قنديل القضاء

قنديل القضاء
الأربعاء 14 يناير 2015 - 19:01

نتابع عبر الصحافة هذه الأيام قضية الأستاذ محمد قنديل ، القاضي بالمحكمة الابتدائية بمدينة العيون الذي يحكي معاناته بهذه المحكمة ويتهم بعض عناصرها بالفساد ، كما تطرق إلى الضغوطات التي مورست عليه من قبل رئيس المحكمة عندما أراد تطبيق القانون وإحقاق الحقوق في بعض الملفات ، وأشار أيضا إلى المضايقات أثناء القيام بمهامه من قبل رئيس كتابة الضبط وبعض موظفيها ، ووثق ذلك بتسجيلات صوتية ومرئية ، توثق لأقوال وأفعال تعكس ممارسات تخل بقواعد المحاكمة العادلة وبمبدأ إعمال القانون، قدمها في البداية إلى وزير العدل للتحقيق ، وبما أنها لم تحدث أثرا قانونيا – حسب قوله – فقد نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ، فضلا عن عدد من التصريحات التي أدلى بها والاستجوابات التي أجراها مع صحافيين والمنشورة في عدد من الجرائد والمواقع الالكترونية.

وعلى إثر ذلك ، أصدر وزير العدل والحريات ، قرارا بتوقيفه ، وإحالته على المجلس التأديبي بتهمة الإخلال بالشرف والوقار.

إن ما قام به القاضي محمد قنديل من تصرفات، وإن كان يشكل في نظر البعض مخالفة قانونية ومهنية، فإنه يبقى الأسلوب الوحيد لفضح الفساد ، بعدما سلك جميع المساطر الإدارية المعتادة و شعر باللامبالاة وغياب الرغبة في مواجهة الفساد والاستبداد . كما أن هذه الواقعة ، تعد سابقة وعملا غير مألوف ، لأن قلما وجدنا شخصا ينتمي إلى جهاز القضاء ، يفضح الفساد داخل هذا الجهاز، على اعتبار أن جل أعضاء الجهاز القضائي على علم بهذا الفساد ولم يجرأ أحد على إثارته أو فضحه.

هذا الموضوع لا ينبغي النظر إليه من زاوية ضيقة ، لأن الكثير من المتتبعين لهذا الملف قد يصفون هذا القاضي بالأحمق أو المندفع أو الشخص المغرور بذاته الباحث عن اللقب والشهرة ، لكن الأمر يتجاوز ذلك ، باعتبار أن المسألة لا يمكن حصرها في شخصه وإنما في قطاع العدالة برمته ، حيث إن ما صدر عن القاضي الموقوف يضع موضوع إصلاح القضاء موضع مساءلة ، وأن كل الجهود التي بذلت من قبل الحكومة أو المجتمع المدني أو من قبل الفاعلين في ميدان العدالة قد تتعرض للتشكيك من طرف الرأي العام، خصوصا وأن الثقة بين المواطن والعدالة فقدت . تلك العدالة ، التي من المفروض أدبيا وإنسانيا وأخلاقيا أنها في خدمة المواطنين، حتى يشيع العدل بين الناس، ويرفع عنهم الظلم.

إن مظاهر الرشوة والفساد، حسب ما ورد في تصريحات الأستاذ محمد قنديل، تنم عن وجود اخطبوط إجرامي، متربص بالعدالة، يلوي عنق العدالة، قادر على قلب الحق باطلا والباطل حقا، وأبطاله ضمن كافة حلقات جسم العدالة.

ولذلك أشبه القاضي محمد قنديل ب ” قنديل القضاء” ، لأن ما قام به نابع عن غيرته على بلده، وعن قيم العدالة فيه، والتي تعتبر أساس الملك، وأساس السلم والأمن الاجتماعيين، كما أن استماتة عميد الفوج 37 على الحق والعدل والقانون بهذا الأسلوب، يعكس وجود أمل حقيقي في إمكانية إصلاح القضاء ، إذا ما تم الاعتماد في الإصلاح على كوادر من هذا النوع من الكفاءات، التي لا تتميز بمكانتها المعرفية والعلمية والأكاديمية فحسب، بل بنزاهتها ومصداقيتها وإيمانها الصادق برسالة القضاء وأمانة التقاضي بين الناس.

إن القضاة الفاسدين يشكلون جدار ممانعة إزاء أي إصلاح لمنظومة العدالة، وأضحوا خبراء في قلب الحق باطلا، والباطل حقا، وقد تسايرهم تضاريس القانون للأسف الشديد في مساعيهم الفاسدة الإجرامية.

إن ما عبر عنه القاضي محمد قنديل، وما عبر عنه عدد من القضاة النزهاء، أمثال الأستاذ محمد عنبر والأستاذ محمد الهيني، يعكس الأزمة الحقيقية، التي يتخبط فيها القضاء، والتي تحول دون إصلاحه، من خلال رتوشات تنظيمية وقانونية ومسطرية ، لكونه يحتاج إلى ثورة إصلاحية ، وجرأة و شجاعة ، تستأصل جذور الفساد.

-ناشط حقوقي ، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية

‫تعليقات الزوار

2
  • مغربي
    الخميس 15 يناير 2015 - 15:46

    إن ما عبر عنه القاضي محمد قنديل، وما عبر عنه عدد من القضاة النزهاء، أمثال الأستاذ محمد عنبر والأستاذ محمد الهيني، يعكس الأزمة الحقيقية، التي يتخبط فيها القضاء، والتي تحول دون إصلاحه، من خلال رتوشات تنظيمية وقانونية ومسطرية ، لكونه يحتاج إلى ثورة إصلاحية ، وجرأة و شجاعة ، تستأصل جذور الفساد.
    الفساد، والتوسط، والرشاوى في المحاكم ثقافة يرسخها المفسدين في الوافدين الجدد للمحاكم… لايرتاح بال المفسد في المحكمة…حتى يطعم، ويقدم هدية فاسدة للوافد الجديد،… ويقول له نصيبك من الكعكة…وعندما يقبل هنا ينكسر الوازع الديني، والمهني… ويسقط القاضي الجديد في فخ المفسد العارف بدهاليز المحكمة…. لك الله يا مظلوم….

  • citoyen
    الخميس 15 يناير 2015 - 17:01

    Ramid semble vouloir reformer la justice. alors je ne comprends pas pokoi il a suspendu ce juge de Laayoune. et le juge qund il a critique la justice est ce qu'il avait des preuves? si oui ces preuves doivent etre examinees par un conseil supreme de magistrature? dans certains cas quand il y a une enquete en cours la personne concernee est suspendu de ses fonctions jusqu'a la fin de l'enquete. il me semble que ce principe ne s'est pas applique lorsque Mr Ouxine a ete suspendu. il continuait a assister aux seances du conseil du gouvernement. avant de partir il a signe des documents. c'est ce que la presse nous a dit et il est difficile de trancher qui a raison et qui a tort. nous voulons une justice efficace et surtout une justice rapide et transprente et je crois que ca nous permettra de lutter contre tout abus et contre toute derive. .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة