مركزيات نقابية أكثر تمثيلية من الممثلين

مركزيات نقابية أكثر تمثيلية من الممثلين
الجمعة 2 ماي 2014 - 08:30

واقع التراجع المستمر لوهج ومستوى الحضور الكمي والنوعي للنقابات باحتفالات اليوم العالمي للعمال الذي يصادم فاتح ماي من كل سنة بالمغرب، يدعو للتساؤل حول أسباب هذا التراجع وما إن كان الأمر يتعلق بالحالة الداخلية لهذه النقابات؟ أو بالتجاوب الحكومي الاستباقي مع العديد من المطالب العمالية؟ أم لأجواء تطبع هذا اليوم لم تعد تغري الشغيلة والعمال الذين بالتأكيد لم يتحدوا في يومهم المفترض؟

أمام عقود من الممارسة “النقابية” بالمغرب أصبح اليوم مشروعا طرح أسئلة الحكامة والديمقراطية والنضال المسؤول والواعي على هذه النقابات، وتكسير طابو تفيد مقولاته بتجريم انتقاد النقابات فقط لأنهم يدعون تمثيل العمال والمأجورين والدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، -وبصرف النظر عما يمكن أن يكون من نضال جاد ومبدئي لدى بعض هذه النقابات- فإنها وفي المجمل تعد مركزيات نقابية أكثر تمثيلية من الممثلين بل منهم البارع في ذالك إلى مستوى منافسة أخطر المجرمين في أعمال “ساعة في الجحيم” أو “مداولة” وهو التمثيل النقابي من التمثيل وليس من التمتيلية الذي تؤكده مؤشرات عدة أبرزها.

أولا، يسجل باستغراب متبوع بعشرات علامات الاستفهام والتعجب ما تضمنته المذكرة الثلاثية المرفوعة لرئيس الحكومة من طرف ثلاث مركزيات نقابية،(الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل) حيث طالبت المذكرة أولا بعدم إخراج قانون الإضراب لحيز الوجود كما أنها لم تجب على مراسة وجهت لها من طرف الحكومة تستطلع رأيها في الفلسفة والمضمون والمقترحات التي تهم صياغة قانون الإضراب، بالله عليكم هل رأيتم نقابات يوما تطالب بعدم إخراج قانون ينظم الإضراب بالقطاعيين العام والخاص وألا يتفاعلوا معه وهم أول المشركين فيه، فماذا يعني هذا؟

ثانيا، في الوقت الذي ترفع المركزيان النقابية “الأكثر تمثيلية” شعارات الإشراك والتشاور والحوار نجد أن كل من نقابتي الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل كيف دبر الخلاف بينهما بالأسلحة البيضاء وآليات هي الإجرام والبلطجة بعينهما، بسبب ذلك خرج الاتحاد المغربي للشغل بمسيرتين في فاتح ماي هذه السنة واحدة محسوبة على الكاتب الوطني للاتحاد والثانية على مجموعة النهج الذي سمى نفسه التوجه الديمقراطي من داخل الاتحاد؟، كما تابع الرأي العام كيف خلص زعيم نقابة الاتحاد العام للشغالين أحد المعامل بالبيضاء وكيف تم اقتحامه بالقوة ووسائل الحوار الحادة والمختلفة، فهل يمكن لإطارات لا تجيد غير التشرميل النقابي أن تدير الحوار مع الحكومة أو مع لباطرونا؟ أم أن لا أحد يريد طرح هذه الأسئلة.

ثالثا، عادة ما ترفع مطالب دمقرطة المؤسسات والحياة العامة بل أصبح الاختيار الديمقراطي ثابتا من ثوابت دستور2011، طيب أي منطق هذا الذي يجعل ديناصورات بشرية تقضي عقودا على رأس نقابة مثل حالة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، وفي الاتحاد المغربي للشغل لولا تدخل عزرائيل بأمر من فوق سبع سماوات لما اعتلى مخاريق مقعد ابن الصديق، وهو حال الخلود الذي يراكمه حميد شباط على رأس الاتحاد العام للشغالين حيث ما يزال الرئيس الفعلي لها منذ “انقلابه” على بنجلون الأندلسي ثم بعدها الانقضاض على قيادة حزب علال الفاسي رحمة الله عليه والاستمرار بإصرار في الجمع بين المنصبين السياسي والنقابي إلى اليوم.والغريب أن جل هذه النقابات يخنق مفردة الديمقراطية خنقا بحشرها وسط مفردة الشغل واسم النقابة، والحال أن الديمقراطية منهم براء، في انتظار ما ستقدم عليه كل من الفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب اللذان لم يبقى على إتمام زعيميهما عبد الرحمان العزوزي ومحمد يتيم إلا القليل فكلاهما يتجه للمؤتمر الوطني خلال الشهور القادمة.

رابعا، من غرائب نقابات آخر الزمن، وخاصة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مطالبته في تصريح رسمي لوكالة المغرب العربي بالأنباء وبالمذكرة التي رفعها منفردا، بمطالب شديدة الغرابة منها مطالبته للحكومة عدم تفعيل قانون التعويض عن الطرد من العمل الذي اعتبر خطوة حكومية جد هامة، حيث قال محمد كافي الشراط رئيس لجنة تسيير بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، في تصريح للصحافة، عقب الاجتماع الأخير مع الحكومة أنهم يطالبون ب”توقيف العمل بإصلاح صندوق التقاعد”، الغرابة بمفهومها الأنتروبولىجي تتعمق في هذه النازلة عند مطالبة النقابات الثلاث أصحاب المذكرة بسحب قانون النقابات المهنية وسحب مشروع قانون مدونة التعاضد المحال على البرلمان على الرغم من المطالب المتعددة بالإسراع بإخراج هذه القوانين خاصة منها ما يهم قطاع التعاضد الذي يعرف فوضى بشهادة النقابيين أنفسهم.

ذات النقابات خامسا، تطالب أيضا بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي كانت فقط تطالب بمراجعته والآن يطالبون بإلغائه، وهو الفصل الذي يضمن الحق في الإضراب كما يضمن الحق في العمل، وهو فصل يمنع التخريب أو استعمال العنف لعرقلة عمل المؤسسات، فبالله عليكم أليس هذا المطلب يروم فتح المجال التشرميل النقابي وتوسيع دائرته، ذلك على الرغم من أن وزارة العدل قالت إن تعديل هذا الفصل هو ضمن حزمة القوانين التي يتراجع على ضوء الإصلاح الشامل والذي يرجى أن يكون عميقا لمنظومة العدالة ببلادنا والتي نخرها الفساد برعاية سامية للاستبداد.

سادسا وليس أخيرا يتذكر الجسم الصحفي في المسيرة الضعيفة للنقابات الثلاث في السادس من أبريل الماضي بالدار البيضاء وكيف حشدت أحزمة السراويل لتنهال على رؤس الصحفيين بطريقة تؤكد فكرة أدوار الرعب في مشاهد من مسلس التمثيل النقابي التي تجيدها هذه النقابات، وهو نفس الأمر الذي تكرر في فاتح ماي هذه السنة بالرباط حيث “عرفت مسيرة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب مناوشات “داخلية”، بين أشخاص رفعوا العلم الأمازيغي في المسيرة، وبين مشاركين آخرين، بعدما حاولوا ثَني رافع العلم الأمازيغي عن ذلك، كما حاولوا منع مصوّر “هسبريس”، الزميل مصطفى بهلول، من القيام بعمله، بعدما عمد أحدهم إلى محاولة سحب آلة التصوير منه، متلفّظا بعبارات نابية في حقّه”.

بعد كل هذا لا مراء في الدور الاستراتيجي للعمل النقابي في الدفاع وتحصين المطالب المادية والمعنوية للشغيلة والمصالح الفئوية، لكن أليس المطلوب وبالتوازي خضوع الحكومة والنقابات على حد سواء لسلطة المجتمع، لقياس مدى ارتباطها به وبهمومه أولا وثانيا للوقوف على الحالة الصحية للنقابات ومدى تمثلها لأدبيات وشعارات طالما تغنت بها، بعضهم يطرح كذلك أن التوجه الاجتماعي وفلسفة التضامن للحكومة الحالية جعل من النقابات بدون دور تقريبا حيث تفاجئهم الحكومة باتخاذ إجراءات حتى قبل أن يطالبوا بها، بل إن مصادر أسرت أن بعضهم يطلب من الحكومة فقط أن تعطيهم السبق في إعلان بعض المكاسب وألا تعلنها هي. الخلاصة أن العمل النقابي عمل شريف ونبيل في أصله لكن نجاحه مشروط بنبل وشرف من يمارسه كذلك.

‫تعليقات الزوار

5
  • عماد
    الجمعة 2 ماي 2014 - 11:58

    نقابات اليوم بدون استثناء تتحكم في ممارساتها الداخلية و في علاقتها بالحكومة الحسابات السياسية و الاديولوجية ، أما الشغيلة ماهي الا أداة لتحصين مكايسب و امتيازات المسؤولين النقابيين.
    مانحتاجه اليوم هو نقابات مسؤولة و مواطنة تقدم مصلحة الوطن و المواطن على اي مصلحة اخرى

  • رشيد
    الجمعة 2 ماي 2014 - 12:45

    ما وصلنا عن أصداء هذا الحوار المزعوم، وهو ليس بحوار أصلا ،لأنه يظهر مما انتهى إليه الحوار عدم اكتراث الحكومة إطلاقا بالمطالب الجوهرية وعلى رأسها ماتبقى عالقا من اتفاقية 26 أبريل 2011 التي دخلت عامها الرابع التي من باب المفارقة العجيبة أن الذراع النقابي للعدالة والتنمية كان طرفا موقعا عليها واليوم وهو على رأس الحكومة يتهرب من ترجمة الاتفاقية تحت يافطة الإكراهات،وباسم الحفاظ على التوازنات المالية وهي الأسطوانة التي يتم إشهارها للجم المطالب الاجتماعية المشروعة والتملص من تنفيذ الالتزامات والتعاقدات وبدرجة أقوى في ظل حكومة بنكيران التي فازت بشفافية في الانتخابات وحملتها إلى رئاسة الحكومة.

  • الباز الحكيم
    الجمعة 2 ماي 2014 - 13:34

    لا يمكن ان تستمر النقابات بدون تأطير نقابي او انتماء ,فمقراتها فارغة والمنخرطون في سبات عميق ,فكيف يمكن تحقيق المطالب والوثوق بمصداقيتها وزعماؤها سادة الكراسي والتوصيات واتخاذ القرارات ,النقابيون اليوم موظفون لا مناضلون ولا داعي لتدحين الناس فكل مواكن اصبح يعرف اللعبة

  • الباز الحكيم
    الجمعة 2 ماي 2014 - 14:23

    لا يمكن ان تحقق النقابات المطالب الاساسية وليست لها القدرة على الاستمرار كجهات برجى منها خيرا لانها مسيسة وغدت الحقوق والمطالب موسمية ومسيسة ايضا،وما دامت السياسة هي لعنة فهي كلما دخلت بيتا الا افسدته ،اضف الى ذلك غياب النأطير النقابي وبدون ثكاتف المنخرطين الذين يمكن بضعطهم تحريك النقابات وخلخلتها اما الوضع الذي هي عليه اليوم فلن يمكنها من تحقيق اي مطلب من المطالب .وما زاد في الطين بلة دخولها في الصراعات الحزبية حتى فقدت مصداقيتها واصبحت مقراتها فارغة بلا انصار او منخرطين , اذن كيف يمكنها تحقيق المطالب وزعماؤها لا يمثلون الا انفسهم وتحول همهم هم ايضا التناحر من اجل الكراسي والزعامات واستصدار التوصيات واتخاذ القرارات بعيدا عن طموحات الشغيلة والقطاعات العمالية ولا حتى اشراكها في القرار ,النقابات اليوم تجمع موظفين نقابيين لا نقابيون مناضلون لا يخدمون سوى الاجندات الحكومية والحزبية بل وتواطؤوا مع سياسييها للاجهاز عن المطالب الشعبية وضربها عرض الحائط ,اذن كفى ثرثرة فالجميع يتحمل مسؤوليته التاريخية سواءت كانت جهات حكومية او نقابية او اعلامية او من الشغيلة والطبقة العاملة ؟؟؟وشكرا

  • achibane
    الجمعة 2 ماي 2014 - 17:21

    لدي اقتراح للحل.تأسيس نقابة وطنية حرة مستقلة مناضلة قوية بالملايين تشمل القطاع العام 100في 100 والقطاع الخاص وبعد أيام معدودة سوف ترون العدو الطبقي يتساقط.من هو العدو الطبقي؟يتمثل في الاحزاب السياسية الانتخابية وأديالها النقابات منها الأكثر تمثيلية بدون منخرطين و دون تمثيلية المتحالف مع الكومبرادور.التقنية المبادرة يجب أن تبدأ من الأقاليم بتكوين لجان إقليمية ثم التوسع في اتجاهات أوسع وأشمل.يا رجال التعليم إنهم يضحكون علينا ويستهزؤون منا إنهم يطبقون سياسة التقشف على حسابنا أما هم يأخدون الملايين.فكروا جيدا في الموضوع

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين