المسؤولية هيبة، هي نضال وعطاء ووفاء

المسؤولية هيبة، هي نضال وعطاء ووفاء
الثلاثاء 22 أبريل 2014 - 14:01

اللاهثون وراء المواقع المتقدمة في مناصب التصدر والوجاهة، الحاشدون لها كل الوسائل المتاحة والممكنة ، الساعون للوصول الى كرسيها الوثير ، يحسبون انها وجاهة وتعاظم وتعالٍ وكسب من ذوات خبرتهم أو ميزة من صنيع كفائتهم، وان بها مكاسب وامتيازات جمة يحلمون بها خفية وفي العلن بوحا ظاهرا، تمدهم برغد العيش وهناءة الحياة وسلاسة الكسب، هم في العمق مشتبهون بل مخطئون الظن والتقدير والمسير، فأن كانت كذلك في يوم مضى فلن تكون استقبالا .

المسؤولية جزء من النضالية تكتسب بها الهيبة ، لانها امانة ، مفروض فيها أن تؤدى بنقاء، وبوازع من ضمير ، وبكابح من تواضع للناس وخفض جناح، وينظر اليها انها باب من ابواب الجنة يوصل الى الخلود ، واليوم تؤدى برقابة صارمة من قبل وعي عام للناس خبير وحساس، قبل رقابة اجهزة الحزب والدولة ، التي كثيرا ما احتاجت هي ذاتها الى ذات تلك الرقابة الشعبية لتتقوم .

اداء المسؤولية قاصم للظهر ، لما تحمله من مهام و واجبات ، وما تحتاجه من تعب وسهر ومثابرة وجرد حساب ، لمعرفة النتائج ومحاسبة النفس عن الزلل ونقد الذات دوما لكبح التقصير ولجمه، فهي اجهاد مستمر للفكر ، بحث عن ابتكارات وابدعات لانجاز الواجبات بإتقان واحسان، بسرعة ودقة .

من اراد الهيبة في المسؤولية ، وجب عليه ان يكون واعيا مدركا ملما بمتطلباتها ، حاملاً سلاحها بيده وقلبه ، سلاح العدل والوفاء والتواضع الرفيق ، منكرا للذات محبا للجمع، اول اسم في قائمة المحاسبة اسمه هو ذاته ، ثم اسماء المقصرين في واجباتهم ، فمن اقام العدل لن يقال له تجاوزت الخطوط .

من اراد الهيبة في المسؤولية وجب عليه ان يكون هو الاكفأ لها ، كفاءة المعرفة بالعلم والثقافة والخبرة ، ليس بالحسب والنسب ولا باستراق الغفلات، ولا بالهدير والضجيج، ولا بالدس والمناجاة ، ولا بأقتناص الفرص واستغلالها ، كمن يضع الزيت على النار ليعلو لهيبها ، وليس بمحاربة الافكار البناءة الصادرة من سواه او شخصنتها أو تكوين صور نمطية على منتجي الافكار البانية ، فيغار منها ويهاجمها ، تحت أردية واطئة رخوة، وهو افقر الناس للنبيل والوفاء .

من اراد الهيبة بالمسؤولية وجب عليه ان يفرغ نفسه لها بأخلاص ، لا ان يجعل منها مطية عبور للتمجد ولا سلاما ووصلا بالقربى بذوى الشأن ، يصعد لينال مبتغاه ، فمن كانت هذه اهواءه واساليبه ، سيكون ممسوخا من الهيبة ، وسيجد من ابسط الناس من يقول له كلاماً لا يرضيه بل سيحتقره الناس ممن كانوا من المقربين .

من اراد الهيبة بالمسؤولية ، عليه ان لا يجعل بينه وبينها حجاب ، فأن هو تفكر وتدبر ، تعمق في البحث عن حل المعضلات ، اخذ بالاجتهاد والقياس ، اعتبر من اخطاء غيره ، جالس العامة والبسطاء من الخلق، استمع لهم وانتصح بصدقهم ، فهم ابرياء بالفطرة ، فقد ازال ما بينه وبين الهيبة من حجاب ، فأحسن الاداء وملك قلوب العباد ، ومن ملكها جائته الهيبة تسعى بلا ادعاء أو رفعة موقع عابر .

من اراد الحصول على الهيبة في العمل العام والسياسي منه بالخصوص ، عليه ان لا يسقط من بداية الطريق عند أول امتحان واختبار صفاء نية وتحرر قصد ، فالهيبة هدف بعيد المنال ، لا يطاله أو يناله ادراكا الا المثابرون المصابرون ، الذين يقدّمون اعمالاً جليلة فاضلة ، لا فئوية ولا جهوية ولا نفعية أو وجاهية ، فمن استعلى بالخفاء سيكشف امره ولو بعد حين ، فطاقية الاخفاء ضرب من الوهم و الخيال .

النفاق والتزلف والتملق والتقرب للخلق زلفى وتصيد أمزجة المسؤولين والتحرك بمنطقها، اقامة الاعتبار لذوي النفوذ والحظوة والابتسامات المصطنعة وكثرة الترحيب الزائف، الانحناء وخفض الجبين ، كلها سموم تورث الهموم وتقتل الهيبة ، ومن قتلت هيبته سقط الى الابد .

كثيرون من ينادون بإعادة الهيبة ، فان هي ذهبت لن تعود ، لانها فقدت مقوماتها ، الهيبة شموخ وعظمة وكبرياء ، اساسها المتين الوفاء والعدل والمعرفة والثقة بالنفس ، لا ينالها احد بالامنيات العاجزة، شروطها منيعة عزيزة على ذوى الذاكرة المحدودة.

‫تعليقات الزوار

2
  • omhend
    الثلاثاء 22 أبريل 2014 - 15:04

    مقال وجيه وفي المستوى. يعكس الواقع المعاش مع علاقة المواطن بالاجهزة التنظيمية المختلفة. مقال مفيد للجميع فهو سر النجاح ليس للمسؤولين فقط وانما للجميع متى توفرت هذه الخصائص في مجتمع ما طبعا سيكون فاضلا . شكرا على هذا المقال.

  • عماد
    الثلاثاء 22 أبريل 2014 - 23:03

    شتان بين اللغو و الفعل

    المسئولية هي الوفاء بالوعود

    هي مواجهة الظلم دون خنوع

    هي وضوح و نجارة مع الله و ليس بالدين

    هي عدم الرضوخ للظلم

    هي نقد المقربيين و ليس الولاء و الطاعة العمياء

    هي الدعوة لله و ليس لحزب أو جماعة

    هي عدم تعليق الفشل على المؤامرة

    هي القوة و المرونة نعم ، لكن مع وضوح الرؤيا

    خلاصة القول ، لا يمكن أن تصلح و أنت متحالف مع الفساد ، و أنت دمية يحركها متى يشاء ، و أنت غير قادر على ممارسة أبسط سلطاتك الدستورية و أنت راكع للباطرونة المغربية ، و أنت تبكي و تشكي طول الوقت فاقد للرجولة السياسية و هائم في النرجسية ، لا يمكن أن تصبح و أنت جبان لا تواجه ، و لا تصارح لا يكمنك أن تصلح و أنت جزء من المنضومة الفاسدة أو ربما تصيح ركيزة لها دون أن تدري

    خلاصة القول ، لقد ضيعتم الفرصة التارخية و ما سيحدث في المستقبل تتحملون فيه المسئولية ، و بما أنك مؤمن بالله و تقدس الله و ليس الحزب فتدكر أنه يوم الحساب سأطلب من الله أن يقتص منك أنت و بن كيران و عصبته و من سبقوكم و أنداك قل لله ما تكتب من فلسفة ، لن أسامحكم أبدا، فالساكت عن الحق شيطان أخرس

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز