، لن أكلمك في موضوع نشوء و استمرار ظاهرة الخضوع و الهيمنة و تنظيم العمل الاجتماعي، و عدم تعادل علاقات القوى بينك و بين الرجل.
لن أحدثك عن استمرار السلطة العشائرية في زمنك هذا، ولا عن المقايضة و التملك، و لا عن علاقات الإنتاج و التكاثر، ولا عن الخصوبة و العلاقات الجنسية المتباينة، ولا عن التنظيم المنزلي العائلي، ولا عن مكانتك في المؤسسات الاجتماعية و السياسية، ولا عن دورك في المنظمات المجتمع المدني، ولا عن حضورك/وغيابك في الخطاب السياسي..

لن أكتب عن أوضاعك و مشاكلك و حاجياتك الخاصة في الميدان الصحي، و أساليب التوعية، و لن أذكرك بآلامك مع الحمل و الولادة و الوفيات المبكرة و غياب العناية بصحتك الاجتماعية.

كما لن أطرح مطالبك الخاصة انطلاقا من الوعي بخصوصياتك و ما أقرته اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدك.

فقط، اسمحي لي أن أعترف لك أني مشيت إلى جنبك طوال حياتي و لن أتحلى عنك و لن أنسى فضلك علينا جميعا. خاصة أيام كنت عاكفة على ترويض الفجائع، يوم كنت سامقة كأشجار الصنوبرلا تخافين زوار الفجر و سراق اللحظات الجميلة.

سيدتي…

نعم، هذه فرصة على درب الاستمرارية، لمطالبة الدولة بالمصادقة على جميع الاتفاقيات الدولية التي تقر بحقوقك ، والعمل على تجسيد المساواة الفعلية على أرض الواقع، ومراجعة جميع التشريعات التي تشكل خرقا لحقوقك، وتوفير وسائل و آليات حمايتك، و الاهتمام الثقافي بمسألتك، والقضاء كليا على الأمية في صفوفك، وفتح الإعلام في وجهك، و دعم أشكال استقلاليتك المادية و المعنوية.

قضايا متعددة، حولت مسارك و انتماءك الإطاراتي المنظم في نظام و تقسيمات حياتك اليومية. حيث عرفت بكل مشاكلنا اليومية، متطلعة لبناء مجتمع حداثي ديمقراطي، متجاوزة خطاب الطابع الأخلاقي، الإرشادي، المعتمد أساسا على مرجعية سلفية و نكوصية. خاصة و أن السنوات الأخيرة شهدت مرحلة متميزة في عمرنا الحركي و النضالي، كما شهدت ساحة الحراك الاجتماعي ولادتك من جديد على مستوى بلورة عناوين جديدة باتت تتصدر مطالبك العادلة والمشروعة.

سيدتي…

طبعا، لا حاجة للقول أن مشروعك الفكري هو مشروع الحرية، وأن الانهيارات والخيبات، الداخلية منها والخارجية، لن تهز عرشك و لن تقلعك من جدورك.. على العكس، إنها تزيدك يقينا من أن معظم شقائنا منبعه من يكفرك ومن يمقتك ومن يلوث ساحتك بالخرافة و جمود الحركة.

سيدتي…

ما أحوجني لسنوات صبرك و عنادك و مقاومتك الشامخة، حين كان عنف الفجرلا يزال ملفوفا بدياجير الظلام والجهل..ما قبل الانبثاق.

كنت ساعتها أكتب لك رسائلي الخيالية أو المتصوفة مثلك، وكانت خطوطي أنقحها كلما نضجت عبادتي، حتى صارت الكتابة إليك وسيلتي للسفر في المدن المحرمة، ودوائر المربعات المسيجة، بكل أمل و عنفوان.

نعم، إن الأفكار في بساطتها ارتبطت بتطورنا جميعا، خاصة كلما ازداد وعينا الإنساني. و نحن على طريق “سقراط” نمضي لاكتشاف أفكارنا المتصلة بحقائق الوجود. إنها حلقة في سلسلة أفكارنا الإنسانية التي شكلت عقلنا البشري..حيث منذ طفولتنا البريئة و هي دائمة التغيير و التبدل.

و ها هي اليوم ممتدة، باقية، قد تذبل و تنطفئ، لكن انت تظلين ملتزمة بحاضرك، مناصرة لتطلعاتك، و قادرة على هدم الخوف و التخلف وكسر طوق الصمت من حولك.

سيدتي…

في الأخير، لابد أن أعترف لك بأن الحجج المذكورة في ثوابت أصولك ليست من اختراعي، و أنا بريء منها. و حتى مجرد الإشارة إليها لا يشرفني.

لك مودتي، و كل سنة وأنت سعيدة.

‫تعليقات الزوار

3
  • جلال المزغوب
    السبت 8 مارس 2014 - 12:43

    عيد سعيد سيدتي، وكل عام وانت تتألقين في مراتب الحرية، صعودا لا يعرف الكلل، الى ان تدركي مبتغاك: الحرية بدون آفاق! حتى يصبح الشأن كله بين يديك، ويكون الأمر والنهي لك وحدك، تستطيعين عندها ان تردي الصاع صاعين، تخطبي وتختاري الرجل المناسب لك ، ويكون " سكوته علامة الرضا" تعلوا وجهه حمرة الخجل والوجل، يقبل بك مرغما، تغتصبينه ان شئت ، فلا تتركين علامة يقاضيك بها ، وان حاول ذلك تلوحين له بشهادة طبية تثبت العكس، فتساندك كل الجمعيات الشرقية والغربية، تطلقينه ان بدا لك ذلك، ضامنة النفقة عليك وعلى الأبناء، بقوة القانون، مدى الحياة، تسهرين خارج البيت الى طلوع الفجر، فلا يستطيع حينها ان يسألك مجرد سؤال، لأنك تكونين قد قطعت شوطا بعيدا في نيل حريتك!
    رجاء سيدتي اسمحي له هو ايضا ، عندها ، بتخصيص يوم كيومك هذا ويسميه فقط " يوم الذكر " وليس " عيد الرجل"

  • Une Ève parmi mille
    السبت 8 مارس 2014 - 14:23

    Le genre de propos que toute femme aimerait entendre
    Droit au cœur

  • كاره الضلام
    السبت 8 مارس 2014 - 15:12

    المراة دماغنا الايمن و روحنا اليسرى
    المراة نظارة ملونة نرى بها الواقع اجمل
    المراة هي قانون الجادبية الدي اسقط تفاحة آدم
    يقولون ان آدم طرد من الجنة،كيف و قد اخد الجنة معه؟!،حواء هي الجنة
    المراة هي الممتحن(بكسر الحاء)و هي موضوع الامتحان و هي المصحح و الجائزة
    النساء محاولات للوصول الى المراة،النساء تجارب و المراة تكهنات
    طالما يهرب الرجل الخارج عن الحب من قبضة شرطة العشق وفي آخر المطاف يسلم نفسه طوعا لاقرب مركز انوثة
    اعدت المراة للرجل شراب الحب لتتخلص من سطوته،و لكنها نسيت و شربت معه.
    محاولة فهم المراة افساد لسحرها،حينما نطالع قوس قزح لا نتسائل عن معنى اللون الازرق و لا عن فحوى الاصفر و لا عن دلالة الشكل المقوس،ننبهر و كفى
    الرجل يحمي المراة من الاخرين و هي تحميه من الوحدة
    يسعى الرجل الى المجد و حينما يناله يقدمه على طبق من دهب للمراة،غاية المجد رضى المراة
    الرجل هو مالك قاعة الحفلات و المراة هي ضيف شرف حفلة الحياة، هي محور الاشعار و الفنون و كل الاضواء مسلطة عليها
    مجرد النظر الى المراة يستطلب من الرجل الالمام بفنين عريقين:التشكيل و الكوريغرافيا

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 1

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل