أطفال بن كيران

أطفال بن كيران
الجمعة 17 أكتوبر 2014 - 21:09

في أحد أحياء مدينة أكادير، ووراء بوابة من حديد، تكتشف مفاجأة من العيار الإنساني الطيب المعدن، أطفال كالورورد، وشباب اشتد عودهم ووصلوا إلى المرحلة الجامعية، يسكنون في منزل يمنحهم الدفىء بعد أن قست عليهم الحياة في الماضي القريب أو البعيد، وتركتهم بدون مستقبل، ويحملون بقسوة اسم “الأطفال المتخلى عنهم”.

ففي أحد مساءات أكتوبر، في مقر المركز الاجتماعي، يعانقني الأطفال الصغار بابتسامة وبضجيج طفولي جميل، وعندما يرون سيدة لا تفارقها الابتسامة يرتمون عليها جميعا، وعندما يراها الشباب فيحضنونها، بكل صراحة تتملكني المفاجأة لهذا المشهد، الذي اعتقدت أنه انقرض من واقعنا المغربي، لكثرة ما شاهدت من متسولين من القاصرين ومن الأطفال في شوارعنا وفي مقاهينا، في كل المدن الكبرى.

في هذا البيت الاجتماعي، نبت الأطفال على الطيبوبة، بعيدا عن الشارع، وعن كل ما سيصنع منهم شبابا بدون مستقبل، بعد أن تخلى عنهم الجميع، إلا فئة قليلة آمنت أن طفلا أتى من خطأ لأم في حمل غير شرعي، خارج مؤسسة الزواج، ليس مجرما بالولادة، ولكنه من أبناء المغرب الذين يجب رعايتهم، فكبر الطفل كشجرة الأركان، وتحول اليوم إلى قصة نجاح تصدح عاليا بين جنبات سوس العالمة.

ويعترف القائمون على المركز بوجود مشاكل مالية خانقة في تدبير الأمور اليومية لضمان استمرار هذه المؤسسة الضامنة للدفىء، وللحياة للأطفال، من المغاربة الصغار من الذين تقطعت بهم سبل الحياة، وتخلت عنهم أمهاتهم.

فهذا المركز الذي أصفنه بالنموذجي وبالمثالي، من تجربتي، أتت ولادته كمقر من إسمنت، ومن مرافق للحياة، قبل سنوات بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتأثث وبقي حيا، بدماء الحب من داعمين يقدمون ما استطاعوا له سبيلا، من قليل أو من وافر من مال، ولا يبخلون بوقتهم للمكوث مع الأطفال المتخلى عنهم، ليمنحوهم حبا وافرا، يعوضهم عن حرمان ظروف الحياة، وتقلبات الزمن لحنان فطري للأم.

فبين جبال الأطلس، وعلى أقدام المحيط الأطلسي، تتواجد مدينة أكادير بكل شموسها المستمرة في غالبية أيام العام، والجاذبة للسياح من العالم من الباحثين عن فيتامين د، وداخل هذا “المشهد المكتمل” يعيش أطفال صغار على الهامش، يتم الاعتداء عليهم جنسيا من “وحوش الليل” من مغاربة ومن سياح أجانب، ونهارا تمارس “البراعم المهملة” تسولا أمام إشارات المرور أو بيعا للمناديل، وقد علا وجهها ما تراكم من غبار، في حين تجد براعم مغربية محظوظة دفئا عند “ماما بنكيران”.

و”ماما بنكيران” هي سيدة مغربية قادتها الظروف من مدينة فاس إلى مدينة أكادير للاستقرار المعيشي والمهني، إلا أنها قررت أن تجعل لحياتها معنى إنسانيا مختلفا مع آخرين من “فرسان أكادير” من الذين اعتنقوا معها الفكرة، وركبوا معها “رياح المغامرة” من دون ضمانات، إلا مباركة من الله تعالى، لتتفتح حديقة من “البراعم المتخلى عنها” من سكان مدينة أكادير، ولتعطيهم فرصة ثانية للحياة الكريمة بعيدا عن الشارع.

ففي يوم عيد الأضحى، تفضل “ماما بنكيران” أن تتناول وجبة مشاوي اللحم الأولى مع أولادها وبناتها، في مركز الرعاية الاجتماعية، في أحد أحياء مدينة أكادير، لتزرع الأمل المستمر عند “وليداتها وشبابها”، ولتلتحق لاحقا متأخرة نهارا في أول أيام العيد بعائلتها.

سمحت لي ظروف العمل المهني التعرف على “ماما بنكيران” قبل سنوات، وجرت أعوام أخرى بكل رياحها، ليقودني البحث المهني عن المغرب الآخر البعيد عن الواجهات، إلى اكتشاف سرها الشخصي، الذي تفتخر به، ولو أنها تحتاج اليوم إلى كل الدعم قليلا كان أو مثيرا، من أجل أن تستمر “حديقة البراعم” في رعاية “أشجار المستقبل” من “أطفال أكادير” المتخلى عنهم من والديهم.

أعترف أن “ماما بنكيران” امرأة مغربية حديدية وباسمة الوجه، تحب أولا عملها، وتخلص له وتجيده، إلا أنها تحب أيضا وطنها المغرب، فهي عملة مغربية نادرة، وقدمت لنا جميعا، تجربة فريدة من نوعها، تستحق منا جميعا كل الدعم المالي والمعنوي، ليتم تعميمها على كل مدن المغرب، بمركز لاحتضان ولتربية “الأطفال البراعم”، فشكرا “ماما بنكيران”.

‫تعليقات الزوار

5
  • Hassan
    السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:08

    As-tu la moindre logique ou le minimum de bon sens, je ne le croix pas , Mr. tu mélanges les choux et les carottes . L'article parle d'une dame hors du commun qui a fondé une maison pour accueillir les jeunes des rues , délaissés par des parents inconscients et irresponsables comme toi, Au lieu d'Honorer cette dame“ Mama Benkirane “ qui mérite le respect de nous tous . Et toi tu nous parles de Mr Benkirane chef du gouvernement dont cet article ne le mentionne nulle part ni de prés ni de loin. Tu deviens paranoïaque et tu hallucines comme Chabat qui voit M. Benkirane partout et lui attribue tout cequ'il ne fait pas….“Attaka Allah fi nafsik wa fi a3radi annass “ et apprends a dicerner entre ce qui est . serieux et ce qui est futile.Rahima Allah man 3arifa 9adrah

  • محمد العثماني
    الأحد 19 أكتوبر 2014 - 00:04

    Agir et agir et encor agir , هذا ما تقوم به هذه السيدة الكريمة راجين من الله ان يكثر من امثالها في جميع الميادين . . ذكرني هذا المقال في معلومة كنت قد قرأتها في صحيفة تقدر عدد المتطوعين في الاعمال الخيرية في فرنسا ب 12 مليون شخص ، يساعدون في تسيير تعاونيات في شتى المجالات ،ولما نتحدث عن متطوعين يعني متطوعين وبدون مقابل او أجر ، فكم يا ترى عدد المتطوعين في بلادنا ؟؟؟؟؟. الفرق بيننا وبينهم هو انهم يعملون (ils agissent) ونحن ننعق ونتكلم ونعيب ونشتم و…….ولعل المعلق الاول لخير دليل . ومن هنا اريد ان ارفع تحياتي لهذم السيدة الفاضلة واشكرها ، راجيا من مدير الصفحة ان يجيد علي برقم هاتفها ،او اي شي للاتصال بها . والسسسسسلام

  • فاعل جمعوي
    الأحد 19 أكتوبر 2014 - 02:01

    الى المعلق من القنيطرة ربما تشابه في الاسم العائلي فأنا أحييها وأتمنى لها التوفيق لانها حققت مالم يحققه الرجال يجب دعمها ماديا ومعنويا

  • radazelle
    الأحد 19 أكتوبر 2014 - 13:09

    Madame Saloua BENKIRANE de son vrai nom mérite toute la reconnaisance et l'estime. Grande milittante de l'action sociale, elle offre l'exemple la femme marocaine engagée .
    A noter que :
    1) C'est ignoble de la faire substituer par mr Abdelillah Benkirane .
    2) C'est ignoble d'exploiter son image à des fins politiques.
    3) La respectueuse dame de l'INDH n'a pas de rapport avec le PJD.
    Mes respects madame Saloua BENKIRANE CHEF DE DIVISION DE L'action sociale à la Province d'Agadir Idaoutanane.
    Mes hommages madame.

  • Youssef
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 00:37

    Cette femme , est une femme remarquable et formidable , avec une expérience et un savoir faire passionnelle exceptionnelle . En fin un article pour elle rien que pour Madame BanKiran d’Agadir . J’ai eu la chance d’être a sa table de déjeuné . Si on cherche dans le dictionnaire de fond en comble pas de mots pour exprimer ou décrire la force Madame BanKiran d’Agadir . J’espère que le chemin des actions action de bienfaisance trouvent les mains de MamaBankiran

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس