إنهُما بَرْلَمانِيانِ يتناطحَان!

إنهُما بَرْلَمانِيانِ يتناطحَان!
الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 14:52

في حقيقة الأمر ليست وحدها الأكباش والثيران وباقي الحيوانات ذات الأقران هي من تتناطح لفرض سيطرتها على إسطبل أو مرعى أو أنثى أبدت غنجا أمام ذكرَين، ولكن أيضا حتى نوابٌ برلمانيون رموا بمسؤولياتهم التمثيلية جانبا، وانخرطوا فجأة هائجين في تناطح ولطم ولكم… تماما كما حدث مساء الجمعة بمقر مجلس المستشارين مباشرة بعد خطاب ملكي أفاض في حث السياسيين على الرقي بالخطاب السياسي وتجاوز المصالح السياسوية وتلك الضيقة !

ويبدو أن سياسيّينا، وخاصة منهم هؤلاء الذين نالوا الصفة البرلمانية، التي يتضح يوما بعد يوم أنها باتت صفةً يسعى إليها –في الغالب- الانتهازيون والمتملقون وعديمو المستوى الثقافي وحتى الأدبي والأخلاقي، (هؤلاء السياسيون) أو “النخبة”، واأسفاه، لم يعودوا يعيرون حتى لرئيس الدولة الاحترام اللازم، وهو ما يدعو إليه الدستور والعرف البرلماني، من خلال التنصيص بالأساس على ارتداء اللباس المخزني عند حضور الملك لافتتاح دورة تشريعية معينة، ما يوحي، ظاهريا على الأقل، بالتناسق وبحرمة هذا اللباس الذي له في المخيلة والذاكرة الوطنية غير قليل من التبجيل والاحترام ..

ويعتبر قمةً لتَحدي، ليس شعور المواطنين وحسب، بل حتى المؤسسات الدستورية لهذه المملكة السعيدة، ما صدر عن النائبين البرلمانيين يوم الجمعة الماضي، عندما أبَيا إلا أن يُصفيا حسابات قديمة وشخصية بينهما بالعراك، بداخل المؤسسة التشريعية، في تحدٍّ سافر لكلام الملك، وقبله لملايين المغاربة، الذين أضحوا يمنون النفس في يوم يرون فيه “ممثليهم”، يُبدون على الأقل في صورة حضارية ومحترمة ويتفوهون بكلام غير ممنوع على مَن دون سن 18 سنة، أكثر مما يُعَوِّلون عليهم للتعريف بقضاياهم المختلفة، أو لِسَنّ قوانين تخدم البلاد والعباد !

ولِمعرفة مدى قدرة هذا النوع من البرلمانيين على التصارع والتسابق في كل ما هو شخصي مقيت أو رديء وتافه ويندى له الجبين –كما عودونا في أكثر من مناسبة- أكثر من تصارعهم على المقارعة بالأفكار وبإتيان الحلول التي تخدم الوطن والمواطن، تأملوا جيدا في توقيت هذا “التناطح”، الذي جرى مباشرة بعد دقائق معدودات من طي الملك لأوراق خطاب افتتاح الدورة التشريعية الجديدة ومغادرته لمقر البرلمان، لتكتشفوا أنه كان في آذانهم وقرا وقْت تلاوة الخطاب الملكي، وإلا كان على المتخاصمين -إن كانت لهما ذرة خجل- إنْ لم يتشاجرا بتلك الطريقة الصبيانية أن يؤجلا ذاك النزال على الأقل إلى مناسبة أخرى، غير تلك التي حث فيها الملك وحض للتو على الترفع والرقي بالعمل السياسي وخاصة النيابي !

ويبدو أن النائبَين البرلمانيين كان لهما السبق في تقديم جواب كافي وشافي عن السؤال الذي طرحه الملك في خطابه الافتتاحي؛ حيث قال إن “السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، وبكل إلحاح: هل تمت مواكبة هذا التقدم (كان يتحدث عن الخيار الديمقراطي)، من طرف جميع الفاعلين السياسيين، على مستوى الخطاب والممارسة؟” وهو السؤال التوليدي الذي لا نحتاج فيه إلى دراية خبراء اللغة وبالخصوص جهابذة المدرسة التشومسكية (نسبة إلى الباحث الأمريكي أفرام نوعم تشومسكي رائد النظرية التوليدية التحويلة في اللغة)، لمعرفة أن صاحبه (الملك) كان يريد القول الفصل والقول الحق وهو “عدم مواكبة” فئة كبيرة من النواب للتطور الديمقراطي الذي تشهده المملكة. بينما كان جواب النائبين المحترمين كاريكاتوريا، مؤكدا أن من انتخبهم المواطن لتمثيله يستطيعون فعل أي شيء داخل القبة البرلمانية؛ من تعرية الكرش أمام شاشات الكاميرا، مرورا باستعمال لعب الأطفال الإلكترونية لتمضية الوقت، إلى ولوج قاعة الجلسات في حالة سُكر، ورفع الساقين العاريين على الكراسي المجاورة للاسترخاء، ثم وصولا إلى التنابز بالألقاب بما فيها ألقاب الحيوانات والعفاريت وإفشاء الكلام الساقط، ثم أخيرا وليس آخرا ممارسة التلاكم والتناطح والعض في افتتاح دورة تشريعية..كل ذلك يستطيعونه ولكنهم لا يستطيعون محو صورة ذميمة وقبيحة عُلقت بذاكرة المغاربة وهي أن هذه المؤسسة حولها البعض إلى حلبة “سيرك”.

والملاحظ أنه بعكس هذا النوع من النُّواب الذي لا يحترم حرمة المؤسسة التي ينتسب إليها، فإن الملك أبى إلا أن يتحاشى تسمية الأمور بمسمياتها ووصف المتقاعسين والعابثين بالصفة البرلمانية بما يستحقونه من أوصاف، واكتفى بالإشارة والإيماء إلى أن هناك عبثا وكذِبا وانتهازية وأشياء أخرى.. وهو ما يُستشف من خلال قوله؛ “إن الخطاب السياسي يقتضي الصدق مع المواطن، والموضوعية في التحليل، والاحترام بين جميع الفاعلين، بما يجعل منهم شركاء في خدمة الوطن، وليس فرقاء سياسيين، تفرق بينهم المصالح الضيقة”.

أخيرا.. هناك أمرٌ لا يتناطح فيه كَبشان..الوضع سيبقى على ما هو عليه إلى إشعار آخر !

[email protected]

‫تعليقات الزوار

16
  • أبوزهير
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 18:02

    شباط تجاوز كل الحدود.
    ثور هائج أطلق لساحة الكوريدا في اسبانيا.
    الثيران الهائجة, معروف نهايتها .الطعن بالرماح , ثم القتل بالسيف.
    هذه نهاية كل ثور صالح للكوريدا, يسمن ويعلف, ويهيج , ثم يساق الى الساحة لتعذيبه , والتنكيل به , ثم يقتل بطعنة قوية الى قلبه.
    هذا ينطبق تماما على شباط ,الهائج في تصرفاته, الغير متحكم في لسانه, المتهور في تصريحاته, السريع في طيشه وحمقه .
    هذه نهاية شباط , المخدومة له بالفن الرفيع الصامت , وبالضربة القاضية.
    شباط يجب أن تفرد له محكمة خاصة لتحاكمه على الجرائم التي ارتبكها.
    تصريحاته الخطيرة ضد الحكومة المغربية , وخاصة رئيسها.
    طعنه في الحكومة ,يعني طعنه في الدولة , لأن الحكومة جزء من هذه الدولة.
    اعتداؤه على مستشار داخل قبة البرلمان, اعتداء كاف للزج به في السجن.
    أيها البرلمانيون الشرفاء , أيرضيكم أن يكون مثل هذا الداعشي الحقيقي في مجلسكم؟؟؟؟؟؟؟.
    انتفضوا , لمجلسكم الموقر , واطردوا الخارجين على القانون, وعلى رأسهم شباط الويل والشر .
    انها دعوة صادقة من المتيمين في حب هذا الوطن العزيز.
    جريدتنا هسبريس:رجاء المزيد من عدد حروف التعليق, فالألف المخصصة لا تكفي, وشكرا جزيلا.

  • الرياحي
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 19:06

    كلما ورد صحيح لا يتناطحَان عليه برلمانين

  • وافـــقـــــســـــتــــا ه !!!
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 19:07

    هل كل من ارتدى بذلة أنيقة وربطة عنق زاهية الألوان يمكن أن نعده من الطبقة المثقفة الواعية بما لها وماعليها ؟ هل كل من ارتدى جلبابا أبيضا وطربوشا أحمرا أو عمامة ناصعة البياض يمكن أن نعده من المتقين الورعين ؟ هناك عدد هائل من المثقفين الواعين تمام الوعي بمسؤولياتهم الجسيمة ، ومتقين ورعين يراعون حقوقهم وحقوق غيرهم ، لكنهم أخذوا في تلابيب وظائف هزيلة المعنى والمغزى والتصقت بهم تلك الوظائف – الباردة المظهر الساخنة الجوف – لتبعدهم عن عالم السياسة والسياسيين ، وظلوا في حيرة من أمرهم يشاهدون مالايجب أن يشاهد ويسمعون مالايجب أن يسمع !!!!!

  • مجيد المهياوي
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 20:17

    كنت موفقا في كل شيء إلا أن تقارن بين الحيوان والإنسان، فالحيوان يتصرف وفق برنامج جيني طبيعي لا يملك تغييره: التناطح عند ذوي القرون هدفه بسط السيطرة على القطيع وعلى الإناث من باب الاصطفاء الطبيعي من أجل بقاء النوع، أما التناطح عند الانسان فيدفع في اتجاه انقراض النوع وبالتالي فهو ضد الطبيعة.
    لا قياس مع وجود الفارق
    كان لا بد من هذا التوضيح حتى تستقيم قراءة هذا المقال الجيد

  • عابر سبيل
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 21:03

    إنهم مجرد انتهازيين ووصولييين ولا يهمهم لا الملك ولا الشعب، بالرغم من أنهم يبدون التملق والركوع للملك، لكن هؤلاء البرلمانيون الانتهازيزون تتحكم فيهم مصالحكهم الشخصية وانتهازيتهم التي تعمي لهم الأبصار..وبرأيي فإن الكاتب أحسن التصرف عندما وصفهم بانهم يتناطحون كاكباش العيد لكن المشكلة أن هذه الاكباش ستكون ضحية يوما ما…يوم النحر!!!!!!!!!!!!

  • هشام
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 22:21

    ليس لك الجرأة على انتقاد كلام الملك و تنتقد البرلمانيين مع العلم أن هامش البرلمان و الحكومة و المنتخبين ضيق بالمقارنة مع الصلاحيات الواسعة للملك و محيطه…فغالبا ما تنسب المنجزات للملك و السلبيات للأحزاب و البرلمان..كفاكم تملقا أيها المتقفين للمخزن و لتكن لكم الجرأة على تسمية الأمور بمسمايتها.

  • brahim
    الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 23:39

    سلام, يا اخي الكريم على من تقرا زابورك؟ اليس النائبان المتشاجران من حزب الاصالة والمعاصرة الذي تدافع عنه ؟ اليس شباط حليفكم في المعارضة؟ اليس مؤسس الاصالة والمعاصرة هو من يدعم البلطجي شباط ليس حبا فيه و انما مجرد تصفية حسابات مع كل ماهو اسلامي ومن يمثله في حزب العدالة والتنمية رغم انه الحزب الانظف سياسيا واخلاقيا ولم تلطخ يداه في الفساد المالي؟ يا اخي لو كنت انسانا نزيها وشريفا لتخليت عن مساندة حزب الاصالة والمعاصرة الذي اجتمع فيه كل اللصوص بمعنى الكلمة, كل الانتهازيون كل الفاشلون الذي يتمنون الوصول لكعكة الحكومة وللوظائف السامية باقصر الطرق بفضل ولي نعمتهم من المقربين او المتنفذين؟ رجاء لنضع النقط على الحروف والمغاربة واعون بكل شيء والفساد فسيفضح بعضه بعضا اما حليفكم شباط ومنافسه اللبار فليسا سوى النقطة التي افاضت الكاس, موعدنا الانتخابات المقبلة ايها اللصوص. السلام عليكم ورحمة الله

  • ع .عبد العزيز
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 09:18

    لا حول ولا قوة الا بالله.اللهم جنب بلدنا الفتن والمصاءب

  • بر مائي
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 10:39

    أعرف جيدا موقف الكاتب من المعارضة والأغلبية، وهو موقف الانتقاد وهذا يحسب للسي اليزيد، لكن في مقالك هذا اغلفت التطرق لنواب الأغلبية الذين لا يقلون سوءا عن زملائهم في المعارضة..وربما يشفع لك أيها الكاتب المحترم تخصيص مقال عن الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان الشوباني حين استفز صحافية وكتبت فيه ذاك المقال الشيق..أحييك على جرأتك واما هذه الثيران الهائجة فإن مصيرها الدوخان ثم السقوط المدوي…

  • ali baba
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 15:21

    السياسيين عندنا: مناصب عليا تلامس السماء وأخلاق منحطة لا تتزعزع عن الأرض

  • مواطن
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 15:47

    والله العظيم الى بعض النواب حشمو وبهدولوا المجلس الوقر ﻻنه بان المستوى الثقافي واﻻخﻻقي ديالهم حشوما وعيب وعار هدشي يوقع في مجلس اﻻمة وباقي سيدنا الله ينصرو في طريقه الى القصر.بكل صراحة كاين لي مفاهم والو اش كيتناقش في الجلسات كيجي غير باش يبان في الصور والراس خاوي.اتمنى ان يكون اختبار قبل الترشيحات في البرلمان او على اﻻقل كل مرشح يكتب عن موضوع الساعة سواء وطنيا او دوليا اتحدى دلك الحولي النطاح وكدلك الشناق ديالو لكحل ان يتحدث عن اﻻزمة التي كانت في البوسنة والهرسك مثﻻ .واش بقات في الشفاوي والكﻻم الخاوي الحﻻيقيا

  • mehdi ismaili
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 15:55

    طريقة كتابة المقال رائعة و ذات مستوى أدبي عال يوحي بذكاء الكاتب
    مما يوجب الإشادة بمستواه
    أعترف بك ككاتب و كصحفي كما أوافقك الرأي (y)

  • mohand
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 15:56

    normal qu,on voit ce genre de comportement car le niveau du discour politique s,est abaissé avec ce gouvernement"le touriste doit visiter le maroc rien que pour mlawi atay o bastila"est ce que cela est un niveau de politicien qui veut promouvoir le tourisme marocain???donc ce genre d,incident est tout à fait logique et normal

  • برقي عبد الحكيم
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 16:07

    أسلام عليكم : إذا أردنا أن نتكلم على الشباط ومن يشبهونه في الشيطنة المشهد السياسي والبلطجةو الفساد في مختلف المصالح .فإنه يرجع الامر لمن ينتخبونهم لدي يجب على المواطنين الشرفاء أن يشاركو في اﻹنتخابات لقطع الطريق عنهم وعن بعض المواطنين الذين باعو ضمائرهم 

  • عبد الرحمن
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 20:11

    Le comble du ridicule. La grande question, parmi tant d'autres, serait de savoir comment on en est arrivés là et comment ces personnes sans un minimum d'éducation sont-elles parvenues aux positions incroyables qu'elles occupent actuellement?!
    Apparemment, il n'y a plus de filtres ( du genre : morale, principes, valeurs, honneur, respect, honnêteté etc…) ni dans les partis, ni dans la rue, ni dans l'école et l'université, ni dans les institutions publiques ni peut-être dans la cellule familiale elle-même. Dans ces conditions, qui peut nous dire, à nous et à nos enfants, de quoi sera fait demain.

  • Akimakh
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 22:48

    بعد كل ما وقع من احدات و فضائح يندى لها الجبين من طرف بعض الحمقى عديمي الضمير من ممثلينا داخل البرلمان بشقيه، أتساءل : أليس هناك قانون داخلي يعاقب كل من صدر منه قول أو فعل مشين يسيئ الى المؤسسة البرلمامية قبل أهلها والى الشعب الذي انتخب خطأ بعض الكراكيز التي لا تمت الى التمثيلية بصلة ثم الى المملكة الشريفة على رأسها عاهلنا المفذى حفظه الله، و أتساءل كذلك:أليست هناك معايير يعتمد عليها لاختيار المرشحين لهذه المناصب…….؟؟؟؟

صوت وصورة
تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع
السبت 13 أبريل 2024 - 16:27 3

تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع

صوت وصورة
الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء
السبت 13 أبريل 2024 - 14:55 3

الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء

صوت وصورة
الجفاف يفتك بوديان إفران
السبت 13 أبريل 2024 - 12:30 4

الجفاف يفتك بوديان إفران

صوت وصورة
انتخاب العلمي رئيسا للنواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 18:23 8

انتخاب العلمي رئيسا للنواب

صوت وصورة
جدل "الأكبر سنا" بمجلس النواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 16:25 4

جدل "الأكبر سنا" بمجلس النواب

صوت وصورة
المستشارون يجددون الانتظارات
الجمعة 12 أبريل 2024 - 14:29

المستشارون يجددون الانتظارات