اعتادت الحكومات المغربية المُتعاقبة، بين الأزمة والأخرى أن تلجأ إلى شمّاعة كتلة المأجورين بُغية إلصاق كل ما يتخبّط فيه الاقتصادي المغربي من مشاكل، فغالبا ما يتوسّل هذا المسؤول أو ذاك بتضمين كلامه بعض المعطيات “الاحصائية” لكي يبرهن على أن الموظفين في المغرب هم من يثقلون كاهل ميزانية المغرب، وأن الحل الأمثل لتجاوز هذه “المعضلة” هو أن تبادر الحكومة إلى الاحجام عن التوظيف، وتخفيض أجور موظفيها، حتى يتسنى للاقتصاد المغربي الانتعاش، لكن كم هم هؤلاء الموظفون الذي يتسببون في “تأزيم” خزينة الدولة؟ وما هي نسبة الموظفين الأغنياء قياسا إلى باقي الموظفين؟
تفيد الاحصائيات التي أوردها الوزير المكلف بالوظيفة العمومية والمنشورة بموقع الوزارة، بأن ﻛتﻠﺔ ﺍﻷﺟﻮﺭ تمثل 53 ٪ ﻣﻦ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ، حيث تمتص 13% من الناتج الداخلي الإجمالي (PIB) بمعدل 103 مليار درهم سنة 2014. إذ تُظهر المعطيات السالفة الموظفين المغاربة وكأنهم هم من يتحصّل على نصيب الأسد من ميزانية الدولة المخصصة للتسيير. لكن هل حقيقة الأمور هي على هذا النحو؟
فعدد الموظفين نسبة إلى السكان في المغرب لا يمثل سوى 2.3%، وهي نسبة ضعيفة مقارنة حتى مع دول مجاورة من قبيل تونس 3.7%، والجزائر 4.2%، ومصر 6.2%. في حين لا تتجاوز كتلة الأجور في المغرب 860 ألفا، وهو ليس بالعدد الضخم، إذا ما قورن بحوالي 4 ملايين موظف في مصر، مثلا. حيث إذا كانت كتلة الأجور في مصر لا تتجاوز 6% من الناتج الداخلي الإجمالي( ب. ن.ب)، فإن نسبة الموظفين تصل إلى 5,7% ( 4 ملايين) من مجموع السكان، أما في المغرب فإن نسبة الموظفين لا تتجاوز 2% ( أقل من مليون) من مجموع السكان ومع ذلك تكلف المغرب 13% من الناتج الداخلي الإجمالي( ب. ن.ب) ومن هنا يظهر المغرب وكأنه يوظّف أقل و ينفق أكثر . إذ صحيح أن كتلة الأجور تكلف ميزانية المغرب الكثير، لكن الأصح من ذلك، والذي يحاول المسؤولون المغاربة إخفاءه، هو أن معظم الميزانية المخصّصة للأجور تذهب إلى فئة قليلة من الموظفين لا تتجاوز نسبة 2 في المائة؛ حيث تُكلف نسبة أقل من 1% من الموظفين، الميزانية العامة ما يناهز 15 مليار درهم سنويا، أي نسبة 13% من نفقات التسيير والاستثمار لميزانية 2005، وتصل نسبة الموظفين الذين يتقاضون أقل من 5000 درهم 80% ثلاثة أضلاعهم لا تتقاضى إلا أقل من 4000 درهم (بعد زيادة 600درهم). فووفق ما أوردته جريدة لافي إيكونوميك في عدد سابق لها، فإن عدد الموظفين الذين يتقاضون أزيد من 10 آلاف درهم لا يتجاوز 10 في المائة، والذين لهم أجر شهري يفوق 15 ألف درهم لا يتجاوز 2 في المائة.
يتضح إذن، أن أجور الفئات التي تَحصل على مرتبات عليا هي من يثقل كاهل الميزانية وليس باقي الموظفين، فعلى سبيل المثال، يتقاضى جنرال في الجيش مرتبا شهريا يُقدّر بـ 83.000 درهم، ورئيس مجلس النواب 80.000 درهم، وسفير 61.000 إلى 100.000 درهم حسب البلدان، ووزير 60.000 دهم، وكاتب دولة 50.000 درهم( معطيات قديمة) ، فضلا عن المرتبات الخيالية التي يتقاضاها مدراء المؤسسة العمومية، والعمال والولات…
فالخلاصة، هي أن الحكومة مطالبة اليوم بالتوزيع العادل للأجور بين الموظفين المغاربة من جهة، وهي مدعوة لاستيعاب المزيد من الأطر في أسلاك الوظيفة العمومية من جهة ثانية، إذ لا زالت القطاعات الاجتماعية تعاني من خصاص مهول، حيث لا يتجاوز- على سبيل المثال – عدد الأطباء 46 طبيب لكل 100 ألف نسمة (مقابل 70 في تونس و 300 في فرنسا) 10 ممرضين لكل 10 ألف نسمة. وهو ما يجعل منظمة الصحة العالمية تصنف المغرب من بين 57 دولة تعاني نقصا حادا في الموارد البشرية، إذ يعاني المغرب من خصاص في الميدان الصحي لا يقل عن 6000 طبيب و9000 ممرض، ومازالت نسبة الأمية تقارب 50% في بلدنا.
هذا فيما يتعلق بمسالة الوظيفة العمومية، و أما من ناحية إصلاح البنية الاقتصادية والاجتماعية فإن حكومة السيد ابن كيران مطالبة بتوجيه اهتمامها نحو ملفات أكثر أهمية، من قبيل استرجاع أراضي صوديا وصوجيطا من الشخصيات النافذة، واستعادة جميع أنواع الرخص وتحرير الاقتصاد من الريع، وأن تعمل الحكومة إلى سياسة ضريبية أكثر تضامنية كالضريبة على الثروة و عدم استمرار إعفاء الفلاح الكبير من الضريبة، فضلا عن الحسم مع أسطول السيارات التابع للدولة و الموضوع في خدمة الأبناء والزوجات، وذلك الجيش من الأعوان والموظفين الذين يحصلون على أجورهم من الدولة ومع ذلك ويسخرون لخدمة البيوت وأعمال السخرة ومنهم أعضاء الجيش المغربي الذين يشتغلون كالأقنان في ضيعات وسفن ومطابخ بعض الجنرالات؟ ولكي لا نعيد ذكر معطيات أوردناها سابقا، فبإمكان القارئ أن يعود لم نشر في مقال سابق تحت عنوان “الاقتصاد المغربي” بين الأزمة والفساد”.
– باحث في العلوم السياسية
مقال رائع لأنه يميط اللثام عن بعض المعطيات والأرقام المفيدة لمن تهمه الحقيقة المعيشية في بلد المغرب .ومن الأرقام المستفادة أن أجرة المدير العام لأحد الأبناك تفوق المليار سنتيم في السنة فضلا عن التعويضات والجوائز ؛ وإذا صح الخبر فما خفي سيكون أعظم .
عندما تستمع للخلفي في تصريحاته لوسائل الإعلام (قناة الجزيرة بالأمس) لا تملك إلا أن ترثي لحال الحكومة لقد كدت أحفظ جمله وأرقامه -وهو وزير أرقام بامتياز-. كلفتنا زيادة 600 درهم 13 مليارا في كتلة الأجور, رفعنا الحد الأدنى للتقاعد إلى ألف درهم. يقول هذا بنفس الصيغة وكأنك تستمع لتسجيل صوتي والملاحظ يرى أن هذا تم في الأشهر الأولى من عمر الحكومة وانقطع النبع وكملت المهمة. وإذا كان الأمر كذلك فخير للحكومة أن تتقاعد في انتظار انتخابات 2016.
شكرا للأستاذ العلام على مقاله الذي يفضح كذب هؤلاء واستغبائهم للناس
إضافة أخرى يجب ذكرها وهي أن نسبة 13% من الناتج الداخلي الإجمالي (PIB) التي تمتصها الأجور لا يدل على ضخامة ذلك المبلغ بقد ما يدل يدل على ضعف الناتج الداخلي الخام المغربي،
فلو أن النظام الإنتاجي المغربي كان متطورا بما يكفي لكانت نسبة كتلة الأجور الحالية من ذلك الناتج ضعيفة جدا .
إدن كدبة ارتفاع كتلة الأجور تخفي ثلاتة حقائق فاضحة تبين تخلف المغرب اقتصاديا وهيمنة سياسة غير اجتماعية لكل حكومات المغرب وهي:
1_ضعف الناتج الداخلي المغربي نتيجة تخلف اقتصادي كبير وانتشار اقتصاد الريع والإقتصاد غير المهيكل.
2_تفاوتات خطيرة في الأجور
3_ضعف كبير في أعداد الأطر والموظفين وبالاخص في الميادين والخدمات الإجتماعية الضرورية للمواطنين :الأطباء الممرضون المعلمون والأساتذة المساعدون الإجتماعيون……
tu pence que les marocains sons tontonets est pas inteligents ou qoui ,tu fait la diferense avec l'egipte ,tu ne connait pas que les abittans d'egipts 90 millions et maroc 40 millions
وأين الباقون؟:
وأقصد بهم أعضاء مجلسي "بار لمان"…صحيح أن راتبهم لا يسمى قانونيا أجدرا بل تعويضا لكنه سمين للغاية اذ يصل الى حوالي40ألف درهم شهريا، واذا ما أضيفت اليه التعويضات الأخرى كرئاسة لجنة وحضور الجلسات وتعويضات التنقل والاقامة والوقود وووو…..ينمو أكثر…يقبضونه مقابل الكذب على الشعب والتصفيق للمخزن والركوع والخنوع له..وكيف لا يقومون بذلك وهم يقتاتون على ريع امتيازاته؛لو قمت باحصاء بسيط بين الموزظفين البسطاء لأذهلك كونهم جميعا مدينين لشركات القروض وللأبناك…ان المخزن يعرف من أين تؤكل كتف كراكيز المشهد السياسي:سواء كان في دكاكين ما يسمى بالأحزاب أو خالدين في المتاجر التي تسمى بالنقابات أو يسترزقون في كثير من الهيئات والجمعيات…فتش عن تعويضات أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجالس العلماء ومختلف المجالس الأخرى التي يؤسسها المخزن لترويض ما يسمى بالنخب التي تآمرت ولا زالت على الشعب المقهور..هذا الشعب الذي لا زال في دار غفلون يصفق ويزمر للمخزن غير عابئ بالمطالبة بحقوقه في اقتسام الثروة…حينما يتبجح وزير برفع الحد الأدنى للتقاعد الى ألف درهم…فعلى من ىيضحك اذن؟تبا للمخزن.
أعجبني المقال لأنه يتضمن أرقام و لغة الأرقام غير قابلة لتعدد التأويلات
شكرا جزيلا
وماذا عن القطاع الخاص اقتطاعات ضريبية جمة وعند ما يتم الإستغناء عن خدماتك لسبب او اخر تجد نفسك في الشارع لا درهم واحد مساعدة من الدولة تفائلنا بقانون التعويض عن فقدان الشغل لكننا كنا واهمون اذ كانت مجرد شعارات سرعان ماندثرت و اقبرقانون التعويض ككل قانون يرى فيه المستضعفون خلاصهم حسبي الله ونعم الوكيل
القرار الخاطئ من طرف جهات في الدولة للتعامل بسخاء مع فئة المهندسين أثقل كاهل الميزانية و خلف تفريخا لامتحانات مهنية خاصة أعطت امتيازات و إطارات وظيفية عالية لا علاقة لها بالناس الناجحين…هل يعقل أن تجد مهندس رئيس في تخصص لا يفقه فيه شيئا.هل يعقل أن ينجح شخص في امتحان الكفاءة مهندس رئيس في الهندسة الميكانيكية و هو في الأصل لم يسمع عنها شيئا…..هل يعقل أن تتحمل ميزانية الدولة تبعات هذا القرار التافه…
اقصد الهامش في زيادة الاجور او زيادة التوظيف والدي تتستر عليه الحكومات لتوفر من الميزانية للزيادة في اجورها الخاصة وتشغيل ا قربائها. بمعنى ادق شراء الولاءات
ما أجمل أن تكون لغة الأرقام تفيض كيفية (Qualitativity)،أي نابشة،حافرة،فاضحة و معرية و قادرة على إسماع القارئ "تقاسيم" لم يألف سماعها و رؤية قضايا و وقائع ما كان له ليراها ، لا كما يوظف بعض السذج و كثير من الجبناء الأرقام كأدوات صماء جامدة خانقة … وباسم "الأكاديمية"!!! و "العلمية"!!! و إن هي إلا ثقافة الخوف و قد ترجمت خبثا مقيتا يثير الغثيان.
شكرا أستاذ العلام.
الى صاحب التعليق 4 زيادة على لغة فرنسية ضعيفة أنت لاتحسن قراءة العربية فكاتب المقال قارن بين المغرب و مصر و هو يعلم فرق عدد السكان وقارن بينهما من حيث النسبة المئوية
ليس هناك منطق في توزيع الاجور
لاحظ الفرق واحد يتقاظى 80000,00 درهما شهريا دون دكر الامتيازات و اخر لا يتعدى دخله 3000,00 ثلاثة آلاف درهم اللهم هدا منكر
كثر الحديث عن كتلة الاجور في هذا البلاد الحبيب في كل مرة تريد هذه الحكومة تلفيق التهم لا الموظفي البسيط فهذا الوزير المسؤل عن الوظيفة العمومي لم يتحدث عن حظيرت سيارة الدول و المبالغ المالي التي تصرف في صيانتها وكمية الوقد التي تستخدمه هته السيارة ولم يتحدث عن الوجب الشهري الذي تمنحه الدول لا البرلمانين وكذالك المبلغ الذي يحصل عليه هذا البرلماني كتقاعد عند مرور 4 سنوات في الولية البرلمانية هذا هو حقيقة ما يثقل كاهل مزانية الدول