دروس قادمة من تونس

دروس قادمة من تونس
الإثنين 5 ماي 2014 - 18:24

لم تمهل تونس الأنظمة الاستبدادية في أن تستمر في الاحتفاء باستمرارية تسلطها وطغيانها واستطاعت أن تعطي الانطلاقة لشرارة الثورات والاحتجاجات،لتنقلب الشعوب على حكامها وتزعزع مكونات أنظمة تسلطية عمرت لردح من الزمن، وأن تعطي الدرس/ النموذج في الثورة وكسرت براديغم استكانة الشعوب وتطبعها مع الاستبداد.

وبعد درس الثورة يأتي درس “الدستور التوافقي” كمنتوج يجسد الإرادة الفعلية للشعب وحمل توقيع أغلبية الأطياف السياسية في ظل تكريس منطق التوافق على حساب منطق الغلبة المعمول به في ظل البيئة السياسية المغربية التي مازالت تنتهك فيه حرمات مقتضيات الدستور دون كوابح أو روادع وتحت طائلة مسوغات المرحلة التأسيسية/الانتقالية لتفوت فرص التأسيس لثقافة دستورية/سياسية جديدة قادرة على تصحيح عوار الفعل السياسي.

والفرق واضح بين من يدفع فاتورة الإصلاح في المغرب وتونس؟ خاصة أن المقاربة في تونس تبدأ من الأعلى في ظل جسامة التحديات الاقتصادية والاجتماعية من خلال المبادرة التي قام بها الرئيس المرزوقي بتخفيض أجره إلى الثلث ،واتخاذ قرار خفض أجور أعضاء الحكومة بنسبة 10 بالمائة ،من اجل المساهمة في الاكتتاب الوطني ،بينما في المغرب، المواطن البسيط هو من يدفع فاتورة الإصلاح المزعوم من خلال الرفع من أسعار المواد الغذائية وأسعار المحروقات حيث ينهك المواطن في قدرته الشرائية بينما تبسط ضخامة أجور الوزراء وكبار المسؤولين والموظفين وهلم جر… على ميزانيات الدولة دون خلخلتها ويزداد الامر غرابة في ظل الإجراء والتدبير المتخذ وهو النفخ في عدد الحقائب الوزارية دون البحث في تخفيض أجور الوزراء والبرلمانيين وما يمكن أن توفره لصالح ميزانية الدولة مادام الأمر يتعلق بظرفية اقتصادية صعبة يجتازها المغرب في ظل سيادة خطاب الحكامة وترشيد الميزانية .

فهذه الازدواجية في التعامل مع الوضع تبين حجم التخبط وتبرهن على أن النسق السياسي المغربي مازال رهين سياسة استقطاب النخب وترضيتها على حساب القوت اليومي للمواطن.

وهذا يشكل في حد ذاته مبلغ الاستدلال على الفرق بين القرارات الشعبية والقرارات اللاشعبية، ،بمعية الاختلاف بين اعتمالات نهج سياسة “تزيار الصمطة” بمنطق رئيس الحكومة في المغرب،التي تلقي بأثقالها على المواطن البسيط والفقير بينما تبدأ في تونس من القمة باستهداف رئيس الدولة والوزراء أولا والمواطن تاليا مادام الأمر يتعلق بظرفية اقتصادية صعبة.

فالفرق واضح هنا في وجود إرادة حقيقية في تجاوز مختلف الصعاب لهذه المرحلة الانتقالية والإصرار على إنجاحها على الرغم من وجود بعض المآخذ والعراقيل والتجاذبات والصراعات القائمة بين مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية أيضا،من خلال نهج نكران الذات في سبيل تكريس وإحقاق المصلحة الوطنية وإعلائها فوق كل اعتبار.

فلا يستقيم الإصلاح في هذا الوضع الذي يكثر فيه اللغط وكثرة الكلام وعدم الاعتراف بالغلط وسيادة منطق الأحادية في التفكير والإقصاء وتخوين كل معارض وعدم تقبل النقد وكيل التهم الواهية في ظل جسامة الإخفاق .

تالله اسألوا ثم اسألوا من المصاب بخلل عقلي الحكومة أم المعطل الذي يبحث عن وظيفة ليسد رمق عيشه في ظل هذا التبذير المطبق وصرف المال العام في غير محله وارتفاع حجم الاستدانة من البنك الدولي؟؟؟

حقا إنه مغرب الاستثناء في كل شيء…..؟؟

‫تعليقات الزوار

3
  • marrueccos
    الإثنين 5 ماي 2014 - 23:41

    إن كان من درس مستفاذ من التجربة التونسية فهو قذف ترويكا الحكم بالبيض الفاسد والقمامة والحجارة في كل إحتفال مخلد لذكرى إحراق الخضار لجسده !
    أما مسحوق الوطواط التونسي الذي يدعي الديمقراطية فيمكن أن يضعه في إحتفال تنكري كي لا يطرد منه !
    أراد الوطواط التونسي أن يقلد الحكومات الأوربية التي قلصت رواتب الوزراء متناسيا أنه رئيس سنة لكتابة الدستور والتي تحولت إلى أكثر من ثلاث سنوات !!! بمعنى أنه وغيره يتقاضون أجورا خارج ما تعاهدوا عليه مع الشعب التونسي !!!!! هذه لصوصية في واضحة النهار !!!!!

  • لا قياس مع الفارق
    الثلاثاء 6 ماي 2014 - 02:13

    أستاذي با ليتك بحثت لنا عن المراحل التي مرت منها الملكيات الأوروبية
    للوصول الى مستواها الحالي حتى نقتفي اثرها ونطور ديموقراطيتنا من حسن إلى أحسن.
    ألا تتذكر أن أول درس في الإنفصال المغاربي والتحالف مع الإستعمار لقنه لنا المجاهد الأكبر بورقيبة حين كان المدافع الوحيد بين الدول العربية عن إستقلال موريطانيا سنة 1960 مما أدى إلى قطع العلاقات بين البلدين 4 سنوات.
    الا تتذكر أنه في الوقت الذي سمح فيه الحسن الثاني للمعارضة بالتعبير عن ارائها من خلال صحفها واحزابها خنق بورقيبة أنفاس معارضته وفرض نظام الحزب الواحد الذي استغله بن علي بدوره لفرض نظامه البوليسي مما أثار غضب الشعب؟.
    هل تظن ان المبلغ الذي ستوفره خزينة تونس من تخفيض اجور 30 وزيرا سيكفي لتحسين اجور591 الف من موظفيها أو لتعويض البلاد خسارة إقتصادها بسسب الإضطرابات؟.
    أما عن الدستور فلو كانت له قيمة لحمى الرئيس مرسي من انقلاب السيسي فما هو إلا وثيقة شكلية انجزها المغرب في ظرف شهرين بفضل الرعاية الملكية و اخر الحسم فيها تنازع الفرقاء مدة سنتين في تونس.
    أنسيت أن اليساريين عندنا كانوا يعتبرون النطام الجزائري في السبعينات نموذجا يحتذى؟.

  • said
    الثلاثاء 6 ماي 2014 - 08:57

    إذا ما انتصر صوت العقل والمنطق، واستقرت تونس أمنيا وسياسيا،فستصبح سويسرا شمال إفريقيا في وقت وجيز.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة