صمود إسرائيل..

صمود إسرائيل..
الخميس 7 غشت 2014 - 01:58

أحار لأمر فابيوس وكيري وبان كي مون وغيرهم حين لا يشجبون ولا يجرمون إلا إذا سقط آلاف المدنيين الفلسطييين شهداء، وقُصف عشرات المدارس ومراكز الايواء الأممية الآمنة. وتشتد حيرتي أكثر حين أتأمل أسرار قوة صهاينة إسرائيل وعلوهم الكبير الذي يجعل رؤساء الدول العظمى يجبنون عن التعبير، وهيئات أممية عاجزة عن التدخل.

بدأت يومه الثلاثاء (05/08/2014) هدنة تدوم 72 ساعة، بعد إعلان هدنات كاذبة مغشوشة كان يرمي من خلالها الصهيوني استعراض قدرته على الابرام والنقض والعربدة. ولما كان يعلم حتمية فراره من غزة ناور وضلّل ثم سفك أقصى ما يمكن من الدماء البريئة تقربا للناخب اليهودي وتنفيذا لعقائد تبجل العنف والعدوان. لكن هل ستصير هذه الهدنة دائمة؟ هل يخص التفاوض الجاري فلسطين وحدَها أم يشمل كافة المواقع الساخنة في العالم؟ وما مصدر قرارت ما بعد الهدنة، هل سيصنعها المجتمعون في مصر أم ستأتي إليهم جاهزة للاستهلاك؟

سبق أن قلت بعد فشل مؤتمر “جنيف2” أن هجوما ما ستشنه القوى الراغبة في الاستقرار ضد القوى المغذية للصراعات والمستفيدة من إدامتها إلى الأبد ! فشهدنا انقلابا على رئيس منتخب موال لروسيا في أكرانيا، ونشوء حركة باراكا المطالبة بتغيير النظام في الجزائر(الاشتراكية سابقا)، وانفلات الوضع في العراق من يد المالكي الموالي لإيران، وانطلاق الشرارة الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي في مارس 2014، والتي كانت بمثابة رسالة تحذير لإسرائيل ثم طوقت بسرعة قياسية.

وكنت دائما أقرأ الوضع قراءة بنيوية تجد في العنصر الإسرائلي أساس هذه البنية بالنظر إلى المصالح الإستراتيجية التي يجنيها من تعثر الربيع في الصراعات السياسية والطائفية الدامية.

وكان تقديري أن تعنت اللوبي الصهيوني وإعراضه عن كل التحذيرات والإشارات سيدفع إدارة “أوباما” إلى لعب آخر أوراقها المتمثلة في تعريض إسرائيل إلى الخطر. وأثَرْت في مقالتي “عقدة الحل بيد فلسطين” سؤال لن أتخطاه، حير المتابعين، وهذا أوان الخوض في الإجابة عنه من جديد.

هل لا زالت الولايات المتحدة على حال الدعم الأعمى لإسرائيل؟ هل سيشكل اندلاع الصراع بفلسطين المحتلة محكا حقيقيا لاختبار صدق مساعي الو.م.أ في إحداث التوازن وإيقاف مسلسل العنف المتدفق على العالم العربي الإسلامي؟

أظهرت الولايات المتحدة مؤشرات متناقضة وهي تواكب مجريات الصراع الدائر في فلسطين، حيث ظلت تخفي نيتها تعريضَ إسرائيل إلى الخطر لتطويع اللوبي الصهيوني، وحِينًا لا تكف عن إظهار دعم إسرائيل باعطائها الحق في الدفاع عن النفس، وتمدها بالسلاح وتسحب منها امتياز اختيار وسطاء التهدئة(راجع مكالمة أوباما/نتنياهو بهذا الشأن) وفرض شروط التهدئة، ثم يعود أوباما ليلوح بشرط نزع سلاح المقاومة !

إن من يقف عند ظاهر الإعلام يقتنع بتوجه أوباما إلى دعم مطلق حرب إسرائيل على قطاع غزة، لكن المتابع لتطور الأحداث منذ “جنيف 2” ومرورا ببعض محطات الحرب كغياب الولايات المتحدة إعلاميا في الأيام الأولى للحرب وانصراف اهتمامها إلى سقوط الطائرة الماليزية، واستئذان أوباما لنتنياهو هاتفيا بالتدخل لبحث سبل التهدئة، ونشر وسائل الإعلام النص الكامل لمكالمة أوباما/ نتنياهو تعكس جفاء أمريكيا واضحا، وارتياب الصهاينة في جدية الدعم الأمريكي وإصرارهم على إظهار صورته المطلقة إعلاميا، يدرك أن الولايات المتحدة، منذ الولاية أوباما الأولى، صارت تتجه إلى رفع دعمها تدريجيا عن إسرائيل.

يقرأ عني أحدكم هذا الكلام وتحجبه عن أدلته وحججه المعتقدات الجامدة الجاهزة وتنطلي عليه حيل صنائع الإعلام، فيظن في أحسن الأحوال بأني أخرف، غير أن مثل هذه التحولات تبدأ على هذا النحو.

لا شك في أن المنطق الذي أقرأ من خلاله التطورات سيفضي بنا إلى نتيجة مفادها أن التسوية المنتظر إعلانها من مصر ستأتي إلى أرض الكنانة شبه كاملة رَتّبتها مفاوضات أمريكا وإسرائيل وروسيا وتركيا وإيران وقطر والسعودية.

وأحسب أن حجم الدمار الذي خلّفته الحرب على غزة وباتت تشهده مناطق عدة في العالم سيدفع الأطراف المتفاوضة إلى الوصول لحل شامل، وسيُفرض منطق التوافق على كافة أطراف النزاع بأفق إحداث التوازن وإرساء الاستقرار. وبدأنا نشهد ولادة توافقات جديدة بشأن العراق وليبيا وسوريا.

لقد تصاعد الصراع في كافة الجبهات بعد احتدامه في فلسطين قبيل التهدئة، قد يكون ذلك أشبه بسرعة نهائية يريد المتسابقون بعدها احتلال مواقع تخول لهم فرض شروطهم وامتيازاتهم، غير أنها لن تكون ذات شروط وامتيازات ما قبل “جنيف2″، أتوقع بأنها ستتراجع بالنسبة لإسرائيل وروسيا وإيران وسوريا ومصر، وستتعزز شروط الدول الداعمة لاسئناف مشوار الربيع.

وصف القائد الميداني للقسام هذه الحرب بـ”ما قبل الأخيرة”، وأستبعد عودة إسرائيل إلى حجيم الحرب في غزة بعد الهدنة الجارية، فإن هي صمدت وعادت، ستعود المقاومة بمفاجآت أخرى، وستستنزف إسرائيل وجيشها كل ما بقي معهما من رصيد، ولذلك وشحت حربها الأخيرة بشعار الصمود وكأنها تقاوم الاندثار: إن في صمود إسرائيل.. أفول إسرائيل.

‫تعليقات الزوار

5
  • khawla
    الخميس 7 غشت 2014 - 13:55

    يبدو لي ان اوان اعادة النظر في اسلوب المقاومة ارى ان كثرة الضحايا هي ما يهزم اسرائيل لا يجب ان تبدا المعركة القادمة الا اذا ضمنا امن المدنيين والاطفال.

  • arsad
    الخميس 7 غشت 2014 - 14:32

    نعم تسمية الجرف الصامد توحي ان هناك دافع اضطر الصهاينة معه ان يقوموا بمدبحة جديدة ضد الغزاويين وفي تحليل لغوي يوحي على ان هناك عب بدأ يشعر الصهاينة معه بالضغط والضياع والافلاس فالمشروع الصهيوني لايمكن له الاستمرار في ضل سلام ابدي كما لايمكن له ان يستمر بدون تلقي الدعم من قبل ممولين وعلى عكس رأي الكاتب المحترم مايجري الان ليس تخلي الداعمين لاسرائيل عن دعمها ولكن الذي يخطط له هو البحث في اجاد موارد يتم بها دعم المشروع الصهيوني من ذاخل المنطقة حتى تبقى الولايات المتحدة ومعها الغرب معفية من الدعم المادي على الاقل تفاديا للمزيد من الانزلاق الاقتصادي المتدهور، ويفسر هذا تنامي العنف والسماح بالحروب وايقاظ الطائفية والجمعات الارهابية التي ستدفع بدول الخليج والمغرب العربي الى دفع فتورتها بثمن سيستنزف خزائنها الظاهرة منها والباطنة.

  • إنسان2013
    الخميس 7 غشت 2014 - 16:29

    إنما خطأ المثقف أنه يحسب أن ثمة فرق بين أمريكا و الكيان الصهيوني ؛ و الذي يتغافل عنه المؤرخ أن الكيان الصهيوني هو وليد القوى المهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية ؛ و الأمر الآخر الذي يغيبه الدارس أن الأمم لا تحسب بالجنسيات أو الأماكن بل بوحدة الأفكار المقتنع بها ….
    فتغيير اسم الرئيس أو شخصه أو مقدمات خطاباته لا تعني أي شيء ما دامت قناعاته الفكرية و هي قناعات أسطوله الحاكم نظامه و عسكره نفسه مقتنع بفكر سابقيه .
    و لأن السياسة هي صناعة الأزمة فنظريات حلولها تأتي بإبادت الخصم فهي لا تتحاكم لا إلى العقل و لا حتى المصالح بل إلى قهر الآخر … و هذا الأمر هو جوهري بمكان في كل الصراعات و ما مثل اعتداء القوى المهيمنة على المجتمع الفلسطيني و قد استعملت أداة أسمتها الكيان الصهيوني "دولة إسرائيل " ليس لينتهي أمره لا بالحوار و لا بالحرب و لا بالسياسة ما دام مبدأ الإلتزام بالحقوق أصبح هو الشيء المرفوض من الدول المهيمنة أمهات الكيان الصهيوني.
    ثم ما كان الهجوم على العزل لو بقيت سوريا محتفظة بسلاحها الكيماوي و قد تجرأ صهيون على الإبادة بعد تأكده له أن ليس ثمة تدخل عسكري من أي دول العالم ضد اعتداءه.

  • Anti terroristes
    الخميس 7 غشت 2014 - 18:06

    كم هي المدة الزمنية المطلوبة لصمود الامم المتحدة والولاية المتحدة الا مريكية والدول الغربية الاوروبية على تحمل جرائم غريمتهم الارهابية اسرئيل ? و الى متى سيبقى الانسان الغربي المتحضر يؤدي ضرائب تغطية حروب اسرئيل الهمجية ?

  • bouddiouan
    الخميس 7 غشت 2014 - 21:25

    أشكر لكم حسن التفاعل واقول أن من يريد أن يضع الغرب المسيحي في سلة واحدة لا ينتبه بالقدر الكافي للسنن الكونية والحقائق القرآنية، إذ لا يعقل أن تبقى الامة الاسلامية معزولة ولا تحسن استغلال تناقضات العالم المسيحي، أو بالأحرى أن تجهل أحيانا هذه التناقضات، كما لا ينبغي الاعراض عن آيات القرآن وهي تمر علينا كل يوم إذ يقول الله " من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله وهم يسجدون…ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين" ويقول جل وعلا موظفا لام التأكيد لمن يساوره الشك" وإن من أهل الكتاب لــــــــــــــــمن يؤمن بما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله، لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، أولئك لهم أجرهم عند ربهم والله سريع الحساب".

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 6

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس